حال الكافرين بالنبي الكريم كمن سبقهم بالكفر والعناد
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص59-61.
2025-10-26
45
حال الكافرين بالنبي الكريم كمن سبقهم بالكفر والعناد
قال تعالى : {وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} [الأنفال : 52، 54].
قال الشيخ الطبرسيّ : ثم بين سبحانه أن حال هؤلاء الكفار كحال الذين من قبلهم ، فقال : كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ أي : عادة هؤلاء المشركين في الكفر بمحمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، كعادة آل فرعون وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ في الكفر بالرسل وما أنزل إليهم . وقيل : معناه عقوبة اللّه تعالى لهؤلاء الكفار كعقوبته لآل فرعون ، وآل فرعون : أتباعه : والفرق بين آل فرعون ، وأصحاب فرعون أن الأصحاب مأخوذ من الصحبة ، وكثر في الموافقة في المذهب ، كما يقال أصحاب الشافعي ، وأبي حنيفة ، يراد به : الموافقة في المذهب ، ولا يقال آل الشافعي ، إلا لمن يرجعون إليه بالنسب الأوكد الأقرب . كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ كما كفر هؤلاء فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أي : فعاقبهم اللّه بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ أي :
قادر لا يقدر أحد على منعه عن إحلال العقاب بما يريد شَدِيدُ الْعِقابِ لمن استحقه . ولا يوصف اللّه سبحانه بأنه شديد ، لأن الشديد هو المتداخل على صعوبة تفككه ، وإنما وصف العقاب بالشدة دون نفسه ، وشبه حال المشركين في تكذيبهم آيات اللّه بحال آل فرعون . لأن تعجيل العقاب لهؤلاء بالإهلاك ، كتعجيله لأولئك بعذاب الاستئصال ذلِكَ أي : ذلك الأخذ والعقاب لهم بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ معناه :
بأن اللّه لم يكن يزيل نعمة أنعمها على قوم ، حتى يتغيروا هم عن أحوالهم المرضية إلى أحوال لا يجوز لهم أن يتغيروا إليها ، وهو أن يستبدلوا المعصية بالطاعة ، وكفران النعمة بشكرها ، وقد يسلب اللّه تعالى النعمة على وجه المصلحة ، لا على وجه العقاب ، امتحانا لمصلحة يعلمها في ذلك ، ولكن لا يسلبها بفعل النقمة على وجه العقاب ، إلا عمن استحق العقاب.
قال السدي : النعمة التي أنعمها اللّه عليهم محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنعم اللّه به على قريش ، فكفروا به ، وكذبوه ، فنقله إلى الأنصار وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لأقوالهم عَلِيمٌ بضمائرهم وبكل شيء { كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي :
كعادتهم وطريقتهم في التكذيب بآيات اللّه عادة هؤلاء كَذَّبُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ أي : بحججه وبيناته فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ أي : استأصلناهم وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ أي : كل هؤلاء المهلكين كانوا ظالمين لأنفسهم ، فلم نعاقب فريقا منهم إلا عن استحقاق ، وإنما كرر قوله كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ لأنه أراد بالأول بيان حالهم في استحقاق عذاب الآخرة ، وفي الثاني : بيان استحقاقهم لعذاب الدنيا ، وقيل : إن في الأول تشبيه حالهم بحال أولئك في التكذيب . وفي الثاني : تشبيه حالهم بحالهم في الاستئصال . وقيل : إن الأول في أخذهم بالعذاب . والثاني : في كيفية العذاب.
وقيل : إن آل فرعون كانوا على أحوال مختلفة في المعصية ، فبين مشاركة هؤلاء إياهم في تلك الأحوال « 1 ».
_________
( 1 ) مجمع البيان : ج 4 ، الطبرسي ، ص 481 - 482 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة