الطول والزمن في النسبية: التحدي الفيزيائي للفلسفة التقليدية
المؤلف:
فيليب فرانك
المصدر:
بين الفيزياء والفلسفة
الجزء والصفحة:
ص119
2025-03-31
757
باتت نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين اليوم مقبولة من جانب جميع الفيزيائيين النظريين تقريبا، إذ إنها طبقت بنجاح في جميع فروع الفيزياء كقاعدة للاستنباطات دون الكشف حتى الآن عن أى تناقض مع الخبرة. ورغم ذلك لم تتوقف المعارضة لهذه النظرية، وعلى الأخص من جانب فريقين مختلفين لديهما فى الظاهر آراء متناقضة تماما.
أولاً، هناك فريق من علماء الفيزياء التجريبية البحتة يقول : "نظرية النسبية الخاصة لأينشتاين بعيدة كل البعد عن الوقائع الممكن اختبارها بالتجربة، فهى تستخدم مفاهيم اصطناعية ومجردة إلى حد بعيد، وتتعارض مع الإدراك الفطري الذي يعد دائماً الدليل المرشد للباحث التجريبي. ولا تقضى مع ذلك إلا إلى نتائج غير مهمة للاختبار التجريبي ويمكن الحصول عليها بقدر أقل منها في انتهاك نظم المفاهيم التقليدية وبطريقة أوضح وأكثر حدسية".
ومن جهة أخرى، هناك أيضاً ممثلو الفلسفة المجردة الذين كثيرا ما يناهضون نظرية النسبية بقولهم : يتحدث أينشتاين في نظريته عن مفاهيم مثل المكان والزمان والحركة، إلخ، وهي مفاهيم تتناولها الفلسفة أيضاً لاسيما في مجال الإبستمولوجيا (نظرية المعرفة)، غير أن المبادئ التى يصيغها أينشتاين بشأن هذه المفاهيم تتناقض
تماماً مع المبادئ التي أرساها الفلاسفة طوال قرون كثيرة بشأن هذه المفاهيم ذاتها". وهم يستنتجون أن المبادئ التي يصيغها أينشتاين عن المكان والزمان والحركة، إلخ ليس لها في الحقيقة أي صلة بما فهمه الفلاسفة دائماً من هذه الكلمات، وهم لذلك يعتقدون أن نظرية النسبية تسيء تماماً استخدام كلمات المكان والزمان والحركة، إلخ وتنطوى بذلك على ادعاء بأنها تتيح إصدار تأكيدات وضعية عن أشياء طالما شغلت أذهان الفلاسفة، ويصرحون بأن نظرية النسبية ريما كانت مفيدة في الفيزياء ولكنهم يصرون على ضرورة الحذر من إكساب مبادئها أى أهمية فلسفية قد تؤدى بهم إلى التناقض مع مبادئ الفلاسفة - وهى المبادئ الحقيقية المقبولة - دون تحقيق أي فوائد للفيزياء ذاتها.
الاكثر قراءة في مواضيع اخرى
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة