المفلس وأحكامه
المؤلف:
المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن
المصدر:
شرائع الإسلام
الجزء والصفحة:
ج2 ، ص 77 - 83
2025-10-21
35
المفلس هو الفقير الذي ذهب خيار ماله و بقيت فلوسه.
والمفلس هو الذي جعل مفلسا أي منع من التصرف في أمواله و لا يتحقق الحجر عليه إلا بشروط أربعة الأول أن تكون ديونه ثابتة عند الحاكم.
الثاني أن تكون أمواله قاصرة عن ديونه و يحتسب من جملة أمواله معوضات الديون.
الثالث أن تكون حالة.
الرابع أن يلتمس الغرماء أو بعضهم الحجر عليه و لو ظهرت أمارات الفلس لم يتبرع الحاكم بالحجر و كذا لو سأل هو الحجر و إذا حجر عليه تعلق به منع التصرف لتعلق حق الغرماء و اختصاص كل غريم بعين ماله و قسمة أمواله بين غرمائه
القول في منع التصرف : ويمنع من التصرف احتياطا للغرماء فلو تصرف كان باطلا سواء كان بعوض كالبيع و الإجارة أو بغير عوض كالعتق و الهبة أما لو أقر بدين سابق صح و شارك المقر له الغرماء و كذا لو أقر بعين دفعت إلى المقر له و فيه تردد لتعلق حق الغرماء بأعيان ماله و لو قال هذا المال مضاربة لغائب قيل يقبل قوله مع يمينه و يقر في يده و إن قال لحاضر و صدقه دفع إليه و إن كذبه قسم بين الغرماء و لو اشترى بخيار و فلس و الخيار باق كان له إجازة البيع و فسخه لأنه ليس بابتداء تصرف و لو كان له حق فقبض دونه كان للغرماء منعه و لو أقرضه إنسان مالا بعد الحجر أو باعه بثمن في ذمته لم يشارك الغرماء و كان ثابتا في ذمته و لو أتلف مالا بعد الحجر ضمن و ضرب صاحب المال مع الغرماء و لو أقر بمال مطلقا و جهل السبب لم يشارك المقر له الغرماء لاحتماله ما لا يستحق به المشاركة و لا تحل الديون المؤجلة بالحجر و تحل بالموت .
القول في اختصاص الغريم بعين ماله : و من وجد منهم عين ماله كان له أخذها و لو لم يكن سواها.
و له أن يضرب مع الغرماء بدينه سواء كان وفاء أو لم يكن على الأظهر.
أما الميت فغرماؤه سواء في التركة إلا أن يترك نحوا مما عليه فيجوز حينئذ لصاحب العين أخذها و هل الخيار في ذلك على الفور قيل نعم و لو قيل بالتراخي جاز و لو وجد بعض المبيع سليما أخذ الموجود بحصته من الثمن و ضرب بالباقي مع الغرماء و كذا إن وجده معيبا بعيب قد استحق أرشه ضرب مع الغرماء بأرش النقصان.
أما لو عاب بشيء من قبل الله سبحانه أو جناية من المالك كان مخيرا بين أخذه بالثمن و تركه.
و لو حصل منه نماء منفصل كالولد و اللبن كان النماء للمشتري و كان له أخذ الأصل بالثمن و لو كان النماء متصلا كالسمن أو الطول فزادت لذلك قيمته قيل له أخذه لأن هذا النماء يتبع الأصل و فيه تردد و كذا لو باعه نخلا و ثمرتها قبل بلوغها و بلغت بعد التفليس.
أما لو اشترى حبا فزرعه و أحصد أو بيضة فأحضنها و صار منها فرخ لم يكن له أخذه لأنه ليس عين ماله و لو باعه نخلا حائلا فأطلع أو أخذ النخل قبل تأبيره لم يتبعها الطلع.
و كذا لو باع أمة حائلا فحملت ثم فلس و أخذها البائع لم يتبعها الحمل و لو باع شقصا و فلس المشتري كان للشريك المطالبة بالشفعة و يكون البائع أسوة مع الغرماء في الثمن.
و لو فلس المستأجر كان للمؤجر فسخ الإجارة و لا يجب عليه إمضاؤها و لو بذل الغرماء الأجرة.
و لو اشترى أرضا فغرس المشتري فيها أو بنى ثم فلس كان صاحب الأرض أحق بها و ليس له إزالة الغروس و لا الأبنية و هل له ذلك مع بذل الأرش قيل نعم و الوجه المنع ثم يباعان فيكون له ما قابل الأرض و إن امتنع بقيت له الأرض و بيعت الغروس و الأبنية منفردة.
و لو اشترى زيتا فخلطه بمثله لم يبطل حق البائع من العين و كذا لو خلطه بدونه لأنه رضي بما دون حقه و إن خلطه بما هو أجود قيل يبطل حقه من العين و يضرب بالقيمة مع الغرماء.
و لو نسج الغزل أو قصر الثوب أو خبز الدقيق لم يبطل حق البائع من العين و كان للغرماء ما زاد بالعمل.
و لو صبغ الثوب كان شريكا للبائع ب قيمة الصبغ إذا لم ينقص قيمة الثوب به و كذا لو عمل المفلس فيه عملا بنفسه كان شريكا للبائع بقدر العمل.
و لو أسلم في متاع ثم فلس المسلم إليه قيل إن وجد رأس ماله أخذه و إلا ضرب مع الغرماء بالقيمة و قيل له الخيار بين الضرب بالثمن أو بقيمة المتاع و هو الذي أقوى.
و لو أولد الجارية ثم فلس جاز لصاحبها انتزاعها و بيعها و لو طالب بثمنها جاز بيعها في ثمن رقبتها دون ولدها.
و إذا جني عليه خطأ تعلق حق الغرماء بالدية و إن كان عمدا كان بالخيار بين القصاص و أخذ الدية إن بذلت له و لا يتعين عليه قبول الدية لأنها اكتساب و هو غير واجب.
نعم لو كان له دار أو دابة وجب أن يؤاجرها و كذا لو كانت مملوكة له و لو كانت أم ولد.
و إذا شهد للمفلس شاهد بمال فإن حلف استحق و إن امتنع هل يحلف الغرماء قيل لا و هو الوجه و ربما قيل بالجواز لأن في اليمين إثبات حق للغرماء.
و إذا مات المفلس حل ما عليه و لا يحل ما له و فيه رواية أخرى مهجورة و ينظر المعسر و لا يجوز إلزامه و لا مؤاجرته و فيه رواية أخرى مطرحة
القول في قسمة ماله : يستحب إحضار كل متاع في سوقه ليتوفر الرغبة و حضور الغرماء تعرضا ل لزيادة و أن يبدأ ببيع ما يخشى تلفه و بعده بالرهن لانفراد المرتهن به و أن يعول على مناد يرتضي به الغرماء و المفلس دفعا للتهمة ف إن تعاسروا عين الحاكم.
و إذا لم يوجد من يتبرع بالبيع و لا بذلت الأجرة من بيت المال وجب أخذها من مال المفلس لأن البيع واجب عليه و لا يجوز تسليم مال المفلس إلا مع قبض الثمن و إن تعاسرا تقابضا معا.
و لو اقتضت المصلحة تأخير القسمة قيل يجعل في ذمة ملي احتياطا و إلا جعل وديعة لأنه موضع ضرورة.
و لا يجبر المفلس على بيع داره التي يسكنها و يباع منها ما يفضل عن حاجته و كذا أمته التي تخدمه.
و لو باع الحاكم أو أمينه مال المفلس ثم طلب بزيادة لم يفسخ العقد و لو التمس من المشتري الفسخ لم يجب عليه الإجابة لكن تستحب و يجري عليه نفقته و نفقة من يجب عليه نفقته و كسوته و يتبع في ذلك عادة أمثاله إلى يوم قسمة ماله فيعطي هو و عياله نفقة ذلك اليوم.
و لو مات قدم كفنه على حقوق الغرماء و يقتصر على الواجب منه.
مسائل ثلاث :
الأولى إذا قسم الحاكم مال المفلس ثم ظهر غريم نقضها وشاركهم الغريم.
الثانية إذا كان عليه ديون حالة و مؤجلة قسمت أمواله في الحالة خاصة.
الثالثة إذا جنى عبد المفلس كان المجني عليه أولى به ولو أراد مولاه فكه كان للغرماء منعه.
ويلحق بذلك النظر في حبسه : لا يجوز حبس المعسر مع ظهور إعساره.
و يثبت ذلك بموافقة الغريم أو قيام البينة فإن تناكرا و كان له مال ظاهر أمر بالتسليم فإن امتنع فالحاكم بالخيار بين حبسه حتى يوفي و بيع أمواله و قسمتها بين غرمائه.
و إن لم يكن له مال ظاهر و ادعى الإعسار فإن وجد البينة قضى بها و إن عدمها و كان له أصل مال أو كان أصل الدعوى مالا حبس حتى يثبت إعساره.
و إذا شهدت البينة بتلف أمواله قضى بها و لم يكلف اليمين و لو لم تكن البينة مطلعة على باطن أمره.
أما لو شهدت بالإعسار مطلقا لم تقبل حتى تكون مطلعة على أموره بالصحبة المؤكدة و للغرماء إحلافه دفعا للاحتمال الخفي.
و إن لم يعلم له أصل مال و ادعى الإعسار قبلت دعواه و لا يكلف البينة و للغرماء مطالبته باليمين و إذا قسم المال بين الغرماء وجب إطلاقه.
و هل يزول الحجر عنه بمجرد الأداء أم يفتقر إلى حكم الحاكم الأولى أنه يزول بالأداء لزوال سببه.
الاكثر قراءة في الفلس
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة