عاقبة الكفر بعد الإيمان في القرآن
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج3، ص156- 158
2025-08-17
798
قال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: 103]
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ} يضيفون إليه التعليم ويميلون قولهم عن الأستقامة إليه وقرئ بفتح الياء والحاء أعجمي غير بين وهذا القرآن لسان عربي مبين [1]ذو بيان وفصاحة .
القمي لسان الذي يلحدون إليه هو لسان أبي فكيهة مولى ابن الحضرمي كان أعجمي اللسان وكان قد إتبع النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وآمن به وكان من أهل الكتاب فقالت قريش هذا والله يعلم محمدا (صلى الله عليه واله وسلم) علّمه بلسانه.
قال تعالى: {مَنْ كَفَر بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106]
{مَنْ كَفَرَ[2] بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} لم تتغير عقيدته ولكن من شرح بالكفر صدرا اعتقده وطاب به نفسا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إذ لا جرم أعظم من جرمه .
القمي إلا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان فهو عمار بن ياسر أخذته قريش بمكة فعذبوه بالنار حتى أعطاهم بلسانه ما أرادوا وقلبه مطمئن بالأيمان وقوله ولكن من شرح بالكفر صدرا فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن لؤي قال وكان عاملا لعثمان بن عفان على مصر
أقول: قصة عمار على ما روته المفسرون في شأن نزول هذه الآية إن قريشا أكرهوه وأبويه ياسر وسمية على الأرتداد فأبى أبواه فقتلوهما وهما أول قتيلين في الأسلام وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقيل يا رسول الله إن عمارا كفر فقال كلا إن عمارا أملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الأيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وهو يبكي فجعل النبي (صلى الله عليه واله وسلم) يمسح عينيه وقال مالك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت.
وفي الكافي قيل للصادق (عليه السلام) إن الناس يروون أن عليا (عليه السلام) قال على منبر الكوفة أيها الناس إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ثم تدعون إلى البراءة مني فلا تبرأوا مني فقال ما أكثر ما يكذب الناس على علي (عليه السلام) .
قال إنما قال إنكم ستدعون إلى سبي فسبوني ثم تدعون إلى البراءة مني وإني لعلى دين محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ولم يقل لا تبرؤوا مني فقال له السائل أرأيت أن اختار القتل دون البراءة فقال والله ما ذاك عليه وما له إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكره أهل مكة وقلبه مطمئن بالإيمان فأنزل الله فيه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمن فقال له النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عندها يا عمار إن عادوا فعد فقد أنزل الله عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا .
والعياشي عن الباقر (عليه السلام) مثله.
وعن الصادق (عليه السلام) إنه سئل مد الرقاب أحب إليك أم البراءة من علي (عليه السلام) فقال الرخصة أحب إليّ أما سمعت قول الله في عمار إلا من أكره وقلبه مطمئن بالأيمان .
قال تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [النحل: 109]
{لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} إذ ضيعوا أعمارهم بصرفها فيما أفضى إلى العذاب الدائم.
العياشي عن الصادق (عليه السلام) إن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان يدعو أصحابه فمن أراد الله به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه ومن أراد به شرا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وهو قوله تعالى أولئك الذين طبع الله الآية.
[1] يعني إذا كانت العرب يعجز عن الاتيان بمثله وهو بلغتهم فكيف يأتي الاعجمي بمثله م ن
[2] قال الزجاج من كفر بالله في موضع رفع على البدل من الكاذبين ولا يجوز ان يكون رفعا بالابتداء لانه لا خبر ها هنا للابتداء فان قوله من كفر بالله بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ليس بكلام تام وقوله فعليهم غضب من الله خبر قوله من شرح بالكفر صدرا وقال الكوفيون من كفر شرط وجوابه يدل عليه جواب من شرح فكأنه قيل من كفر فعليه غضب من الله م ن .
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة