شروط النسخ
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص205 -207
2025-07-13
491
مما اشترطوا في النسخ. ألا ينسخ القرآن إلا قرآن لقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]. وليس شيء أفضل من القرآن أو مثله إلا قرآن. ومن المناسب أن نذكر رأي ابن الجوزي وغيره ثم تعلق على ما أوردوه:
وقد أضاف سورة المؤمن فمجموع سور هذا القسم الرابع عند العتائقي هي ثلاث وعشرون سورة.
أحدها: أن يكون الحكم في الناسخ والمنسوخ متناقضا فلا يمكن العمل بهما.
قال ابن الجوزي ت 597هـ: شروط النسخ خمسة:
والثاني: أن يكون حكم المنسوخ ثابتا قبل ثبوت حكم الناسخ.
والثالث: أن يكون حكم المنسوخ ثابتا بالشرع لا بالعادة والعرف فإنه إذا ثبت بالعادة لم يكن رافعه ناسخاً بل يكون ابتداء شرع آخر.
والرابع: كون حكم الناسخ مشروعاً بطريق النقل كثبوت المنسوخ فأما ما ليس مشروعا بطريق النقل فلا يجوز أن يكون ناسخا للمنقول ولهذا إذا ثبت حكم منقول لم يجز نسخه بإجماع ولا بقياس.
والخامس: كون الطريق الذي ثبت به الناسخ مثل طريق ثبوت المنسوخ أو أقوى منه ولهذا نقول: لا يجوز نسخ القرآن بالسنة [1].
وأما ابن العربي فذكر شروطا غير تلك وهي ستة:
الأول: أن يكون شرعيا غير عقلي.
الثاني: أن يكون منفصلا غير متصل.
الثالث: أن يكون المقتضي بالمنسوخ غير المقتضي بالناسخ.
الرابع: أن يكون الجمع بين الدليلين غير ممكن.
الخامس: أن يكون الناسخ في العلم والعمل مثل المنسوخ.
السادس: معرفة المتقدم من المتأخر. أقول وما اشترط في النسخ - كما عرفت - أن الناسخ لا بد من تأخره عن المنسوخ في الوقت الذي ذكروا خمسة مواضع تقدم الناسخ على منسوخه وهي:
1 - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا } [البقرة: 234]
كانت المرأة إذا مات زوجها لزمت التربص بعد انقضاء العدة حولا كاملا ونفقتها من مال الزوج ولا ميراث لها وهذا معنى قوله تعالى: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] نسخت بقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]
2- قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} [الأحزاب: 50] قالوا إنها ناسخة لقوله: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: 52]
3- وقوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] قيل إنها ناسخة لقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144]
4- قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ} [الحشر: 7] قيل إنها ناسخة لقوله تعالى:
{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41]
5 - قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190] قالوا إنها ناسخة لقوله تعالى:
{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]
هذه خمسة موارد ادعوا أن الناسخ متقدم على منسوخه على أن هكذا نسخ لا يجوز وقوعه عند الكثير.
[1] المصفى بأكفى أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ص 12 تحقيق الدكتور حاتم صالح ط 1 بیروت 1989
الاكثر قراءة في الناسخ والمنسوخ
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة