إذا وجد سماعه في كتاب وهو غير ذاكر له
المؤلف:
أبو الحسن علي بن عبد الله الأردبيلي التبريزي
المصدر:
الكافي في علوم الحديث
الجزء والصفحة:
ص 581 ــ 582
2025-08-02
352
[[إذا وجد سماعه في كتاب وهو غير ذاكر له]]
الرابع: إذا وجد سماعه في كتاب، وهو غير ذاكر له، فعن أبي حنيفة: لا تجوز له روايته (1).
ومذهب الشافعيّ وأكثر أصحابه، وأبي يوسف، ومحمد: تجوز له روايته (2).
والصواب أن يقال: إن كان الكتاب صحيحا، مضبوطا بخطّه، أو بخطِّ مَن يثق به(3)، مصونًا عن التغيير، وتطرّق التزوير إليه، يجوز أن يروي ما فيه وإن كان لا يذكر أحاديثه حديثًا حديثًا.
هذا إن سكنت نفسه إليه، ولم يتشكّك فيه (4)، أو الكتاب غير مصون عن تطرّق التغيير، أو بخطِّ مَن لا يوثق به لا تجوز رواية ما فيه (5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نقله عن أبي حنيفة: الماوردي في خطبة "الحاوي الكبير" (ص 19 – ط: الفكر) وقال على إثره: "وهذا فاسد بالأثر المعمول به، والاعتبار المأخوذ به" وفصل في ذلك، وقال به أبو الطيب الطبري وأبو بكر محمد بن داود الصيدلاني (ت 427 هـ) من الشافعية، انظر: "الكفاية" (380)، "الإلماع" (239)، "نكت الزركشي" (3/ 604)، "التبصرة والتذكرة" (2/ 162)، "المنهل الروي" (99)، "فتح المغيث" (2/ 204).
(2) وهو اختيار ابن دقيق العيد في "شرح العنوان" أفاده الزركشي في "نكته" (3/ 605). وانظر "الإلماع" (139 - 140)، "المعتمد" (2/ 621 - 622) لأبي الحسين البصري، "الكفاية" (380) - ونسبه إلى عامّة أصحاب مالك - "رسوم التحديث" (127)، والمراجع السابقة.
(3) يدخل به الشيخ الذي سمع عليه الكتاب، ولا سيما إذا اشتهر خطّه بين أصحاب الحديث، ويلتحق به ما وجد بخط حافظ مشهور الحفظ، أو مستمل، أو قارئ، أو ورّاق معروف الخطّ، وهذا يؤكّد ضرورة معرفة خطوط العلماء ولا سيما المكثرين النسخ منهم، وكذا خطوط الورّاقين، وبعضهم كان بمثابة بعض دور النشر الآن، وبعضهم مجوّد جدًّا، وبعضهم خطّه رديء، وقد عانيت كثيرًا من جمع خطوطهم ودراستها، وتكلّفت كثيرًا، ولعلّ الله ييسّر دراسة مستوعبة لجمع خطوطهم، وعمل برنامج حاسوبي مهم يخدم في هذا المضمار، ولا يتّسع المجال للتفصيل، ولكلّ أجل كتاب، والله الموفّق للصواب.
ثُمَّ فيما يخصّ ما ذكره المصنّف ينظر لقرائن الأحوال التي يفحص فيها صحّة السماع، بالنظر في جملة الأسامي، فإذا وجد فيهم من هو مشهور بين أصحاب الحديث والتراجم، فهذا يؤيد صحّة السماع وفيه بعض التطمين، وينظر أيضا لحجم الكتاب، ووجود علامات التصحيح والإلحاقات والمقابلات، وينظر – لزامًا - "نكت الزركشي" (3/ 606 - 607).
(4) عدم العلم أشدّ من الشك، فإن كان المراد أنّه شك في السماع فلا يحسن، وإن كان المراد أنّه شكّ في تطرّق التزوير ونحوه، فغلبة ظنّ السلامة يخرجه، فلا حاجة إلى سكون النفس، وشبهه بعضهم بما إذا نسي الراوي سماعه، فإنّه تجوز لمن سمعه الرواية، ولا يضرّه نسيان شيخه، ولا يصحّ هذا التشبيه؛ لأنّ الراوي فيما نحن فيه غير متذكّر، وفي الصورة المذكورة متذكّر، ولكن أصله ناسٍ، قاله البلقيني في "محاصن الاصطلاح" (394) وبنحوه في "نكت الزركشي" (3/ 607).
(5) فيه شبه - مع تحقّق الشرط - بما إذا نسي الراوي سماعه، فإنّه يجور لمن سمعه من روايته عنه، ولا يضرّه نسيان شيخه. وانظر - غير مأمور - : "فتح المغيث" (2/ 205)، "رسوم التحديث" (127)، "المنهل الروي" (99).
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند أهل السنّة والجماعة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة