منظومة النعم الإلهية رحلة بين الشكر والإنكار
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج3، 148- 149
2025-08-17
658
قال تعالى:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78]
{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ} وركب فيكم هذه الأدوات لأزالة الجهل الذي ولدتم عليه وإكتساب العلم والعمل به {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} كي تعرفوا ما أنعم عليكم طورا بعد طور فتشكروه.
قال تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 79]
{أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ} وقرئ بالتاء مسخرات مذللات للطيران بما خلق لها من الأجنحة والأسباب المواتية له في جو السماء في الهواء المتباعد من الأرض ما يمسكهن فيه إلا الله فإن ثقل جسدها يقتضي سقوطها ولا علاقة فوقها ولا دعامة تحتها {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} لأنهم هم المنتفعون بها.
قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80]
{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} موضعا تسكنون فيه وقت إقامتكم {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا} يعني الخيم والمضارب المتخذة من الأدم والوبر والصوف والشعر {تَسْتَخِفُّونَهَا} تجدونها خفيفة يخف عليكم حملها ونقلها ووضعها وضربها يوم ظعنكم ترحالكم وسفركم وقرئ بفتح العين ويوم إقامتكم نزولكم وحضركم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها الصوف للضأن والوبر للأبل والشعر للمعز أثاثا ما يلبس ويفرش ومتاعا ينتفع به إلى حين إلى مدة من الزمان .
القمي في رواية أبي الجارود أثاثا قال المال ومتاعا قال المنافع إلى حين بلاغها.
قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} [النحل: 81]
{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ} من الشجر والجبل والأبنية وغيرها ظلالا تتقون به حر الشمس.
القمي قال ما يستظل به {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا} مواضع تسكنون بها من الغيران والبيوت المنحوتة فيها {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ} ثيابا من القطن والكتان والصوف وغيرها {تَقِيكُمُ الْحَرَّ} إكتفى بذكر أحد الضدين لدلالته على الآخر ولأن وقاية الحر كانت عندهم أهم وسرابيل تقيكم بأسكم يعني الدروع والجواشن والسربال يعم كل ما يلبس كذلك كإتمام هذه النعم التي تقدمت {يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} أي تنظرون في نعمه الفاشية فتؤمنون به وتنقادون لحكمه .
قال تعالى: {يعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} [النحل: 83]
القمي عن الصادق (عليه السلام) نحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده وبنا فاز من فاز .
وفي الكافي عنه عن أبيه عن جده : في هذه الآية قال لما نزلت إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الآية إجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض ما تقولون في هذه الآية فقال بعضهم إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها وإن آمنا فهذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب (عليه السلام) فقالوا قد علمنا أن محمدا (صلى الله عليه واله وسلم) صادق فيما يقول ولكنا لا نتولاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا قال فنزلت هذه الآية يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها يعرفون يعني ولاية علي (عليه السلام) .
والعياشي عن الكاظم (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية فقال عرفوه ثم أنكروه.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة