1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مقبلون على الزواج :

مستحبات ليلة الزفاف وأثرها على الجنين

المؤلف:  السيد علي عاشور العاملي

المصدر:  تربية الجنين في رحم أمه

الجزء والصفحة:  ص205ــ207

2024-12-10

131

هل حدد الإسلام كيفية النكاح والجماع؟

قال تعالى {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] أي أن يكون الجماع من حيث أمر الله، وقد تكون هذه الفقرة تأكيداً لما قبلها، أي أتوا نساءكم في حالة النقاء والطهر فقط لا في غير هذه الحالة، وقد يكون مفهومها أوسع بخصوص أن الجماع بعد الطهر يجب أن يكون في إطار أوامر الله أيضاً.

هذا الأمر الإلهي من الممكن أن يشمل الأمر التكويني والأمر التشريعي معاً، فالله سبحانه أودع في الرّجل والمرأة الغريزة الجنسيّة لبقاء نوع الإنسان، وهذه الغريزة تدفع الإنسان للحصول على اللذة الجنسيّة، لكن هذه اللذة مقدمة لبقاء النوع فقط، ومن هنا لا يجوز الحصول عليها بطرق منحرفة مثل الاستمناء واللواط وأمثالهما، لأنّ هذا الطريق نوع من الانحراف عن الأمر التكويني.

وكذلك يمكن أن يكون المراد هو الأمر التشريعي، يعني أن الزوجة بعد طهارتها من

العادة الشهرية ينبغي عليها مراعاة جهات الحلال والحرام في الحكم الشرعي.

وذهب البعض إلى أن مفهوم هذه الجملة هو حرمة المقاربة الجنسية مع الزوجة عن غير الطريق الطبيعي، ولكن مع الالتفات إلى أنّ الآيات السابقة لم تتحدث عن هذا الأمر يكون هذا التفسير غير مناسب للسياق(1).

الآية الثانية إشارة لطيفة إلى الغاية النهائية من العملية الجنسية فتقول: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223].

في هذه الآية الكريمة شبهت النساء بالمزرعة، وقد يثقل هذا التشبيه على البعض ويتساءل لماذا شبه الله نصف النوع البشري بهذا الشكل؟

ولو أمعنا النظر في قوله سبحانه لوجدنا فيه إشارة رائعة لبيان ضرورة وجود المرأة في المجتمع الإنساني. فالمرأة بموجب هذا التعبير ليست وسيلة لإطفاء الشهوة، بل وسيلة لحفظ حياة النوع البشري.

((الحرث)) مصدر يدلّ على عمل الزراعة، وقد يدلّ على مكان الزراعة ((المزرعة)) و ((أنّى)) من أسماء الشرط، وتكون غالباً زمانية. وقد تكون مكانية كما جاء في قوله سبحانه: {أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [آل عمران: 37].

يستفاد من الآية الكريمة - على افتراض زمانية أنّى - الرخصة في زمان الجماع، أي جوازه في كل ساعات الليل والنهار، وعلى افتراض مكانية أنّى يستفاد من الآية الرخصة في مكان الجماع ومحله وكيفيته.

{وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 223] هذا الأمر القرآني يشير إلى أن الهدف النهائي من الجماع ليس هو الاستمتاع باللذة الجنسية، فالمؤمنون يجب أن يستثمروه على طريق تربية أبناء صالحين، وأن يقدموا هذه الخدمة التربوية المقدسة ذخيرة لأخراهم. وبذلك يؤكد القرآن على رعاية الدقة في انتخاب الزوجة كي تكون ثمرة الزواج إنجاب أبناء صالحين وتقديم هذه الذخيرة الاجتماعية الإنسانية الكبرى.

وفي حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال:

((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلّا عن ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له))(2).

وجاء في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): ((ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجري بعد موته وسنة هدى سنّها فهي تعمل بها بعد موته وولد صالح يستغفر له))(3).

ووردت بهذا المضمون روايات عديدة أيضاً، وقد جاء في بعضها ستة موارد أولها الولد الصالح(4).

وعلى هذا الأساس يأتي الولد الصالح من حيث الأهمية إلى جانب الخدمات العلمية وتأليف الكتب المفيدة وتأسيس المراكز الخيرية كالمسجد والمستشفى والمكتبة وأمثال ذلك.

وفي الختام تأمر هذه الآية بالتقوى وتقول: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 223].

لما كانت المقاربة الجنسية تعتبر من المسائل المهمة ومن أشد الغرائز إلحاحاً على الإنسان، فإنّ الله تعالى يدعو في هذه الآية الإنسان إلى الدقة في أمر ممارسة هذه الغريزة والحذر من الانحراف، وتُنذر الجميع بأنّهم ملاقو ربهم وليس لهم طريق للنّجاة سوى الإيمان والتقوى(5).

__________________________

(1) تأتي كلمة ((حيث)) بعنوان اسم مكان واسم زمان، ولكن هنا تشير إلى زمن جواز المقاربة الجنسية أي زمن الطهر.

(2) مجمع البيان: ج 1 ص 321.

(3) بحار الأنوار: ج 1 ص 294 ح 4.

(4) المصدر نفسه ص 293 ح 1.

(5) اقتباس من تفسير الأمثل: 2 / 92. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي