x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
معيار التمييز بين الخير والشر
المؤلف: الشيخ محمد تقي فلسفي
المصدر: الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة: ج2 ص226ــ228
2023-09-25
1363
إن الضمير الأخلاقي هو مشعل وهاج أناره الله سبحانه وتعالى في أعماق الإنسان ليستنير به مسيرة حياته المظلمة ويتبين من خلاله الصفات الحسنة من السيئة. والضمير الأخلاقي دليل صادق يخاطبنا من أعماقنا ليهدينا إلى سبيل الفضيلة. والضمير الأخلاقي هو المعيار الذي يميز به الشاب والهرم ، القروي والمدني ، المثقف والامي بين الخصال الحميدة والذميمة ، وهو ملازمنا في سفرنا وحضرنا ومرضنا وسلامتنا وفي جميع حالاتنا حتى نهاية أعمارنا .
لقد بين أئمتنا سلام الله عليهم أجمعين في مناهجهم التربوية أهمية استثمار قوة الضمير الأخلاقي ، وأكدوا مراراً وتكراراً أن من واجب كل إنسان الانقياد لنداء ذاته في تعامله مع الناس.
في خبر الشيخ الشامي قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا شيخ ارضَ للناسِ ما ترضى لنفسك وآت إلى الناس ما تحب ان يؤتى إليك(1).
وعن علي بن الحسين (عليه السلام):... وكف الأذى عنهم وأن تجب لهم ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك(2).
الضمير والصفات الإنسانية:
إذا ما انقاد الناس فعلاً لنداء الضمير وسعوا إلى التنسيق بينه وبين رغباتهم وغرائزهم فإن العلاقات والروابط الاجتماعية ستتوطد وسيشعر كل إنسان بمسؤوليته تجاه أخيه الإنسان وسيسود المجتمعات جو من التآخي والمودة. فإحياء الضمير الأخلاقي من شأنه أن يحي الملكات الإنسانية الفاضلة والصفات النبيلة في كيان الإنسان ضامناً بذلك سعادته الفردية والاجتماعية.
أما إذا تجاهل الناس نداء الضمير وراحوا يلهثون وراء غرائزهم دون رادع أو وازع فإن السجايا الأخلاقية ستمحي تدريجياً وستزول أسس الفضائل الإنسانية وسيصبح الناس وحوشاً كاسرة ينتهكون حدود بعضهم البعض ويعتدون على حقوق بعضهم بعضاً ويغرقون في الفساد والرذيلة جالبين لأنفسهم التعاسة والشقاء.
«يقول البروفسور «هنري باروك» : لا بد للضمير الأخلاقي أن يتحرك في جهة معينة وبنحو عادل في خدمة الخير والجمال. ويوجد في عمل الضمير الأخلاقي نوع من حكم القيم، وهذا الجانب إذا ما تم إشباعه يحصل السلام الروحي والسعادة الباطية».
«إن أفضل سبيل يسلكه الإنسان هو السيطرة على أعماله إرضاء لضميره الأخلاقي، ومن شأن هذا السبيل أن يعود بالنفع على الفرد والمجتمع في آن واحد ويربطهما معاً لبلوغ الإستقرار والسعادة المشتركة» .
«إن محاولة مسخ الضمير أو تجاهله ليست سوى سراب لا يمكن تحقيقه ، لأن مسخ الضمير هو في الواقع بمثابة القضاء على الحكم الذاتي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من الإنسان ، وهذا أمر مستحيل، لأننا لو قلنا بإمكانية مسخ الضمير الأخلاقي في الإنسان وتجريده من هذا البعد الإنساني فإنه لن يبقى من الإنسان سوى حيوان متوحش ، وتتساقط سبل الحياة الاجتماعية ويسود المجتمع جو من الظلم والاستبداد ليتحول تدريجياً إلى تجمع للحيوانات والرقيق ، وفي هذه الحالة لا يمكن للفرد أن يشعر بالسعادة بل على العكس سيرى نفسه أسير الذل والعبودية» .
«إن الخطأ الذي يقع فيه غالبية الناس هو أنهم يتصورون أن الإشباع اللامحدود للغرائز يمكنه ان يكون مصدراً لسعادتهم وهنائهم، بينما يؤدي هذا الأمر في الحقيقة إلى القضاء على الغرائز نفسها وبالتالي إلى تدمير وانتحار الفرد والمجتمع»(3).
بالرغم من بروز الضمير الأخلاقي في الإنسان خلال مرحلة الطفولة حيث يبدأ الأطفال بتشخيص الفضائل والرذائل الأخلاقية إلى حدّ ما، إلا أنه وخلال أعوام البلوغ حيث تطرأ تطورات شاملة على الأطفال يكمل الضمير الأخلاقي وكذلك كافة الغرائز تفتحها الواحدة تلو الأخرى وسرعان ما تسيطر على جسم المراهق وروحه.
والملفت أن الضمير الأخلاقي يكتمل تفتحاً قبل أي من الغرائز. وهنا نأخذ الغريزة الجنسية كمثال ، هذه الغريزة قبل أن تتجلى في أعماق المراهق وتبث في نفسه الرغبة في الجماع يكون الضمير الأخلاقي قد طوى مسيرته التكاملية في أعماقه ، وكأن الله سبحانه وتعالى شاء أن يزود الإنسان بقوة الضمير والوجدان قبل أن تجتاحه أعاصير الغرائز وذلك ليتمكن من مواجهتها وتعديلها في الوقت المناسب ليقي نفسه من الإنحرافات الخلقية .
_____________________________
(1) مستدرك الوسائل2، ص309.
(2) مكارم الأخلاق، ص 234.
(3) الطب النفسي الإجتماعي، ص97.