x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
نحن بحاجة إلى تعقل الدنيا قبل تعقل الدين
المؤلف: الشيخ علي رضا بناهيان
المصدر: النظام التربوي الديني
الجزء والصفحة: ص 132 ــ 137
2024-07-22
443
قررنا على أن نكسب رؤية دقيقة عن الحياة وقواعدها قبل أن نكسبها عن العبادة والعبودية. فنحن بحاجة إلى كسب رؤية دقيقة وواضحة عن الدنيا قبل الدين. فإن حصلنا عليها سوف ننظر إلى الدين كمنقذ لا كمزعج ومزاحم. وعند ذلك سوف لا نمن على الله بالتزامنا ولا نغتر عندئذ بورعنا وتقوانا، كما سوف لا نفر من الدين وسوف نشعر بحماقة مخالفته.
لماذا عندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن الكفار في القرآن، يعتبرهم (سفهاء) (لا يعقلون)؟ نحن نعرف جيدا أن ليس لهؤلاء الكفار طهارة القلب ونعرف أن لا إيمان لهم، ولكن بماذا أصبحوا لا يعقلون؟ وما هي الحقيقة التي لا يعقلونها؟ بالتأكيد إن إحدى الحقائق التي لا يعقلونها ولا يلتفتون إليها هي هذا الواقع والقواعد المحيطة بهم في هذه الدنيا.
كلما ألفيتم روحكم تفر من الأحكام الإلهية وتستصعبها، ارجعوا إلى الواقع وادرسوه بغض النظر عن الدين. إذ إن إدراك الواقع وكشف القوانين السائدة في عالم الوجود، ومعرفة السنن الإلهية الحاكمة على حياتنا، يمهدنا لقبول الدين والالتزام به واسمحوا لي أن أضيف هنا نقطة واحدة من السيء جدا أن يكون الإنسان متدينا بلا أن يدرك الواقع، فمثل هذا الإنسان يصبح متدينا سيئاً. ولا أقول إن معرفة الواقع أمر ضروري على من استصعب أحكام الدين وحسب، كلا، بل على جميع الناس أن ينظروا إلى الواقع ويكتشفوا قواعده السائدة في الحياة. كما أن أولياء الله هم أكثر اهتماما بهذا الأمر من عوام الناس.
وأساسا إن تدين امرء بلا أن يكون على معرفة بحقائق العالم وواقعه، قد يصبح عنصرا خطرا، وقد يصبح تدينه الأعمى هذا ضررا على نفسه وعلى المجتمع، وسوف لا يقدر أحد على إصلاح ما أفسده. لقد رأيت في عمري هذا على الأقل جيلين من الأشخاص الذين كانوا أخيارا في زمن من الأزمان ثم ساءت عاقبتهم. كان بعضهم ممن عاشرتهم عن قرب وحتى كان بعضهم في جبهة الدفاع المقدس. وهذا يحكي عن أن من أصبح خيرا ومتدينا بدون أن يعرف الواقع الذي يفرض عليه ذلك، ينحرف على الأكثر.
فلا تستغربوا من انحراف بعض هؤلاء الذين قضوا عمرهم في الصلاح وصلاة الليل والعبادة. ولا تتعجبوا من كون هذا الإنسان كان يريد أن يسبق الآخرين في التضحية بنفسه في سبيل الإسلام والولاية والثورة، أما الآن فقد أصبح من ألد أعداء الثورة. من هم أولئك الذين يتورطون بمثل هذه العواقب؟ هم أولئك الذين صلحوا وتدينوا جزافا. ولكن لا يسمح الله باستمرار هذا النمط من الصلاح. فما إن يرى الله مجتمعا قد صلح جزافا واعتباطا يمتحنهم بامتحان عسير ويسقط من لم يرتكز إيمانه على دعائم محكمة. وقد شاهدنا هذه الظاهرة في تاريخ الإسلام كما رأيناها في مختلف مراحل تاريخ ثورتنا الإسلامية.
ـ إن عالمنا مشحون بالمعاناة وقد عزم على إزعاجنا
من أين تنطلق في حركتنا؟ إن نقطة الانطلاق هي أن تشاهد ضرورة مخالفة هواك في هويتك الإنسانية وكذلك تشاهدها في السنن الحاكمة في حياتك. هذا هو المنطلق.
لا ينبغي لمثلكم أن يخدع بالكلام الباطل، خاصة وقد بلغتكم تجربة تاريخ الإسلام في ألف وأربعمئة سنة وقد بلغتكم تجربة العالم البشري من بداية التاريخ ولحد الآن، كما في متناولكم تجربة الغرب، وبإمكانكم أن تتصفحوا أحداث العالم وتقفوا على تجاربه عبر الإنترنت. إن موقعنا ليس في أول التاريخ بل قد اقتربنا إلى نهاية التاريخ، فها هي تجربة البشر أمامنا تحدثنا عما وصل إليه العالم وهي تجارب مليئة بالمعلومات، فلا يمكن لأحد أن يخدعكم بسهولة.
هذه هي نقطة الانطلاق، وهي أن تعرف عالمك الذي تعيش فيه. وأهم خصائص هذا العالم هو أنه مشحون بالمعاناة وقد عزم على إزعاجك. فلا تسمح لأحد أن يلهيك بمعلومات هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع، من قبيل مقدار المياه وعمق البحار وارتفاع الجبال وعدد النفوس. فلا تشغل وقتك في تعلم المعلومات التي لا فائدة لها، فإن أحد أوصاف المتقين في قول أمير المؤمنين (عليه السلام) هي أنهم: (وقفوا أسماعَهُم عَلَى العِلم النافع لَهُم) (نهج البلاغة، الخطبة 193). وأنا باعتقادي أن الإنسان ليس بحاجة إلى كثرة المعلومات، بل يحتاج إلى معلومات صائبة، بالإضافة إلى ترتيب المعلومات وتبويبها بشكل دقيق وأن يميّز بين الأصلية والفرعية منها.
لقد جاء الدين ليعلمك طريقة العناء، وجاء ليخفف مرارة الفقدان عليك. جاء الدين ليعلمك الكف عن الرغائب وجاء ليعلمك أسلوب تحمل الآلام. فهل أنت ممن يريد أن لا يتحمل شيئا من هذه الصعاب في هذه الدنيا لكونك متدينا؟! هذه هي نقطة عزيمتنا فإن انطلقنا من هذه النقطة، سوف نصل إلى النتيجة بسرعة، وكذلك سوف نعمل بديننا بشكل أسهل، كما سوف يصان ديننا بشكل أضبط، وإن شاء الله لن نتراجع عن ديننا إن سلكناه بهذا الأسلوب، إذ نكون على معرفة بكل ما سوف نواجهه في هذا الدرب فلا نفاجأ بشيء.