اهل الإسلام تنصب لهم الموازين يوم القيامة
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص397-399.
2025-08-15
596
اهل الإسلام تنصب لهم الموازين يوم القيامة
قال تعالى : {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ } [الأنبياء : 11 - 15].
قال بدر بن خليل الأسدي : سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول في قول اللّه عزّ وجلّ : {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ }.
قال : « إذا قام القائم عليه السّلام وبعث إلى بني أميّة بالشام ، هربوا إلى الروم ، فيقول لهم الروم : لا ندخلنّكم حتى تنتصّروا ، فيعلّقون في أعناقهم الصّلبان فيدخلونهم ، فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم عليه السّلام ، طلبوا الأمان والصلح ، فيقول أصحاب القائم عليه السّلام : « لا نفعل حتى تدفعوا إلينا من قبلكم منا - قال - فيدفعونهم إليهم ، فذلك قوله : لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ ، قال : يسألونهم الكنوز ، ولهم علم بها - قال - فيقولون : {قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} بالسيف « 1 » » « 2 ».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام في قوله خامِدِينَ : لا تبقى منهم عين تطرف » « 3 » .
وقال سعيد بن المسيب : كان علي بن الحسين عليهما السّلام يعظ الناس ، ويزهّدهم في الدنيا ، ويرغّبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كلّ جمعة في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وحفظ عنه وكتب - وذكر الحديث إلى أن قال عليه السّلام :
« ولقد أسمعكم اللّه في كتابه ما قد فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم ، حيث قال : وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً ، وإنما عنى بالقرية أهلها ، حيث يقول وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ فقال اللّه عزّ وجلّ : فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يعني يهربون ، قال : لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ ، فلمّا أتاهم العذاب قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ وأيم اللّه إن هذه موعظة لكم وتخويف إن اتّعظتم وخفتم.
ثمّ رجع القول من اللّه في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال اللّه عزّ وجلّ : {وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [الأنبياء : 46]. فإن قلتم - أيها الناس - إن اللّه عزّ وجلّ إنما عنى بهذا أهل الشرك ، فكيف ذلك وهو يقول : {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء : 47] ؟
اعلموا - عباد اللّه - أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ، ولا تنشر لهم الدواوين ، وإنما يحشرون إلى جهنم زمرا ، وإنما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام ، فاتقوا اللّه ، عباد اللّه » « 4 ».
_______________
( 1 ) زاد في النسخ : وهو سعيد بن عبد الملك الأموي ، صاحب سعيد بالرحبة .
( 2 ) الكافي : ج 8 ، ص 51 / 15.
( 3 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 326 ، ح 7.
( 4 ) الكافي : ج 8 ، ص 72 / 29.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة