غزوة العشيرة
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص313-315
2025-11-05
25
وقد خرج فيها رسول اللّه ( ص ) فيما يدعي المؤرخون وكتاب السيرة كابن هشام وابن جرير انه خرج ليعترض قافلة لقريش كانت في طريقها إلى مكة ، واستخلف على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد ، وكانت في السنة الثانية من هجرته ، ولواؤه مع الحمزة بن عبد المطلب ، ومضى حتى نزل العشيرة من بطن ينبع ولم يلق بها أحدا ، غير أنه وادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة .
وحدث ابن إسحاق عن جماعة عن عمار بن ياسر أنه قال : كنت انا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة فلما نزل رسول اللّه وأقام بها رأينا أناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم فيها نخل ، فقال لي علي بن أبي طالب : يا أبا اليقظان هل لك ان تذهب إلى هؤلاء القوم فتنظر كيف يعملون ؟
قال قلت إن شئت فجئناهم ونظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم ، فانطلقت انا وعلي ( ع ) حتى اضطجعنا في صور من النخل وفي دقعاء ( اي على التراب اللين ) فنمنا واللّه ما أيقظنا الا رسول اللّه ( ص ) يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك البقعة التي نمنا فيها ففي ذلك اليوم قال رسول اللّه لعلي :
ما بالك يا أبا تراب ، ثم قال : الا أحدثكما بأشقى الناس قلنا بلى يا رسول اللّه ، قال أشقى الناس رجلان أحيمر ثمود الذي عقر ناقة صالح ، والذي يضربك يا علي على هذه ووضع يده على قرنه حتى يبل منها هذه واخذ بلحيته الكريمة[1].
ورواها ابن جرير الطبري في تاريخه على هذا النحو أولا ، وأضاف انه قيل غير ذلك ، وتتلخص روايته الثانية ان عبد العزيز بن أبي حازم روى عن أبيه أنه قال قيل لسهل بن سعد الساعدي ان بعض امراء المدينة يريد ان يبعث إليك لتسب عليا على المنبر ، وتقول له يا أبا تراب ، قال واللّه ما سماه بذلك الا رسول اللّه .
قلت وكيف ذاك قال ، دخل على فاطمة ثم خرج من الدار واضطجع في المسجد في فيئه ، ثم دخل رسول اللّه ( ص ) على فاطمة وسألها عن علي ( ع ) ، فقالت له هو ذاك مضطجع في المسجد ، فجاءه رسول اللّه فوجده وقد سقط رداؤه عن ظهره وخلص إليه التراب ، فجعل رسول اللّه يمسح عن ظهره التراب ويقول : اجلس أبا تراب ، فو اللّه ما سماه بهذا الاسم الا رسول اللّه ( ص ) ، وكان واللّه أحب أسمائه إليه .
ولا منافاة بين الروايتين فمن الجائز ان يكون أول ما سماه بهذا الاسم في غزوة العشيرة كما جاء ذلك في رواية عمار حينما رآه نائما فأيقظه ومسح عن ظهره التراب وقال كلمته الخالدة التي ظلت لغزا طيلة أربعين عاما حتى جاء ابن ملجم أحد الشقيين فضربه بالسيف في محرابه فخضب كريمته من دم رأسه ، وناداه بهذا الاسم حينما رآه نائما على تراب المسجد وقد علق التراب بظهره فمسحه وقال له اجلس أبا تراب .
وروى ابن هشام عن ابن إسحاق ان جماعة من أهل العلم حدثوه بأن النبي انما سمّى عليا أبا تراب لأنه كان إذا تشاجر مع فاطمة على امر من الأمور لم يكلمها ولم يقل لها ما تكره الا انه كان يأخذ التراب ويضعه على رأسه حتى أصبح علامة على أنه في نزاع مع فاطمة ( ع ) فكان رسول اللّه إذا رأى ذلك منه عرف انه في نزاع مع فاطمة ، فيقول له ما لك يا أبا تراب .
وبلا شك ان هذه الرواية من موضوعات عروة أو أبي هريرة اللذين روى عنهما ابن إسحاق في سيرته كثيرا ومن الثابت ان عروة كان يتعمد الكذب على علي ( ع ) ويضع في حقه الأحاديث ، وأحيانا كان يروي ما يسيء إلى علي وآل علي ويسند مروياته إلى خالته عائشة في الغالب ، وموقف السيدة عائشة من علي وفاطمة معلوم لدى كل منصف ، فلقد أعلنتها حربا طائشة على علي إمام المسلمين ، وأراقت دماء الألوف من الأبرياء وتجاهلت نصوص القرآن التي أمرت نساء النبي ان يقرن في بيوتهن ، ووصية رسول اللّه التي حذرها فيها من موقفها المعادي لعلي .
ولكنها خالفت كل ذلك وقادت جيشا لحربه في البصرة مخالفة بذلك نصوص القرآن وسنة رسوله ( ص ) والسيدة فاطمة ( ع ) ارفع شأنا من أن تغضب عليا أو تسيء إليه في قول أو فعل كما تؤكد ذلك سيرتها الكريمة [2].
[1] انظر ج 1 من سيرة ابن هشام ص 600 .
[2] انظر سيرة هشام ج 1 ص 600 .
الاكثر قراءة في حاله بعد الهجرة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة