أهمية اتباع القرآن
المؤلف:
السيد محمد الحسيني
المصدر:
مكانه القرآن الكريم في المجتمع الإسلامي
الجزء والصفحة:
ص5 -7
2025-07-29
693
قال تبارك وتعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9]
وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): (إن هذا القرآن هو النور المبين، والحبل المتين، والعروة الوثقى - إلى أن قال (صلى الله عليه واله وسلم): - من استضاء به نوّره الله، ومن اعتقد به في أموره عصمه الله، ومن تمسك به أنقذه الله، ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله، ومن استشفى به شفاه الله، ومن آثره على ما سواه هداه الله، ومن طلب الهدى في غيره أضله الله، ومن جعله شعاره ودثاره أسعده الله، ومن جعله إمامه الذي يقتدي به ومعوّله الذي ينتهي إليه، أداه الله إلى جنات النعيم، والعيش السليم ؛ فلذلك قال: هدىً يعني: هذا القرآن { هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [النمل: 2] يعني بشارةً لهم في الآخرة...[1].
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم تجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا، وإلههم واحد، وكتابهم واحد ! أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه؟ أم نهاهم عنه فعصوه؟ أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه؟ أم كانوا شركاء له، فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى؟ أم أنزل الله ديناً تاماً فقصّر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تبليغه وأدائه، والله سبحانه يقول: { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] وفيه تبيان كل شيء، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضاً، وأنه لا اختلاف فيه، فقال سبحانه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا } [النساء: 82] وإن القرآن ظاهره أنيق، وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به)[2].
وروي عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (من قرأ القرآن وهو شابٌ مؤمن، اختلط القرآن بلحمه ودمه، وجعله الله عز وجل مع السفرة الكرام البررة، وكان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة، يقول: يا رب، إن كل عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي، فبلِّغ به أكرم عطاياك، قال: فيكسوه الله العزيز الجبار حلّتين من حلل الجنة، ويوضع على رأسه تاج الكرامة، ثم يقال له: هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن: يا رب، قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا، فيعطي الأمن بيمينه والخلد بيساره، ثم يدخل الجنة، فيقال له: اقرأ واصعد درجة، ثم يقال له: هل بلغنا به وأرضيناك؟ فيقول: نعم، قال: ومن قرأه كثيراً، وتعاهده بمشقة من شدة حفظه، أعطاه الله عز وجل أجر هذا مرتين)[3].
لذا يجب تطبيق الفكر والعمل وفق تعليمات وإرشادات القرآن الكريم في كافة مجالات الحياة، مضافاً إلى التمسك بأهل البيت (عليهم السلام) فإنهم عِدل القرآن.
ولا يصح العمل بالقياس [4]- مثلًا - كما كان يصنع أبو حنيفة، وهو مؤسس المذهب الحنفي القائل بالرأي والقياس[5]، وكان هذا الرجل يدعو الناس ضد المنصور الدوانيقي وقد قيل إنه بسبب ذلك قتل على يد المنصور؛ ولهذا يعتبره أتباعه شهيداً، وأبو حنيفة هذا درس سنتين من عمره عند الإمام الصادق (عليه السلام) حتى روي عنه قوله: (لولا السنتان لهلك النعمان)[6]، وكان عندما يأتي إلى المدينة يذهب إلى زيارة الإمام الصادق (عليه السلام) مراراً وتكراراً.
[1] تفسير الإمام الحسن العسكري: ص 449 في فضائل القرآن ح 297.
[2] بحار الأنوار: ج 2 ص 284 ب 43 ح 1. وفي بيان العلامة المجلسي لهذا الحديث قال: ( هذا تشنيع على من يحكم برأيه وعقله، من غير رجوع إلى الكتاب والسنة وإلى أئمة الهدى ؛ فإن هذا إنما يكون إما بإله آخر بعثهم أنبياء وأمرهم بعدم الرجوع إلى هذا النبي المبعوث وأوصيائه، أو بأن يكون الله شرك بينهم وبين النبي في النبوة، أو بأن لا يكون الله عز وجل بين لرسوله جميع ما تحتاج إليه الأمة، أو بأن بينه له لكن النبي - حاشاه - قصر في تبليغ ذلك ولم يترك بين الأمة أحداً يعلم جميع ذلك، وقد أشار إلى بطلان جميع تلك الصور، فلم يبق إلا أن يكون بين الأمة من يعرف جميع ذلك ويلزمهم الرجوع إليه في جميع أحكامهم.
[3] الكافي: ج 2 ص 603 باب فضل حامل القرآن ح 4.
[4] القياس: هو أن ينتقل الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهة مشتركة بينهما، وبعبارة أخرى هو: إثبات الحكم في جزئي لثبوته في جزئي آخر مشابه له، وهو المسمى في عرف المناطقة بالتمثيل. وفي عرف الفقهاء بالقياس، الذي يجعله أهل السنة من أدلة الأحكام الشرعية، والإمامية ينفون حجيته، ويعتبرون العمل به محقاً للدين وتضييعاً للشريعة، انظر منطق المظفر: ج 2 ص 268 ب 5 مباحث الاستدلال، التمثيل.
[5] أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي، وقيل: مرزبان، وقيل: طاووس بن كامكار بن يزدجرد بن شهريار، الكابلي الأصل، التيمي، وقيل السلمي بالولاء الكوفي. أحد الأئمة الأربعة عند العامة، وصاحب المذهب الحنفي، ضعف حديثه بعض العامة، وقالوا: عامة ما يرويه غلط وتصحيف وزيادات. ولد بالكوفة سنة (80 هـ -) ونشأ بها، وكان خزازاً يبيع الخز وهو الحرير. تتلمذ على الإمام الصادق ثم انحرف عنه، وابتدع مذهبا خاصا به عرف بالمذهب الحنفي نسبة إليه، ولم يوثقه كثير من العامة. وقيل أنه كان يفتي بإمامة إبراهيم ومحمد ابني عبد الله بن الحسن الحسني. طلبه عمر بن هبيرة حاكم العراقين للقضاء فامتنع، ثم أراده المنصور الدوانيقي العباسي بعد ذلك للقضاء ببغداد فامتنع أيضاً فحبسه الدوانيقي إلى أن مات. له من التآليف كتاب (المسند)، و (المقصود)، وغيرها. توفي ببغداد سنة (150 ه -)، ودفن في مقبرة الخيزران.
[6] انظر الخلاف: ج 1 ص 49 عن تحفة الآلوسي: ص 8 .
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة