الأرحام وذوو القربى / صلة الرحم
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص195ــ198
2025-10-27
26
صلة الرحم
صلة الرحم والإحسان بذوي القربي لا سيما الوالدين من أهم سبل الرشاد والتعالي [في جميع الميادين](1) والتقرب إلى الله تعالى(2)، ومن أفضل الأعمال الدينية بعد الإيمان بالله(3) وتنطوي على ثواب مادي ومعنوي في آنٍ معاً(4). وهذه الصلة مهمة إلى الدرجة التي أجمع علماء الشيعة طبقاً لأدلة المصادر الثلاثة الكتاب والسنة والعقل على كونها من بين أهم الفروض الدينية(5)، وقد ورد حثّ المؤمن على أن يصل رحمه وإن تطلب الأمر السفر لسنة واحدة(6).
أما قطيعة الرحم فتعدّ، بنحوٍ، نقضاً لعهد الله(7)، وإن الله ليبغضها حتـى أنـه نهى عن مصاحبة قاطع الرحم(8)، وقد لُعِن في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم(9). وفي الفقه قطيعة الرحم من الكبائر(10)، وذكر أنها من أسباب سرعة فناء البشر وقلّة نسلهم(11)؛ كما قيل: إنّ ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ولا يجدها عاق(12).
أهمية صلة الرحم
قال الله تبارك وتعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى...} [البقرة: 83].
وقال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى خَيْرِ أَخْلَاقِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله! قال: مَن وَصَلَ مَنْ قَطَعَه ...(13).
صلة الرحم عند الله عظيمة لدرجة إِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ ثَوَابَا لَصِلَةُ الرَّحِمِ وَإِنَّ الْقَوْمَ لَيَكُونُونَ فُجَّارًا فَيَتَوَاصَلُونَ فَتَنْمَى أَمْوَاهُمْ وَيَبَرُّونَ فَتَزْدَادُ أَعْمَارُهُمْ(14).
ولبيان أهمية صلة الرحم، روي عن الإمام الرضا (سلام الله عليه) قوله: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ بِثَلَاثَةٍ مَقْرُونِ بِهَا ثَلاثَةٌ أُخْرَى أَمَرَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ، فَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يُزَكٌ لَمْ تُقْبَلُ مِنْهُ صَلَاتُهُ وَأَمَرَ بِالشُّكْرِ لَهُ وَلِلْوَالِدَيْنِ، فَمَنْ لَمْ يَشْكُرْ وَالِدَيْهِ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ وَأَمَرَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، فَمَنْ لَمْ يَصِلْ رَحِمَهُ لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ(15).
وروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أُوصِي الشَّاهِدَ مِنْ أُمَّتِي وَالْغَائِبَ مِنْهُمْ وَمَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَنْ يَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ عَلَى مَسِيرَةِ سَنَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الدِّين(16).
آثار صلة الرحم
يترتب على إقامة صلة الرحم ثواب دنيوي وأخروي وفير نشير هنا إلى جوانب منها:
قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَيُوَسَّعَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، فَلْيَتَّقِ اللهَ وَلْيَصِلْ رَحِمَه(17)، وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: إِنَّ المُرْءَ لَيَصِلُ رَحِمَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا ثَلاثُ سِنِينَ فَيَمُدُّهَا اللهُ إِلَى ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ سَنَةٌ(18). وجاء في حديث شريف آخر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: مَنْ ضَمِنَ لِي وَاحِدَةً ضَمِنْتُ لَهُ أَرْبَعَةٌ: يَصِلُ رَحِمَهُ فَيُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى وَيُوَسْعُ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهُ وَيَزِيدُ فِي عُمُرِهِ وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ الَّتِي وَعَدَه(19).
وقال الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه): صلَةُ الْأَرْحَامِ تُزَكِّي الْأَعْمَالَ وَتُنْمِي الْأَمْوَالَ وَتَدْفَعُ الْبَلْوَى وَتُيَسِّرُ الْحِسَابَ وَتُنْسِيُّ فِي الْأَجَل(20).
وقَالَ النبي مُوسَى (سلام الله عليه): إلهي! فَمَا جَزَاءُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ؟ قَالَ: أُنْسِئ لَهُ أَجَلَهُ وَأَهَوِّنُ عَلَيْهِ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ وَيُنَادِيهِ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ: هَلُمَّ إِلَيْنَا فَادْخُلْ مِنْ أَيِّ باب شئت(21).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): صلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْجَوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَار(22).
_____________________________
(1) الكافي، ج 2، ص 157؛ مشكاة الأنوار، ص 165.
(2) کتاب الخصال، ص 156.
(3) سورة البقرة آية 83؛ سورة النساء، آية 36؛ سورة الأنعام، آية 151.
(4) الكافي، ج 2، ص 157؛ مشكاة الأنوار، ص 165؛ مكارم الأخلاق، ص431.
(5) مفاتيح الشرائع، ج 2، ص 7 - 8.
(6) الفقيه، ج 4، ص 361.
(7) سورة البقرة، آية 27؛ سورة الرعد، آية 25.
(8) الكافي، ج 2، ص 641.
(9) سورة البقرة آية 27؛ سورة الرعد آية 25؛ سورة محمد (صلى الله عليه وآله)، الآيتان 22 - 23.
(10) تحرير الوسيله، ج 1، ص 274.
(11) علل الشرائع، ص 584.
(12) الكافي، ج 6، ص 50.
(13) الزهد، ص 39.
(14) کتاب الخصال، ص 124.
(15) کتاب الخصال، ص 156.
(16) الكافي، ج 2، ص 151.
(17) الزهد، ص39.
(18) تفسير العياشي، ج 2، ص220.
(19) عيون أخبار الرضا (سلام الله عليه)، ج 2، ص37.
(20) الكافي، ج 2، ص 150.
(21) روضة الواعظين، ص 370.
(22) الكافي، ج 2، ص 152.
الاكثر قراءة في آداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة