x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الاسلام وبعض أساليب الغرب
المؤلف: محمد تقي فلسفي
المصدر: الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة: ص 279 ــ 283
2024-06-26
524
إن إحدى المسائل التي جذبت اهتمام الشباب المسلم، والتي جاءت على شكل سؤال ينتظرون جوابه بفارغ الصبر. هو: لماذا يمنع الإسلام بعض الأعمال الجائزة والمسموح بها في الدول المتقدمة الغربية وتمارس هناك كأمر طبيعي تعتبر في رأي الأسر الملتزمة بالضوابط الإسلامية محرمة ومرفوضة؟ أو بعبارة اخرى: لماذا بعض الشباب غير المسلم أو المسلم الغير ملتزم بالتعاليم الدينية لهم حرية أكثر ويتمتعون بلذائذ دنيوية كثيرة بينما الشبان المسلمون المتمسكون بالشرع يجب أن يحرموا من تلك اللذائذ؟ هل يخالف الإسلام حرية التذاذ المسلمين؟ ألا يريد الإسلام أن يتمتع أتباعه بحرية ولذة أكثر؟
علاقات الجنسين:
مثلا يقال إن الفتيات والفتيان مسموح لهم أن يقيموا علاقات صداقة فيما بينهم وقضاء الأيام والليالي معاً يحتضن أحدهم الآخر وهم قادرون على إشباع شهواتهم دون زواج قانوني، ثم لهم أن ينفصلوا عن بعض أو يتزوجوا متى ما أرادوا.
بعض الدول تجاوز هذا الأمر إلى مرحلة أكثر إذ اعتبر التمتع بجميع المسائل الجنسية أمراً قانونياً كيفما كانت العلاقة طبيعية أو غير طبيعية منحرفة عن مسير الفطرة.
لماذا لا تسمح التعاليم الإسلامية بالمعاشرة بين الفتيات والفتيان بصورة حرة ودون قيد أو شرط؟ لماذا منع احتضان وتقبيل الأجانب، واعتبار العملية الجنسية حتى ولو كانت برضى الطرفين ممنوعة وغير شرعية؟ لماذا سمح الإسلام بإشباع الرغبة الجنسية في الإطار الطبيعي ومنع الأساليب المنحرفة؟ ثم لماذا سمح الإسلام باكتساب اللذة من قبل الشبان والكبار في إطار القانون، واعتبر الخروج على ذلك ذنباً أو إثماً؟
الاسلام ومعيار الخير والشر
إن الجواب على هذه الأسئلة، وهو أن العالم الغربي حدد الأعمال والأخلاق الحسنة والسيئة على أساس قبول ورفض الناس، وبما أن الرأي العام قد قبل معاشرة الفتيات والفتيان والرجال والنساء قبولاً حسناً فقد سمح لهذه الأعمال واجيزت، وأما في الإسلام فإن المعيار هو صلاح وفساد الناس ويقاس الحسن والسيء بالمقارنة مع سعادة ومصلحة المجتمع، وبما أن تلك الأعمال مخالفة للمصلحة الحقيقية للناس ومضرة بسعادتهم، فإنها اعتبرت في الإسلام ممنوعة.
إن أسلوب الغرب ينسجم مع الغرائز الطبيعية وموافق للرغبات النفسية للإنسان. ولكن لهذا الأسلوب بالتأكيد مفاسد وأضرار كبيرة. إن أسلوب الإسلام يخالف الحرية غير المحدودة للغرائز المنافية للأخلاق، وهذا التحديد، بحق، يحفظ الإنسان من الكثير من الأضرار الفردية والإجتماعية الكبيرة. إن العقل السليم يلزم الإنسان بغض الطرفِ عن بعض الحريات، والإذعان لبعض الضوابط لكي لا يتعرض لعوارض ومصائب كبيرة. بعبارة اخرى إن الانصراف عن الحرية المطلقة والحرمان من بعض اللذائذ شيء سلبي، ولكن العوارض والأخطار الفردية والإجتماعية الناتجة عنها أخطر وأكثر ضرراً. إن الإنسان يمكنه أن يتحمل الضرر القليل لكي ينجو من الضرر الثقيل.
قال علي (عليه السلام): (ليس العاقل من يعرف الخير من الشرِ ولكن العاقل من يعرف خير الشرينِ) (1).
تسلل الاسلوب الغربي إلى الشرق
والآن. رضينا أم أبينا، فإن أساليب العالم الغربي، في المسائل الجنسية، قد تسللت إلى الشرق، إلى حد ما، وتأثر بها الجيل الجديد، وهذا الأمر أقلق الرجال والنساء المتمسكين بالتعاليم الدينية والتقاليد والعادات، وخلق مشاكل كبيرة، وأدى في بعض الأحيان إلى اختلافات عائلية وتوتر العلاقات بين الأبناء والوالدين.
إن الوالدين المسلمين يريدان أن يتبع أبناؤهما الشبان التعاليم الإسلامية وأن لا ينحرفوا نحو المعاشرة غير المشروعة المخالفة للعفة، التي تجلب العار للعائلة. بينما بالعكس فإن الفتيات والفتيان، تجذبهم الغرائز الجنسية ويودون تجاهل التعاليم القانونية والأخلاقية للإسلام وتناسي العادات والتقاليد، وسلوك الأساليب الغربية لإشباع غرائزهم، بإقامة علاقات بين الجنسين والاختلاط الحر لإرضاء رغباتهم.
الاباء والأبناء:
إن هذا الإختلاف بين آراء الوالدين والأبناء يؤدي بالتالي إلى حدوث مشاجرات وايجاد عدم التفاهم في العائلات بحيث نسمع من خلال أخبار الصحف كيف أن طريقة ارتداء الملابس من قبل الفتيات وتصرفاتهن تسبب قلق وعدم راحة الوالدين وتدفع بهما إلى الغضب بحيث تجعلهم يندفعون إلى تعنيف أبنائهم ويصل الأمر أحياناً إلى ترك الأبناء العائلة أو الإقدام على الإنتحار.
ولكي يفهم الشبان والكبار منشأ الإختلاف بين القوانين الإلهية والقوانين الوضعية بشكل أفضل، ويتعرفوا على القيم الحقيقية لتعاليم الإسلام السماوية ويشخصوا طريق سعادتهم، سيدور حديثنا، في هذه المحاضرة، حول وضع القوانين في الإسلام على أساس ضمان سعادة ومصلحة الناس، ووضع القوانين في المجتمع الإنساني على أساس رغبة الناس، ولتوضيح الموضوع نبدأ بهذا المثال:
تشابه الفرد والمجتمع:
المجتمع يشبه الإنسان، وأحدهما يشبه الآخر من جهات عديدة، منها أن الإنسان يرغب، أحياناً، في شيء له فيه الخير والمنفعة، وأحياناً اخرى يميل إلى شيء يضره ويفسده. كذلك المجتمع يرغب حيناً في أمرٍ فيه الخير والمنفعة للجميع، وأحياناً لا يكون في ذلك الأمر خير ومنفعة.
مثال: الإنسان المنهك يميل بشكل طبيعي للاستراحة، وهذا ما فيه منفعته، لأن النوم يدفع السموم الناتجة عن العمل ويأتي بالنشاط والقوة، ويهيء الإنسان لنشاط جديد. المجتمع، أيضاً، يرغب في أن يكون محيطه آمناً وهادئاً لكي يعيش في رفاه وراحة، وهذا الأمر لصالحه أيضاً، لأن أعضاء المجتمع، مع وجود الأمن والهدوء، يستطيعون أن ينشطوا في عملهم ويكونوا سبباً للتقدم والتطور.
ربما كان هناك شخص، وبدافع غريزة الالتذاذ، يرغب في أن يلتذ من الحالة التي يولدها الهيروين، ولكن إشباع هذه الرغبة ليس في صالحه، لأن هذه اللذة تكلفه حياته، وعزته، وشرفه، ومن ثم تؤدي به إلى الفساد والسقوط.
وأعضاء المجتمع، وبدافع فطري طبيعي، يميلون إلى أن يكونوا أحراراً تماماً، يفعلون ما يريدون، يشبعون أهواءهم دون قيد أو شرط، ولكن إشباع هذه الرغبات ليس في صالح المجتمع، لأن الحرية اللامحدودة تأتي بمفاسد كثيرة ومختلفة تدمر المجتمع.
إن وضع القوانين في المجتمع، يعني تعيين حدود الحسن والسيء، والخير والشر، وإذا، حدد واضعو القوانين، الخير والشر بمعيار الصلاح والفساد بين الناس، وأجازوا ما فيه خير وصلاح الناس بقانون، ومنعوا ما فيه الشر والضرر لهم بقانون فإن هذه القوانين تجلب سعادة وصلاح الناس، وتدفع المجتمع نحو التكامل.
أما إذا حدد واضعو القوانين الخير والشر بقبول ورفض المجتمع، وطبقاً لموافقة وعدم موافقة الناس، دون أن يهتموا بما فيه الصلاح والفساد لهم، عندها يمكن أن تكون هذه القوانين مضرة للمجتمع وتأتي بالفساد والتعاسة للناس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار، ج 17، ص 116.