x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الهدف السامي لخلق الانسان
المؤلف: جماعة من العُلماء
المصدر: نحو حياة أفضل
الجزء والصفحة: ص 223 ــ 226
2024-04-02
884
إننا لنعلم أن الإنسان خلق لهدف أسمى من الأكل والنوم والتمتع والغفلة. وان مسألة تميّز الانسان عن الحيوان تكمن في أن الانسان لا يمكنه أن يكون دائماً محكوماً لاحتياجات جسمه ومنشغلا بتأمين اللذة والاستراحة الجسمية وذلك لأن (جسم الانسان شريف بإنسانيته وروحه) ونفس هذه الروح الانسانية هي التي تملك سعادة التكامل الاختياري ولياقة النمو والتسامي المتواصل اللامحدود الذي يوصل الإنسان إلى أسمى المراتب من القرب والطهارة والنور والكمال العلوي.
إن ازدواج الجسم والروح في الانسان ازدواج ذو أسرار عجيبة بحيث يستطيع من جهة أن يمنح قيادة للعقل فيتصاعد حتى يصل إلى أسمى من مرتبة الملائكة كما يستطيع ان يتسافل حتى يهوي إلى مهوى الهوى والمتع المادية الرخيصة فيكون اقل من الحيوان واخطر من السباع... ومن المسلم به ان الحيوان لا يلام بأنه يشبع نهم غرائزه الحيوانية فقط وذلك لأنه لا يتمتع بقوة عقلية ضابطة تقف أمام طغيان الغرائز واحتياجاتها، فهو ودون أن يدري محكوم لغرائزه، ولكن الإنسان المتمتع بنعمة العقل وهداية الانبياء ان رفض هذه النعم وصار أسيراً لأكله ونومه ومتطلبات بدنه فهو في الواقع أضل من الحيوان: {أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179]، {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ} [الأنفال: 22].
الحياة الحقيقة
إن الحياة الحقيقة والمعنوية للأنسان تتفتح بارتباطه بالله تعالى فبذكر الله تطمئن القلوب، وتتحرك الطاقات نحو الترقي المعنوي والكمال.
ولهذا سعى كل الانبياء ليربطوا الانسان بالله، وكل الفدائيين والمجاهدين في طريق الحق والفضيلة جاهدوا في سبيل هذا الهدف السامي ولإبقاء هذه العلاقة والرابطة.
إن هذه الرابطة والمعرفة الواقعية هي التي تنقذ روح الانسان من شراك الارتباط الأرضي المانع عن الانطلاق وتشدها للآفاق السماوية البنّاءة ففي ظل هذه العلاقة فقط يتواجد الايمان والشهامة والجهاد والتحمل ومعرفة الواجب واتباع الفضيلة.
وإن التاريخ ليذكر نماذج كثيرة استطاعت بإقرار هذه العلاقة والاعتقاد ان تنتقل من أبعد نقاط الضلال وأعمق وديان الانحراف إلى أعلى قمم الهداية والقرب والواقعية.
هذا سلمان: كان ايرانيا مشرداً مضطهداً يعيش وينتقل ليرى الأراضي الجديدة ... وكان بالتالي أسيراً يباع عبداً ليهودي ويشتغل فلاحاً في حقل سيده اليهودي في نخيل المدينة.
... ويهاجر الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ويتشرف سلمان بلقائه في حالة ملؤها الروعة ولا تمضي مدة حتى تتصاعد درجات ايمانه حتى تصل أوجها فيعده النبي (صلى الله عليه وآله) من أهل بيته الطاهرين (سلمان منا أهل البيت) (1) ويقول في التعريف به (سلمان بحر لا ينزف وكنز لا ينفذ) (2).
وهذا أبو ذر: الراعي المجهول في صحراء الربذة (3) البعيد من قصة خلق الله للعالم، البعيد عن الانسان، البعيد عن الله ولذلك كان بعيداً عن الفضائل ولم يكن بالطبع يمتلك أي تأثير أو وزن اجتماعي ... هذا الراعي المجهول يرى النبي (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك ويعرف الله ويرتبط وجوده به برابطة قوية لا تنفصم ... فلم يعد في صفحة التاريخ ذلك الراعي المجهول بل عاد عاصفة قوية لا تلين أمام سياط الإنحراف، يقف أمام قصر معاوية فيمطره بالحملات الشجاعة ليرتجف القصر لأن قامته النحيلة الهزيلة كانت شعلة من شعل الحق تنهد لهولها أوكار الانحراف والكذب فتعود وهي رماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، اما لسانه الناطق بالحق فقد كان سيفاً لا يضرب إلآ رؤوس المنحرفين المتخاذلين عن الحق.
أويس القرن ... راعي الإبل ... البدوي المجهول الذي يعيش مع أم عجوز في اليمن... انه ينمو في ضوء الشمس الإسلامية كنبت غصن مورق في أرض بلقع مجهولة ويقبل الإسلام ويتسامى حتى يصل إلى المرتبة التي يقول فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في محبته:
(واشوقاه اليك يا أويس) (4).
لقد كانت عيونه المعلقة بالوجود الالهي أكثر سهراً في الليل من النجوم اللوامع في الصحراء ولربما كانت قامته القويمة تصل طلوع الشمس بغروبها بالسجود والقيام والركوع.
وما أكثر عدد هؤلاء العظماء الذين يملأون صفحات التاريخ بحيث يصعب عدّهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بحار الأنوار، ج 22، ص 326.
2ـ المصدر السابق، ص 348.
3ـ وهي منطقة جافة حارة في الحجاز وقد دفن فيها ابو ذر ايضاً.
4ـ سفينة البحار، ج 1، ص 53.