1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

التاريخ : العصور الحجرية : العصور القديمة في مصر :

منطقة نفوذ نائب الملك

المؤلف:  سليم حسن

المصدر:  موسوعة مصر القديمة

الجزء والصفحة:  ج10 ص 325 ــ 333

2025-02-16

95

كانت منطقة الأراضي التي يسيطر عليها نفوذ نائب الملك تختلف باختلاف الأزمان بعض الشيء. وقد ذُكِرَ لنا بوضوح امتداد رقعة نفوذه في نقوش مقبرة «حوي» حيث جاء فيها صراحة: «لقد عهدت إليك بوظيفة نائب الملك في كوش من أول «نخن» حتى ما بعد «كاري» وسيكون تحت إدارتك من «نخن» إلى ما بعد «نسوت تاوي» (جبل برقل)». ويتفق مع ذلك على ما يظهر نقش «حورميني» تمامًا (1). وهذا الأمير صاحب «نخن» كان موكلًا إليه جمع الضرائب في «واوات» فيقول: «لقد أمضيت سنين عدة أمير بلدة «نخن» وأحضرت جزيتها لرب الأرضين ولقد مُدحت على ذلك ولم يؤخذ عليَّ شيء. ووصلت إلى سن الشيخوخة في «واوات» لأني ملأت قلب سيدي ورحلت بجزية أرض «واوات» منحدرًا في النهر كل سنة إلى الملك، وقد ذهبت إلى هناك بوصفي رجلًا أمينًا، ولم أوصف بأني مذنب في أخذ فضلة (شيء فائض».

ومما يَؤْسَفُ له أن اللوحة التي جاء عليها هذا النقش ليست مؤرخة ولكن من أسلوب كتابتها واسم صاحبها يمكن أن تؤرَّخ بأوائل الأسرة الثامنة عشرة. ويُسَلِّمُ «ريزنر» أن هذا الرجل لا بد أن يقع تأريخه ما بين عهد «أحمس الأول» والسنة السابعة من حكم «أمنحتب الأول» عندما كان «ثوري» يشغل وظيفة نائب الملك، ولكن ذلك حدث قبل أن يقوم نائب الملك بالعمل في وظيفته. وإذا كان «جوتييه» على حق في أن «ثوري» لم يكن أول من شغل وظيفة نائب الملك بل كان خلفًا «لأحمس» بن «تائيب» الذي لا نعرف عنه شيئًا فإن الأخير لم يشغل بأية حال وظيفة نائب ملك في عهد «أحمس الأول» بل يمكن أن يكون قد نصب في هذه الوظيفة في خلال السنين السبع الأولى من حكم «أمنحتب الأول» وعلى ذلك فإن نشاط «حورميني» في بلاد النوبة السفلى كان قبل ذلك، ولم يمتد حتى السنة السابعة من حكم «أمنحتب الأول». على أن ذكر «واوات» وحدها وإغفال ذكر «كوش» يتفق تمامًا مع العلاقات السياسية، لأنه إلى هذا العهد على ما يظهر لم يكن قد فتح في بلاد النوبة إلا إلى منطقة الشلال الثاني، وإذا كان ينبغي علينا أن نسلم بأن منصب «حورميني» في بلاد النوبة السفلى كان بمثابة نوع من النيابة فإنه لا ينتج من ذلك بلا شك أن رقعة نفوذه كانت تمتد كما يقول «ريزنر» (2) وكذلك «إدوارد مير» (3)  من أول الشلال الثاني حتى «نخن»، بل يظهر أنها كانت تمتد إلى أكثر من ذلك، إذ إن نفوذه حسب نص المتن كان يمتد إلى ما بعد بلاد النوبة وذلك لأنه وصف نشاطه في «نخن» ثم أعقب ذلك وصف نشاطه في بلاد النوبة السفلى على حدة.

وليس لدينا مصادر عن تحديد امتداد الرقعة التي كان يحكمها نائب كوش حتى عهد «توت عنخ آمون». فقبل حياة نائب كوش «حوي» كانت أقصى حدود المقاطعات المصرية الجنوبية متصلة بأراضي الحكومة النوبية.

ولدينا نقش مهشم في معبد «سمنة» لنائب الملك «نحي» الذي كان سلطانه يمتد إلى ما بعد «نخن» على ما يظهر، وإذا كانت الفجوات الناقصة التي ملأها الأستاذ «زيته» صحيحة في هذا النقش فإن ترجمته تكون كما يأتي (4): «ولفتة أخرى طيبة من الملك نحوي هي: أن هذا الملك الطيب قد نصب محبوبه ابن ملك ومشرفًا على البلاد الجنوبية حتى نهاية الجنوب لهذه الأرض مبتدئًا من «نخن» ليحضر إتاوتها كل سنة»، غير أن المتن مهشم جدًّا لدرجة أن التصحيح الذي عمله «زيته» لا يمكن الأخذ به بصفة مؤكدة، هذا على الرغم من صعوبة إيجاد حل آخر. ومع ذلك فإنه لدينا بعض اعتراضات على الرأي القائل بأن رقعة النفوذ الإداري كانت تمتد فعلًا من أول الأمر حتى «نخن»، إذ نجد في مقبرة «رخ مي رع» نقشًا (5) يبين لنا أن العمد والموظفين الآخرين في الوجه القبلي من أول «إلفنتين» وحصن «بيجة» كانوا يوردون للوزير إتاواتهم لأنهم كانوا تابعين للإقليم الذي يسيطر عليه، ولكن «رخ مي رع» لم يكن وزيرًا للملك «تحتمس الثالث» قبل العام الثامن والعشرين من حكمه؛ والظاهر أن الإتاوة الخاصة بنقوش «نحي» كانت خاصة بالعهد الذي كان فيه سلطانه ممتدًا على بلاد النوبة عندما كان نائب الملك، وذلك على أكثر تقدير في العام الثالث والعشرين من حكم هذا الفرعون، وعلى ذلك فإن هذين المتنين كما أصلحهما «زيته» لا يتفقان معًا. والواقع أن هذا البرهان لا يدل إلا على أول امتداد جاء متأخرًا لسلطان نائب الملك، فقد كان المقصود منه أن تمتد سلطة ابن الملك صاحب كوش حتى «نخن»، كما أكد ذلك الأستاذ «كيس» لأجل أن تكون مناجم الذهب تحت إدارة نائب الملك (6)، وتدل شواهد الأحوال على أن هذه المناجم في عهد «تحتمس الأول» لم تكن تحت إدارة نائب الملك بل كانت تحت سلطان «باحيري» الأمير كان مسيطِرًا على جزء من البلاد من أول الكاب حتى «إسنا» فكانت إدارته تمتد من «الكاب» حتى «إسنا» و«الجبلين» (7). وفضلًا عن ذلك كان يلقب هذا النائب المشرف على حقوق مصر العليا، ونجد في قبره منظرًا يتسلم فيه الذهب من رؤساء أهل الجبل وهو الذهب الذي كان يُسْتَخْرَجُ من الجهات الواقعة شرقي «إدفو». (8)

ولا نعلم إذا كان ابن الملك صاحب «نخبت» (9) له نفس السلطان الذي كان للعظيم «باحيري» لأن النقوش التي في متناولنا لا تسمح لنا بالفصل في هذا الموضوع.

وكان أول ظهر لقب المشرف على أرض الذهب لآمون قبل عهد «تحتمس الرابع»، وقد حمله في عهد خلفه «أمنحتب الثالث» نائب الملك وهذا ما يؤكد قيامه بإدارة مناجم الذهب، وهو ما يتفق مع الرأي القائل بأنه ضم إلى نفوذه المناجم التي كانت شَرْقِيَّ «إدفو». هذا ولا نجد قبل عهد «أمنحتب الثالث» — بصرف النظر عن نقوش المقابر في «طيبة» ونقوش جنازية أخرى لا تمت بأي نشاط إلى هذه الوظيفة — أي أثر لنائب ملك شَمَالِيِّ «أسوان». ونجد فيما بعد في «وادي مياه» (الرديسية) نقشًا لنائب الملك «مري موسى» في عهد «أمنحتب الثالث» وكذلك لوحة نائب الملك «إيوني» في عهد «سيتي الأول» و«رعمسيس الثاني»؛ وفضلًا عن ذلك وُجِدَ في «الكاب» قطعة من تمثال لنائبي الملك «حوي» و«سثاو» (10) كما وُجِدَ للأخير نقش في «الكاب» أيضًا (11)، وكذلك قطعة عليها نقش لنائب ملك اسمه ضاع، ولكن لا يمكن مما جاء في نقوشه (12)   (ابن الملك صاحب كوش) أن نضعه قبل «أمنحتب الثالث» لأن هذا اللقب لم يظهر قبل عهد هذا الفرعون.

وكل هذه المصادر تدل على أن منطقة نفوذ نائب الملك في عهد «أمنحتب الثالث» وكذلك في عهد الرعامسة كانت تمتد حتى «نخن»، غير أنه لا يمكن أن نعرف إلى أي زمن استمرت هذه الحالة على وجه التأكيد، ويتوقف ذلك قبل كل شيء على قراءة نقش النائب «نحي»، وإذا ألقينا ظهريًّا التصحيحات التي عملها الأستاذ «زيته» التي ذكرناها فيما سلف فإنه يكون من الْمُسَلَّمِ به أن دائرة نفوذ نائب الملك في الوقت الذي يقع بين حكم «تحتمس الثالث» و«توت عنخ آمون» ومن المحتمل منذ عهد «أمنحتب الثالث» كانت تمتد إلى ما بعد «نخن» وهذا ما يتفق تمام الاتفاق مع الكشوف الأخرى. ومن جهة ثانية نجد أن المناظر التي في مقبرتي «رخ مي رع» و«باحيري» صعبة التفسير، يضاف إلى ذلك ما حدث من أن سلطان نائب الملك لم يكن قبل عهد «أمنحتب الثالث» يمتد إلى ما بعد «نخن» حسب نقوش مدونة ومن المحتمل أن ذلك جاء عن طريق الصدفة.

ولقد كان نائب الملك بوصفه أعلى موظف هو المسئول قبل كل فرد عن توريد جزية إقليم النوبة، تلك الجزية التي كان يتوقف عليها عظمة الفرعون وسلطانه، إذ كانت تعد أكبر مصدر هام لمصر. ولا نزاع في أن هذه الإتاوة كانت تتطلب إدارة فنية حازمة من النائب، ومع ذلك فإننا لم نجد من بين كل النواب الذين عينهم الفراعنة في هذا المنصب الخطير من كان صاحب قدرة خاصة في الإدارة، فقد وجدنا كثيرًا منهم كان يشغل قبل أن يتولى هذا المنصب وظيفة مدير الإصطبل الملكي أو سائقًا أول لعربة الفرعون أو فارسًا مثل «مري موسى» الذي شغل وظيفة نائب الملك في عهد الفرعون «أمنحتب الثالث». ومثل النائب «بانحسي» فيما بعد وهو الذي على ما يظن كان يدير شئون جيشه. (13)  

وتدل شواهد الأحوال على أن نائب الملك كان يُنْتَخَبُ من دائرة المقربين لدى الفرعون، وذلك ليوثقوا العلاقة بين بلاد النوبة وبين بيت الملك، وكذلك ليكون الملك على ثقة من أن الموظفين النوبيين مخلصون. هذا ولم يكن لكل نائب ملك مجال حياة مرسوم، بل كان الملك يَنْتَخِبُ النائب على حسب قدرته ومعرفته للوظيفة التي كان ينتخب لشغلها. فمن الجائز كما يظهر أن كل موظف كبير يبرهن على أنه أقدر من غيره في جمع الضرائب كان ينتخب لشغل وظيفة نائب الملك العالية. وتدل ظواهر الأمور على أنه كان حرًّا في وظيفته وليس مسئولًا أمام أحد غير الملك، وإذ كانت جزية بلاد النوبة تورد إلى مصر نفسها أحيانًا بوساطة موظف آخر ويشرف عليها فإن ذلك كان لا يعني بأية حال من الأحوال أن نائب الملك كان تحت إدارة هذا الموظف أو أنه مسئول أمامه.

والواقع أن النائب كان مسئولًا أمام الفرعون عن إحضار الجزية شخصيًّا. وتدل النقوش على أن هذه الجزية كانت تقدم أمام الفرعون في أغلب الأحيان باحتفال كما يفهم ذلك من المناظر التي عُثِرَ عليها خاصة بذلك، فقد كانت الإتاوة تُكَدَّسُ أكوامًا أمام الفرعون الجالس على عرشه ويشاهد نائب الفرعون الذي أحضرها واقفًا على رأس الموظفين والأهالي الذين يحملون إتاوات أخرى (14)، وكانت الجزية بعد ذلك تُسَلَّمُ للموظفين المختصين في مصر بذلك مثل مدير الخزانة أو إلى موظف آخر من رجال القصر الملكي. ويلحظ بهذه المناسبة أن أمثال هؤلاء الموظفين كانوا بطبيعة الحال لا يَرْسُمُونَ في مقابرهم إلا الدور الذي يقومون به وهم في خدمة نائب الملك وحسب.

وكان يسيطر نائب الملك على طائفة كبيرة من الموظفين يستطيع بمعونتهم تأدية أعماله وواجباته وأهم واحد بين هؤلاء الموظفين هو قائد جيش الرماة لكوش، وهو الذي كان على رأس الجنود الذين في خدمة نائب الملك، هذا بالإضافة إلى وكيلين للنائب يقوم واحد منهما على إدارة بلاد «واوات» والآخر على إدارة بلاد كوش. وكان إقليم «واوات» وقتئذٍ يمتد من «أسوان» حتى الشلال الثاني والإقليم الثاني يمتد من الشلال الثاني حتى الشلال الرابع تقريبًا. على أن التزامات كل موظف من هؤلاء بالنسبة للآخرين وتحديد نفوذه تمامًا يصعب معرفتها، إذ لم تكن علاقة الموظفين بعضهم ببعض في بلاد النوبة كما نجدها في البلاد المصرية (15). ويمكن توضيح ذلك من منظر توريد جزية نوبية يوردها «حوي» نائب الفرعون «توت عنخ آمون»، فلم نجد مثلًا كاتب الذهب وحده بل وجد رئيس إصطبل، ولم يكن من المنتظر أن نجد الأخير في مثل هذا المنظر (16). وفضلًا عن ثلاثة الموظفين الكبار الذين ذكرناهم هنا يوجد عدد عظيم من صغار الموظفين. وتدل شواهد الأحوال على أن الإدارة كانت في تكوينها كالإدارة المصرية نفسها في تلك الفترة. وقد جمع الأستاذ «ريزنر» قائمة بأسماء هؤلاء الموظفين وأضاف عليها «جوتييه» بعض أسماء كما ورد كذلك بعض أسماء في كتاب «عنيبة» الجزء الثاني الذي وضعه الأستاذ «ستيندورف». وعلى الرغم من أن هذه القوائم ليست كاملة فإنها تقدم لنا صورة عن نظام هذا الحكم المركب (17) ويعتقد الأستاذ «ريزنر» أن طائفة الموظفين الذين كان في أيديهم إدارة بلاد كوش كانوا في تكوينهم كأولئك الذين كانوا يقومون بالإدارة في الحكومة المصرية نفسها. والواقع أن الإنسان لا يرى لأول وهلة أي اعتراض على هذا الرأي وقد ذكرنا من بين هؤلاء الموظفين الوكيليْن للنائب ورئيس الرماة لكوش أو بعبارة أخرى المشرف على رماة كوش. وقد وضع «ريزنر» قائمة بأسماء ثلاثة عشر شخصًا عُرِفُوا بأنهم كانوا يحملون هذا اللقب ولم نجد واحدًا منهم قد رُقِّيَ إلى مرتبة نائب كوش، والواقع أن حامل هذا اللقب كان قائدًا للقوات الحربية التي كانت تحت تصرف نائب الملك لأجل حفظ النظام في كوش، ويجب أن نشير هنا إلى أن كل المشرفين على الرماة لم يكونوا حتمًا في خدمة بلاد كوش بل كان نفس اللقب على ما يظهر يوجد في مصر (18). والألقاب الأخرى هي:

(1) الخادم (السامع للنداء): ابن الملك صاحب كوش: أي الذي يسمع ليجيب نداءات أي أوامر ابن الملك صاحب كوش. وهذا اللقب يتصل بالألقاب العدة التي تنعت بالسامعين (19)، وليس هناك ما يدعو لجعله موحدًا كما يقول «ريزنر» باللقب «خادم سيد الأرضين (الفرعون)»؛ ومن المحتمل أن لقب «الخادم (السامع للنداء)» كان يُستعمل للأحياء كما كان يُستعمل للروح بعد الموت (؟).

(2) سائق عربة ابن الملك: ورد هذا اللقب غير أن اسم حامله ليس معروفًا ولذلك فإنه من الصعب تحديد معنى عبارة «ابن الملك» هنا. هل هو صاحب كوش أو ابن الملك وحسب ولذلك فإن هذا اللقب قد وُضِعَ هنا بتحفظ شديد.

(3) المشرف على مُجَدِّفِي نائب الملك.

(4) كاتب نائب الملك (كاتم السر): وبمناسبة هذا اللقب يطيب لنا هنا أن نلحظ أنه بعد انقضاء عهد نواب الملك المصريين لكوش عندما نالت البلاد استقلالها التام تحت حكم الملوك الوطنيين في «نباتا» أوَّلًا ثم في «مروي» فيما بعدُ يظهر أنه كان قد حل محله لقب آخر وهو «رئيس الكتبة لملك كوش» (20) أو مجرد لقب الكاتب الملكي لكوش.

(5) كاتب حساب الذهب لنائب الملك: وقد كان مكلفًا بجمع وتسجيل كل كميات المعدن النفيس الذي كان ينبغي أن يُرْسَلَ إلى «طيبة» بصفة جزية على يد نائب الملك.

(6) كاتب جنود ابن الملك.

(7) كاتب مخزن غلال ابن الملك.

والواقع أن هذين اللقبين الأخيرين لم يُتْبَعَا بعبارة ابن الملك في النقوش الأصلية ولكن شواهد الأحوال تدل على أنهما كانا تابعين له.

(8) كاتب المراسلات لابن الملك «مري موسى»: وهذا اللقب كان يحمله شخصان معاصران وهما «أمنمأبت» (21) و«حوي» (وهو الذي بدوره أصبح فيما بعد نائب الملك)، وهو يعادل في الإدارة المصرية كاتب المراسلات للفرعون (22)، وكان يحمله مثلًا «سيتي» قبل أن يصير نائب الملك لكوش.

(9)  مندوب ابن الملك.

(10) المشرف على أعمال … للملك: هذا اللقب الذي يحمله شخص يُدْعَى «أمنمأبت» وُجِدَ غير كامل (23).

(11) المشرف على الحيوان: هذا اللقب قد ذُكِرَ في مقبرة «حوي» (24) وحامله شخص ينبغي أن تكون مهمته مشابهة لكاتب حساب الذهب السالف الذكر، وذلك لأنه كان موكلًا بجمع كمية الحيوان اللازمة سنويًّا من أهالي كوش للفرعون وأن يسهر على توريدها فعلًا في الوقت المحدد للموظفين المصريين.

(12) كاتب مائدة كوش: وهذا اللقب يقابل في كوش المستقلة كاتب الملك لمائدة سيد الأرضين (الفرعون) في مصر. وهذا الموظف على ما يظهر كان مكلفًا بتوريد الأشياء اللازمة لمائدة الإله أو الملك أو نائب الملك أو حاكم الإقطاع (25).

(13) المشرف على مدن كوش: ومن المحتمل أن الموظف الذي كان يحمل هذا اللقب كان بمثابة مدير البلديات الكبيرة في كوش وكان متصلًا بالإدارة المركزية.

(14) المشرف على كهنة كل الآلهة: هذا اللقب ليس له حتمًا علاقة ببلاد كوش إذا كان مصدرنا الوحيد هو لوحة «وادي السبوع»، ولكن يظهر أنه توجد لوحة أخرى يدل ما جاء فيها على أن هذا اللقب خاص بنائب كوش (26).

(15) كاتب القربان لكل الآلهة: وهذا اللقب كسابقه من الألقاب الدينية.

(16) كاتب المالية لرب الأرضين في «تاستي» (النوبة).

(17) الحاكم (الرئيسي).

(18) رئيس مركز.

(19) قائد الجبل: هذا اللقب يدل على وظيفة من طراز حربي. وحال هذا اللقب كان موكلًا به حراسة الأمن في الأقاليم الصحراوية، وكذلك أن عليه أن يحمي المدن والحقول التي في الوادي من الغارات التي كانت تقوم بها قبائل البدو المُغِيرَةُ الذين يجولون في الصحاري المجاورة. وقد كانت تقام مَحَاطٌّ صغيرة في هذه الصحاري لردع هذه القبائل. وكان القائد مكلفًا الإشراف على واحدة أو أكثر من هذه المحاط، ونحن نعلم أن «ثوري» الذي كان ثاني من تَقَلَّدَ منصب نائب الملك كان يحمل لقب «قائد المكان الحربي» «بهين» وهي بلدة «وادي حلفا» الحاليَّة تقريبًا.

ونلحظ أنه من بين هذه الألقاب التي جمعها «ريزنر» عن إدارة بلاد كوش بعض الألقاب على ما يظن لا تمت بسبب لهذه الإدارة وفي آنٍ واحد نجد أن بعض الألقاب التي لها علاقة مباشرة بحكومة كوش تُرِكَتْ ولم يذكرها «ريزنر» منها:

(1) التابع لمعام (عنيبة) وهو لقب غامض (ويحتمل أنه يعني الملحق ببلدة «معام»).

(2) المشرف على الخزانة المزدوجة لرب الأرضين في «معام» (27).

(3) وقد وُجِدَ في بلاد النوبة موظفون من طراز حربي يحملون لقب قواد؟ «تاستي» (النوبة).

(4) وُجِدَ في بردية رقم 8532 بمتحف «برلين» (28) خطاب لرئيس الرماة المسمى «شدس خنسو» لفرد يحمل لقب «فلاح كوش» أي جندي من عساكر كوش وهو مجند مرتزق كوشي. وهذا اللقب يعني على حسب رأي «سبيجلبرج» فلاحًا بسيطًا يقوم بفلاحة الأرض في مسقط رأسه في وقت السلم ولا يمكن أن يُقْبَلَ جنديًّا إلا في ظروف خاصة أي عند قيام حرب أو ثورة في البلاد.

وعلى أية حال فإن البردية من عصر متأخر عندما كانت وظيفة نائب كوش لا وجود لها.

والواقع أن حالة هؤلاء الموظفين كانت هي نفس حالة الموظفين المصريين العادية في عهد الرعامسة. وكانت الأحوال في السودان بسبب ذلك معقدة حتى أنه عندما كان الفرعون يريد أمرًا معلومًا أرسل له رجلًا مجهزًا بسلطات خاصة منعًا من الاحتكاك بولاة الأمور هناك، وكان على الفرعون أن يزود رسوله بخطاب من عنده لنائب الملك ليتعاون مع رسوله في قضاء ما جاء لأجله. ولدينا مثال على ذلك وهو ما حدث في عهد الملك «رعمسيس التاسع» عندما أرسل خطابًا لنائب الملك «بانحسي» ليتعاون مع رسوله في المأمورية التي كُلِّفَ بها. (29)

وكان معظم هؤلاء الموظفين الذين يعملون في بلاد النوبة من المصريين، ولكن كان بينهم نوبيون متمصِّرون، وذلك على الرغم من أنهم قد تَسَمَّوْا بأسماء مصرية، وكان لا يمكن التفرقة بينهم وبين المصريين الحقيقيين ولدينا أمير من «معام» (عنيبة) يُدْعَى «حقا-نفر» (30). ومع ذلك فإن موظفًا في «بهين» يُدْعَى «أمنمحات» يقول صراحة إنه ابن الأمير صاحب «تحخت رسو» (31) وأخوه هو كاتب الملك «تحوتحتب» في «سرة». وأرض «تحخت» قد ذُكِرَتْ في نقش، ومن المحتمل أنها تقع في هذه الجهة (32). وهذا الاسم وُجِدَ مرة أخرى في لوحة في «إلفتنين» (33).

وبجانب نظام الوظائف هذا كان يقوم الأمراء النوبيون الذين يوجدون في بقاع مختلفة بتمثيل دورهم(34)، فمثلًا نجد في عهد الملك «توت عنخ آمون» كيف أن أمير «معام» (عنيبة) والأمراء الآخرين من «واوات» يظهرون على رأس أتباعهم في البلاط الفرعون عند تقديم الجزية، وكذلك في مقبرة «أي-مي-سبا» الذي عاش في عهد الفرعون «رعمسيس التاسع» نجد صورة مماثلة مما يدل بلا نزاع على أن مقبرة «أي-مي-سبا» مُغْتَصَبَةٌ، وأن مناظر هذا القبر لا بد أن تُنْسَبَ إلى عصر قبل الذي نُسِبَتْ إليه (35). وكذلك نجد أن هؤلاء الأمراء يذكرون كثيرًا في النقوش في عهد «الرعامسة»، غير أن ذلك لا بد أن يُعَدَّ من باب التقليد (36)، وبخاصة في عهد «رعمسيس الثالث» (37). ولا نعرف عن الدور الذي كان يلعبه هؤلاء الأمراء النوبيون إلا القليل، وقد رأينا من قبل أن «تحتمس الأول» قسَّم بلاد النوبة خمسة أقسام ووضع على رأس كل قسم منها أميرًا نوبيًّا. ومن ثَمَّ نرى أن المصري كان يجري وراء الإبقاء على هذه العلاقة. فكان الأمير الذي يُظْهِرُ الولاء للفرعون يبقى على ما يظهر في وظيفته على شرط أن يقدم ما عليه من جزية، وكانوا بطبيعة الحال تحت سلطان ابن الملك صاحب كوش ونائبيه فيراقبونهم مراقبة حازمة. وقد كل أمير منهم يسعى للحصول على استقلاله السياسي يصيبه القهر والكبت، ويناله الضيم والعسف. ومع ذلك فإن هؤلاء الأمراء كان لا يزال في أيديهم بعض نفوذ سياسي معلوم، وهم الذين كانوا يعدون القوة المغيرة التي تقوم بالثورات في بلاد النوبة وكان لهم أحيانًا اتصال بقبائل النوبة الأحرار.

وقد جاء في قائمة جزية «سوريا» في تواريخ «تحتمس الثالث» (38) ما يأتي:

وقد أحضر أولاد الأمير وإخوته ليكونوا في الحصن في مصر، وعندما كان يموت أمير من هؤلاء كان جلالته يجعل ابنه يأخذ مكانه». وفي عهد «رعمسيس الثالث» قيل إن اللوبيين قد سيقوا إلى مصر ووُضِعُوا في حصون وبذلك سمعوا لغة الناس (أي المصريين) من أتباع الملك وكان هذا سببًا في أن تختفي لغتهم وعلى ذلك نسوا لسانهم (39). وعلى الرغم من أن المثال الأخير لا يعني أولاد الأمراء فإن المصدرين في جملتهما يبرهنان بوضوح على أن الغرض من نقل أولاد الأمراء هو أن يكونوا بمثابة رهينة في مصر وأن يُرَبَّوْا تربية مصرية ليكونوا تابعين للفرعون في بلادهم.

ونجد مثل هذا في بلاد النوبة إذ كثيرًا ما يذكر أن أولاد أمراء النوبيين قد سيقوا إلى مصر، مثال ذلك ما جاء في مقبرة «رخ-مي-رع» وغيرها (40) فنجد بالضبط هناك نوبيين قد وضعوا في الحصون (41) وكانوا كذلك ينشئون في البلاط كما يدل على ذلك لقب أمير من معام يُدْعَى «حقا-نفر» فقد نعت على نقش صخر في «توشكى» صانع أحذية الملك والغلام (أي المملوك) (42 وهو موحد بالأمير صاحب معام الذي يحمل نفس الاسم، وهو الذي ظهر في مقبرة «حوي» في منظر توريد الجزية بوصفه نوبيًّا.(43) وهؤلاء الغلمان (المماليك) كانوا يَنشَئون مع الأمراء، وكانوا يحملون هذا اللقب وهم كبار في السن، وحتى عندما يكون الواحد منهم متقلدًا أعلى وظيفة في الدولة فمثلًا كان يسمى «وسر ساتت» نائب الملك دائمًا باسم الغلام أو المملوك، والظاهر أنه كان نوبي المنبت ولكنه قد تولى عملًا من أعظم الأعمال في الدولة. وتدل تنشئة أولاد الأمراء في البلاط مع رؤسائهم في المستقبل على أن المصري لم يكن مسلكه في بلاد النوبة مسلك سياسة السلب والنهب بل كان يعيش معهم عيشة سلام ووئام. ولم يحاول المصري قط أن يُفْنِيَ النوبي ويقضي عليه، إذ لم نجد أبدًا أنه أبعد أسرة أمراء وطنيين، وقد كان ذلك من الأمور التي يسهل على المصري إتيانها.

....................................................

1-راجع: Urk. IV, 76 f; Sethe, Ubersetzung, p. 4

2-راجع: J.E.A., Vol. 6, p. 78.

3-راجع: Ed, Meyer, Alt. II, I, p. 8 (Anm. I).

4- راجع: Urk., IV, 988.

5-راجع: Urk., IV, 1120 ff.

6-راجع: Kulturgesh, p. 340.

7-راجع: A.Z., 64, 153 f.

8-راجع: Urk., Iv, 125 f.

9-راجع: مصر القديمة الجزء التاسع ص 152.

10-راجع: L.D., Texte, IV, P. 42.

11-راجع: L.D., Texte, IV, P. 38.

12-راجع: A.S. 37 p. 7; Chronique D’Egypte, 12, 138; Comp. Reisner, J.E.A., Vol. 6, p. 78

13-راجع: Save, p. 181 n. 4.

14-راجع: مصر القديمة الجزء الخامس ص 168.

15-راجع: Kees, Kulturgesch., 208 ff.

16-راجع: Davies, the Tomb of Huy, Pl. 16 f.

17-راجع: Reisner, Ibid, P. 86 f; Gauth, Rec. Trav., 39, 232 ff; Aniba II p. 248

18-راجع: Rec Trav., 40, p. 232.

19-Bull, Instit., T. XIII, p. 164-7.

20-راجع: في معبد «الدكة» Thesaurus, p. 1023 & 1030

21-راجع: L.D. Texte. V, p. 115.

22-راجع: A,S., X, p. 132.

23-راجع: L.D., Texte, V, p. 115.

24-راجع: Thesaurus, p. 1137, 1140

25-راجع: Rec. Trav., T. 39, p. 234.

26-راجع: Gauth., Ibid, p. 234.

27-راجع: L.D., III, 231a.

28-راجع: A.Z., III, p. 108-9.

29-راجع: Plyete-Rosse, Papryus de Turin Pl, 66 f.; Moller, Hierat. وكذلك راجع مصر القديمة الجزء الثامن ص 551. Lesestucke, III, b, Br., A.R., IV, § 595 ff,

30-راجع: Junker, Ermenne, p. 37.

31-راجع: Buhen, p. 110 Comp. 109, 112.

32-راجع: L.A.A.A., 8, Pl. XXIX, 4, & p. 100.

33-راجع: Dic. Geog. II, 28.

34- راجع: Junker Ermenne, p. 100.

35-راجع: Porter & Moss, I, p. 94.

36-راجع: في عهد «رعمسيس الثاني» مثلًا Wresz, Atlas, II, 180

37-راجع: L.D., III, p. 209 a.

38-راجع: Urk., IV, 690.

39-راجع: L.D.,,III, 218 c Comp. Grapow, Abb. Ak. Wiss, 1904 phil. hist Kl, Nr., 12, p. 49

40-راجع: Wresz., I, 335-7; Urk., IV, 1102; Ibid Iv, 708 etc.

41-راجع: Bauinschrift., Amenophis, III, p. 28 f; Rec. Trav., 20, 43; Petrie, Six Temples Pl. I; A.Z., 36, 84; 37, 39 f.

42-راجع: Weigall, Report, p. 126.

43-راجع: Davies, The Tomb of Huy, p. 213 Pl, 27, Wrcsz., Atlas, I, 100; Reisner, J.E.A., 6, p. 87 & Aniba, II, p. 250 f

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي