x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مغالطة الارتباط
المؤلف: البروفيسور روي تايلور
المصدر: حياة بلا داء السكّري
الجزء والصفحة: ص 169 ــ 173
2024-10-22
83
منذ سبعينيات إلى تسعينيات القرن الماضي، أظهرت عدة دراسات كبيرة أن النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث يمكنهن أن يقللن من خطر إصابتهن بمرض القلب بنسبة تتراوح بين 35 إلى 50 % بالخضوع للعلاج بالهرمونات البديلة (HRT). العلاج بالهرمونات البديلة فعّال بشكل واضح في تخفيف أعراض انقطاع الطمث، ولكن قرار التوصية به كان مذبذبا بشدة لجهة فائدته المحتملة للقلب، خصوصا في النساء المصابات بالسكّري. في التسعينيات، كانت عوامل العلاج بالهرمونات البديلة هي الفئة الدوائية الأكثر وصفا من قبل الأطباء في الولايات المتحدة.
ولكن كل هذا استند إلى دراسات مستعرضة شملت مجموعات من النساء الخاضعات للعلاج بالهرمونات البديلة ومقارنة النتائج مع تلك للنساء غير الخاضعات للعلاج.
الطريقة الوحيدة للتأكد من أن علاجا ما سيعطي النتائج المتوخاة هي إجراء دراسة تدخّلية. في العام 1998، ذكرت التقارير أول تجربة عشوائية لتأثير العلاج بالهرمونات البديلة في الوقاية من مرض القلب. لم تكن هناك فائدة؛ وعلى نحو منذر بالخطر، كان هناك اقتراح طفيف بارتفاع خطر الإصابة بمرض القلب في النساء الخاضعات للعلاج بالهرمونات البديلة، وقد تم التصديق على هذه النتائج. إذا، ما الذي جعل الدراسات الكبيرة الأصلية مضللة على نطاق واسع كهذا؟ هناك عدة أسباب محتملة. أحدها أن، النساء اللواتي التمسن العلاج بالهرمونات البديلة كن غالبا أكثر صحة وثراء، وتصرفن بطرق أخرى قللت من خطر إصابتهن بمرض القلب. ولكن النقطة الهامّة هي أن الدراسات الكبيرة التي تعد الوقوعات في مجموعات مختلفة تضلل بارتباطات غير معروفة قد تقود إلى استنتاج خاطئ.
أحد الأمثلة الكلاسيكية الأخرى هو الفكرة القائلة بأن الحمية الغنية بالألياف لها تأثير هام في الوقاية من سرطان الأمعاء. ظهرت هذه الفكرة أيضا في سبعينيّات القرن الماضي، بعد ملاحظة المأخوذ الغني بألألياف بشكل ملحوظ في الشعب الأفريقي الذي يعيش أسلوب حياة تقليدياً والمعدلات المنخفضة جدا لإصابتهم بسرطان الأمعاء. هذا الاعتقاد بوجود صلة سببية رئيسية بين الحميات القليلة الألياف والخطر المتزايد للإصابة بسرطان الأمعاء استمر لفترة طويلة نوعا ما ولا يزال يبرز فجأة من حين لآخر. ومع ذلك، فإن، انخفاض وقوعات سرطان الأمعاء في تلك المشاهدات المبكرة في أفريقيا كانت إلى حد كبير نتيجة قلة عدد الناس الذين يبقون على قيد الحياة حتى سن متقدمة حين يرتفع حدوث سرطان الأمعاء بشكل حاد من المؤكد أن تناول أطعمة غنية بالألياف مثل الخضروات هو أمر جيد للمحافظة على سلامة الأمعاء، ولكن لا بد من فصل هذا عن الخرافات المرتبطة.
عندما تقرأ صحيفة أو تشاهد التلفاز - إنها وسائل الإعلام بالفعل التي من شأنها أن تبث قصص السبب والنتيجة الخاطئة هذه، وليس العلماء الذين يجمعون البيانات - انتبه لمغالطة الارتباط. كيف يمكن اكتشاف هكذا مغالطة؟ هناك عدة دلائل. أولا، إحذر الدراسات الكبيرة جدا. إذا اشتملت الدراسة على مئات أو آلاف الناس فقد تكون واحدة من تلك الدراسات التي، تحصي الرؤوس؛ فحسب. يمكن لهذه الدراسات أن تكون هامة جدا في تعيين أنماط المرض، ولكنها ببساطة غير قادرة على إثبات أن، مرضاً ما ناشئ عن عامل ما. يمكن الإتيان بإثبات معقول فقط من خلال اختبار فكرة. إذا أردت أن تكتشف ما إذا كان تناول نوع معين من الطعام يزيد من احتمال الإصابة بمرض ما، لا بد من إحداث تغيير في مجموعة من الناس وقياس تأثير هذا التغيير. بتعبير آخر، ثمة حاجة إلى دراسة تدخّلية. من أجل منع تشويش النتائج بالارتباطات العرضية، من الضروري تقسيم المتطوعين الراغبين إلى مجموعتين عشوائيا، بحيث تكون المجموعتان متشابهتين قدر الإمكان في جميع الأوجه قبل أن تتم معالجتهما على نحو مختلف. ثم تعطى إحدى المجموعتين الطعام المراد اختبار تأثيره، ويطلب من المجموعة الأخرى، المسماة مجموعة، الضبط، عدم تناوله. ومن ثم تقاس معدلات الإصابة بالمرض في كلتا المجموعتين. هذه الدراسات البحثية الحقيقية صعبة الإجراء، وتتطلب الكثير من المال، وتستغرق وقتا طويلا. ولكنها الوحيدة التي يمكنها أن تعطي إجابة واضحة للسؤال المطروح.
يزود عمل زميلي البروفيسور مايكل رودن، مدير المركز الألماني لأبحاث السكّري في دوسلدورف، بمثال كامل لهذا. نظم رودن دراسة سكّانية كبيرة وجدت أن الناس الذين أكلوا الكثير من اللحم الأحمر كانوا أكثر مقاومة للإنسولين من أولئك الذين لم يفعلوا. أظهرت الدراسة نفسها أن شرب الكثير من الكافيين وعدم تناول ما يكفي من الطعام المحتوي على الألياف ارتبط أيضا بمقاومة الأنسولين. دائما تقريبا، تتوقف الدراسات الوبائية هنا، وتنشأ الاعتقادات. يظهر الخبر في العناوين الرئيسية وينشر على صفحات أسلوب الحياة في الصحف والمجلات. إذاً، هل مقاومة الإنسولين تزداد فعلا إذا أكل الناس الكثير من اللحم الأحمر، وشربوا الكثير من القهوة، وتناولوا أطعمة قليلة الألياف؟
مايكل عالم متكامل، ولهذا فقد تابع لإجراء الدراسة القاطعة. اشتملت هذه على تقسيم المتطوعين الجدد إلى مجموعتين عشوائياً، لضمان أنهما متماثلتان. طلب من إحدى المجموعتين أن يأكلوا الكثير من اللحم الأحمر، ويشربوا الكثير من القهوة، ويتجنبوا الأطعمة المحتوية على ألياف. أعطيت تعليمات للمجموعة الأخرى بفعل العكس. على نحو هام، كانت اختبارات البول تجرى للجميع للتأكد من اتباع الجميع لإرشادات البحث. أجريت الدراسة بدقة تامة. والجواب؟ تناول الكثير من اللحم الأحمر، وشرب الكثير من الكافيين، وتجنب الألياف ليس له تأثير على الإطلاق في التسبب بمقاومة الانسولين. لولا العمل العلمي الدقيق المستمر على مدى فترة طويلة، لبقيت الخرافات المحيطة باللحم الأحمر، والكافيين، والألياف قائمة.
ثمة ملاحظة هامة أخرى في هذه الدراسة كان من الممكن أن تشوّش النتائج لو لم تكن هناك مجموعة ضبط تسمح بالمقارنة. لم يقتصر الأمر على عدم وجود أي اختلاف بين المجموعتين بل إن كلتا المجموعتين أصبحتا أقل مقاومة للإنسولين. وهذا لأنّ كلتا المجموعتين خسرتا فعليا نحو 5 كلغ دون أن يُطلب منهما فعل ذلك. هذه ظاهرة معروفة، تسمّى تأثير هاوثورن عندما يشترك الناس في دراسة حتى على مدى فترة طويلة من الزمن، يتغيّر سلوكهم قليلا. الرسالة هنا أن مجرد الاشتراك في أي دراسة سيحسّن صحتك بغض النظر عن مجموعة العلاج التي عُينت فيها!
وصف تأثير هاوثورن لأول مرة في تجارب أجريت لأسباب مختلفة جدا. في عشرينيات القرن الماضي، في مصنع هاوثورن في شيكاغو، اختبرت فكرة أن الإضاءة الأكثر سطوعًا تزيد الإنتاجية. تمت مناقشتها مع كل العاملين وفي البداية بدت الإجابة واضحة جدا: زد شدة الإضاءة وستزداد الإنتاجية. ولكن بعد ذلك قام مهندس صافي التفكير بمتابعة الأمر وطلب من العاملين الاشتراك في دراسة إضافية تعمل فيها مجموعتان مختارتان عشوائيا تحت ظروف إضاءة مختلفة. عملت إحدى المجموعتين تحت ظروف الإضاءة المعتادة، بينما عملت المجموعة الأخرى تحت إضاءة تقل شدتها تدريجيا. وازدادت الإنتاجية في كلتا المجموعتين! الحقيقة هي أن الناس يغيّرون سلوكهم عندما يعلمون أنهم مراقبون. لا تنتهي هذه القصة الرائعة هنا. أخبر العاملون بعد ذلك أنه سيتم اختبار الإضاءة المتزايد سطوعها باطّراد، وكانت المصابيح الكهربائية تُغير يوميا على مرأى من الجميع. ظن الجميع أن الأضواء كانت تزداد سطوعًا بالتدريج. ولكن في الواقع كانت هذه خدعة: جميع المصابيح كانت تضيء بنفس الشدّة. مرة أخرى ازدادت الإنتاجية.
كتب أحد الباحثين في مصنع هاوثورن، ويُدعى ف.ج. روثليسبرغر، ما يلي: (لا يمكن أبدًا لمستهلك المعرفة أن يعرف كم هي المعرفة متذبذبة إلا عندما يحاول أن ينتجها).
ولكن انتظر، لعلك تفكر أن دراسة النقطة المعاكسة لم تشتمل على مجموعة ضبط للناس المصابين بالسكّري من النوع الثاني، الذين بدلاً من أن يخضعوا لبرنامج خسارة الوزن، استمروا ببساطة في علاجهم المعتاد. لماذا لم يُطبق درس تأثير هاوثورن عمليا؟ يرجع السبب إلى أن حجم التأثير المتوقع كان كبيرا، أكبر بكثير من أي تغيير يمكن أن ينتج عن مجرد المشاركة في الدراسة.
إذا أريد إثبات فرضية الدورة التوأمية، لا بدّ من حدوث انخفاض في غلوكوز الدم وصولا إلى المستوى الطبيعي، مع حدوث تغيّرات واضحة في محتوى الدهن للكبد والبنكرياس. أما التغيرات الصغيرة في مستويات غلوكوز الدم أو محتوى الدهن، فرغم كونها هامة إحصائيا، إلا أنها ستثبت بطلان فرضية الدورة التوأمية. على نحو متباين، بالنسبة للدراسات التي تهدف إلى اختبار علاج جدید، مثل دراسة DIRECT، من الأساسي وجود مجموعة ضبط، وهو ما فعلناه. والناس الذين تم تعيينهم في مجموعة الضبط عشوائيا كانوا مطابقين لأولئك المعيّنين في مجموعة خسارة الوزن في جميع الأوجه العمر، الوزن، توازن عدد الذكور/ الإناث، شدّة السكّري من النوع الثاني، إلخ. وعلى نحو متباين مع الزيادة التدريجية في الوزن التي كانت متوقعة في الناس المصابين بالسكّري من النوع الثاني، خسرت مجموعة الضبط كيلو غراما واحدا. بالطبع كان حجم التأثير كبيراً جدا في مجموعة الاختبار بحيث أنه حجب التأثير النافع الصغير في مجموعة الضبط. خسرت مجموعة الاختبار الكثير من الوزن مع عودة العديد إلى الوضع الطبيعي بشكل تام مع اختلاف كبير بين المجموعتين. يحيا هاوثورن!