الحذر من الفتنة بسلوك طريق الحق
المؤلف:
السيد محمد الحائري – تحقيق: د. عادل الشاطي
المصدر:
النبأ العظيم في تفسير القرآن الكريم
الجزء والصفحة:
ج1، ص351-352
2024-06-06
1470
{ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [الأنفال: 25]
رَوَى أَبُو أَیوب الأَنصَارِي: أَنَّ النَّبِيّ(صلى الله عليه واله وسلم) قَالَ لِعَمَّار: (ٍ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعدِي هَنَاتٍ، حَتَّى يَختَلِفَ السَّيفُ فِيمَا بَينَهُم، حَتَّى يَقتُلَ بَعضُهُم بَعضَاً، وَحَتَّى يَتَبَرَّأَ بَعضُهُم مِن بَعضٍ، فَإِذَا رَأَيتَ ذَلِكَ، فَعَلَيكَ بِهَذَا الأَصلَعِ عَن يَمِينِي؛ عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِن سَلَكَ النَّاسُ كُلُّهُم وَادِيَاً فَاسلُك وَادِيَ عَلِيٍّ، وَخَلِّ عَنِ النَّاسِ، يَا عَمَّارُ، إِنَّ عَلِيَّاً لَا يَرِدُكَ عَن هُدَىً، وَلَا يَرِدُكَ إِلَى رَدَىً، يَا عَمَّارُ، طَاعَةُ عَلِيٍّ طَاعَتِي، وَطَاعَتِي طَاعَةُ اللَّـهِ)[1].
وَقَالَ ابنُ عبَّاسٍ رَحِمَهُ اللهُ: لـمَّا نَزَلَ قَولُهُ تعَالَى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} حَذَرَهُم رَسُولُ اللَّـهِ(صلى الله عليه واله وسلم) مِن هَذِه الفِتنَةِ، وَأَمَرَهُم أَن يَتَّقُوهَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: اتقُوا فِتنَةً وَلَا تَقرَبُوهَا فَتُصِيبَنَّكُم [2].
یَعنِي: احذَرُوا أَن تُدرِکَکَمُ فِتنَةٌ؛ أَي: عَذَابٌ يُصِیبُ الظَّلَمَة مِنکُم خَاصَّة.
قَالَ [3]: قَالَ النَّبِيُّ(صلى الله عليه واله وسلم): (مَن ظَلَمَ عَلِيَّاً مَقعَدِي هَذَا بَعدَ وَفَاتِي، فَكَأَنَّمَا جَحَدَ نُبُوَّتِي وَنُبُوَّة الأَنبِيَاءِ قَبلِي) [4].
وَاختُلِفَ فِي مَعنَى الفِتنَةِ هُنَا، فَقِیلَ: هِي العَذَابُ، وَالخِطَابُ لأَصحَابِ النَّبِيِّ(صلى الله عليه واله وسلم) خَاصَّةً [5] وَقِیلَ: هِي البَلِیَّةُ الَّتي یَظهَرُ بِهَا بَاطِنُ أَمرِ الإِنسَانِ [6] وَقِیلَ: هِي الضَّلَالَةُ[7].
ثُمَّ اختُلِفَ في إِصَابَةِ هَذَه الفِتنَة؛ فَقِیلَ: إِنَّهَا جَارِیَةٌ علَى العُمُومِ، فَتُصِیبُ الظَّالِم وَغَیرُهُ، أَمَّا الظَّالِمُونَ فَمُعَذَّبُونَ، وَأَمَّا الـمُؤمِنُونَ فَمُمتَحَنُونَ مُمَحَّصُونَ، وَقِیلَ: إِنَّهَا تَختَصُّ بِالظَّالِم؛ لأَنَّ الغَرَضَ مَنعُ النَّاسِ عَن الظُّلـمِ، وَتَقدِیرَهُ: وَاتَّقُوا عَذَابَاً یُصِیبُ الظَّلَمَةَ خَاصَّةً [8].
وَقِیلَ: لَا زَائدَةٌ، وَیَجُوزُ أَن یُقَالَ: إِنَّ الأَلِفَ في لَا لإِشبَاعِ الفَتحَةِ، علَى قِرَاءَةِ مَن قَرَأ: لَتُصِیبَنَّ، وَتَقدِیرَهُ: احذَرُوا أَن یُخَصَّ الظَّالِـمَ مِنکُم بِعَذَابٍ؛ أَي: لَا تَظلِمُوا فَیَأَتِیَکُم عَذَابٌ لَا یَنجُو مِنهُ إِلَّا مَن زَالَ عَنهُ إِسمُ الظُّلـمِ [9].
{وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وَعَن ابن عبَّاسٍ أَیضَاً، أَنَّهُ سُئلَ عَن هَذِه الفِتنَة؟ فَقَالَ: أَبهَمُوا مَا أَبهَمَ اللهُ تعَالَى [10].
[1] مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب: 3/203 عنه 28/68.
[2] بحار الأنوار، المجلسي: 5/282.
[4] مناقب آل أبي طالب، ابن شهرآشوب: 3/17.
[5] الجامع لأحكام القرآن، القرطبي: 4/156.
[6] التبيان في تفسير القرآن، الطوسي: 5/103.
[7] مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي: 4/252.
[8] مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي: 4/453.
[9] مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي: 4/453.
[10] جوامع الجامع، الطبرسي: 2/18.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة