1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الفضائل

الاخلاص والتوكل

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الإيثار و الجود و السخاء و الكرم والضيافة

الايمان واليقين والحب الالهي

التفكر والعلم والعمل

التوبة والمحاسبة ومجاهدة النفس

الحب والالفة والتاخي والمداراة

الحلم والرفق والعفو

الخوف والرجاء والحياء وحسن الظن

الزهد والتواضع و الرضا والقناعة وقصر الامل

الشجاعة و الغيرة

الشكر والصبر والفقر

الصدق

العفة والورع و التقوى

الكتمان وكظم الغيظ وحفظ اللسان

بر الوالدين وصلة الرحم

حسن الخلق و الكمال

السلام

العدل و المساواة

اداء الامانة

قضاء الحاجة

فضائل عامة

آداب

اداب النية وآثارها

آداب الصلاة

آداب الصوم و الزكاة و الصدقة

آداب الحج و العمرة و الزيارة

آداب العلم والعبادة

آداب الطعام والشراب

آداب الدعاء

اداب عامة

حقوق

الرذائل وعلاجاتها

الجهل و الذنوب والغفلة

الحسد والطمع والشره

البخل والحرص والخوف وطول الامل

الغيبة و النميمة والبهتان والسباب

الغضب و الحقد والعصبية والقسوة

العجب والتكبر والغرور

الكذب و الرياء واللسان

حب الدنيا والرئاسة والمال

العقوق وقطيعة الرحم ومعاداة المؤمنين

سوء الخلق والظن

الظلم والبغي و الغدر

السخرية والمزاح والشماتة

رذائل عامة

علاج الرذائل

علاج البخل والحرص والغيبة والكذب

علاج التكبر والرياء وسوء الخلق

علاج العجب

علاج الغضب والحسد والشره

علاجات رذائل عامة

أخلاقيات عامة

أدعية وأذكار

صلوات و زيارات

قصص أخلاقية

قصص من حياة النبي (صلى الله عليه واله)

قصص من حياة الائمة المعصومين(عليهم السلام) واصحابهم

قصص من حياة امير المؤمنين(عليه السلام)

قصص من حياة الصحابة والتابعين

قصص من حياة العلماء

قصص اخلاقية عامة

إضاءات أخلاقية

الأخلاق والأدعية والزيارات : الرذائل وعلاجاتها : علاج الرذائل : علاج التكبر والرياء وسوء الخلق :

علاج التكبّر

المؤلف:  الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  الأخلاق في القرآن

الجزء والصفحة:  ج2/ ص34-38

2024-12-04

192

لقد بحث علماء الأخلاق علاج التكبّر في دراسات مفصلة تدور أغلبها حول محور العلاج بطريقين : العلم والعمل.

أمّا الطريق (العلمي) فيمكن تصويره بأن يتفكر الأشخاص المتكبّرين في أنفسهم أنّهم مَن هم وأين كانوا وإلى أين يذهبون وما هو مصيرهم في النهاية؟

ويتفكّرون كذلك في عظمة الله ويشاهدون أنفسهم أمام قدرة الله المطلقة ورحمته الواسعة.

إن التاريخ مليء بالعِبر والحوادث المثيرة عن مصير الفراعنة والنمروديين والجبابرة من الأكاسرة والقياصرة وأمثالهم بحيث لو أنّ الإنسان قرأ قليلاً من هذه الحوادث والوقائع التاريخية لعلم أنّ الانتصارات والملذات الدنيوية لا تعدّ شيئاً يمكن الاعتماد عليه على مستوى بيان عظمة الإنسان. عند ما يكون الإنسان في أوّله نطفة مهينة وفي آخره جيفة نتنة ويعيش بين هذين عدّة أيّام فلا يعدّ ذلك شيئاً يستحق الفخر والتكبّر والغرور.

إنّ الإنسان في بداية تولده ليس سوى طفل ضعيف جدّاً وعاجز عن كلّ شيء وحتّى انه لا يتمكن من حفظ الماء الملقّى في فمه بشفاهه ، وكذلك عند ما يبلغ سن الشيخوخة يكون ضعيفاً إلى درجة أنّه إذا أراد المسير عدّة خطوات وكان يتمتع بأقدام سالمة فإنه لا يتمكن من ذلك إلّا بأن يستريح كُلما قَطّعَ كلّ عدّة خطوات ويجدد طاقته ثمّ ينهض ليكمل مسيره متوكأً على عصاه وقد احنى الدهر قامته ، ولو لم يكن ذا أقدام سليمة فإمّا أن يكون قد ابتلي ببعض عوارض الشيخوخة الّتي يبتلي بها أكثر الأشخاص فيجب أن يُنقل من جهة إلى اخرى بواسطة الكرسي المتحرك.

ونقرأ في حديث عن الإمام الباقر أنّه قال «عَجَباً لِلْمُخْتَالِ الْفَخُورِ وَانَّمَا خُلِقَ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ يَعُودُ جِيفَةً وَهُوَ فِيَما بَيْنَ ذَلِكَ لَا يَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِهِ» ([1]).

إذا ذهبنا يوماً إلى المستشفيات ورأينا الكثير من الأقوياء والأصحّاء يرقدون على أسرّة المستشفى بسبب حادثة اصطدام أو مرض معيّن حيث لا قدرة لهم على الحراك ، فندرك حينذاك مقدار قوّة الإنسان وقدرته البدنية الّتي يفخر بها.

ولو نظرنا إلى الأثرياء المعروفين الّذين قد استولى عليهم حالة الإنهيار الاقتصادي والإفلاس المادي بتغير بسيط فتحوّل حالهم من أعلى المقامات إلى أسفل السافلين وحينئذٍ نعلم أنّ الثروة الطائلة ليست شيئاً يعتمد عليه الإنسان ويفتخر به.

ولو نظرنا إلى أصحاب القدرة والسلطة في العالم وكيف أنّهم مع حدوث التغير في الوضع السياسي يسقطون من كراسيهم وعروشهم ويفقدون قدرتهم أو يقبعون خلف قضبان السجن أو يحكم عليهم بالأعدام لرأينا القدرة الظاهرية ليست قابلة للاعتماد والفخر.

إذاً فبأي شيء يفخر الإنسان؟ وكيف يستولي عليه الغرور ويباهي الآخرين ويفتخر عليهم.

لقد ورد في الحديث الشريف عن الإمام زين العابدين (عليه‌ السلام) انه عند ما وقع نزاع بين سلمان الفارسي وبين شخص مغرور ومتكبّر ، فقال ذلك الشخص لسلمان : مَنْ أنت؟ فقال له سلمان : أما اولاي واولاك فنطفة قذرة ، وأما اخراي واخراك فجيفة منتنة ، فإذا كان يوم القيامة ، ووضعت الموازين ، فمن ثقل ميزانه فهو كريم ، ومن خف ميزانه فهو اللئيم» ([2]).

والخلاصة أنّ الإنسان كلّما تفكر وتأمل في هذه الامور أكثر هبط من مركب الغرور والكبر ووجد نفسه من موقع الحقيقة الشاخصة وبعيداً عن الأوهام النفسانية والحالات الشيطانية.

وأما علاج التكبّر على المستوى (العملي) فهو أن يسعى الإنسان في دراسة سلوكيات المتواضعين ويتحرّك مثلهم في تعامله الاجتماعي حتّى تترسخ هذه الفضيلة في أعماق وجوده وتتجذر في واقعه النفساني فيكون متواضعاً أمام الله والناس فيسجد على التراب قائلاً : «لَا الَهَ إلَّا اللهُ حَقّاً حَقّاً سَجَدْتُ لَكَ تَعَبُّداً وَرِقّاً لَا مُسْتَنْكِفاً وَلَا مُسْتَكْبِراً».

وأمثال هذه العبارات.

وكذلك يلبس الملابس البسيطة ويأكل الأطعمة غير الممنوعة ويجلس مع عماله أو خدامه على مائدة واحدة ويتقدّم بالسلام على الآخرين ولا يجلس صدر المجلس ولا يتقدم على الغير في مشيه.

أن يتعامل في علاقاته مع الصغير والكبير من موقع العاطفة الجياشة والمحبّة الصميمية ويجتنب مجالسة المتكبّرين والمغرورين ولا يرى لنفسه أي امتياز على الآخرين ، والخلاصة أن يتحرّك في سلوكه بعلامات التواضع أو يسعى للتظاهر بمظاهر التواضع في البداية في عمله وكلامه وحالاته الاخرى حتّى تصير لديه عادة ثمّ ملكة التواضع.

وجاء في حالات نبي الإسلام أنّه كان يجلس على الأرض ويأكل الطعام ويقول : «إنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكُلُ كَمَا يَأْكُلُ الْعَبْدُ» ([3]).

وقد سمعنا الحديث المعروف عن الإمام علي أنّه كان لديه يوماً قميصان اشترى أحدهما بأربعة دراهم والآخر بثلاث دراهم ثمّ قال لغلامه قنبر : اختر أحدهما ، فاختار قنبر القميص الّذي قيمته أربعة دراهم وأختار الإمام ما كان بثلاث دراهم ([4]).

وجاء في خطبة 160 من نهج البلاغة أنّ الإمام كان يتحدّث عن نبي الإسلام ويقول :

«وَلَقَدْ كَانَ يَأْكُلُ عَلَى الْارْضِ وَيَجْلِسُ جَلْسَةَ الْعَبْدِ وَيَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ ، وَيَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ وَيَرْكَبُ الْحِمارَ الْعَارِيَ وَيُرْدِفُ خَلْفَهُ».

وطبعاً هذه الامور وبسبب تغير الظروف الزمانية والمكانية لا تُعتبر معمولاً بها في هذا العصر ولا يوصى باتباعها وسلوكها ، ولكن الهدف هو أننا بمطالعة حالات هؤلاء العظام والتوجّه إلى مقامهم السامي نتعلم التواضع من سلوكياتهم ونُبعد بذلك الكبر والغرور عن ذواتنا وأفعالنا.

هذا كلّه من جهة ، ومن جهة اخرى :

بما أنّ التكبّر له أسباب وعلل مختلفة تمت الإشارة سابقاً إلى سبع علل منها ذكرها علماء الأخلاق ، فلأجل إزالة كلّ واحدة من هذه العلل والأسباب هناك طرق وخطوات عملية وعلمية للتغلب عليها ومعالجتها منها :

الأشخاص الّذين يجدون في أنفسهم افتخاراً على الناس بسبب نسبهم وعراقتهم الاسرية يجب أن يتأمّلوا في هذه الحقيقة وهي أوّلاً : إن افتخارهم بكمالات الآخرين من الآباء والأجداد هو عين الجهل ، فلو أنّ الأب كان إنساناً فاضلاً ولكن الابن يفتقد إلى أدنى فضل وكمال فلا ينتقل كمال الأب وفضله إلى الابن ولا يوجد في الابن قيمة مشهودة، وثانياً : إذا تأمل جيداً وجد أنّ أباه نطفة وجدّه الأعلى تراباً وهذه الامور ليست ذات قيمة يفتخر بها الإنسان ويرى لنفسه امتيازاً على الآخرين.

وقد ورد في الحديث الشريف أنّ لقمان الحكيم قال لابنه «يَا بُنَيَّ وَيْلٌ لِمَنْ تَجَبَّرَ وَتَكَبَّرَ ، كَيْفَ يَتَعَظَّمُ مَنْ خُلِقَ مِنْ طِينٍ ، وَالَى طِينٍ يَعُودُ؟ لَا يَدْري الَى مَاذَا يَصِيرُ؟ الَى الْجَنَّةِ فَقَدْ فَازَ أوْ الَى النَّارِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً».

وأمّا الأشخاص الّذين يتملكهم الغرور والتكبّر بسبب جمالهم الظاهري فيجب أن يتأملوا جيّداً أنّهم وبسبب مرض بسيط يصيب الجلد والوجه سيتحول جمالهم الباهر إلى وجه مشوّه وقبيح وحتّى لو لم يصبهم ذلك المرض فإنّهم بعد أعوام قليلة سيصلون إلى مرحلة الشيخوخة حيث يتراكم غبار السنين على وجوههم ويغيّر من ملامحه الجميلة ويحني قامتهم المستقيمة ويدبُ في مفاصلهم العجز والضعف فإذا كان ذلك الشيء المورث للفخر زائلاً بهذه السرعة ، فكيف يكون سبباً للغرور والتفوق والتكبّر على الآخرين؟

وإذا كان سبب التكبّر هو قوته البدنية وقدرته الجسمانية فيجب أن لا ينسى انه قد يصاب أحياناً بعارضة قلبية صغيرة أو سكتة دماغية تكون نتيجتها أن يصاب قسم من بدنه بالشلل والعجز عن الحركة تماماً بحيث لا يتمكن من دفع حتّى ويتوقف الذباب عن نفسه ولو أصابه شوكة أو وخزته ابرة لا يتمكن من إخراجها أو التخلص منها لوحده.

وأمّا لو كان سبب التكبّر هو الثروة وكثرة المال والأعوان والأنصار فيجب أن يعلم أوّلاً: أنّ هذه الامور خارجة عن وجود الإنسان ولا تمثل شيئاً من ذاته وحينئذٍ لا تكون من عناصر الفخر والمباهاة ، فكيف يفتخر الإنسان بشخصيته وعزّته الذاتية بامور من قبيل السيارة أو البيت أو الحصان وأمثال ذلك؟ وكيف يتصور شرفه وكرامته في مثل هذه الامور المادية والأجنبية عن ذاته؟ هذه الامور يمكنها أن يمتلكها اللئيم من الناس واوضعهم نسباً وشرفاً ، الامور الّتي يستطيع اللصوص بكلّ سهولة سرقتها منه فما أهون الشرف الّذي يستطيع اللصوص سرقته فيفتقده صاحبه بين عشية وضحاها.

ومضافاً إلى ذلك فنحن نعلم أنّ الأموال والثروات الدنيوية تنتقل من يد إلى يد دائماً فالثروات الطائلة لدى الأغنياء قد تكون يوماً من نصيب الفقراء ويسكن أصحاب القصور يوماً في الأكواخ.

فمثل هذا الشيء بمثل هذا القدر من التزلزل والاهتزاز كيف يمكنه أن يكون عنصر الافتخار للإنسان وسبباً لغفلته عن مصيره وكمالاته المعنوية في حركة الإنسان والحياة؟

وإذا كان سبب الكبر والغرور هو العلم الكثير ومع الأسف يُعتبر هذا من أقبح الآفات النفسانية الّتي تصيب الإنسان وبهذه النسبة يكون علاجه أصعب وأعقد من العلل الاخرى وخاصة مع ورود الكثير من الآيات والروايات في فضل العلم والتعلم حيث يمكن أن يصاب الإنسان بالغرور والكبر بعد قرائتها ومطالعتها ، فيجب أن يتفكر أصحاب العلم والمعرفة أنّ القرآن الكريم وفي الآية (5) من سورة الجمعة قد شبّه العلماء الّذين لا يتحركون على مستوى تطبيق علمهم في ممارساتهم وسلوكياتهم ، شبّههم بالحمار الّذي يحمل الكتب والأسفار على ظهره (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً).

وأيضاً يتفكر في أنّ الشخص العالم ستكون مسؤوليته ثقيلة بنفس نسبة علمه إلى الآخرين ويمكن أن يغفر الله تعالى للجاهل سبعين ذنباً قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد كما ورد في الروايات الشريفة.

ولا ينبغي أن ننسى أنّ حسابهم يوم القيامة أصعب وأشد من حساب الآخرين ، فكيف والحال هذه يكون العلم هذا سبباً للمباهاة والافتخار على الغير؟

وأخيراً إذا كان سبب التكبّر هو العبادة وطاعة الله تعالى فيجب على هذا الإنسان أن يتفكر في أنّ الله لا يقبل من العبادة ما كان خليطاً بالعجب والكبر ويعلم أنّ الجاهل النادم أقرب إلى النجاة من العابد المغرور.

هذا ولا سيّما إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ قبول العبادة مشروط بأن يرى الإنسان في نفسه الحقارة والدونية مقابل عظمة الله وقدرته وفضله على العباد ولو انه جاء بجميع عبادات الجن والأنس لوجد أنّ عليه أن يعيش الخوف والخشية من الله تعالى ولا يغفل عن ذلك طرفة عين.


[1] بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 229.

[2] بحار الأنوار ، ج 70 ص 231 ، ح 24.

[3] المحجّة البيضاء ، ج 6 ص 256.

[4] بحار الأنوار ، ج 76 ص 310.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي