1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

علم الفيزياء : الفيزياء العامة :

قانون حفظ الطاقة: كلما تغيرت الأشياء ازدادت ثباتًا....

المؤلف:  والتر لوين ووارن جولدستين

المصدر:  في حب الفيزياء

الجزء والصفحة:  ص189–197

2024-01-14

1299

في أحد أشهر العروض العملية التي قدمتها على مدار سنوات، خاطرتُ بحياتي بوضع رأسي مباشرةً في مسار كرة الهدم – يجب أن أقول إنها كانت نسخة مصغرة من كرة الهدم، لكنها كانت قادرة على قتلي بسهولة. وبينما تُصنع كرات الهدم، التي تستعين بها طواقم الهدم من ثقل موازنة، أو ثقل كروي يبلغ وزنه آلاف الكيلوجرامات، فإنني أصنع كرة الهدم التي استخدمها بوزن 15 كيلوجراما – حوالي 33 رطلا. أقف في أحد أطراف قاعة المحاضرات ورأسي مستند إلى الحائط، ممسكا ثقل الموازنة في يدي، مؤمنا جسدي بالكامل عند تحرير الثقل الكروي، يجب أن أكون شديد الحذر لئلا أعطيها أي دفعة وإن كانت ضربة بسيطة؛ فأي دفعة بسيطة من شأنها أن تصيبني – أو ربما تقتلني، كما أقول كما أطلب من طلابي ألا يشتتوني، أو يحدثوا ضجيجا، بل وأن يتوقفوا عن التنفس لبرهة – وأؤكد إنهم إن لم يفعلوا ذلك فلربما تكون تلك آخر محاضرة ألقيها عليهم.

ينبغي أن أقر أن كل مرة أقدم فيها هذا العرض العملي؛ أشعر بارتفاع معدل الأدرينالين لدي حين تتأرجح الكرة عائدة إلي؛ وبقدر ما أكون مطمئنا أن الفيزياء ستنقذني، أقف ساكنا والكرة تطير وتقف على قيد أنملة من ذقني. أطبق أسناني لا إراديا. ولا أكذبكم القول، أغلق عيني أيضًا. وقد تتساءل عما يدفعني إلى القيام بمثل هذا العرض العملي؟ والإجابة هي ثقتي المطلقة في أحد أهم مفاهيم الفيزياء – إنه قانون حفظ الطاقة.

من أبرز السمات في عالمنا أن كل شكل من أشكال الطاقة يمكن أن يتحول إلى شكل آخر، وشكل ثالث ورابع، وقد يرجع إلى الشكل الأصلي. فالطاقة يمكن أن تتحول ولكنها لا تتبدد. وفي الواقع، هذا التحول يحدث طوال الوقت. وجميع الحضارات، بما فيها أقل الحضارات تطورًا تكنولوجيا، تعتمد على هذه العملية وبصور مختلفة. وهذا بلا شك ما تفعله لنا عملية تناول الطعام؛ حيث تحول الطاقة الكيميائية في الطعام التي غالبا ما تكون مختزنة في الكربون إلى مركب يُسمى بالأدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP)، الذي يختزن الطاقة التي تستعين بها خلايانا للقيام بأنشطة مختلفة. وهذا عينه ما يحدث عند إشعال نيران المخيم إذ تتحول الطاقة الكيميائية المختزنة في الخشب أو الفحم (يتحد الكربون في كليهما مع الأكسجين) إلى حرارة وثاني أكسيد الكربون.

وهذا القانون ما يدفع السهم عبر الهواء بعد إطلاقه من القوس، بحيث تتحول الطاقة الكامنة التي تنشأ عند سحب وتر القوس، إلى طاقة حركية، مما يدفع السهم إلى الأمام. وفي البنادق تتحول الطاقة الكيميائية في البارود إلى طاقة حركية لغاز سريع التمدد يدفع الرصاص من ماسورة البندقية وعند ركوب الدراجة، تتحول الطاقة الكيميائية المختزنة في الإفطار أو الغداء الذي تناولته والتي حولها جسدك بدوره إلى شكل مختلف من الطاقة الكيميائية، وهو الأدينوسين ثلاثي الفوسفات، إلى تلك الطاقة التي تدفع بها البدالات؛ حيث تستعين عضلاتك بتلك الطاقة الكيميائية، محولة بعضًا منها إلى طاقة ميكانيكية لقبض وبسط عضلاتك، مما يمكنك من دفع البدالات. كذلك تتحول الطاقة الكيميائية في بطارية السيارة إلى طاقة كهربية عند إدارة مفتاح التشغيل؛ إذ تتجه بعض تلك الطاقة الكهربية إلى الأسطوانات حيث تشعل وقود السيارة، ومن ثم تتحرر الطاقة الكيميائية من الوقود وهو يحترق بعد ذلك، تتحول تلك الطاقة إلى حرارة، وهو ما من شأنه أن يرفع ضغط الغاز في الأسطوانات، وذلك بدوره ما يضغط المكابس تدير المكابس عمود المرفق، ومن ثم يرسل ناقل الحركة الطاقة إلى العجلات، مما يجعلها تدور هكذا من خلال هذه العملية المدهشة تستغل الطاقة الكيميائية للوقود لتمكننا من القيادة.

تعتمد السيارات الهجينة جزئيا على هذه العملية لكن بصورة معكوسة؛ حيث تحول تلك السيارات بعضًا من الطاقة الحركية للسيارة. عند ضغط المكابح – إلى طاقة كهربية تختزن في البطارية وتدير المحرك الكهربي. وفي الأفران التي تُشعل بالزيت، تُحوّل الطاقة الكيميائية في الزيت إلى حرارة، مما يرفع درجة حرارة المياه في نظام التدفئة، ثم تدفعها مضخة بعد ذلك عبر أجهزة التدفئة. وفي مصابيح النيون، تتحول الطاقة الحركية للشحنات الكهربية التي تسري عبر أنبوب غاز النيون إلى ضوء مرئي.

وتطبيقات هذا القانون لا حصر لها. ففي المفاعلات النووية، تحول الطاقة النووية المخزنة في نويات اليورانيوم أو البلوتونيوم إلى حرارة تُحوّل بدورها المياه إلى بخار، والبخار بدوره يدير التوربينات التي تولّد الكهرباء. تُحوّل الطاقة الكيميائية المختزنة في الوقود الحفري – في الفحم والغاز الطبيعي إضافة إلى النفط والجازولين – إلى حرارة، في محطات الطاقة، وفي النهاية تُحوّل إلى طاقة كهربية.

كما يمكنك مشاهدة عجائب تحول الطاقة جليةً عند صناعة البطارية؛ وللبطاريات أنواع كثيرة مختلفة، بدءًا من تلك الموجودة في السيارات التقليدية أو الهجينة، إلى تلك التي تُشغل فأرة الكمبيوتر اللاسلكية أو الهاتف الخلوي صدق أو لا تصدق، يمكنك أن تصنع بطارية من ثمرة بطاطا وعملة معدنية ومسمار مجلفن وقطعتين من سلك نحاسي (كل منها بطول ست بوصات، مع كشط العزل بسمك نصف بوصة عند كل طرف). اغرس معظم المسمار في أحد طرفي ثمرة البطاطا، ثم افتح شقًا في الطرف الآخر للعملة المعدنية، واغرس العملة في ذلك الشق. ثبت طرف إحدى قطعتي السلك فوق المسمار (أو لفها حول رأس المسمار)؛ ثم ثبت القطعة الأخرى من السلك على العملة أو دسها في الشق بحيث تلامس العملة. ثم لامس طرفي السلك الحرين بالأسلاك الصغيرة لمصابيح تزيين شجرة عيد الميلاد. هنا من المفترض أن يرتعش المصباح قليلا. خالص التهاني! يمكنك الاطلاع على عشرات من تلك الابتكارات على موقع يوتيوب – جرب محاكاتها.

لا حاجة لذكر أن تحولات الطاقة تحدث حولنا طوال الوقت، لكن بعضها يكون أوضح من بعض وأحد أكثر تلك التحولات مخالفة للبديهة هو ما نطلق عليه طاقة وضع الجاذبية. إننا نعتقد أن الأجسام الساكنة بصفة عامة لا طاقة لها، إلا أن الأجسام الساكنة لها طاقة؛ بل مقدار كبير منها. فنظرًا لأن الجاذبية تجذب الأجسام دائما نحو مركز الأرض، فإن كل جسم تلقيه من ارتفاع محدد يكتسب سرعة. وبهذا النحو، تفقد تلك الأجسام طاقة وضع الجاذبية مكتسبةً طاقة حركية – فهنا ما من طاقة فانية ولا طاقة مستحدثة من عدم؛ إنها معادلة صفرية. وهكذا عند سقوط جسم بكتلة محددة من ارتفاع محدد، فإن طاقة الوضع تقل بمقدار حاصل ضرب الكتلة في عجلة الجاذبية في الارتفاع، (بالأخذ في الاعتبار أن عجلة الجاذبية تساوي 9.8 متر في الثانية)، فيما تزداد طاقة الحركة بنفس المقدار. أما عند تحريك الجسم لأعلى إلى ارتفاع محدد، فإن طاقة وضعه الثقالية تزداد بمقدار حاصل ضرب كتلة الجسم في عجلة الجاذبية في الارتفاع، وسيكون عليك توليد هذه الطاقة (ستضطر إلى بذل شغل). ومن ثم، إذا كان كتاب بكتلة كيلوجرام واحد (ما يعادل 2.2 رطل) موضوعًا على رف على ارتفاع مترين (حوالي 6.5 قدم) من الأرض، ثم سقط على الأرض، فإن طاقة وضعه الثقالية ستقل بمقدار 1×9.8×2 = 19.6 جول، لكن طاقة حركته ستصبح 19.6 جول عند وصوله إلى الأرض.

في رأيي أن مصطلح طاقة وضع الجاذبية مصطلح ممتاز؛ انظر إلى الأمر على النحو الآتي: إذا رفعتُ الكتاب عن الأرض ووضعته على الرف، فإن القيام بذلك سيتطلب بذل 19.6 جول من طاقتي. فهل تفنى هذه الطاقة؟ لا! فبعد وضع الكتاب على الرف على ارتفاع مترين عن الأرض، سيكون لديه «القدرة» أن يعيد إلي تلك الطاقة في صورة طاقة حركة – حينما أسقطه على الأرض مرة أخرى، سواء أكان هذا في اليوم التالي أو العام المقبل وكلما زاد ارتفاع الكتاب عن الأرض، فإن طاقة وضعه تزداد، لكن بالطبع سيتعين علي بذل مثل هذا المقدار الأكبر من الطاقة لوضع الكتاب في مكان أعلى. بطريقة مماثلة، يتطلب الأمر طاقة لسحب وتر القوس للخلف عندما تريد إطلاق سهم. تلك الطاقة تكون مختزنة في القوس ويمكنك، وقتما شئت، تحويل طاقة الوضع هذه إلى طاقة حركة، مما يمد السهم بسرعته.

والآن، بالاستعانة بمعادلة بسيطة سأوضح لك شيئًا مذهلًا. إذا تحملت بعض الرياضيات، سأوضح لك سبب نجاح أشهر تجربة لجاليليو. تتذكر أنه يُقال إن جاليليو كان يسقط كرات بكتل مختلفة (ومن ثم أوزان مختلفة) من برج بيزا المائل ليثبت أن معدل سرعة سقوط الكرات لا يعتمد على كتلتها فبناء على قوانين نيوتن للحركة، تتناسب طاقة حركة جسم متحرك مع كل من كتلة الجسم ومربع سرعته، والمعادلة التي تعبر عن هذا القانون هي: طاقة الحركة = 2/1 الكتلة × مربع السرعة. وبما أننا نعلم أن التغير في طاقة وضع الجاذبية للجسم يُحوَّل إلى طاقة حركة، فبإمكاننا استنتاج أن الكتلة × عجلة الجاذبية × الارتفاع = 2/1 كتلة × مربع السرعة. فإذا قسمت طرفي المعادلة على الكتلة، تُحذف الكتلة من كلّ من طرفي المعادلة، فيصبح لديك عجلة الجاذبية × الارتفاع = 2/1 × مربع السرعة. وللتخلص بعد ذلك من الكسر، نضرب طرفي المعادلة في 2، ليكون لدينا 2×عجلة الجاذبية × الارتفاع= مربع السرعة. وهذا يعني أن السرعة، التي كان جاليليو يحاول قياسها تساوي الجذر التربيعي لحاصل ضرب 2×عجلة الجاذبية×الارتفاع. (1) لاحظ أن الكتلة قد اختفت تمامًا. من المعادلة يُعزى ذلك إلى أنها ليست عاملا – بمعنى أن السرعة لا تعتمد على الكتلة. ودعونا ننظر مثالا محددًا، إذا أسقطت صخرة (بأي كتلة كانت) من ارتفاع 100 متر، فسوف ترتطم بالأرض بسرعة 45 مترًا في الثانية تقريبا، أو. 100 ميل في الساعة، في حالة انعدام مقاومة الهواء.

تصور صخرة بأي كتلة كانت تسقط من ارتفاع بضع مئات الآلاف من الأميال عن الأرض؛ فما سرعة اختراق تلك الصخرة للغلاف الجوي لكوكب الأرض؟ من المؤسف أننا لا نستطيع الاستعانة بالمعادلة البسيطة المذكورة بالأعلى: السرعة تساوي الجذر التربيعي لحاصل ضرب 2 في عجلة الجاذبية في الارتفاع، وذلك لأن عجلة الجاذبية تعتمد اعتمادًا أساسيًّا على بُعد الجسم عن الأرض. فمثلا، بحسب بعد القمر عن الأرض (240,000) ميل يُفترض أن تكون عجلة الجاذبية إلى الأرض أقل بحوالي 3600 مثل عنها في حالة اقتراب الجسم من سطح الأرض. وثق في كلامي دون إدراج العمليات الحسابية المعبرة عن ذلك، ستكون السرعة حوالي 25,000 ميل في الساعة!

ربما بإمكانك الآن إدراك مدى أهمية طاقة وضع الجاذبية في علم الفلك. حين تسقط مادة من على مسافة كبيرة على نجم نيتروني، فإنها تصطدم بالنجم النيتروني بسرعة تُقدر بـ 100,000 ميل في الثانية، نعم في الثانية إذا كانت كتلة الصخرة كيلوجرام واحد، فإن طاقة حركتها ستكون 13 ألف تريليون (1015×13) جول، وهو ما يضاهي مقدار الطاقة التي تنتجها محطة طاقة ضخمة (بقدرة 1000 ميجاواط) في نصف عام.

إن فكرة أن أنواع الطاقة المختلفة يمكن أن يُحوّل بعضها إلى بعض، ثم تعود إلى أصلها مرة أخرى فكرة مذهلة بلا شك، لكن الأكثر إثارة للدهشة أنه لا يوجد أبدا فاقد في الطاقة. أمر مذهل بحق ولهذا السبب، لم تقتلني كرة الهدم.

فحين أسحب الكرة التي تزن 15 كيلوجراما باتجاه ذقني على مسافة رأسية محددة، فإنني بذلك أزيد طاقة وضعها الثقالية بمقدار حاصر ضرب الكتلة × عجلة الجاذبية × المسافة الرأسية. حين أسقط الكرة، فإنها تتأرجح عبر القاعة بفعل قوة الجاذبية، وهكذا تُحوَّل طاقة وضع الجاذبية إلى طاقة حركة؛ وبحسب القانون التغير في طاقة وضع الجاذبية = الكتلة × عجلة الجاذبية × الارتفاع، فإن الارتفاع هنا هو المسافة العمودية بين ذقني وأدنى موضع لكرة الهدم المعلقة في طرف الحبل. وهكذا، حين تصل الكرة إلى أدنى نقطة خلال تأرجحها، تصبح طاقة ركتها مساوية لمقدار حاصل ضرب الكتلة × عجلة الجاذبية × الارتفاع. أما حين تتم الطاقة قوس التأرجح بالغة أعلى نقطة لها تعود طاقة الحركة إلى طاقة وضع الجاذبية – لهذا السبب عند أعلى نقطة للبندول في تأرجحه، تتوقف الكرة للحظة. وانعدام طاقة الحركة، يعني عدم وجود حركة. لكن هذا لا يكون إلا لوهلة قصيرة لأن الكرة تعود للانخفاض مرة أخرى في عكس اتجاه تأرجحها، مما يحوّل طاقة الوضع إلى طاقة حركة مرة أخرى. ويُطلق على مجموع طاقتي الحركة والوضع الطاقة الميكانيكية، وفي غياب الاحتكاك (وفي حالتنا هذه يتمثل الاحتكاك في مقاومة الهواء للكرة)، لا تتحول الطاقة الميكانيكية إلى شكل آخر من الطاقة – لكنها تُحفظ.

وهذا يعني أن الكرة لا يمكن أن تتعدى ارتفاع النقطة التي أُطلقت منها – وذلك طالما لم تعط لها أي طاقة إضافية خلال تأرجحها. إن مقاومة الهواء بمنزلة وسادة أمان بالنسبة لي؛ إذ تمتص مقاومة الهواء مقدارًا ضئيلا من الطاقة الميكانيكية للبندول، محولةً إياه إلى حرارة. ومن ثم تتوقف الكرة على بعد ثُمن بوصة من ذقني. وقد شاهدتني سوزان أثناء قيامي بذلك العرض العملي ثلاث مرات – وفي كل مرة ترتعد فرائصها خوفًا. كما سألني أحدهم يوما عما إذا كنتُ أتمرن كثيرًا على هذا العرض العملي، ودائما ما كنت أجيب بالحقيقة؛ وهي أنني لست مضطرًا للتمرن؛ لأنني أثق في حفظ الطاقة تمام الثقة.

لكن لو أنني أعطيت الكرة أقل دفعة ممكنة وأنا أحررها – لنفترض مثلًا أنني سعلت فدفعتُ الكرة دفعةً بسيطة – لعادت متأرجحة إلى نقطةٍ أعلى قليلا من تلك التي أطلقتها منها، ومن ثم كانت ستصطدم بذقني.

يرجع جزء كبير من الفضل في اكتشاف قانون حفظ الطاقة إلى عمل جيمس جول، خلال منتصف القرن التاسع عشر. فقد كان عمله محوريًا لفهم طبيعة الطاقة، لدرجة أن الوحدة الدولية لقياس الطاقة الجول، قد سميت باسمه. كان والد جيمس جول قد أرسله مع أخيه للتتلمذ على يد العالم التجريبي المشهور جون دالتون؛ ومن الواضح أن دالتون لم يألُ جهدًا في تعليم جول. وحين ورث جول مصنع والده، أجرى عددًا كبيرًا من التجارب الفذة في قبو المصنع، سابرًا أغوار خواص الكهرباء والحرارة والطاقة الميكانيكية بتجارب عبقرية؛ ويرجع إليه الفضل في اكتشاف أن التيار الكهربي يولد حرارة في الموصل، وهو ما توصل إليه من خلال وضع ملفات من معادن مختلفة ذيسري فيها تيار كهربي في برطمانات زجاجية مملوءة بالماء وقياس التغيرات في درجة حرارتها.

كان عمل جول يستند إلى الرؤية الجوهرية بأن الحرارة شكل من أشكال الطاقة وهو ما جاء ليدحض المفهوم واسع النطاق عن الحرارة لسنوات طويلة؛ إذ كان من المعتقد أن الحرارة نوع من الموائع، وكان يُطلق عليها السيال الحراري (أو الكالوريك) – وهي الكلمة التي اشتق منها التعبير المعاصر سعر حراري – وقد كان المعتقد الشائع في ذلك الوقت أن هذه الحرارة المائعة تتدفق من المناطق عالية التركيز إلى المناطق منخفضة التركيز وهذا السيال الحراري لا يُمكن أن يُستحدث أو يفنى. لكن جول سجل ملاحظته لأن الحرارة تتولد في عدة أشكال، مما رجح أنها ذات طبيعة مختلفة. على سبيل المثال، درس جول الشلالات، ووجد أن الماء في القاع أدفأ منه في الأعلى، وخلص إلى أن الفرق في طاقة وضع الجاذبية بين أسفل الشلال وأعلاه تتحول إلى حرارة. كما لاحظ أن درجة حرارة المياه ترتفع حين تُحركها عجلة التجديف، وهي إحدى تجارب جول المشهورة؛ وقد توصل في عام 1881 إلى نتائج شديدة الدقة فيما يتعلق بتحويل طاقة حركة عجلة التجديف إلى حرارة.

في هذه التجربة، وضع جول مجموعة من المجاديف في حاوية مملوءة بالمياه، وربطها بحبل يمر فوق بكرة، وعلق في طرفه ثقلا عند انخفاض الثقل، كان الحبل يلف عمود المجاديف، ومن ثم تدور البدالات في حاوية المياه. بتعبير أكثر دقة، أنزل جول كتلة «ك» معلقة بحبل على ارتفاع «ع»؛ ومن ثم فإن مقدار التغير في طاقة الوضع هو حاصل ضرب الكتلة في عجلة الجاذبية في الارتفاع، وهو المقدار الذي حوله هذا الاختراع إلى الطاقة الدورانية (الحركية) للمجداف، وهو ما رفع درجة حرارة المياه. وفيما يلي رسم توضيحي لهذا الجهاز.

ترجع عبقرية هذه التجربة إلى تمكن جول من حساب مقدار الطاقة التي كان ينقلها للمياه بدقة، وهو ما كان يساوي مقدار حاصل ضرب الكتلة في عجلة الجاذبية في الارتفاع. وكان الوزن ينخفض ببطء؛ لأن الماء كان يحول دون دوران البدال بسرعة. ومن ثم، يهبط الوزن إلى الأرض بمقدار لا يُذكر من طاقة الحركة. وهكذا نُقلت كل طاقة وضع الجاذبية المتاحة إلى الماء.

إذن، كم يبلغ مقدار وحدة الجول؟ إذا أسقطت جسما وزنه كيلوجرام من ارتفاع 0.1 متر (10 سنتيمترات)، فإن طاقة حركة الجسم تزداد بمقدار الكتلة في عجلة الجاذبية في الارتفاع، وهو ما يبلغ حوالي جول واحد قد لا يبدو ذلك مقدارًا كبيرًا، لكن وحدات الجول سرعان ما تزداد فعلى سبيل المثال، يحتاج لاعب دوري كرة القاعدة الرئيسي إلى 140 جول من الطاقة لكي يضرب كرة القاعدة بسرعة أقل قليلًا من 100 ميل في الساعة، وهو نفس مقدار الطاقة الذي يستلزمه رفع وعاء يمتلئ بـ 14 كيلو من التفاح لارتفاع متر كامل (2).

كذلك، 140 جول من طاقة الحركة كافية لقتل إنسان في حالة إطلاق الجسم بسرعة، بحيث يكون تركيز الطاقة عاليا. بعبارة أخرى، إذا امتد إطلاق الجسم لساعة أو ساعتين، فقد لا تلاحظ اصطدامه بك من الأساس؛ كما أن إطلاق كل تلك الجولات في صورة وسادة تصطدم بك بشدة، لن يقتلك. لكن، ماذا يحدث عند إطلاقها بسرعة مكثفة في رصاصة أو صخرة أو كرة قاعدة في جزء من الثانية؟ لا شك أن الأمر سيكون مختلفا تمامًا. وهذا يعيدنا من جديد إلى كرات الهدم لنفترض أن لديك كرة هدم بوزن 1000 كيلوجرام (أي طن) ألقيتها من ارتفاع خمسة أمتار؛ فستحوّل هذه الكرة حوالي 50000 جول من طاقة الوضع التغير في طاقة الوضع = 1000×10×5 إلى طاقة حركة يا لها من ضربة قاضية، ولا سيما إذا أطلقت على مدى زمني شديد القصر. وبالاستعانة بمعادلة الطاقة الحركية، يمكننا إيجاد السرعة أيضًا. تتحرك الكرة عند أدنى نقطة في تأرجحها بسرعة 10 أمتار في الثانية (حوالي 22 ميلا في الساعة)، وهي سرعة مهولة بالنسبة لكرة تزن طنًّا.

_____________________________________
هوامش

(1) إذا أردت تجربة هذه المعادلة في المنزل، فعوّض عن عجلة الجاذبية بـ 9.8، وعوض عن الارتفاع بالمتر، ومن ثم، ستكون السرعة بالمتر لكل ثانية. فإذا كان الارتفاع 5.1 متر (عن الأرض)، فإن الجسم سيرتطم بالأرض بسرعة 5.4 متر في الثانية، وهو ما يعادل 12 ميلا في الساعة.

(2) للتبسيط، عوضتُ هنا عن عجلة الجاذبية 8 بـ 10 أمتار لكل ثانية، وكثيرًا ما نفعل ذلك في الفيزياء.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي