اول ما خلق الله تعالى ؟
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص408-411.
2025-08-15
565
اول ما خلق الله تعالى ؟
قال تعالى : { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء : 30].
جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السّلام من أهل الشام من علمائهم ، فقال : يا أبا جعفر جئت أسألك عن مسألة قد أعيت علي أن أجد أحدا يفسّرها ، وقد سألت عنها ثلاثة أصناف من الناس ، فقال كلّ صنف منهم شيئا غير الذي قال الصنف الآخر ، فقال له أبو جعفر عليه السّلام : « ما ذاك ؟ ».
قال : إني أسألك عن أول ما خلق اللّه من خلقه ، فإن بعض من سألته قال : القدر ، وقال بعضهم : القلم ؛ وقال بعضهم الروح .
فقال أبو جعفر عليه السّلام : « ما قالوا شيئا ، أخبرك أن اللّه تبارك وتعالى كان ولا شيء غيره ، وكان عزيزا ولا أحد كان قبل عزّه . وذلك قوله : {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات : 180] وكان الخالق قبل المخلوق ، ولو كان أول ما خلق من خلقه الشيء من الشيء إذن لم يكن له انقطاع أبدا ، ولم يزل اللّه إذن ومعه شيء ليس هو يتقدّمه ، ولكنه كان إذ لا شيء غيره ، وخلق الشيء الذي جميع الأشياء منه . وهو ( الماء ) الذي خلق الأشياء منه ، فجعل نسب كل شيء إلى الماء ، ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه .
وخلق الريح من الماء ، ثم سلّط الريح على الماء ، فشقّقت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء اللّه أن يثور ، فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقيّة ليس فيها صدع ولا نقب ولا صعود ولا هبوط ، ولا شجرة ، ثمّ طواها فوضعها فوق الماء ، ثم خلق اللّه النار من الماء ، فشقّقت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء اللّه أن يثور ، فخلق من ذلك الدّخان سماء صافية نقيّة ليس فيها صدع ولا نقب ، وذلك قوله : {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } [النازعات : 28، 29]. قال : ولا شمس ، ولا قمر ، ولا نجوم ، ولا سحاب ، ثم طواها فوضعها فوق الأرض ، ثم نسب الخلقتين فرفع السماء قبل الأرض ، فذلك قوله عزّ ذكره : {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات : 30] يقول : بسطها ».
فقال له الشاميّ : يا أبا جعفر ، قول اللّه عز وجلّ : أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ؟
فقال له أبو جعفر عليه السّلام : « فلعلّك تزعم أنهما كانتا رتقا متلازقتين متلاصقتين ففتقن إحداهما من الأخرى ؟ » . فقال : نعم .
فقال أبو جعفر عليه السّلام : « استغفر ربك ، فإن قول اللّه عزّ وجلّ : كانَتا رَتْقاً يقول كانت السماء رتقا لا تنزل المطر ، وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحبّ ، فلمّا خلق اللّه تبارك وتعالى الخلق ، وبثّ فيها من كلّ دابّة ، فتق السماء بالمطر ، والأرض بنبات الحبّ ».
فقال الشاميّ : أشهد أنك من ولد الأنبياء ، وأن علمك علمهم » « 1 ».
وقال الحسين بن علي بن أبي طالب ( صلوات اللّه عليهم ) : « جاء يهوديّ إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : يا محمد ، أنت الذي تزعم أنك رسول اللّه ، وأنه أوحى إليك كما أوحى إلى موسى بن عمران ؟ قال : نعم ، أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، أنا خاتم النبيّين ، وإمام المتقين ، ورسول ربّ العالمين .
فقال : يا محمد ، إلى العرب أرسلت ، أم إلى العجم ، أم إلينا ؟ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : إني رسول اللّه إلى الناس كافّة . وسأله اليهوديّ عن مسائل ، وأجابه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عنها ، وفي كلّ جواب مسألة يقول اليهوديّ له : صدقت . فكان فيما سأله أن قال : أخبرني عن فضلك على النبيّين ، وفضل عشيرتك على الناس .
فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : أما فضلي على النبيّين فما من نبيّ إلا دعا على قومه ، وأنا اخترت دعوتي شفاعة لأمّتي يوم القيامة ، وأمّا فضل عشيرتي وأهل بيتي وذريّتي كفضل الماء على كلّ شيء ، وبالماء يبقى كل شيء ويحيا ، كما قال ربّي تبارك وتعالى : وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ وبمحبّة أهل بيتي وعشيرتي وذريّتي يستكمل الدين ، قال : صدقت يا محمد » « 2 ».
__________
( 1 ) الكافي : ج 8 ، ص 94 ، ح 67 .
( 2) الاختصاص : الشيخ المفيد ، ص 33 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة