ساقي الحوض الكوثر
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج1/ ص209-214
2025-10-20
62
وردت كثير من الروايات المستفيضة عن الأئمة سلام الله عليهم في أنّ ساقي حوض الكوثر هو أمير المؤمنين عليه السلام، فهو يسقي مواليه بالأقداح التي توزّعت على جوانب الحوض، ويذود عن الحوض بالعصا التي في يده أعداء أهل بيت العصمة.
الّا اننا نذكر بعض الروايات المنقولة عن العامّة في هذا الباب، فيروي محبّ الدين احمد بن عبد الله الطبري، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه [و آله] وسلم: "يَا عليّ مَعَكَ يَوْمَ الْقِيامةِ عَصَا مِنْ عَصَي الجنّةِ تُذودُ بها المنَافِقين عَنِ الْحَوْضِ". أخرجه الطبراني[1].
يقول القندوزي الحنفي: أخرج أبو المؤيد أخطب الخطباء الموفّق بن أحمد الخوارزمي عن سيّد الحفّاظ أبي منصور شهردار ابن شيرويه الديلمي بسنده، عن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه أمير المؤمنين علي رضي الله عنهم، ثم ينقل رواية مفصّلة ومن جملة فقراتها يقول: يَا عليّ ... "وَ إنَّكَ غَدَاً عَلَي الْحَوْضِ خَليفَتِي، وأنْتَ أوَّلُ مَنْ يَرِدُ عليّ الْحَوْضَ، وأنْتَ تَذُودُ المنَافِقين عَنْ حَوضِي، وأنتَ أوَّلُ دَاخِلٍ في الجَنَّةِ مِنْ امَّتِي، وإنَّ مُحِبِّيكَ وأتْبَاعَكَ عَلَي مَنَابِرٍ مِنّ نُورٍ، رواءٌ مَرويّينَ، مُبيَضَّةٌ وُجُوهُهُمْ حَوْلي، أشْفَعُ لهم فَيَكُونُونَ غَداً جِيرَاني، وإنَّ أعدَاءَكَ غَداً ظِماءٌ مُظْمَئِينَ مُسْوَدَّةٌ وُجُوهُهُمْ، يُضْرَبُونَ بِالمقَامِعِ وهِي سِيَاطٌ مِن نَارٍ مُقْمَحين"، (الحديث)[2].
ويقول أيضاً: أخرج أبو نعيم الحافظ، عن أبي هُريرة قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه [و آله] وسلّم لِعَليّ رضيَ الله عنه: أنْتَ يَا عليّ عَلَى حَوضِي تَذُودُ عنه المنَافِقين، وإنَّ أبَارِيقَهُ عَدَد نُجُومِ السَّمَاءِ، وأنْتَ والحَسَنُ والحُسَيْنُ وحَمْزَةٌ وجَعْفَرٌ في الجنّةِ إخوانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلينَ، وأنْتَ وأتْبَاعَكَ مَعِي، ثُمَّ قَرَأ: {وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ}[3].
ويقول أيضاً: وفي جمع الفوائد: جابر وأبو هريرة رفعاه: "عَليّ بنُ أبِي طَالِبٍ صَاحِبُ حَوضِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ". للأوسط[4].
ويقول أيضاً: أبو سعيد رفعه: "يَا عليّ! مَعَكَ يَومَ الْقِيامةِ عَصًا مِن عَصَى الجنّةِ تَذُودُ بها المنَافِقين عَن حَوضِي". للأوسط.
ويقول: وفي (جواهر العقدين)، أخرج الطبراني عن أبي كثير قال: كُنتُ جَالِسًا عِنْدَ الْحَسَنِ بنِ عليّ رضي اللهُ عنهما، جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَه: إنَّ مُعَاوِيَة بنَ خَديجٍ يَسُبُّ أبَاكَ عِنْدَ ابنِ أبي سُفيَانَ، فَقالَ لَهُ: إن رَأيتَهُ مِن بَعْدُ، ارنيه! فَرَآهُ يَوْمًا فَأراه ذلك الرجل، فقال الحسنُ رَضي اللهُ عنه لابنِ خَدِيجٍ: "أنْتَ تَسُبُّ أبَايَ عِنْدَ ابنِ آكِلَةِ الأكْبَادِ؟ أما لَئِن وَرَدتَ عَلَى الحَوضِ ومَا أرَاكَ تَرِدُهُ، لَتجِدَنَّ أبي مُشَمِّراً حَاسِراً ذِرَاعَيْهِ، يَذُودُ المنَافِقين عَنْ حَوضِ رسولِ الله صلى الله عليه [و آله] وسلم وهَذَا قَوْلُ الصَّادِقِ المصَدَّقِ صلى اللهُ عليه [و آله] وسلّم"[5].
ويقول أيضاً: لأحمد في (المناقب)، انّ رسول الله صلى الله عليه [و آله] وسلم قال: "اعْطِيَتْ في عليّ خَمْسٌ، هُنَّ أحَبُّ إلى مِنَ الدُّنيا ومَا فِيهَا".
إلى أن قال: "وَ أمّا الثَّالِثَةُ فَهُوَ واقِفٌ عَلى حَوضِي يَسْقِى مَنْ عَرَفَهُ مِن امَّتِي".
ويقول أيضاً: وفي (المناقب)، عن سيعد بن جبير، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه [و آله] وسلّم: "يَا عليّ، أنْتَ صَاحِبُ حَوْضِي، وصَاحِبُ لِوائِي، وحَبِيبُ قَلْبِي، ووَصِيِّي، ووَارِثُ عِلمي، وأنْتَ مُسْتَوْدعُ مَوَارِيثِ الأنْبِياءِ مِنْ قَبْلي، وأنْتَ أمين اللهِ في أرْضِهِ، وحُجّةُ اللهِ عَلى بَرِيَّتِهِ، وأنْتَ رُكْنُ الإيمانِ، وعَمُودُ الإسْلَامِ، وأنْتَ مِصْبَاحُ الدُّجَى، ومَنَارُ الهدى، والْعَلَمُ المَرفُوعُ لأهْلِ الدُّنيا، يَا عليّ، مَنِ اتَّبَعَكَ نَجَى، ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْكَ هَلَكَ، وأنْتَ الطَّرِيقُ الْوَاضِحُ والصِّرَاطُ المسْتَقِيم، وأنْتَ قَائِدُ الْغُرِّ المحَجَّلينَ ويَعْسُوبُ المؤمِنينَ، وأنْتَ مَوْلى مَنْ أنَا مَوْلاهُ، وأنَا مَوْلَى كُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ، لَا يُحِبُّكَ إلَّا طَاهِرُ الْوِلَادَةِ، ولَا يُبْغِضُكَ إلَّا خَبِيثُ الْوِلَادَةِ، ومَا أعْرَجَني رَبِّي عَزَّ وجَلَّ إلى السَّمَاءِ وكَلَّمني رَبّي إلَّا قَالَ: يَا محمّد إقْرَءْ عَلياً مِنِّي السَّلَامَ وعَرِّفهُ أنَّهُ إمَامُ أوليائِي ونُورُ أهْلِ طَاعَتِي، وهَنيئاً لَكَ هَذِهِ الْكَرَامَة"[6].
ويقول ابن شهر آشوب: وفي أخبار أبي رافع من خمسة طرق: قال النبيّ صلى الله عليه وآله: "يَا عليّ تَرِدُ عليّ الْحَوضَ وشِيعَتُكَ رُوَاءً مَروِيّينَ، ويَرِدُ عَليكَ عَدُوُّك ظِمآءٌ مُقْمَحين"[7].
وجاء في تفسير قوله تعالى: {وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً}، يَعني سَيِّدهُم عليّ بن أبي طالِبٍ، والدَّليلُ عَلى أنَّ الرَّبَّ بِمعنى السَّيِّدِ، قولُهُ تعالى: واذْكُرني عِنْدَ رَبِّكَ[8].
الفايق (للزمخشري): إنَّ النَّبِيّ قَالَ لِعَليّ: "أنْتَ الذَّائِدُ عَنْ حَوْضِي يَوْمَ القِيامةِ، تَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يُذادُ الأصيدُ البعيرُ الصَّادِي، أي الَّذِي بِهِ الصَّيْدُ، والصَّيدُ دَاءٌ يَلْوِي عُنُقَهُ".
والخلاصة فهذا الحوض هو معدن علم أمير المؤمنين عليه السلام الذي يُحيي الأرواح ويشفي القلوب، من دخله أعمى صار مُبصراً، ومن ورده أسودَ صار أبيضاً، ومن دخله مريضاً شُفي، ومن دخله محترقاً وجد روحاً جديدة، ولذا فانّ هذا الحوض يجري من الأعراف وهو مقام أمير المؤمنين، ويجري من التسنيم وهو علمه عليه السلام، ولا مقام أعلى منه الّا عرش الله الذي يُشير إلى مقام الحقيقة النبويّة.
قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في حديثه المتّفق عليه لدى الفريقين: "أنَا مَدِينَةُ الْعِلم وعَلي بَابها"[9].
[1] (ذخائر العقبي)، ص 91.
[2] (ينابيع المودّة)، ص 130.
[5] (ينابيع المودّة)، ص 132.
[6] (ينابيع المودة)، ص 133.
[7] (مناقب ابن شهرآشوب)، ج 1، ص 350.
[9] (ديوان الحميري)، ص 261؛ وقد أخرج هذه القصيدة عن (بحار الأنوار) و(مجالس المؤمنين) و(الغدير) و(أعيان الشيعة) و(ضحي الاسلام) و(الأغاني) و(ظرافة الأحلام).
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة