دخول الاسلام إلى المدينة وبيعة العقبة الأولى
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص227-230
2025-10-29
50
جاء في تاريخ اليعقوبي وغيره من كتب التاريخ والسيرة ان جماعة من بني عفراء قدموا مكة فالتقوا برسول اللّه ( ص ) فسألهم إلى اي القبائل ينتسبون ، فقالوا له من الخزرج ، فقال لهم امن موالي يهود أنتم قالوا نعم فجلس معهم وعرض عليهم الاسلام ودعاهم إلى اللّه عز وجل وتلا عليهم شيئا من القرآن ، وكان مما صنع اللّه لهم ان يهودا كانوا معهم ببلادهم وهم من أهل الكتاب ، وبنو عفراء قوم مشركون ، فإذا وقع بينهم شر قال اليهود لهم : ان نبيا قد بعث الآن وقد أطل زمانه وسنتبعه ونقتلكم قتل عاد وارم ، فلما تكلم رسول اللّه مع أولئك النفر ودعاهم إلى اللّه قال بعضهم لبعض :
انه واللّه النبي الذي كان اليهود يتوعدونكم به ، فلا يسبقنكم إليه ، فأجابوه فيما دعاهم إليه وقبلوا منه ما عرضه عليهم من الاسلام ، وقالوا له : إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر مثل ما بينهم ، وعسى اللّه ان يجمعهم بك وسنقدم عليهم وندعوهم إلى امرك وإلى الدين الذي اجبناك عليه ، ثم انصرفوا عن رسول اللّه ( ص ) راجعين إلى بلادهم وهم مؤمنون بكل ما دعاهم إليه وكانوا ستة أنفار ، فلما قدموا المدينة على قومهم ذكروا لهم ما جرى بينهم وبين النبي ودعوهم إلى الاسلام حتى فشا بينهم ولم تبق دار من دور الأنصار الا وفيها ذكر لرسول اللّه .
فلما كان العام الثاني وفد من الأنصار على مكة اثنا عشر رجلا فالتقوا النبي ( ص ) بالعقبة وهذا الاجتماع هو المعروف بالعقبة الأولى فبايعوا رسول اللّه على بيعة النساء على حد تعبير المؤلفين في السيرة ، وكان من بينهم عبادة بن الصامت .
وجاء عنه أنه قال : كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلا فبايعنا رسول اللّه وذلك قبل ان تفرض الحرب على أن لا نشرك باللّه شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه بمعروف ، وبعث رسول اللّه معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف من بني عبد الدار بن قصي وامره ان يقرئهم القرآن ويعلمهم الاسلام ويفقههم في الدين فوفد إلى المدينة ونزل ضيفا على سعد بن زرارة أحد السابقين إلى الاسلام من الأنصار .
وجاء في سيرة ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن حزم وغيره ان سعد بن زرارة اخرج مصعب بن عمير يريد دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر وكان يوم ذاك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدي قومهما بني عبد الأشهل وهما مشركان ، فلما سمعا مقالة سعد بن زرارة ومصعب بن عمير ، قال سعد بن معاذ لاسيد بن حضير : لا أبا لك انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد اتيا دارنا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما وانههما ، فإنه لولا ان سعد بن زرارة مني حيث علمت لكفيتك ذلك ، ولكن ما اصنع وهو ابن خالتي فاخذ أسيد بن حضير حربته ثم اقبل إليهما ، فلما رآه سعد بن زرارة ، قال لمصعب : هذا سيد قومه فاصدق اللّه فيه ، فوقف عليهما متشتما ، وقال اعتزلانا ان كانت لكما في أنفسكما حاجة ، فقال له مصعب أو تجلس فتسمع فإن رضيت امرا قبلته ، وان كرهته كف عنك ما تكره ، فقال له أنصفت ، ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب في الاسلام وقرأ عليه القرآن فظهر على وجهه الاسلام قبل ان يتكلم بشيء .
ثم قال ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم ان تدخلوا في هذا الدين ، قالا له نغتسل ونتطهر ثم نشهد شهادة الحق ونصلي ركعتين ، فقام واغتسل وصنع ما أشارا به عليه ، ثم قام وقال : ان ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن وهو سعد بن معاذ ، ثم اخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه جلوس في ناديهم ، فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا ، قال احلف لكم باللّه لقد جاءكم أسيد بن حضير بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم ، فلما وقف على النادي ، قال له سعد ما فعلت ؟ قال كلمت الرجلين فو اللّه ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا لا نفعل الا ما أحببت ، وقد خرج بنو حارثة إلى سعد بن زرارة ليقتلوه ، فقام سعد بن معاذ من مجلسه مغضبا خوفا من بني حارثة على ابن خالته ، فأخذ الحربة من يد أسيد بن حضير ، وقال واللّه ما أراك أغنيت شيئا ، ثم خرج إليهما فلما رآهما سعد مطمئنين عرف سعد ان أسيدا انما أراد منه ان يسمع منهما فوقف عليهما وقال سعد بن زرارة : يا أبا أمامة لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني ، تغشانا في دارنا بما نكره .
وكان سعد قد قال لمصعب بن عمير جاءك واللّه سيد ان يتبعك لم يخالف عليك اثنان ، فقال له مصعب : أو تقعد تسمع فإن رضيت امرا ورغبت فيه قبلته ، وان كرهته عزلنا عنك ما تكره ، فجلس سعد وعرض عليه مصعب بن عمير الاسلام وشيئا من القرآن فأسلم ورجع إلى قومه بني عبد الأشهل ، فلما وقف عليهم قال : يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا سيدنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة ، قال فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا باللّه ورسوله ، فاستجابوا إليه جميعا ولم يبق في دور بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة الا واسلم ، ورجع سعد بن معاذ ومصعب بن عمير إلى منزل سعد بن زرارة ، أقاما عنده يدعوان الناس إلى الاسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار الا وفيها رجال ونساء مسلمون الا بعض الفروع من الأوس والخزرج ينتمون إلى أوس بن حارثة وفيهم شاعر يدعى ابا قيس بن الأسلت كانوا يسمعون منه ويطيعونه فتوقفوا عن الإسلام إلى أن هاجر النبي إلى المدينة وكانت وقعت بدر وأحد والخندق كما يدعي ابن جرير في تاريخه .
الاكثر قراءة في حاله بعد البعثة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة