1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية العلمية والفكرية والثقافية :

برنامج كورت للتفكير الإبداعي / معالجة الأفكار ـ اعتبار جميع العوامل

المؤلف:  الأستاذ الدكتور محمود العيداني

المصدر:  دروس منهجية في علم النفس التربوي

الجزء والصفحة:  ص 311 ــ 327

2024-12-09

179

أهداف الدرس

يتوقع من الطالب في نهاية هذا الدرس ما يأتي:

1- التعريف ببرنامج كورت للتفكير الإبداعي بمستوياته الستة بصورة إجمالية.

2- إدراك تميز برنامج كورت وتأثيره الفاعل على نمط التفكير.

3ـ التعريف بمهارة معالجة الأفكار والهدف منها.

4- التعريف بمهارة )اعتبار جميع العوامل( والهدف منها.

5ـ الاستفادة العملية من المهارتين المتقدّمتين في مجالات التفكير المختلفة.

مقدمة الدرس

قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190، 191].

 يُعرف الدكتور (إدوارد ديبونو) مؤلف برنامج (CORT) لتعلم التفكير عالمياً بأنه علّامة وخبير في التعليم المباشر للتفكير والتفكير الإبداعي.

وقد سمي برنامجه بهذا الاسم نسبة إلى (Cognitive Research Trust) الذي أسسه في إنجلترا.

ويعد البرنامج في الوقت الحاضر من أكثر البرامج استخداماً في العالم كطريقة لتعلم التفكير بشكل مباشر.

وقد كتب هذا العالم (82) كتاباً في التفكير وتعليمه، ترجمت إلى أكثر من (40) لغة، من ضمنها العربية والأوردو والكورية، ويستخدم الكورت أكثر من سبعة ملايين طالب من مستويات التعليم الابتدائي إلى التعليم الجامعي في أكثر من ثلاثين دولة (1).

تكلم البروفيسور (ديبونو) عن الإسلام، وعن نبيّنا محمد (صلى الله عليه وآله) في كتابه (think)، في معرض كلامه عن (القيادة والتفكير)، فقال ما نصه: (من المستحيل تقريباً على قائد ما أن يتكلم عن التفكير؛ إذ من المفروض أن تفكير ـ القائد ـ قريب من الكمال. علاوة على ذلك، الكلام عن التفكير يجعل القائد عرضة إلى الهجوم والانتقاد، شأنه في ذلك شأن أي سياسة أو حركة عندما تهاجم بحجة أنها تعكس فقراً في التفكير؛ لذلك، فإن القادة لا يتكلمون عن التفكير.

ولربما كان النبي محمد أكثر القادة الدينيين الذين تكلموا عن التفكير، فقد ورد عنه في الحديث: ـ تفكر ساعة خير من صلاة سبعين سنة ـ، ـ ومداد العلماء خير من دماء الشهداء ـ، ـ وفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ـ).

وقد أخبرت من قبل أحد الأشخاص العاملين في وزارة التعليم في العربية السعودية، أن هناك أكثر من (130) آية عن التفكير في القرآن الكريم.

عندما كان المسيح في القدس، لم يكن باستطاعته أن يتكلم عن التفكير؛ بسبب أن ذلك سيوحي لسامعيه أنه من طبقة الأكاديميين والمثقفين والمحامين، وهم الذين يعتبرون من السيئين عند هؤلاء، بينما كان محمد يستطيع أن يكلم محاربيه الذين لم يكن لهم أي خلفية

أكاديمية في الصحراء عن أهمية التفكير (2).

الكلمة السابقة على قصرها، تعكس إنصافاً كبيراً لدى الرجل لا يتصف به الكثيرون من المسلمين، فجزاه الله خيراً على كلمته تلك، ولا بد من الأخذ بنظر الاعتبار طبعاً مكانة الرجل في عالم التفكير والتعليم والابتكار والإبداع حين أطلق هذه الكلمات، وخاصة في واحد من أهم كتبه، وهو المعنون أساساً بعنوان (التفكير). فانتبه، واستفد، واحمد الله على أنك من المسلمين، ومن الموالين لمحمد وآل محمد (عليهم السلام)، وهم العقل والعلم والهدى والدعوة إلى التعقل والتفكير. فالحمد لله ألف مرة، بل مليون مرة، ولا تكفي المليون قطعاً.

وما نسعى له هنا هو التعريف بهذا البرنامج بمستوياته الستة المختلفة، وعرض كل واحد من تلك المستويات بالمهارات التي يقدمها ولو بصورة مختصرة، اعتماداً على كتب من تأليف المصنف نفسه معتمدين في الباقي على مراجعة الطالب وتحقيقاته ودراساته التي سيقوم بها (3).

المطلب الأول: إطلالة عامة على برنامج (كورت)

أولا: تعريف عام بالبرنامج

يقول (ديبونو) في كتابه (قبعات التفكير الست): (إن الصعوبة الأساسية التي تقف أمام التفكير هي الحيرة. إننا نلجأ إلى إنجاز الكثير من الأعمال في وقت واحد، وتتزاحم حولنا العواطف والمعلومات والمنطق والأمل والابتكار. فنحن أشبه بمن يقوم بالتلاعب وقذف كرات عديدة في الهواء في آن واحد (4).

1- CORT تمثل الحروف الأولى لجملة: (Cognitive Research

Trust) مؤسسة البحث المعرفي، أو: مؤسسة أبحاث الإدراك.

2ـ برنامج يعلم التفكير كمادة مستقلة، ويحوي أدوات ومهارات في التفكير يدرب عليها الطالب ليمارسها في حياته اليومية.

3ـ يتكون البرنامج من ستة مستويات في كل مستوى عشر أدوات ومهارات.

4- كل مستوى يحمل اسماً وهدفاً يجب تحقيقه خلال ذلك المستوى (5).

5ـ وأما مستويات البرنامج الستة، فهي:

المستوى الأول (كورت 1): توسعة مجال الإدراك

الهدف الأساس من هذا المستوى بمهاراته العشر، هو توسيع دائرة الفهم ومساحة الإدراك لدى التلاميذ، وهو جزء أساس، ويجب أن يدرس قبل أي من المستويات الأخر.

المستوى الثاني (كورت 2): التنظيم

يساعد هذا المستوى التلميذ على تنظيم أفكاره، فالمهارات الخمس الأولى من هذا المستوى تساعده على تحديد معالم المشكلة التي يواجهها، فيما الخمس الأخيرة تعلمه كيفية تطوير استراتيجيات لوضع الحلول واتخاذ المواقف الصحيحة.

المستوى الثالث (كورت 3): التفاعل

يهتم هذا المستوى بتطوير عملية المناقشة والتفاوض لدى التلاميذ وذلك حتى يتمكنوا من تقييم مداركهم والسيطرة عليها.

المستوى الرابع (كورت 4): الإبداع

غالباً ما نعد الإبداع موهبة خاصة يمتلكها البعض، وحرم منها آخرون، أما في (كورت 4)، فإن الإبداع يتم تناوله بوصفه جزءاً طبيعياً من عملية التفكير، وبالتالي، يمكن تعليمه للتلاميذ وتدريبهم عليه، والهدف الأساس من هذا المستوى، هو تدريب التلاميذ على الهروب الواعي من حصر الأفكار، وبالتالي، إنتاج الأفكار الجديدة.

المستوى الخامس (كورت 5): المعلومات والعواطف

في (كورت 5) يتعلم التلاميذ كيفية جمع وتقييم المعلومات بشكل فاعل، ويتعلمون كذلك كيفية التعرف على سبل تأثير مشاعرهم وقيمهم الخاصة وعواطفهم على عمليات بناء المعلومات، والتفاعل بينها.

المستوى السادس (كورت 6): العمل

تختص الوحدات الخمس الأولى من الكورت بجوانب خاصة من التفكير، أما (كورت 6)، فمختلف تماماً؛ إذ إنه يهتم بعملية التفكير في مجموعها، بدءاً باختيار الهدف، وانتهاء بتشكيل الخطة المناسبة لتنفيذ الحل.

ثانياً: عناصر التميز في فكرة البرنامج، ومدى حداثتها وريادتها

1ـ برنامج الكورت من أشهر برامج التفكير على مستوى العالم، وقد صمم خصيصاً للطلبة، ومؤلفه أحد الرواد في هذا المجال.

2ـ احتواء البرنامج على كل جوانب التفكير التي تهم الفرد في حياته اليومية.

3ـ تطبيقه في أنحاء العالم كافة، وثبوت نجاحه بصورة عملية مثبتة.

4- إعداد الطالب للحياة بأسلوب فريد لا يجده في باقي الحصص.

5ـ الخروج من روتين التعليم والاعتماد على الحفظ والتلقين إلى إعمال العقل في التفكير والتدرب عليه.

6- جعل الطالب محوراً للعملية التعليمية التعلمية، وأما المدرس، فهو موجه ومرشد للعمليات التفكيرية لا غير.

7ـ اختفاء الامتحانات، فالطالب يتعلم من أجل الفائدة والتطبيق، لا الاختبار.

8- تعتمد الحصة التدريبية على المجموعات والعمل التعاوني؛ إذ تغرس روح الجماعة والانتماء إلى فريق العمل.

 

9- عدم الاعتماد على قدرة الطالب على التحصيل العلمي، فقد يكون الطالب الأقل تحصيلاً أكثر تميزاً في التفكير، ما يساعد على تنمية التحصيل العلمي.

10- ربط الطالب بحياته اليومية، ما يشعره بأهمية موضوع البرنامج، وهو التفكير (6).

ثالثاً: أهداف برنامج الكورت

لبرنامج الكورت أهداف متعددة، منها:

1- التسليم بأن التفكير مهارة يمكن تنميتها عند جميع الأفراد (7).

2- تنمية مهارة التفكير العملي لدى الطلاب.

3ـ تشجيع الطلاب على النظر بصورة موضوعية تجاه تفكيرهم وتفكير الآخرين.

4- تقدير واحترام الذات، والثقة في القدرة على التفكير.

5ـ تركز جميع وحدات الكورت على الـ Operacy، وهي مهارة تفعيل الأشياء جعل الأشياء تحدث، أو مهارة (جعل الأشياء تحدث. وعملية التفكير المرافقة لها) (8)، وتسمح الأدوات للتلاميذ بتوجيه أهدافهم التفكيرية بشكل هادف؛ لينجم عنها تلاميذ فاعلون، ويدفع التلاميذ من خلال هذا البرنامج إلى عدم تقبل ما هو معتاد، والاتجاه نحو تحدي الذات في إبراز أفكار جديدة، ودور المعلم لا يكمن في كونه قاضياً، بل هو مدرب ومشرف يشجع التلاميذ على الدوام على إبراز قدراتهم الطبيعية وتوسيعها.

6- لا يقوم نجاح الطلاب في استخدام برنامج الكورت على المعرفة السابقة، أو القدرة على حفظ المعلومات، أو مهارات القراءة والكتابة ولكن بالتوجه إلى طلب مجموعة من المهارات (9).

المطلب الثاني: المستوى الأول (كورت 1): توسعة مجال الإدراك.  Breadth

كما ذكرنا سابقاً لكل مستوى من مستويات برنامج كورت الستة، عشر مهارات، ولنبدأ معاً في مهارات هذا المستوى.

إن من جملة الأسباب المهمة في كون التفكير نمطياً روتينياً، هو ضيق مجال الإدراك، بحيث لا ننظر إلى المواقف التي تواجهنا إلا من زاوية واحدة ضيقة، فكان لا بد - للخروج من النمطية والروتينية في التفكير - من الاهتمام بتوسعة مجال الإدراك.

يقول الدكتور ديبونو) في كتابه (Simplicity) (إن السبب في الارتفاع الكبير لاحتمالات الوقوع في الانحراف أو الخطأ، إنما ينشأ من أننا نصرف وقتاً طويلاً في عدم التعلم من أخطائنا) (10).

المهارة الأولى: معالجة الأفكار (موجب، سالب، مثير. PMI)

1- موجب (Plus): الأشياء الجيدة في فكرة ما. لماذا نحبها؟ (11).

2ـ سالب (Minus): الأشياء السيئة في فكرة ما. لماذا لا نحبها؟ (12).

3ـ مثير (interesting): الأشياء التي تجذب الانتباه في الفكرة ما الذي نجده جديراً بالاهتمام ويستحق التفكير والتأمل في الفكرة؟

أولا: التعريف بالمهارة

عندما تواجهنا فكرة ما، فإننا نقف تجاه تلك الفكرة لكي نقوم ببحث متأن عن النقاط الجيدة والسيئة والمثيرة فيها.

تتخذ هذه المهارة بوصفها أداة لمعالجة الأفكار، وبدلاً من كون الشخص محباً أو كارهاً للفكرة ليصدر قراراً أو يتخذ موقفاً إزاءها، يتم تدريب المتعلم ليتفاعل مع عملية التفكير بهذه الفكرة، وإيجاد النقاط الجيدة والنقاط السيئة والنقاط الملفتة للنظر فيها، بحيث يصل المتعلم إلى عبور ردة الفعل الانفعالية نحو فكرة ما إلى مهارة التفكير نحوها بالصورة التي يرى فكرته بزواياها المختلفة، ما يمكنه في الأخير من إصدار قراراته واتخاذ مواقفه بشكل أفضل.

ولا يقصد بمعالجة الأفكار كبح قرار ما أو التسليم به، وإنما يقصد بها اتخاذ القرار بعد النظر إلى جانبي المسألة، وليس قبل ذلك بأي حال من الأحوال (13).

يقوم الطالب في هذه المهارة بالنظر نحو الصفات الإيجابية ويسجلها، ثم يحول نظره باتجاه النقاط السلبية ويسجلها، وأخيراً، نحو الأمور المثيرة التي لا تندرج تحت الصفتين المتقدمتين، بدلاً من قيامه بردود أفعال ساذجة تجاه موقف ما. وهكذا، يتم عمل خريطة، ويقوم المفكر باختيار الطريق التي يرسمها بنفسه (14).

المفروض أن تستخدم هذه المهارة قبل جميع المهارات التي تشتمل عليها المستويات الستة؛ فإنها تهيئ الأجواء للإبداع والمسح، ولا بد من الاستفادة منها في أول الأمر لمدة ثلاث دقائق (15)، فإن غيرها من المهارات التي ستأتي في هذا المستوى وغيره ستتفاعل لتعطي نتيجة أخرى كما سيأتي بالتفصيل.

ثانياً: الهدف من المهارة

الهدف الأساس من وراء هذه المهارة، هو عدم التسرع في اتخاذ القرارات؛ وذلك بأن تأتي العواطف بعد عملية الاكتشاف والبحث فتكون تابعة لها، لا أن تأتى قبل تلك العملية، فتكون مانعة منها (16).

إنها من قبيل النظارات التي يلبسها قصيرو النظر لتحسن من رؤيتهم للأشياء، فهي تجعل الأشياء أكثر وضوحاً وأكثر دقة لنا، ما يعني أن موقفنا إزاء تلك الأشياء سيكون أقرب إلى الصواب (17).

إنها من قبيل لفت الانتباه وتوجيه الفهم والتفكير نحو نقاط خاصة فلا يبقى الذهن في طريقه الروتيني النمطي المعتاد، وهو الحركة بين الأفكار التي عرفها واعتاد عليها لا غير (18).

وإن هناك أهدافاً أخر من هذه المهارة، من قبيل الأهداف الآتية:

1ـ الوصول إلى تحليل أعمق وفهم أدق للفكرة.

2ـ تأجيل إصدار الأحكام حتى يتم اكتشاف كل أبعاد الموقف.

3ـ الوصول إلى أفكار جديدة، وهذا من أهداف (النقاط المثيرة)؛ إذ من فوائدها التعود على التفكير خارج إطار إصدار الأحكام، وكذا توليد الأفكار الأخر (19).

4ـ الموضوعية والابتعاد عن التحيز.

ثالثاً: تطبيقات عملية للمهارة

أولاً: يجب أن أدخل دورة في تعليم التفكير الإبداعي.

حاول أن تفكر لتجد النقاط الإيجابية والسلبية والمثيرة في الفكرة السابقة، ثم اكتبها على ورقة، لتعيد التفكير في قرارك السابق، هل سيتغير ذلك القرار؟ لماذا؟

ثانياً: يجب أن تدهن جميع السيارات باللون الأصفر الساطع حسب القانون.

ولو تأملنا الفكرة السابقة لأمكن - على سبيل المثال - الوصول إلى النقاط الآتية:

أ- النقاط السلبية في الفكرة السابقة:

1- لن نستطيع أن نميز بين السيارات بصورة أسرع.

2ـ هذه الفكرة تخالف ضرورة اختلاف الأذواق.

3ـ الفكرة السابقة انتهاك لحرية الإنسان.

ب- النقاط الإيجابية في الفكرة السابقة:

1- الفكرة السابقة ستؤدي إلى اشتراك الجميع في لون السيارات، فلا يتفاخر البعض على البعض الآخر من هذه الجهة.

2ـ إننا لن نحتاج إلى لون آخر نستورده أو نصنعه داخل البلد.

ج- النقاط المثيرة في الفكرة السابقة:

1ـ من المثير أن نعلم ما إذا كان الناس سيرحبون بالفكرة السابقة، أم أنهم سيعدون ذلك إجباراً وقهراً من قبل الحكومة، فنقع في مشاكل نحن في غنى عنها.

2- إن الفكرة السابقة مثيرة من ناحية أن الدولة ستكون دولة بلون واحد من ألوان السيارات، فمن المثير أن نتساءل عما سيفرزه ذلك من مواقف متنوعة.

والنقاط السابقة إنما هي من قبيل المثال ليس إلا، فإنه ليس من الضروري أن يكون لكل فكرة الأنواع الثلاثة السابقة من النقاط، فقد يكون لفكرة ما نوع واحد مثلاً أو نوعين لا أكثر.

ومن الواضح أننا بعد أن نذكر النقاط السابقة وبصورة موضوعية فنية دقيقة، فإننا سنكون أقدر على اتخاذ الموقف الصحيح من تلك الفكرة، في ما إذا أريد منا اتخاذ موقف منها، أو الحكم على من يعدها فكرة صحيحة أو فكرة خاطئة غير مفيدة.

المهارة الثانية اعتبار جميع العوامل     CAF Consider All Factors

عندما ترغب في اتخاذ قرار ما، أو حتى مجرد التفكير بشيء ما، فهناك دائماً عدة عوامل يجب أن تأخذها بالنظر، وإذا تركت بعض هذه العوامل أو أهملتها، فإن القرار الذي سوف تتخذه قد يبدو صحيحاً في حينه، إلا أنه سيظهر لك بعد ذلك أن قرارك كان خاطئاً، وذلك بعد مرور فترة من الوقت على اتخاذك القرار (20).

أولاً: التعريف بالمهارة

المقصود بمهارة (اعتبار جميع العوامل) هو: النظر إلى جميع ما له دخالة وتأثير في اتخاذ القرار، وأخذه بالنظر في اتخاذ المواقف (21).

وفي هذه المهارة، يحاول الطلبة إيجاد أكبر عدد من العوامل المهمة، وكذلك، فإنهم يحاولون تحديد العوامل التي أهملت، وذلك من خلال النظر إلى أفكار الآخرين. ويمكن تطبيق هذه المهارة على تفكير الفرد نفسه، وعلى تفكير الآخرين (22).

وأما الفرق بين هذه المهارة والمهارة السابقة، فهو أن المهارة السابقة عبارة عن رد فعل مباشر للموقف، في حين أن مهارة اعتبار جميع العوامل مهارة تستعمل لاستكشاف الوضع العام للموقف، وذلك قبل الإتيان بفكرة ما.

وقد تتداخل هاتان المهارتان أحياناً؛ فإن بعض العوامل التي يجب أخذها بالنظر قد يكون لها جانب موجب وجانب سيئ، ولكن الهدف الأساس من اعتبار جميع العوامل هو الحصول على أكبر قدر من العوامل المهمة، دون النظر إلى كونها عوامل إيجابية أم سلبية (23).

ثانياً: الهدف من المهارة

وأما بالنسبة إلى الهدف من هذه المهارة (الأداة) الثانية من مهارات هذا المستوى، فيمكن ذكر التالي في هذا المجال:

1- تدريب الطالب على عدم إهمال أية عوامل مؤثرة في اتخاذ الموقف من فكرة ما، مهما كانت قيمة تلك العوامل.

2- معرفة ودراسة الموقف من مختلف نواحيه، وأخذ العوامل كافة بالنظر للوصول إلى قرار فني سليم (24).

ثالثاً: تطبيقات عملية للمهارة

جوابا عن سؤال: ما العوامل ذات الارتباط التي تأخذها بالنظر عند القيام باختيار أصدقائك؟ يمكن أن تكون العبارات التالية أجوبة لذلك السؤال:

1- أن يكون غنياً.

2- أن يكون فقيراً.

3ـ أن يكون من الأقارب.

4- أن يكون مجداً في درسه.

لاحظ هذه الأجوبة، واتخذ الموقف من كل واحد منها، بعد أن تتأمل في النتائج التي سيؤدي إليها، تلك النتائج الفورية والقصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى.

وهكذا، يمكن أن نذكر عدة أجوبة على السؤال السابق، فتذكر النتائج التي سيؤدي لها ذلك الجواب، لنعبر عن طريق ذلك إلى موقف صحيح من كل صفة من تلك الصفات المذكورة في كل جواب من تلك الأجوبة.

وكما ترى، فإن هذه المهارة - شأنها شأن جميع المهارات التي يحتوي عليها هذا المستوى من برنامج الكورت - تساعدنا في الوصول إلى الموقف الصحيح من كل فكرة تصادفنا في حياتنا اليومية، والعلمية منها على الخصوص.

خلاصة الدرس

1- يتكون برنامج كورت من ستة مستويات، لكل مستوى عشر أدوات ومهارات. وهذه المستويات هي: توسعة مجال الإدراك التنظيم، التفاعل الإبداع المعلومات والعواطف، والعمل.

2- من جملة عناصر التميز في فكرة البرنامج، أنه قد صمم خصيصاً لتعليم الطلبة التفكير الإبداعي من قبل أحد الرواد في هذا المجال.

3ـ لبرنامج الكورت أهداف متعددة أهمها: التسليم بأن التفكير مهارة يمكن تنميتها عند جميع الأفراد.

4- المستوى الأول من مستويات برنامج كورت هو: مستوى توسعة مجال الإدراك، فإن من جملة الأسباب المهمة في كون التفكير نمطياً روتينياً، هو ضيق مجال الإدراك، بحيث لا ننظر إلى المواقف التي تواجهنا إلا من زاوية واحدة ضيقة.

5ـ مهارة معالجة الأفكار (موجب، سالب، مثير) تهتم بالبحث المتأني عن النقاط الجيدة والسيئة والمثيرة في الأفكار التي تواجهنا؛ بهدف عدم التسرع في اتخاذ القرارات، وذلك بأن تأتي العواطف بعد عملية الاكتشاف والبحث، فتكون تابعة لها.

6- تهتم مهارة (اعتبار جميع العوامل) بالنظر إلى جميع ما له دخالة في اتخاذ القرار.

اختبارات الدرس

1- أذكر المستويات الستة من مستويات برنامج كورت لتعلم التفكير الإبداعي.

2- تكلم عن أهداف برنامج كورت لتعلم التفكير الإبداعي.

3ـ ما المقصود بمهارة (معالجة الأفكار)؟ وما الهدف منها؟

4- ما تأثير عملية اعتبار جميع العوامل على نمط تفكيرنا؟ مثل لما تقول.

5ـ أذكر تطبيقاً من تطبيقات مهارة (اعتبار جميع العوامل).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ راجع: إدوارد ديبونو (think): ص 85.

2ـ راجع: المصدر السابق: ص 82. 

3ـ وسوف نعتمد بصورة أساسية في التعريف بالبرنامج ومستوياته على عدة كتب للدكتور إدوارد ديبونو مخترع البرنامج: الأول: كتاب (برنامج الكورت لتعليم التفكير) بأجزائه الستة. بترجمة وتعديل: ناديا هايل السرور وثائر غازي حسين، دار ديبونو للنشر والتوزيع، عمان 2007. والثاني: الكتاب نفسه باللغة الإنجليزية De Bonos Thinking، المطبوع في لندن من قبل مركز BbC Books سنة 1995 وأما الكتاب الثالث، فهو كتاب (التفكير الجانبي: كسر للقيود المنطقية) أو The Use Of Lateral Break the stranglehold، بترجمة الأستاذ نايف الخوص، والمنشور سنة 2005، وأما الكتاب الرابع، فهو كتاب (قبعات التفكير الست (أو (Six Thinking Hats). بترجمة الأستاذ خليل الجيوسي المنشور في أبو ظبي من قبل المجمع الثقافي والكتاب الرابع هو الكتاب Teach Yourself to Think او (علم نفسك التفكير) باللغة الإنجليزية والمنشور من قبل المصنف سنة 1982. والخامس هو كتاب (التفكير الجانبي) Lateral Thinking: Atextbook of Creativity Ward Loke والمنشور سنة 1977 من قبل (Penguin Books). والسادس: كتاب (البساطة) أو (Simplicity) المنشور من قبل الناشر المتقدم نفسه سنة 1998. والسابع هو كتاب (فكر)، (think)، المنشور في لندن من قبل مؤسسة vermilion.

4ـ راجع: إدوارد دي بونو، قبعات التفكير الست، ترجمة: خليل الجيوسي: ص 10.

5ـ راجع: إدوارد ديبونو، (think): ص 71 ـ 74.

6ـ راجع: إدوارد دي بونو، برنامج الكورت التعليم التفكير، ترجمة وتعديل: ناديا هايل السرور وثائر غازي حسين: ج 1، ص 4 ـ 5.

7ـ راجع: De Bono's thinking course: ص 138.

8ـ راجع: إدوارد دي بونو، قبعات التفكير الست، ترجمة خليل الجيوسي: ص 25.

9ـ راجع: المصدر السابق.

10ـ راجع إدوارد ديبونو، Simplicity: ص 17.

11ـ راجع: إدوارد دي بونو، قبعات التفكير الست، ترجمة خليل الجيوسي ص 155، وما بعدها. فقد تكلم المصنف هناك عن الأسباب المنطقية لقبول فكرة ما، تحت عنوان (قبعة التفكير الصفراء).

12ـ راجع: المصدر السابق: ص 117، وما بعدها، فقد تكلم المصنف هناك عن الأسباب المنطقية لرفض فكرة ما، تحت عنوان (قبعة التفكير السوداء).

13ـ راجع إدوارد دي بونو، برنامج الكورت لتعليم التفكير: ج 1، ص 8.

14ـ راجع: إدوارد دي بونو، قبعات التفكير الست، ترجمة: خليل الجيوسي: ص 22.

15ـ راجع: De Bono's thinking course : ص 19.

16ـ راجع: المصدر السابق: ص 21.

17ـ راجع: المصدر السابق.

18ـ راجع: إدوارد ديبونو (think): ص 72 ـ 73.

19ـ راجع: المصدر السابق: ص 22.

20ـ راجع: برنامج الكورت، ترجمة وتعديل: ناديا السرور وثائر غازي: ج 1، ص 13 ـ 17.

21ـ  راجع: إدوارد ديبونو (think): ص 72 ـ 73.

22ـ راجع: De Bono's thinking course: ص 68.

23ـ راجع: المصدر السابق، وسميرة أحمد الجلال، برنامج الكورت لتعليم التفكير: ص 36.

24ـ راجع: إدوارد دي بونو، برنامج الكورت لتعليم التفكير: ج 1، ص 14. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي