1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية العلمية والفكرية والثقافية :

موقف القرآن والسنة من الثقافة العقلية

المؤلف:  السيد الدكتور سعد شريف البخاتي

المصدر:  الثقافة العقلية ودورها في نهضة الشعوب

الجزء والصفحة:  ص 85 ـ 99

2024-05-25

646

اتفقت كلمة المؤرخين والمفسرين وجميع العلماء، على ان القرآن نزل على الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) بشكل تدريجي، فكانت تنزل الآية والآيتان والعشرة عليه، بحسب ما يتطلبه الموقف والمشروع الذي كان رسول السماء بصدده، وهو هداية الامة والنهوض بها، واخراجها من التخلف المعبر عنه بالظلمات الى نور العلم وهداية المعرفة.
وهذا هو عين ما يطمح اليه مصلحو الامة، والذين يعيشون هـمــوم الواقع المزري؛ ومن هنا فيحسن بنا ان نرى كيف تعامل كتاب الهداية، وكيف استطاع نبي الاصلاح ان ينجح الى حد كبير في مهمته.
عندما نتامل في الطريقة التي اتبعها القرآن في توجيه الجماهير الوجهة الصحيحة، نجد انه ركز على الاصلاح الفكري، وقام باصلاح وترميم الاساس الذي ينطلق منه الانسان في سلوكه، فكان القرآن وطوال ثلاثة وعشرين سنة من الزمن يشير ويؤكد على مسالة مهمة، وهي تسليح الامة بثقافة العقلانية والتفكر، الذي من خلاله تستطيع الامة ان تنير دربها وتضيء حركتها، فنجده - مثلا - يلفت نظر الامة الى الامور التي تحيط بها واستانست بوجودها، بحيث اصبح النظر اليها امرا روتينيا، فياتي القرآن العزيز ليثير دفائن العقول حولها، ويدعو الامة للتفكر في مثل هذه الظواهر التي تلامس حياتهم، ولم يدعهم الى التامل بامور اجنبية عنهم، وعن مكونات بيئتهم، مما يثير فيهم العجز عن بلوغه والسخرية من هكذا دعوات.
ولذا نراه يقول في دعوة صريحة لاولى لبنات الثقافة العقلية، وهي التامل واعمال الفكر: {ان في خلق السماوات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما انزل الله من السماء من ماء فاحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لآيات لقوم يعقلون} [البقرة: 164].
فهذه الآية قد يقرؤها القارئ وهو في غفلة عن مغزاها، وقد يقرؤها النبي ويبينها لاصحابه ولقومه، فيدعوهم الى التامل فيـمـا حـولهـم مــن مفردات الطبيعة، من:
ـ السماوات والارض.
ـ اختلاف الليل والنهار.
ـ والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس.
ـ وما انزل الله من السماء من ماء، فاحيا به الارض بعد موتها.
- وبث فيها من كل دابة.
ـ وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض.
ثم بعد ان يطرح هذه الظواهر الست التي يراها الانسان باستمرار، ويمر عليها بشكل عفوي، تدعوه السماء هذه المرة ليقف عندها؛ ليمعن النظر.
فان هذه الظواهر في آيات عظيمات تخشع لها القلوب وتقشعر لها الجلود، وتنحني لها النفوس، ولكن لا تحصل كل هذه الثمار الا لثلة من ابناء الامة، وهم الذين اعملوا عقولهم: {لقوم يعقلون} [البقرة: 164].
بل يتصيد من بعض النصوص ان الهدف من انزال الكتاب الكريم على قلب المصطفى (صلى الله عليه وآله)، هو ارجاع الامة الى فطرة العقل واعماله والاستفادة منه، كما ورد عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) في احدى خطب الجمعة، حيث قال: (ضرب للناس فيه الامثال، وصرف فيه الآيات؛ لعلهم يعقلون)، وهكذا في سورة الرعد نجد هذا المعنى واضحا في قوله تعالى: {وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون * وفي الارض قطع متجاورات وجنات من اعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون} [الرعد: 3، 4].
فكل مثل ذكره القرآن، وكل آية فيه، انما تهدف لتثقيف المجتمع وتعويده على التفكير، واخراج العقل من سباته العميق، ونومه الذي غط فيه حقبة من الزمن.
فالقرآن الكريم يعطف انظار الامة الى هذه الظواهر الكونية، التي يعيشون معها اغلب اوقاتهم ليتفكروا فيها؛ حتى يتبين لهم حقيقة الامر، فانها آيات كبيرة لذوي العقول النيرة.
وهكذا يتكرر الخطاب القرآني حول التفكر والتعقل في مواطن اخرى كما في سورة النحل آية 10 و13، والعنكبوت 63، والروم 24 و28، والزمر 42، والجاثية 5، و......
انما جاءت الآيات لترسم صورة جديدة لمفاهيم كانت منقوشة في اذهان الامة، مفاهيم بعضها بلغ بها الحسن حد التقديس، وبعضها بلغ بها القبح حد الاستخفاف والسخرية.
فبدات ريشة السماء تستبدل هذه الصور، فتحسن ما كان مستقبحا، وتقبح ما كان مستحسنا، ولكن لا على اساس الهوى - والعياذ بالله. وانما على اساس رصين، وهو التعقل والتفكير الصحيح، والتامل الواعي.
ولذا نجد في مجتمع شبه الجزيرة صورا قد زينت وقدست؛ بسبب انعدام الموضوعية والتفكير الصحيح المبني على اسس موضوعية، من قبيل سنة الآباء والاقدمين، فلا يسمحون لاحد ان يتجاوزها او ينعتق من ربقة قانونها، بل لا يسمح له ان يفكر في مدى جدوائيتها، فنزلت الآيات تترى بين الفينة والاخرى لتنكس اعلامها الشامخة، وترسم قبح هذه السنة المقيتة على اساس انها خالية من التامل، وبعيدة عن فطرة التفكير: {واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه آباءنا اولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون} [البقرة: 170].
فيبدا القرآن بعملية هادئة في الاصلاح الاجتماعي، وهي عملية اصلاح الثقافة بان تكون مبتنية على اساس التفكير، وكل ثقافة تبنى على غير هذه الاسس، فهي ساقطة قرآنيا، لابد من استبدالها بثقافة اخرى.
ولو تاملنا في كتاب ربنا لوجدناه يرجع ثقافة الشرك والالحاد - والتي هي اقبح الثقافات واحطها - الى انعدام ثقافة التعقل والتفكير: {ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون} [البقرة: 171]، {وما كان لنفس ان تؤمن الا باذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون} [يونس: 100]، وكذا نلمس هذا المعنى في سورة الفرقان: {ارايت من اتخذ الهه هواه افانت تكون عليه وكيلا * ام تحسب ان اكثرهم يسمعون او يعقلون ان هم الا كالانعام بل هم اضل سبيلا} [الفرقان: 43 ـ 44].
ان نظرة القرآن وطريقته في التعاطي مع الثقافة العقلية امر يستحق البحث والتدقيق واعادة النظر، فانه يرجع كل تعامل سيء، وكل ظاهرة اجتماعية سلبية الى مشكلة في نظام التفكير: {واذا ناديتم الى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بانهم قوم لا يعقلون} [المائدة: 58].
فان سبب الاستهزاء بالاوامر الالهية - كالصلاة مثلا - في نظر القرآن هو عدم التعقل، وكذا يرجع القرآن الكريم ظاهرة سلبية اخرى في المجتمع المدني الى ثقافة عدم التفكير: {ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون} [الحجرات: 4].
وهكذا يرى القرآن ان سبب الكذب على الله تعالى، هو انتشار وسيادة ثقافة عدم التفكير: {ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب واكثرهم لا يعقلون} [المائدة: 103].
وما اروع الآية الكريمة في وصفها للامة التي لا تتبع قوانين العقل، ولا تسودها ثقافة التفكير، حين تصفهم: {ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون} [الانفال: 22].
بل يظهر من القرآن في مواطن متعددة ان سبب بيان الآيات واظهارها للامة هو نشر حالة التفكر، وتثقيف المجتمع على ثقافة العقلنة والتامل: {كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون} [البقرة: 242]، وكذا {انا انزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} [يوسف: 2]، وفي قوله: {اعلموا ان الله يحي الارض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون} [الحديد: 17].
وهكذا نجد ثقافة التفكير والتعقل واتباع العقل وذم الحياد عنه وبيان عواقبه، تملا مساحات واسعة من آيات القرآن الكريم. وهذا لا يدل على مدح العقل والتعقل والتفكير فحسب، بل يدل بوضوح على ان طريقة الاصلاح التي اتبعها القرآن الكريم هي غرس هذه الثقافة في الامة، وتحسينها في نظر المجتمع، والسير على نهجها عمليا، وتعويدهم عليها لتصبح جزءا من ثقافتهم، بل اسا لثقافة الامة؛ لتكون بعد ذلك {خير امة اخرجت للناس} [آل عمران: 110].
وهنا نقطة مهمة لابد من التنويه عليها، وهي: ان جميع المؤمنين الذين يشعرون بهم المسؤولية ينادون بالاصلاح، وانه لا يتم الا بالرجوع الى القرآن والاستفادة منه، ولكن يبقى السؤال عريضا يلح على الاذهان: كيف نرجع الى القرآن؟ او بعبارة ادق ماذا يعني الرجوع الى القرآن؟
لا يعني الرجوع اليه ان نكثر من قراءته فحسب، بل علينا ان نستفيد من نفس المنهج الاصلاحي الذي استفاد منه القرآن، وها هو سبيل القرآن الكريم لا يخفى على المتامل النبيه - كما المحنا - هو اصلاح الثقافة، ولا بد ان تكون ثقافتنا مبتنية على العقل والتفكير السليم المبتني على قواعد صحيحة، والا فان الذين ذمهم القرآن، ونعتهم بعدم التفكير، وانهم {لا يعقلون} [البقرة: 170] هم في الحقيقة يتفكرون، ويستفيدون من عقوقهم، ولكن استفادتهم وتفكيرهم لم يكن مبتنيا على اسيس سليمة.
ـ من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة) الامام الصادق (عليه السلام).
بعد وضوح موقف القرآن الكريم من الثقافة العقلية، ثقافة التفكير السليم والتامل والتدبر فيما يحيط بنا وما يصدر عنا، فلا اتصور ان هناك من يشك في موقف من ارسل بهذا الكتاب السماوي، وحمل تعاليمه وبلغها الى الامة، من هذه الثقافة وكيف تعامل معها؛ بحكم اتحاد المصدر والهدف الذي يراد الوصول اليه.
فمن غير الممكن ان يامر القرآن بشيء ويحث عليه، وتجد مبلغ القرآن وحامله الى اهل الارض ومفسره لهم يامر بخلافه او يسير على غير هديه، كيف وقد وصف نبي الاسلام بانه قرآن يمشي على الارض؛ لشدة ملاصقته لتعاليم القرآن، ومحاكاته لها.
ولكن علمنا هذا بكون المصطفى (صلى الله عليه وآله) يامر بهذه الثقافة العقلية ويحث عليها، قد يقال بانه علم اجمالي، فلا باس بان نقف تفصيلا على بعض اقواله وسيرته، ونستوضح منها موقفه الصريح من هذه الثقافة.
واول ما ينسبق الى ذهني لاسوقه الى القارئ الكريم قوله (صلى الله عليه وآله): (انما يدرك الخير كله بالعقل، ولا دين لمن لا عقل له) (1).
ماذا يعني هذا الحديث؟ وما هي قيمة الثقافة العقلية عنده؟
ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحصر الخير كله باتباع العقل.. الخير، بل الخير كله، خير الدنيا والآخرة، لا ينال ولا يدرك ولا يمكن الوصول اليه الا بالعقل. وهل يطلب ابناء الدنيا الا الخير، وهل يريد طلاب الآخرة الا الخير؟! نعم، كل انسان انما يتحرك نحو الخير ولا يريد سواه، ولكن قد لا يعرف مصاديق الخير، فيلهث خلف شيء ملؤه الشر، ولكن يحسبه خيرا له.
وهناك لفتة جميلة في الحديث، وهو قوله: (لا دين لمن لا عقل له)، فاذا الجميع يطلب الخير، والخير وحده، ولكن يجهلونه، فياتي المرشد، المنقذ، المنجي، والهادي من حيرة الضلالة؛ ليبين للامة ان الوسيلة الوحيدة التي توصلكم الى الخير هي العقل، حتى الدين؛ فانه لا يمكن الوصول اليه من دون العقل.
فلابد من الالتفات اليه والتعرف على طبيعة عمله، والقوانين التي تحكمه وما هي الامور التي تفسد حركته، فتخرج نتائجه على غير جهة الصواب.
ذات يوم بينما النبي (صلى الله عليه وآله) وسط اصحابه: (واثنى قوم بحضرته على رجل حتى ذكروا جميع خصال الخير، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ: كيف عقل الرجل؟ فقالوا: يا رسول الله، نخبرك عنه باجتهاده في العبادة واصناف الخير تسالنا عن عقله؟ فقال ـ صلى الله عليه وآله ـ: ان الاحمق يصيب بحمقه اعظم من فجور الفاجر وانما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم) (2).
عندما يتقدم النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة والوصية لاحب الخلق اليه علي بن ابي طالب (عليه السلام)، بماذا يوصه؟ يقول: (يا علي، انه لا فقر اشد من الجهل، ولا مال اعود من العقل ...) (3)، وفي حديث آخر يقول (صلى الله عليه وآله): (صديق كل امرء عقله، وعدوه جهله) (4).
انها حكم عالية المضامين، تضع البلسم على الجرح، والنقاط على الحروف، نعم، انها تبين وتعالج اساس المشكلة وجذر الازمة، انه العقل الذي اهملته الامة.
لنتامل معا في هذا الحديث الشريف، الذي يقول فيه الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله).
ما قسم الله للعباد شيئا افضل من العقل
فنوم العاقل افضل من سهر الجاهل
وافطار العاقل افضل من صوم الجاهل
واقامة العاقل افضل من شخوص الجاهل
ولا بعث الله رسولا ولا نبيا حتى يستكمل العقل، ويكون عقله افضل من عقول جميع امته، وما يضمر النبي في نفسه افضل من اجتهاد جميع المجتهدين.
وما ادى العاقل فرائض الله حتى عقل منه، ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل.
ان العقلاء هم اولوا الالباب الذين قال الله (عز وجل): {انما يتذكر اولو الالباب} [الرعد: 19] (5).
كم هي عظيمة هذه الرواية؟! وما هذا المقام الذي يصفه النبي (صلى الله عليه وآله) للعقل؟!
وفي رواية اخرى يقول فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله): (خلق الله العقل فقال له: ادبر، فادبر، ثم قال له: اقبل، فاقبل، ثم قال: ما خلقت خلقا احب الي منك) (6).
ومما يظهر للمتامل ان هناك تركيزا شديدا في حركة الاصلاح، التي قادها نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) على اهمية العقل ودوره في بناء مستقبل الانسان فردا او جماعة، فاتباع العقل، وبناء ثقافة المجتمع على اساسه هو الشعار الذي رفعه للهداية.
وهكذا عندما نرجع الى كلام اهل بيته وورثة علمه، الذين طهرهم الله من الرجس وامر المسلمين باتباعهم، فانا نجد الكثير من الروايات التي تامر الامة وتدفعها نحو العقل، الفاتا لهم الى اهميته، ودوره الخطير، حتى قال الامام الكاظم (عليه السلام) في وصيته لهشام بن الحكم: (يا هشام، ان لله حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة. اما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة واما الباطنة فالعقول) (7).
فالعقل هو حجة الله، يحتج به على خلقه كما يحتج بالرسل والانبياء والائمة (عليهم السلام).
فلو احسن الانسان استعمال التفكير وتقيد بقوانينه، فلا شك انه سيصل الى نتائج كبيرة في دنيا الفكر والعقيدة، وفي عالم التكنولوجيا والنظم، ولا تتقدم الامم الا بمقدار عنايتها بالتفكير والتمرس عليه، وترك ثقافة التبعية والتقليد الاعمى.
وفي كثير من الاحيان لا بد للانسان ان يلجا الى التقليد، ولكن اي تقليد؟!
التقليد الذي يدعو اليه العقل والثقافة العقلية، وهو تقليد اولي الخبرة والتخصص.
اذ العقل يحكم بعدم قدرة الانسان على الالمام بجميع العلوم والصناعات والحرف، فلابد من اللجوء الى الغير من ذوي الخبرة والاختصاص الذين يوثق بهم ويطمان اليهم.
ومن خلال ما تقدم، يمكن ان نتعرف على طبيعة الموقف الذي اتخذه النبي (صلى الله عليه وآله) في تعاطيه مع العقل والثقافة العقلية في حركته الاصلاحية والتي سار على نهجها اهل بيته سلام الله عليهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص 54.
2ـ المصدر السابق، ص 54.
3ـ المحاسن، احمد بن محمد البرقي، ج 1، ص 17، باب العقل.
4ـ المصدر السابق، ص 194.
5ـ المصدر السابق، ج 1، ص 193، باب العقل.
6ـ المصدر السابق، ص 192.
7ـ الكافي، الكليني، ج 1، ص 16، كتاب العقل والجهل.