دروس من غزوة بني النضير
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج5، ص152 - 154
2025-10-19
172
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْ} [الحشر: 2]
{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} أي لاول جلائهم إلى الشام وآخر حشرهم إليه يكون في الرجفة كما مرت الاشارة إليه في سورة الدخان والحشر إخراج جمع من مكان إلى آخر .
في المجمع عن ابن عباس قال لهم النبي (صلى الله عليه واله وسلم) اخرجوا قالوا إلى أين قال إلى أرض المحشر.
والقمي عن الحسن المجتبى (عليه السلام) في حديث ملك الروم ثم يبعث الله نارا من المشرق ونارا من المغرب ويتبعهما بريحين شديدين فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس والقمي قال سبب ذلك انه كان بالمدينة ثلثة أبطن من اليهود بني النضير وقريظة وقينقاع وكان بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عهد ومدة فنقضوا عهدهم وكان سبب ذلك من بني النضير في نقض عهدهم أنه أتاهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يسلفهم دية رجلين قتلهما رجل من أصحابه غيلة يعني يستقرض وكان قصد كعب بن الاشرف فلما دخل على كعب قال مرحبا يا أبا القاسم وأهلا وقام كأنه يصنع له الطعام وحدث نفسه أن يقتل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ويتبع أصحابه فنزل جبرئيل فأخبره بذلك فرجع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إلى المدينة وقال لمحمد بن مسلمة الانصاري إذهب إلى بني النضير فأخبرهم أن الله تعالى قد أخبرني بما هممتم به من الغدر فإما أن تخرجوا من بلدنا وإما أن تأذنوا بحرب فقالوا نخرج من بلادك فبعث إليهم عبد الله بن ابي الا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمدا الحرب فإني انصركم أنا وقومي وحلفائي فلو خرجتم خرجت معكم وإن قاتلتم قاتلت معكم فاقاموا وأصلحوا حصونهم وتهيؤا للقتال وبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) انا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع فقام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وكبر أصحابه وقال لامير المؤمنين (عليه السلام) تقدم إلى بني النضير فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) الراية وتقدم وجاء رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) واحاط بحصنهم وغدر بهم عبد الله بن ابي وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إذا ظهر بمقدم بيوتهم حصنوا مايليهم وخربوا ما يليه وكان الرجل منهم ممن كان له بيت حسن خربه وقد كان امر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أمر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك فقالوا يا محمد إن الله يأمرك بالفساد إن كان لك هذا فخذوه وإن كان لنا فلا تقطعه فلما كان بعد ذلك قالوا يا محمد نخرج من بلادك فأعطنا مالنا فقال لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الابل فلم يقبلوا ذلك فبقوا أياما ثم قالوا نخرج ولنا ما حملت الابل فقال لا يحمل أحد منكم شيئا فمن وجدنا معه شيء من ذلك قتلناه فخرجوا على ذلك ووقع قوم منهم إلى فدك ووادي القرى وخرج قوم منهم إلى الشام فأنزل الله فيهم هو الذي أخرج الذين كفروا الآيات ما ظننتم أن يخرجوا لشدة بأسهم ومنعتهم وظنوا أنهم ما نعتهم حصونهم من الله إن حصونهم تمنعهم من بأس الله فأتاهم الله أي عذابه وهو الرعب والاضطرار إلى الجلاء .
في التوحيد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يعني أرسل عليهم عذابا من حيث لم يحتسبوا لقوة وثوقهم وقذف في قلوبهم الرعب وأثبت فيها الخوف الذي يرعبها أي يملاها يخربون بيوتهم بأيديهم ضنا بها على المسلمين وإخراجا لما استحسنوا من آلاتها وأيدي المؤمنين وإنهم أيضا كانوا يخربون ظواهرها نكاية وتوسيعا لمجال القتال وعطفها على أيديهم من حيث أن تخريب المؤمنين مسبب عن بغضهم فكأنهم استعملوهم فيه وقرئ يخربون بالتشديد وهو أبلغ فاعتبروا يا أولى الابصار فاتعظوا بحالهم فلا تغدروا ولا تعتمدوا على غير الله.
الاكثر قراءة في قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة