انقطاع الوحي لفترة
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص84- 86
2025-06-28
430
بعد نزول الآيات الأولى من سورة العلق انقطع عن النبي نزول الوحي لمدة ثلاث سنوات لحكمة ما علمها عند الله ثم أخذ القرآن ينزل تتابعا منجما على النبي حسب الظروف والمناسبات واحتياج الأمة من أوامر وأحكام وسنن وأمثال وقصص الأولين وكان تنجيمه مثار اعتراض المشركين وسبحانه يحكي عن لسانهم {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [الفرقان: 32]
ثم وقع الكلام هل نزل دفعة واحدة قبل أن ينزل منجما أم لا؟ فقد قال بعضهم أنه نزل دفعة واحدة الى السماء الرابعة والى السماء الدنيا واستشهد هذا الفريق بجملة من الآيات قوله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1]
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] المجمع 9/ 61. بل هناك آيات كثيرة تشير الى نزول القرآن دفعة واحدة حيث عبر سبحانه عن القرآن بالكتاب. {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105] جاء في المجمع أنزلناه سورة سورة أي فرقناه بمعنى لم ينزل دفعة واحدة 60/ 445.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [البقرة: 176]
{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} [آل عمران: 3]
{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} [الأعراف: 196]
{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [النساء: 105]
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48] {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا} [الإنسان: 23]
قيل في معناها فصلناه في الانزال آية ولم ننزله جملة واحدة عن ابن عباس مجمع 10/ 413. {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً} [النحل: 89] وهكذا آيات كثيرة تشعر بنزول القرآن دفعة واحدة ثم لاستعمال اللفظ نزل ونزلناه وأنزل وتنزيل. معان مختلفة وإليك موجزا لمعانيا. أنزل وتنزل ونزل بمعنى قال سيبويه وكان أبو عمرو يفرق بين نزلت وأنزلت ولم يذكر وجه الفرق قال أبو الحسن لا فرق عندي بين نزلت وأنزلت إلا صيغة التكثير نزلت.
نزل: نزولا من علو الى أسفل بمعنى انحدر.
نزل الله كلامه على أنبيائه أوحى به إليهم – نزلناه عن ابن منظور أنزل كنزل.
تنزيل: أنزل الشيء تدريجا والكلمة توحي معنى التفريق عند الإنزال شعراء / 192، سجدة / 2يس 36، تنزل: نزل بمهلة – النزول: الحلول. وهو في الأصل انحطاط من علو. قال الزبيدي في تاج العروس: فرق جماعة من أرباب التحقيق فقالوا التنزيل تدريجي والانزال دفعي... ولما ورد استعمال التنزيل في الدفعي زعم أقوام أن التفرقة أكثرية وأن التنزيل يكون في الدفعي أيضا. وفي البصائر تبعا للراغب وغيره الفرق بين الانزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير الى إنزاله متفرقا منجما ومرة بعد أخرى والانزال عام ... وقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] إنما خص لفظ الانزال دون التنزيل لما روى أن القرآن أنزل دفعة واحدة الى السماء الدنيا ثم نزل منجما بحسب المصالح. (تاج العروس مادة نزل). وفريق آخر قال أنه نزل مفرقا مدة استغرقت عشرون أو ثلاث وعشرون سنة واستدلوا ببعض الآيات المتقدمة أو بالآية الشريفة { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا } [الإسراء: 106] الإسراع ولما دلت الآيات والروايات المتواترة على أنه نزل منجما حسب المناسبات والظروف فقد صح على هذا أن بعض الآيات نزلت بدون ترتيب وقد أشار النبي الى كتاب الوحي أن يجعلوا هذه الآية في تلك السورة أو قبل الآيات الفلانية أو بعد تلك الآيات وقد ثبت نزول آية واحدة أو آيات أو بعض آية أو سورة كاملة كالسور القصار وبعض آية كقوله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] نزلت وحدها وهي بعض آية {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] وقوله تعالى: وقوله تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28] فإنها نزلت بعد نزول أول الآية.
الاكثر قراءة في الوحي القرآني
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة