1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : معلومات عامة :

الفوضى في الدخل والصرف

المؤلف:  جماعة من العُلماء

المصدر:  نحو حياة أفضل

الجزء والصفحة:  ص 141 ــ 145

2024-07-05

592

كان القدماء يقولون: ينبغي الرثاء لحال من كان دخله تسعة عشر ومصرفه عشرين.

إن عدم التنظيم والتخطيط في الصرف يشكل الارضية التي تفكك العرى الحياتية وتجر البناء الاقتصادي الفردي والاجتماعي إلى الخراب والفقر والفوضى.

إن أكثر الناس لا يعلمون كيف يصرفون دخلهم أو يحققون الانسجام بين مدخولاتهم ومصروفاتهم! فما أكثر ما شاهدنا افراداً رغم امتلاكهم دخلاً كبيراً يتحطمون وتتهشم حياتهم على أثر اللعب واللهو والحسد والمصارف التبذيرية الباطلة حتى بلغوا الحالة التي عدموا فيها الوسائل الضرورية للحياة.

في حين نجد افراداً لا يملكون إلا الحد الادنى للأجور يعيشون حياة ناعمة البال والخاطر متحركة نشطة وليس ذلك إلا لوجود برنامج منظم وحساب دقيق وتجنب للأضرار المالية والاسراف.

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (ترك التقدير في المعيشة يورث الفقر) (1) ويعتبر الإمام الباقر (عليه السلام): (حسن التقدير في المعيشة) علامة على الكمال والرشد وليس مراده منه إلا الدقة والتنظيم والموازنة بين الدخل والصرف (2).

والإمام الصادق (عليه السلام) يقول في ذيل حديث له (3) وينبغي أن لا يظن أنا ندعو المسلمين لئلا يسعوا إلى تحسين أوضاعهم الحياتية وتوسعة مواردهم، أو اننا ندعو إلى البخل والتضييق على العائلة في المعيشة. كلا وإنما نقول انه يجب محاربة انماط النظر إلى الاخرين بحسرة سلبية والتشريفات الباهظة المغلوطة التي أوجدها اعمدة الاقتصاد والرأسماليون ليقعوا المجتمع حتى أذنيه في (الربا) نعم يجب محاربة هذه التشريفات الباطلة الباهظة التي تجعل الشعوب عبيداً تابعين اقتصادياً ومستهلكين بشكلٍ أعمى للمصنوعات الكمالية الغربية.

وفي الحديث الذي مر يقول الإمام الكاظم (عليه السلام): (اجعلوا لأنفسكم حظاً من الدنيا بإعطائها ما تشتهي من الحلال وما لا يثلم المروءة وما لا إسراف فيه واستعينوا بذلك على امور الدين) (4).

وهذا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، ويشتري ما ليس له، ويلبس ما ليس له) (5).

إن المنع من الاسراف في الأكل ولوازم الحياة واللباس يمكنه أن يجعل قطراً وشعباً يولد من جديد ويقطع كل ايدي الاستعمار الممتدة اقتصادياً وسياسياً لكي يعتمد على موارده ويستغني عن الآخرين.

يجب أن لا نقع في تصور خاطئ فنتصور أننا ندافع عن الروتين الاداري الجاف الذي يمتص الاوقات والميزانيات كلا بل نحن نخالف ذلك وينفيه النظام الصحيح للأمور فإن الكثير من انماط هذا الروتين والتشريفات المغلوطة والنظم الجافة التي يبعث على تراكم الاعمال ويمنع من تقدم الأمور الشخصية والادارية، فكل هذا يتغير في المجتمعات الواعية والمتقدمة ويفسح المجال للنظام الصحيح الخالي من التعقيد.

بل إن النظام الصحيح غير المعقد قد يستوجب ان نفقد راحتنا واستراحتنا بل وحتى نفوسنا احياناً فنجعلها فداء للآخرين. فمثلا نجد طبيباً يعمل ساعات معينة في عيادته أو في المستشفيات الرسمية يواجه في نهاية الوقت أو خارجه مريضاً مشرفاً على الموت ولكنه لا يكترث له بحجة انتهاء دوامه وان الدائرة أو المستشفى معطلة، فهو بالتالي لا يهمه امر المريض!! مثل هذا النظام خيانة فضلاً عن كونه ليس بنظام حقاً.

ومما يؤسف له حقاً ان نشاهد بعض الاطباء المعالجين يتركون اماكن عملهم بأدنى عذر وحتى في ساعات عملهم ويبقى المرضى خلف أبواب المستشفيات وغيرها ساعات بل أيام حيارى ولربما فقد البعض منهم حياتهم.

أن النظام يجب أن لا يركز فقط على كيفية جلب الدخل الأكبر والتأمين المادي بل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار التأمين المعنوي والمسائل الانسانية والاخلاقية حيث يجب أن تشكلا روح أي نظام.

ليس الإنسان آلة فقط، يعمل، يأكل، ثم يستريح ليجدد القوى كلا بل هو انسان قبل كل شيء فيه بحر من العواطف والاحساسات والميول والحاجات الروحية والمعنوية... وإذا اضفنا إلى ذلك أن هذا الإنسان لم يخلق لهذه الحياة بل هو يكدح ويسير نحو حياة فسيحة لا نهائية أي نحو الآخرة حيث يعيش إلى الابد فيها ويكون سلوكه وعمله في هذا العالم محدداً لوضعه وحالته في عالم الآخرة.

وعليه فكما نحتاج لإشباع الاحتياجات الجسمية نحتاج للإجابة على تساؤلات العواطف والاحتياجات المعنوية والانسانية ضمن التخطيط التنظيمي للحياة.

إن هدف الإسلام من النظام يعبر عنه نمط تنظيمي يستطيع أن يشبع الحاجات الدنيوية المادية الخاصة كما يستطيع أن يقوم بالواجبات الانسانية والمعنوية والاخروية فلا يضحي لأي منها في سبيل الآخر.

يقول الإمام السادس (عليه السلام): (ليس منا من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه) (6).

ونحن نعلم ان الدنيا - في نظر الإسلام - حياة منقضية سريعة الانقضاء وانه يجب على المسلمين في هذه الفرصة القصيرة (العمر) ان يسعوا لتأمين الحاجات المادية وتحسين الحياة في الدنيا وأن لا يغفلوا عن العالم الآخر - الذي هو الهدف الأصلي من الحياة - فيبذلوا له قصارى جهودهم ويستفيدوا من دنياهم لآخرتهم.

وان الوصول إلى هذين الهدفين خلال هذه الفرصة السريعة للمؤمن لا يتم إلا وفق تخطيط وتنظيم دقيقين.

ومن هنا فإن الروايات الاسلامية تدفع المسلمين للكسب والتجارة والحرفة لكنها تمنع المسلمين من الحرص في جمع المال والثروة وتأمر بأن يكون الكسب بأسلوب حلال ولائق مع تبكير في طلب الرزق (7).

وقد قال قادتنا (ليكن طلبك المعيشة فوق كسب المضيع ودون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئن اليها) (8).

أي كن معتدلاً في مسيرتك لئلا تبتلي بالافراط من جهة أو بالكسل من جهة اخرى.

وينبغي أن نذكر هنا، ان ما قرأناه إلى هنا من (آثار النظام والتدبير لصناعة حياة أفضل) لا يتنافى مطلقاً مع التوكل. إذ ان المفهوم الحقيقي للتوكل ان يبذل الإنسان المسلم كل طاقاته ويلاحظ بكل تخطيط ما سوف يمر به العمل من مقدمات وعلل وأسباب ظاهرية ويهيئها لذلك ثم يحسب النتائج وبالتالي يعتمد على الله الذي يؤمن به وبنصره فيدخل ساحة العمل تاركاً التردد والاضطراب والقلق والوساوس للحوادث الاحتمالية فهو (يعقل ويتوكل) حيث قيل (لا تغفل في التوكل عن السبب).

نعم عندما يكون قد لاحظ مسيرة العمل ومعداته ووسائله وهيّأها جميعاً فإنه يقدم عليه متوكلاً على الله تعالى.

{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ بحار الأنوار، ج 71، ص 3.

2ـ وسائل الشيعة، ج 12، ص 42.

3ـ بحار الأنوار، ج 71، ص 349.

4ـ تحف العقول، طبع بيروت، ص 102.

5ـ بحار الأنوار، ج 71، ص 304، والوسائل، ج 12، ص 41.

6ـ من لا يحضره الفقيه، ج 2، طبع النجف، سنة 1290، (هـ. ق) ص 9.

7ـ الوسائل، ج 12، ص 3 ـ 4، وص 27.

8ـ المصدر السابق، ص 30.