1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : معلومات عامة :

أمور لتنظيم الحياة الاجتماعية

المؤلف:  الشيخ علي رضا بناهيان

المصدر:  النظام التربوي الديني

الجزء والصفحة:  ص 221 ــ 236

2024-07-24

406

1- نحن بحاجة إلى برنامج واحد للحياة والعبادة

نحن ومن أجل أن نحظى بحياة وعبادة أفضل بحاجة إلى برنامج جيّد. وأساسا نعتقد أن البرنامج الذي يحسن حياتنا من شأنه أن يحسن عبادتنا أيضا. وبالعكس، إن البرنامج الذي يحسن عبادتنا يحسن حياتنا أيضا.

لابد أن يكون هذا البرنامج نافعا لجميع الناس بلا فرق بين المتدين وغيره، فإذا لم يكن الإنسان متدينا، ينبغي لهذا البرنامج أن يعينه على تحسين حياته، وإن كان متدينا يعينه على عبادته. ولهذا فمثل هذا البرنامج يهيئ الأرضية لتحاور المتدينين مع غير المتدينين، كما أن كثيرا من رواياتنا قد اتخذت هذا الخطاب في أسلوبها، يعني أنها قد أشارت إلى أساليب وآداب في الحياة بغض النظر عن الدين والإيمان، حتى إذا لم يرد أحد أن يعمل بمفادها بدافع ديني، يعمل بها بدافع تطوير حياته.

2- يجب أن يكون البرنامج متناسبا مع (تركيبة وجود الإنسان) و (ظروف الحياة الطبيعية)

يجب أن يكون البرنامج متناسبا مع (تركيبة وجود الإنسان) و (ظروف الحياة الطبيعية). فلا ينبغي أن يكون البرنامج خياليًا وبلا علاقة مع هويتنا الإنسانية وتركيبتنا الوجودية. وبالإضافة إلى ذلك لابد لهذا البرنامج أن يكون منسجما مع خصائص حياة الإنسان والسنن التي تتحكم في عالم الوجود.

فعلى سبيل المثال إحدى خصائص الحياة الدنيا هي أنها كلما تعطي الإنسان شيئا تسترجعه منه، فإن أعطته الشباب أو الصحة لا تبقيه على حاله بل تعود إليه وتسلبه ما منحته في الماضي. هذه من طباع الدنيا. وكذلك الدنيا لا تخلو من مشاكل ومنغصات، فلابد أن يؤذيك أحد في حياتك، إما زوجك وإما جارك وإما أن تلتقي بعابر مار يؤذيك. إن درب الحياة الدنيا لا يخلو من الأشواك ولا فائدة لعقد آمال القلب وأمانيه بعيش خال من المشاكل والمنغصات. إذن لابد أن يكون البرنامج على أساس هذه الميزة في الحياة الدنيا.

مع الأسف إن أكثر مناهجنا الدينية المدوّنة قد تم تنظيمها بغض النظر عن خصائص الحياة. وأساسا أحد المواضيع التي نعاني من الضعف فيها هو معرفة الحياة. بينما هناك قسم كبير من آيات القرآن قد تصدت لتبيين خصائص الحياة.

3- أهم رأسمال الإنسان قلبه، أي موطن أمياله إن أميال الإنسان تمثل الطاقة المحركة لنشاطه

أهم رأسمال الإنسان قلبه الذي هو موطن أمياله ونزعاته. ففي الواقع إن أميالنا ونزعاتنا تمثل أهم رأسمالنا. فإن نزعاتنا هي التي تربط علاقتنا بالحياة وتدفعنا بالطاقة للحركة والنشاط، ففي الواقع إن أميال الإنسان تمثل الطاقة المحركة في وجوده. إن سلطان روح الإنسان قلبه والقلب هو مقر الأوامر والإيعازات وهو الذي يأمر الإنسان بالتحرك والنشاط في سبيل سد احتياجاته.

4 من أهم خصائص الإنسان هو تعارض نزعاته هناك تضارب في ذات الإنسان

من أهم خصائص قلب الإنسان أي مقر نزعاته هي أنه ينطوي على أميال ورغائب متضاربة، وليس للإنسان بد سوى أن يختار بعض هذه الأميال ويكف عن بعض أخر، وبطبيعة الحال سوف يواجه متاعب ومصاعب ومحن في هذا المسار. نحن لم نولد برغبة واحدة بل قد ولدنا برغبات مختلفة ومتنوعة، فإن اتجهنا لأي من هذه الرغبات سوف نقعد عن الأخرى. فمن هذا المنطلق هناك نزاع وتضارب دائم في ذات الإنسان بين مختلف نزعاته المتعارضة.

ينطوي الإنسان على أهواء مختلفة وإن بعضها متضادة ومتعارضة مع بعض وهناك عداء في ما بينهم. ولهذا فإن في ذات الإنسان تضاربا ونزاعا وعليه فدائما هناك ضحايا في ذات الإنسان، إذ لا سبيل له سوى أن يضحي ببعض رغباته في سبيل بعض آخر.

إن هذا التضارب يبعث في ذات الإنسان حيرة لا مناص منها، إذ هو يحب جميع (رغباته)، ولكن ليس بوسعه أن ينال جميعها، فيضطر إلى أن يختار بعضا منها دون الباقي. ثم إن عملية الاختيار تحتاج إلى تضحية، وهي بمعنى العبور من إحدى الرغبات في سبيل الوصول إلى رغبة أخرى، إذ لا مجال للحصول على جميع الرغائب معا. اذن لا يخلو ذات الإنسان من الحلاوة والمرارة معا.

5- هناك نوعان من الرغبات في وجود الإنسان، 1- الرغبات السطحية والظاهرة وهي بالفعل و2ـ الرغبات العميقة والخفية وهي بالقوة.

هناك رغبتان عامتان في وجود الإنسان؛ 1ـ الرغبات السطحية والظاهرة وهي بالفعل -2ـ الرغبات العميقة والخفية وهي بالقوة. وعادة ما تسمى الفئة الأولى بالرغبات الغريزية وتسمى الثانية بالرغبات الفطرية. وإن النزاع القائم في وجود الإنسان هو بين هذين النوعين من الرغبات.

وإن تبدو الرغبات السطحية أشد وأقوى في بادئ الأمر ولكن النزعات والأميال العميقة هي الأقوى. إن اللذة التي يعيشها الإنسان بعد ما يلبي رغباته العميقة والكامنة كثيرة جدا ولا تقاس باللذة القليلة والمحدودة الحاصلة بعد تلبية الرغبات السطحية.

6- يبدأ الإنسان بتجربة الرغبات السطحية ولكن لا يقف عندها.

يبدأ الإنسان بتجربة الرغبات السطحية ولكنه لا يشبع بها، فلا يشعر إنسان بالرضا بعد تمتعه بالرغبات السطحية بل لا يزال حائرا ويبحث عن لذة من نمط آخر تشبع روحه.

في الواقع لا يقنع إنسان بتلبية رغباته السطحية ومهما تمادى في التمتع بهذه الرغبات يزداد إصرارا وولعا بتجربة المزيد من اللذة إذ لم تستقر روحه ولم يشعر بالرضا. وذلك لأنه لم يلتفت إلى رغباته الحقيقية والعميقة التي لا تقنع النفس إلا بها.

7- إن غاية الرغبات العميقة والفطرية في الإنسان هي طلب الله والشوق إلى لقائه.

إن غاية الرغبات العميقة والفطرية في الإنسان هي طلب الله وعشق التقرب منه والشوق إلى لقائه. إنّ العشق المحوري الكامن في قلب الإنسان هو حب الله ولم يكن الإنسان بطالب شيئا كحب الله، ولكنه حب محجوب في القلب وغالبا ما تخفيه الرغبات السطحية وتمنع الإنسان من كشفها ونيلها. إن محور الإيمان ليس (وجود الله) إذ أن الإيمان بوجود الله مقدمة الإيمان، بل محور الإيمان هو (حب لقاء الله).

8- الطريق الوحيد هو غض الطرف عن الرغبات الظاهرية، للوصول إلى الرغبات العميقة.

(الطريق الوحيد) للحصول على حياة طيبة وعبادة جيدة هو أن نغض الطرف عن رغباتنا الظاهرية وما هي بالفعل لنصل إلى الرغبات العميقة والتي هي بالقوة. لابد أن نضحي برغباتنا السطحية وهذه النقطة هي مبدأ انطلاقنا في جهاد النفس. وإن مفعول جميع المفاهيم الدينية كالإيمان والتقوى. والقيامة ونار جهنم والجنة هي أن تأخذ بأيدينا في هذا الطريق. وكذلك لابد أن نفهم أثر أولياء الله وحبهم في هذا الإطار، وبالتأكيد إن دور أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) في هذا المسار دور خاص.

إن حب الحسين (عليه السلام) هو النزعة الفطرية والخفية الوحيدة التي يمكن كشفها بسهولة.

إن الإمام الحسين (عليه السلام) يمثل أروع فرصة للإنسان لكشف فطرته. إن حب الحسين (عليه السلام) هو تلك النزعة الفطرية والخفية الوحيدة التي يقدر الإنسان على كشفها في قلبه بسهولة، وحتى بإمكان الناس العاديين الذين لم يطووا مدارج التقوى أن يجدوا هذا الحب في قلبهم.

من أجل كشف حب الله، لابد أن تستأصل حب الدنيا من قلبك تماما، ولكن لا يشترط ذلك في حب الحسين (عليه السلام)، إذ يمكن للقلب المحب للدنيا أن يحب الحسين (عليه السلام) ويذوق حلاوة حبّه بسهولة. فإذا أراد الإنسان أن يعيش تجربة حب الله ويعرف جنس هذا الحب، بإمكانه أن يعرف ذلك عبر الشعور بلذة حب الحسين (عليه السلام).

9ـ من أهم قدرات الإنسان هو قدرته على تحديد الأولويات بين مختلف أمياله، أي (التعقل)

بعد ما عرفنا هذه الحقيقة وعدم إمكان تلبية جميع الرغبات معا، وأن لابد من اختيار بعضها دون الأخرى، فلابد أن نرى بأي وسيلة يجب أن نقوم بهذا الاختيار. من أهم قدرات الإنسان هو قدرته على تحديد الأولويات وهو ما يسمى بالتعقل. إذن يمكن أن نقول: أهم (رأسمال) الإنسان هو أمياله ونزعاته وأهم (قدرة) في وجود الإنسان هي العقل.

العقل يفتينا بأن العشق الخالد واللذة الباقية أفضل بلا ريب. وهناك حرب قائمة بين العقل وهوى النفس، إذ أن العقل يختار النزعات الأفضل والأعمق والأبقى أما هوى النفس فيميل إلى النزعات الأقل قيمة والأكثر سطحية وظهورا.

وعلى أساس ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كلما يفضل الإنسان رأي هوى نفسه على عقله، ينقص من إمكانيات عقله شيء لا يرجع أبدا؛ (مَن قَارَفَ ذنباً فَارَقَهُ عَقلٌ لا يَرجِعُ إِلَيْهِ أبداً) (ميزان الحكمة، الحديث 6751).

10- إن في الاهتمام بالأميال السطحية مشكلتين: 1- لن يطمئن قلب الإنسان مهما نال منها، 2- لن يقدر على نيل جميعها أبدا.

إذا تمحض الإنسان في تلبية نزعاته الغريزية والظاهرية سيواجه مشكلتين: 1- لن يطمئن قلب الإنسان مهما نال منها، 2ـ لن يقدر على تلبية جميع هذه الأميال السطحية. وبعبارة أخرى سواء البّى رغباته أم لم يلبها فهو يشعر بالخيبة.

11- إن تلبية الرغبات العميقة تواجه مشكلتين 1ـ لا يمكن تجربتها في بادئ الأمر -2- لابد وفي سبيل نيلها من غض البصر عن اللذات السطحية

ماذا يواجه الإنسان في ما إذا عمد إلى تلبية رغباته العميقة؟ إن تلبية الرغبات العميقة أيضا لا تخلو من مشكلتين:

الأولى هي أن لا يمكن تجربتها في بادئ الأمر؛ يعني عادة ما لا يذوق الإنسان طعم نزعاته الفطرية العميقة في البداية، إلا القليل أو بعض النزعات العميقة الخاصة من قبيل حب الحسين (عليه السلام).

المشكلة الثانية التي تواجهنا هي أن نيل هذه الرغبات يقتضي غض النظر عن بعض اللذائذ والأميال السطحية والتضحية بها. ولهذا فأول ما يبدأ الإنسان بالعبور عن هذه النزعات السطحية يواجه صعوبة، خاصة وأنه لم يذق طعم النزعات العميقة بعد، وقد تخلى عن أهوائه الغريزية. فعليه أن يصبر في هذه المرحلة لينال غايته بالتدريج. ولكن ما يمنع الإنسان من التوفيق هو خوفه من (الحرمان من تلك، والفشل في هذه)، فلابد من الغلبة على هذا الخوف الكاذب، فقد بعث الأنبياء جميعا ليطمئنونا على أن هناك حقائق وبشارات فاسعوا لها سعيها.

12- إن مخالفة الأميال السطحية بحاجة إلى (برنامج) والدين هو المرجع لإعطاء البرنامج / لماذا لا يمكن جهاد النفس بلا برنامج؟

إن مخالفة الأميال السطحية بحاجة إلى برنامج والدين يمنح الإنسان هذا البرنامج الجهادي. إن مجمل البرنامج الديني بشكل عام وفلسفة جميع الأحكام الدينية وحتى العبادات هو جهاد النفس.

لماذا لا يمكن جهاد النفس بلا برنامج؟ إذ أن جهاد النفس ومخالفة الأهواء لا يعني رمي جميع النزعات الظاهرية والقضاء عليها! بل لا ينبغي ذبح هذه النزعات واستئصالها كما يجب تلبية بعضها أحيانا. فعلى سبيل المثال إن جعنا يجب أن نأكل، وإن بلغنا ورغبنا في الزواج علينا أن نتزوج.

فلو كان القرار أن نقضي على نزعاتنا السطحية والظاهرية جملة واحدة وأن نضحي بجميع احتياجاتنا الابتدائية كالمرتاضين، لما كنا بحاجة إلى برنامج. وأساسا من صعوبات هذا البرنامج وتعقيداته هو أن لابد من تلبية بعض هذه الرغبات السطحية.

13 من أهم خصائص حياة الإنسان هو العناء لا اللذة

إن من أهم خصائص حياة الإنسان هو العناء لا اللذة. يعني أن الأصل والأساس في حياتنا هو العسر والعناء؛ {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4]، وبالتأكيد إن هذا العناء لا يخلو من راحة ويسر؛ {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6]، ولكن الأساس هو العسر. لم تكن الدنيا مهيأة لتجربة حياة ملؤها اللذة والهناء والراحة وأن لا مشكلة في هذا البين إلا أن نمرّ من احتياجاتنا السطحية مرور الكرام وثم نحصل على حياة ممتعة في هذه الدنيا، كلا! إذ قد عجنت ذات حياة الدنيا بالعسر والحرمان.

يمكن تقسيم آلام الدنيا إلى قسمين ثابتة ومتغيرة. إن بعض الآلام ثابتة للجميع ولا مناص منها تقريبا. فعلى سبيل المثال قد فرضت طبيعة هذا العالم ألم المخاض على جميع النساء وهذا واقع لا مفر منه.

يحاول الكثير من الناس أن يفروا بأوهامهم عن هذا الواقع وهو (أننا مضطرون إلى تحمل العسر والعناء)

مع الأسف إن كثيرا من الناس غير مستعدين لاستماع وقبول حقيقة أن حياة الإنسان لا تخلو من العسر والعناء، كما لم يقتنع الكثير من الناس بحقيقة (أننا مضطرون إلى تحمل العسر والعناء). بما أننا لا نرغب في تحمل العسر والعناء، نؤمل أنفسنا أن لا عسر إن شاء الله في حياتنا، في حين أن هذا الأمل وهم محض. وقد بلغ امتداد هذه الأوهام إلى حد أننا أصبحنا لا نجرأ على ذكر قائمة الآلام والمحن الثابتة والمتغيرة في هذه الدنيا خوفا من طلاب الراحة والدعة.

إذن أصبح تعريف حياة الإنسان هو (العسر والجهاد) إذ قد انطوت ذات حياة الدنيا على العسر ولابد في هذا الخضم من مخالفة أهواء النفس وأميالها، فهذان عنصران متلازمان في تعريف الحياة.

إن الآمال والأماني النفسية تعمي الإنسان عن مشاهدة عسر الحياة ومشاهدة (الموت)

يخدع كثير من الناس أنفسهم ويكذبون على أنفسهم ولا يريدون أن يشاهدوا حقائق الحياة. وكما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الْأَمَانِيَ تُعْمِي عُيُونَ الْبَصَائِرِ) (غرر الحكم، الحديث 1417).

أحد أهم محاور مرارة الدنيا هو الموت. إن الالتفات إلى قضية الموت تفهم الإنسان أن الحياة مرة واقعا ولا تسمح لحلاوة الدنيا أن تأخذ مأخذها من قلب الإنسان. ولكن الأميال النفسانية والآمال الطويلة تعمي الإنسان عن مشاهدة عسر الحياة ومشاهدة الموت. لقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الْأَمَلُ حِجَابُ الأجل) (عيون الحكم، ص 43) وكذلك قال (عليه السلام): (الْأَمَلُ سُلْطَانُ الشَّيَاطِينِ عَلَى قُلُوبِ الغافلين) (غرر الحكم، الحديث 1853).

وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنّ آدم قبل ان يصيب الذنب كان أجَلُهُ بِينَ عَيْنَيْهِ وأملُهُ خَلْفَهُ، فَلَمَّا أَصَابَ الذَّنْبَ جَعَلَ اللَّهُ أَمْلَهُ بِينَ عَيْنَيْهِ وَأَجَلَهُ خَلْفَهُ، فَلَا يَزالُ يُؤَمِّلُ حَتَّى يَمُوتَ) (ميزان الحكمة، الحديث 756).

14- مجمل حياة الإنسان عبارة عن عسر + جهاد، فلابد أن: 1ـ نعترف بمرارة الدنيا، 2ـ نضيف إلى مرارتها مرارة جهاد النفس

إن الأجل يمثل أحد أهم عناصر مرارة الدنيا، وهو ينغص كل حلاوة الدنيا ولذائذها، فسلّم لهذه الحقيقة ولا تحاول مصارعتها. هذه هي حقيقة الدنيا فلا تخدع نفسك. ليس بإمكانك أن تخدع الدنيا فاعبر منها فإنك إن خضت في الدنيا وآمالها، تصطدم بأشواكها وسوف لا تجني منها إلا الخيبة والحسرة. فالحل هو أن تعبر من الدنيا فهيا تمتع بهذا الطريق.

الخطوة الأولى للالتذاذ والتمتع في الحياة الدنيا هو أن تعترف بأن الدنيا مرة. بعد ذلك وبعد الاعتراف بمعاناة الحياة، لابد أن تخوض في معمعة أخرى وتوطن نفسك على مرارتها وهي ساحة جهاد النفس، فإن فعلت ذلك سوف تذوق حلاوة الحياة في هذه الدنيا قبل الآخرة. بهذا الأسلوب سوف تأتي الدنيا في قبضتك ويتسنى لك أن تركب جملها وتمسك بزمامها، لا أن تستحوذ عليك آمال الدنيا وأمانيها.

إن تركنا الدنيا وأسقطناها من عيننا لما فيها من مرارات ومعاناة وجاهدنا أنفسنا، سوف يصل بنا الأمر إلى أن تأتينا الدنيا بنفسها وتعطينا زمام أمرها.

فحصيلة الكلام هو هذا التعريف الموجز للحياة الدنيا، فهي عبارة عن: عسر وجهاد؛ العسر الذي تفرضه علينا الدنيا والجهاد الذي لابد لكل امرئ أن يمارسه مع أهوائه ونزعاته السطحية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.