1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

علم الفيزياء : الفيزياء العامة :

سحر ممصات الشرب

المؤلف:  والتر لوين ووارن جولدستين

المصدر:  في حب الفيزياء

الجزء والصفحة:  ص76–81

2024-01-06

1057

لنبدأ بحيلة بسيطة لا بد أنك قمتَ بها عشرات المرات. إذا وضعت ماصة كأس ماء – أو في كأس مليء بعصير التوت البري كما أحب أن أفعل أنا في صفي – فستجدها تمتلئ بالعصير. فإذا سددت فتحتها العلوية بإصبعك ورفعتها عن الكأس فستجد العصير يظل فيها ولا يسقط؛ الأمر يشبه السحر. ما السبب في هذا؟ تفسير ذلك ليس بهذه البساطة.

كي نفسر ذلك، وهو الأمر الذي سيساعدنا على فهم آلية عمل البارومتر، لا بد لنا أن نفهم آلية عمل الضغط في السوائل. يسمى ذلك الضغط الذي يسببه السائل وحده الضغط الهيدروستاتيكي (كلمة الهيدروستاتيكا Hydrostatic» مشتقة من كلمة لاتينية تعني سائل ساكن) لاحظ أن إجمالي الضغط الموجود تحت سطح سائل ما – كمحيط مثلا – هو مجموع الضغط الجوي الموجود فوق سطح الماء (تماما كما كان الحال يدك المفرودة) والضغط الهيدروستاتيكي. إليك هذا المبدأ الأساسي: في أي سائل ساكن، يتساوى الضغط على المستويات المتساوية. وبناءً عليه، يتساوى الضغط في كل مكان من المستويات المستعرضة.

ومن ثم، إذا كنتَ في حوض سباحة، وغمرت يدك بعمق متر واحد تحت سطح الماء عند الجزء الضحل من حوض السباحة فسيصير إجمالي الضغط الواقع على يدك، والذي هو مجموع الضغط الجوي (1 ضغط جوي) والضغط الهيدروستاتيكي، متطابقا تماما مع الضغط الواقع على يد صديقك الذي يغمر يده تحت سطح الماء بمتر واحد أيضًا ولكن في الجزء العميق من حوض السباحة. لكنك إذا غمرت يدك لعمق أكبر، لنقل مترين، تحت سطح الماء، فسوف تتعرض لضغط هيدروستاتيكي مضاعف. فكلما زاد قدر السائل الموجود فوق مستوى معين تعاظم الضغط الهيدروستاتيكي في ذلك المستوى.

وبالمناسبة، ينطبق المبدأ ذاته على ضغط الهواء أيضًا. فأحيانا ما نرى غلافنا الجوي مثل محيط من الهواء، وفي قاع ذلك المحيط، فوق الجانب الأعظم من سطح الأرض، يقدر الضغط الجوي بنحو 1 ضغط جوي. لكن إذا صعدنا إلى قمة جبل شاهق فسنجد الهواء أقل، ومن ثم سينخفض الضغط الجوي. فعلى قمة جبل إيفرست يبلغ الضغط الجوي نحو ثلث ضغط جوي واحد.

لكن لو لسبب ما لم يكن الضغط متساويًا على طول سطح مستو، فحينها سيتدفق السائل إلى أن يتعادل الضغط في طول السطح المستوي بأكمله. مرة أخرى تصدق هذه القاعدة على الهواء أيضًا، ونعرف نحن هذا التأثير باسم الرياح – فهي تنتج عن تحرك الهواء من ضغط عالٍ إلى ضغط منخفض حتى تختفي هذه الفروقات، ولا تتوقف الرياح إلا حين يتعادل الضغط.

ماذا يحدث مع ماصة الشرب إذن؟ عندما تضع الماصة داخل الشراب – بينما لا تزال فوهتها العليا مفتوحة – يدخل السائل إلى الماصة حتى يصل سطحه إلى ذات المستوى الذي يصله السائل داخل الكأس وخارج الماصة؛ ويكون الضغط في السطحين كليهما متساويا:1 ضغط جوي.

والآن تصور أنني مصصت السائل عن طريق الماصة. حينها سوف أسحب منها بعض الهواء وهو الأمر الذي يخفض ضغط عمود الهواء الذي يعلو السائل داخل الماصة. إذا ظل السائل داخل الماصة في مكانه فسيقل الضغط على سطحه عن 1 ضغط جوي؛ وذلك لأن ضغط الهواء فوق السائل قد انخفض. ومن ثم فإن الضغط في السطحين، داخل الماصة وخارجها اللذين هما على ذات المستوى (في ذات المستوى الأفقي) سيتباين، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يكون. ومن ثم فإن السائل يرتفع داخل الماصة، إلى نفس مستوى سطحه خارج الماصة حتى يصير 1 ضغط جوي. وإذا كان مع امتصاص الشراب ينخفض الضغط الماصة بنسبة 1 بالمائة (أي من 1.00 ضغط جوي إلى 0.99 ضغط جوي)، فإن هذا الشراب أيا كان – ماء كان أو عصير توت أو عصير ليمون – سيرتفع لنحو 10 سنتيمترات. كيف عرفت أنا ذلك؟

لا بد أن يرتفع السائل كي يعوض ذلك النقص في ضغط الهواء البالغ 0.01 ضغط جوي فوق السائل الموجود في الماصة. ومن معادلة حساب الضغط الهيدروستاتيكي في السوائل والتي لن أتطرق إليها هنا، عرفتُ أن الضغط الهيدروستاتيكي لـ 0.01 ضغط جوي للماء أو أي سائل غيره في نفس كثافته يسببه عمود من 10 سنتيمترات.

إذا كان طول ماصة الشرب الذي تشرب منها 20 سنتيمترًا، فسيكون عليك أن تمتص بقوة كافية لخفض ضغط الهواء إلى 0.98 ضغط جوي كي يرتفع الشراب إلى عشرين سنتيمترًا ويصل إلى فمك. تذكر هذا فسوف تدرك أهميته في وقت لاحق. الآن بعد أن صرت تعرف كل شيء عن انعدام الوزن في المكوكات الفضائية وعن طريقة عمل ماصة الشرب ، إليك هذه المشكلة الجديرة بالاهتمام كرة من العصير تطفو داخل مكوك فضائي، في المكوك الفضائي لا يلزم وجود كأس لتناول العصير وذلك لأن العصير لا وزن له. فإذا ما أولج رائد فضاء ما ماصة داخل كرة عصير وشرع يمتص السائل فهل سيتمكن من شرب العصير بهذه الطريقة؟ قد تفترض أن ضغط الهواء في المكوك الفضائي قدره نحو 1 ضغط جوي.

والآن لنرجع إلى الماصة التي سددت فوهتها العليا بإصبعك. إذا رفعتها ببطء بمقدار خمسة سنتيمترات أو ما نحو بوصتين فلن يفلت العصير منها ما دامت الماصة داخل السائل؛ بل سيظل العصير في ذات المستوى (تقريبًا لا بالضبط) الذي كان عليه من قبل. يمكنك أن تختبر هذا بأن تضع علامة على جانب الماصة عند المستوى الذي عليه العصير قبل أن ترفعها. حينها سوف يرتفع سطح العصير داخل الماصة بقدر نحو خمسة سنتيمترات فوق سطح العصير في الكأس.

لكن مع التسليم بالحقيقة الراسخة التي أوردناها آنفًا، والتي تفيد بتساوي ضغط السائل خارج الماصة وداخلها – عند نفس المستوى – فكيف لذلك أن يتأتى؟ ألا ينتهك ذلك القاعدة؟ كلا، لا يفعل فالطبيعة حاذقة للغاية؛ إذ إن الهواء الذي يحبسه إصبعك داخل الماصة سيزيد من حجمه بالقدر الكافي لجعل الضغط ينخفض بالقدر ذاته (نحو 0.005 ضغط جوي) مما يجعل الضغط في السائل داخل الماصة الموجود عند نفس مستوى سطح السائل في الكأس متساويًا، أي مقداره 1 ضغط جوي. وذلك هو السبب في أن العصير لن يرتفع لخمسة سنتيمترات بالضبط وإنما لارتفاع أقل من ذلك بقليل، أي قد يقل عنه بقدر مليمتر واحد وهو القدر الكافي لمنح الهواء الحجم الإضافي اللازم لخفض ضغطه للقدر المطلوب.

هل لك أن تخمن إلى أي حد سيرتفع الماء (عند مستوى سطح البحر) في داخل أنبوب عندما تغلق فوهته وترفعه ببطء إلى أعلى؟ يتوقف ذلك على قدر الهواء الذي كان محتبسًا داخل الأنبوب عندما شرعت ترفعه إذا كان في الماصة مقدار قليل جدا من الهواء، أو لم يكن فيها هواء على الإطلاق (وهذا أفضل) فسيصير الحد الأقصى لارتفاع الماء نحو 34 قدمًا، أي ما يزيد قليلا عن عشرة أمتار. لا يمكنك بالطبع أن تنجز هذا باستخدام كأس صغير، وإنما قد تحتاج إلى دلو مملوء بالماء. هل فاجأك هذا؟ أما الشيء الأكثر إثارة للحيرة، فهو أن شكل الأنبوب لا يهم. تستطيع أن تجعل الأنبوب ينحني أو تديره بشكل حلزوني، وسيظل الماء قادرًا على الارتفاع بشكل عمودي إلى 34 قدمًا؛ وذلك لأن تلك الأقدام الأربعة والثلاثين من الماء تنتج ضغطا هيدروستاتيكيا قدره 1 ضغط جوي.

إذا عرفنا أنه كلما انخفض الضغط الجوي، انخفض الحد الأقصى الذي يمكن أن يبلغه عمود الماء، فإن هذا يمنحنا طريقة لقياس الضغط الجوي. ولكي نرى ذلك يمكننا أن نمضي بالسيارة إلى قمة جبل واشنطن (يبلغ ارتفاعها 6300 قدم)، حيث يبلغ الضغط الجوي نحو 0.82 ضغط جوي، وهو ما يعني أن الضغط الواقع على السطح خارج الأنبوب لا بد أن يكون أيضًا 0.82. وهكذا فإنني عندما أقيس الضغط في الماء داخل الأنبوب مقارنة بمثيله خارج الأنبوب فلا بد أنني سأجده كذلك يساوي 0.82 ضغط جوي، ومن ثم فإن الحد الأقصى لارتفاع الماء داخل الأنبوب سيكون أقل من ذلك. سيساوي الحد الأقصى لارتفاع الماء 0.82 مضروبًا في 34 قدمًا أي نحو 28 قدمًا.

بقياس ارتفاع العمود باستخدام عصير التوت البري عن طريق وضع علامات دالة على الأمتار والسنتيمترات على الأنبوب نكون حينها قد صنعنا بارومترا من عصير التوت البري يشير إلى التغيرات الحادثة في الضغط الجوي. يقال إن العالم الفرنسي بليز باسكال قد صنع بارومترًا مستخدمًا النبيذ الأحمر، وهو الأمر المتوقع من رجل فرنسي. أما الرجل الذي ينسب له اختراع البارومتر في منتصف القرن السابع عشر فهو الإيطالي إيفانجلستا تورشيللي، الذي عمل لفترة قصيرة مساعدًا لجاليليو، فقد استقر رأيه على استخدام الزئبق في البارومتر. وذلك لأن السوائل الأكثر كثافة تولد في أي عمود المزيد من الضغط الهيدروستاتيكي، مما يجعل مستوى ارتفاعها في الأنبوب أقل مقارنة بالسوائل الأقل كثافة. ولأن كثافة الزئبق تفوق كثافة الماء 13.6 مرة، فقد جعل الزئبق طول الأنبوب مناسبًا بدرجة أكبر. لا يتغير الضغط الهيدروستاتيكي لعمود من الماء يبلغ طوله 34 قدمًا (والذي قدره 1 ضغط جوي)، حيث نقسم 34 قدمًا على 13.6، فنحصل على قدمين ونصف القدم من الزئبق (أي ستة وسبعين سنتيمترا).

لم يكن تورشيللي يهدف في بادئ الأمر من آلته تلك إلى قياس الضغط الجوي، وإنما كان يحاول اكتشاف الحد الأقصى الذي تستطيع المضخات الماصة رفع عمود الماء إليه – وهو الأمر الذي يمثل مشكلة كبيرة في مجال الري. فقد صب الزئبق في الفوهة العلوية لأنبوب زجاجي يبلغ طوله مترًا واحدًا وقاعه مغلق. ثم قام بإغلاق حافته العلوية بإبهامه وقلبه رأسًا على عقب، غامرًا فوهته في صحن مجوف به زئبق قبل أن يزيح إصبعه عن الفوهة. عندما فعل ذلك تسرب بعض الزئبق الذي في الأنبوب إلى الصحن لكن عمود الزئبق الذي بقي في الأنبوب بلغ ستة وسبعين سنتيمترا ارتفاعًا. زعم هو أن تلك المساحة الخاوية التي ظلت في قمة الأنبوب هي فراغ وهو واحد من أوائل الفراغات التي أنتجت في المعامل. كان يعلم أن كثافة الزئبق تبلغ 13.6 ضعفًا لكثافة الماء، ومن ثم فإنه استطاع حساب الطول الأقصى لعمود الماء – وهو الأمر الذي كان همه الأول في الأساس – فوجده 34 قدمًا. وفي أثناء عمله ذلك لاحظ ملاحظة جانبية مفادها أن مستوى السائل يرتفع وينخفض بمرور الوقت، وتكوّن لديه اعتقاد بأن هذه التغيرات تُعزى إلى الضغط الجوي. وتلك عبقرية فذة. كما أن هذه التجربة تفسر السبب في وجود فراغ إضافي صغير أعلى البارومترات الزئبقية.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي