1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علم الحديث

تعريف علم الحديث وتاريخه

أقسام الحديث

الجرح والتعديل

الأصول الأربعمائة

الجوامع الحديثيّة المتقدّمة

الجوامع الحديثيّة المتأخّرة

مقالات متفرقة في علم الحديث

أحاديث وروايات مختارة

علم الرجال

تعريف علم الرجال واصوله

الحاجة إلى علم الرجال

التوثيقات الخاصة

التوثيقات العامة

مقالات متفرقة في علم الرجال

أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)

اصحاب الائمة من التابعين

اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني

اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث

علماء القرن الرابع الهجري

علماء القرن الخامس الهجري

علماء القرن السادس الهجري

علماء القرن السابع الهجري

علماء القرن الثامن الهجري

علماء القرن التاسع الهجري

علماء القرن العاشر الهجري

علماء القرن الحادي عشر الهجري

علماء القرن الثاني عشر الهجري

علماء القرن الثالث عشر الهجري

علماء القرن الرابع عشر الهجري

علماء القرن الخامس عشر الهجري

الحديث والرجال والتراجم : علم الحديث : الجرح والتعديل :

سيَاسَة عُثمان.

المؤلف:  الشيخ محمّد جواد آل الفقيه.

المصدر:  أبو ذر الغفاريّ رمز اليقظة في الضمير الإنسانيّ.

الجزء والصفحة:  ص 107 ـ 114.

2023-09-10

1359

سياسته في اختيار الولاة:

لقد اختار عثمان الولاة والعمال الإداريّين، على غير القاعدة المتعارفة لدى المسلمين، ولدى من سبقه من الخلفاء. فالمعروف أنّ القاعدة التي ينطلق منها هذا الاختيار، تبتني على أسس بعيدة عن منطق القرابة، والرحم، والعشيرة، بل ترتكز على دعائم اسلامية، يجمعها التقى والصلاح، وحسن الادارة والأمانة، فالولاية لا تعدو كونها ممثلية صغرى للخلافة التي هي أول ممثلية ـ في المفهوم الاسلامي ـ لرسول الله صلى الله عليه وآله. لذلك، فإنّ اختيار الولاة كان ينصبّ على ذوي السابقة في الدين، والجهاد في الاسلام. والملاحظ أنّ عثمان خالف القاعدة في ذلك، فاختار أقاربه، وذوي رحمه ممّن كانوا متّهمين في دينهم، بل كان فيهم من أمره في الفسق معروف مشهور. فمن هؤلاء الولاة:

1 ـ عبد الله بن سعد بن ابي سرح: ولَّاه عثمان على مصر.

وكان عبد الله هذا، قد أسلم وكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكان إذا أملى عليه: عزيز حكيم يكتب: عليم حكيم، وأشباه ذلك. ثم ارتد، وقال لقريش: إنّي أكتب أحرف محمد في قرآنه حيث شئت، ودينكم خير من دينه.

فلمّا كان يوم الفتح، فرَّ الى عثمان بن عفان، وكان أخاه من الرضاعة، فغيّبه عثمان حتى اطمأنّ الناس، ثم أحضره عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) وطلب له الأمان، فصمت رسول الله (صلى الله عليه وآله) طويلا، ثم أمَّنه، فأسلم وعاد، فلمّا انصرف، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: لقد صَمَتّ ليقتله أحدكم..» (1).

2 ـ معاوية ابن ابي سفيان: وكان عاملا لعمر على دمشق والاردن، فضمَّ اليه عثمان ولاية حمص وفلسطين والجزيرة، وبذلك مدَّ له في أسباب السلطان الى أبعد مدى مستطاع (2) وأمر معاوية واضح غير خفي.

3 ـ الوليد بن عقبة:

ولّاه عثمان الكوفة سنة 25 للهجرة. والوليد هذا، هو الذي وصفه القرآن الكريم بالفسق. ففيه نزلت الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} وكان النبي (صلى الله عليه وآله) قد بعثه في صدقات بني المصطلق، فخرجوا لاستقباله، فظنّ انّهم أرادوا قتله، فرجع الى النبي (صلى الله عليه وآله) وأخبره انّهم منعوا صدقاتهم، الخ..» (3).

وقد ولّاه عثمان الكوفة بعد عزل سعد بن ابي وقاص، فالتفت الوليد الى سعد مسلياً اياه، قائلا له: "لا تجزعنّ أبا اسحاق كل ذلك لم يكن وانّما هو الملك يتغدّاه قوم، ويتعشّاه آخرون".

قال المسعودي: ثم عزله عثمان فيما بعد، لمّا شاع وذاع من فسقه، فقد كان يشرب مع ندمائه ومغنيه الى الصباح. وذات يوم آذنه المؤذنون بصلاة الصبح، فخرج متفضلا في غلائله، فتقدم الى المحراب، فصلى بهم الصبح أربعاً، وقال أتريدون أن أزيدكم؟ فقال له بعض من كان في الصف الاول خلفه: ما تزيد؟ لا زادك الله من الخير، والله لا أعجب إلا ممّن بعثك الينا والياً وعلينا أميراً..» (4) الى آخر الحكاية.

4 ـ سعيد بن العاص:

عيَّنه عثمان والياً على الكوفة، بعد ان عزل الوليد عنها ولم يكن سعيد، ليخفي ما في نفسه من الرغبة في التسلط على فيء المسلمين إن امكنت الفرصة من ذلك بل أكّد على ذلك بقوله لبعض جلسائه: «انّما هذا السواد بستان قريش» (5).

5 ـ عبد الله بن عامر بن كريز:

وكان عبد الله هذا من أبرز الدعاة الى سياسة التضييق والافقار والاشغال، التضييق على المسلمين الذين نادوا مطالبين عثمان بالعدالة، ورفع الجور، وعزل العمال.

فقد أشار على عثمان بذلك حين استشاره، بقوله: «أرى لك يا أمير المؤمنين، أن تشغلهم بالجهاد عنك، حتى يذلوا لك، ولا يكون هِمَّةُ أحدهم إلا في نفسه، وما هو فيه من دُبُر دابّته وقُمَّل فروته..» (6).

 

سَياستهُ في المَال:

يصف المؤرخون عثمان، بأنّه كان جوادا وصوّلا بالأموال وقدّم أقاربه وذوي أرحامه على سائر الناس، وسوَّى بين الناس في الأعطية، وكان الغالب عليه مروان بن الحكم، وأبو سفيان بن حرب (7).

وانّ تقريبه بني أمية وتقديمه ايّاهم على سائر المسلمين، كان سببا في جرأة بعض الصحابة عليه. حتى انّ بعضهم وصفه بالكذب على مرأى ومسمع من حشود المسلمين، حين كان يخطب لصلاة الجمعة. فقد أقبل عبد الله بن مسعود ـ خازن بيت المال ـ فقال مخاطبا المسلمين: أيّها الناس، زعم عثمان أني خازن له ولأهل بيته، وانما كنت خازنا للمسلمين، وهذه مفاتيح بيت مالكم..» (8).

"ولو كانت هذه الهبات من أمواله الخاصة، لما أثارت اعتراض أحد، ولكنها كانت من بيت المال" (9).

فقد ورد في حديث عبد الرحمن بن يسار قوله: «وكان عثمان إذا أجاز أحدا من أهل بيته بجائزة، جعلها فرضا من بيت المال» (10).

 

اغداقه على الأمويّين:

إنّ هبات عثمان لأقربائه وذوي أرحامه، بلغت حداً يفوق الوصف، ولا سيما بالمقايسة مع طبيعة المجتمع الاسلامي آنذاك.

وعلى سبيل المثال، نذكر بعض النصوص التي تعطينا صورة مجملة عن ذلك.

1 ـ أرجع الحكم: ـ طريد رسول الله ـ من منفاه، ووصله بمائة ألف.

2 ـ أقطع مروان بن الحكم فدك، وكانت فاطمة (عليها السلام) طلبتها بعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله) بدعوى الميراث تارة، وأخرى بالنحلة، فدُفعت عنها.

3 ـ أعطى عبد الله بن أبي سرح ـ أخاه من الرضاعة ـ جميع ما أفاء الله على المسلمين من فتح افريقية، من غير أن يشركه فيه أحد.

4 ـ افتتحت ارمينية في أيامه، فأخذ الخمس كله فوهبه لمروان.

5 ـ زوّج ابنته عائشة من الحرث بن الحكم بن العاص، فأعطاه مائة ألف درهم.

6 ـ زوّج ابنته من عبد الله بن خالد بن أسيد، وأمر له بستمائة ألف درهم، وكتب الى عبد الله بن عامر أن يدفعها اليه من بيت مال البصرة.

7 ـ حمى المراعي حول المدينة كلها، من مواشي المسلمين كلهم إلا عن بني أمية.

8 ـ والاغرب من ذلك أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) تصدّق على المسلمين بموضع سوق بالمدينة يعرف بـ«مهزور» فأقطعه عثمان للحرث بن الحكم أخي مروان.

9 ـ أعطى أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال، في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال (11).

10 ـ قدّمت أبل الصدقة على عثمان، فوهبها للحرث بن الحكم.

وكان عثمان يقول في ذلك: «هذا مال الله اعطيه من شئت، وامنعه من شئت فأرغم الله أنف من رغم» ويقول: «لنأخذ من ذلك حاجتنا، وان رغمت أنوف أقوام» (12).

 

تقريبه لذوي النفوذ والثراء:

لم تقتصر هبات عثمان على آله وذوي رحمه، بل شملت المبرزين في قريش من ذوي النفوذ، وخصوصا بعض أعضاء الشورى، الذين امتدت أعناقهم الى الخلافة، فزرعت في نفوسهم نوعا من الشعور بالحرمان، يقابله نوع من الطموح الى الحكم، فكان عثمان يغدق عليهم من بيوت الاموال.

بالإضافة الى ذلك، فقد سهل لهم تنمية هذه الثروات «فقد قام بإجراء مالي فتح به للطبقة الثريَّة أبوابا من النشاط المالي، وأتاح لها فرص التمكين لنفسها وتنمية ثرواتها، وذلك، حين اقترح أن ينقل الناس فيئهم من الارض الى حيث أقاموا، فمن كان له أرض في العراق أو الشام أو في مصر، له أن يبيعها ممّن له أرض بالحجاز، أو نميره من بلاد العرب. وقد سارع الاثرياء الى الاستفادة من هذا الاجراء، فاشتروا بأموالهم المكدّسة أرضين في البلاد المفتوحة، وبادلوا أرضهم في الحجاز، أرضين في البلاد المفتوحة، وجلبوا لها الرقيق والاحرار، يعملون فيها ويستثمرونها، وبذلك نمت هذه الثروات نموا عظيما وازدادت هذه الطبقة الطامحة الى الحكم، والطامحة الى السيادة قوة الى قوتها» (13).

ونذكر من اولئك النفر الذين صار إليهم مال عظيم وثراء فاحش في عهد عثمان.

1 ـ الزبير بن العوام: أحد أعضاء الشورى.

"ترك احدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودار بالكوفة، ودارا بمصر، وكان له أربع نسوة، فأصاب كلَّ إمرأة بعد رفع الثلث (مليون ومائتا ألف) قال البخاري: فجميع ماله: خمسون ألف ألف وثمانمائة ألف الخ.." (14).

وقال المسعودي: وخلّف الزبير ألف فرس، وألف عبد وأمة (15).

2 ـ طلحة بن عبيد الله التيمي: أحد أعضاء الشورى أيضا.

كانت غلته من العراق كل يوم ألف دينار. وترك ما قيمته ثلاثين مليون درهما (16).

3 ـ عبد الرحمن بن عوف الزهري: أحد اعضاء الشورى.

قال ابن سعد في طبقاته: ترك عبد الرحمن ألف بعير، وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحاً.

وقال: وكان فيما خلّفه: ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منه، وترك أربع نسوة، فأصاب كل امرأة ثمانون ألفا.

4 ـ سعد بن ابي وقاص: ترك يوم مات، مائتين وخمسين ألف درهم، ومات في قصره بالعقيق (17).

5 ـ زيد بن ثابت: خلّف من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس، غير ما خلّف من الاموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار.

6 ـ يعلى بن منية: خلّف بعد موته خمسمائة ألف دينار، وديونا على الناس، وعقارات، وغير ذلك من التركة ما قيمته ثلاثمائة ألف دينار.

قال المسعودي:

وهذا باب يتسع ذكره، ويكثر وصفه فيمن تملك من الاموال في أيامه (18).

هذه لمحة سريعة عن سياسة عثمان، حيال المال، ونهجه في اختيار الولاة، وتقريبه للأمويّين، وفتحه المجال أمامهم، وأمام غيرهم من خاصته للوصول الى مراكز النفوذ في الدولة الاسلامية.

قال العقّاد: فكانت له نظرة للإمامة، قاربت أن تكون نظرة الى الملك، وكان يقول لابن مسعود ـ كلّما ألحَّ عليه في المحاسبة ـ «مالك ولبيت مالنا؟» وقال في خطبته الكبرى، يرد على من أخذوه بهباته الجزيلة: «فضل من مال، فلِم لا أصنعُ في الفضل ما أريد، فلِمَ كنت إماما؟» (19).

في قبال هذه الفئة المتخمة من الناس، كانت هناك فئة أخرى من خيرة الصحابة حرمهم عثمان من عطائهم، كأبي ذر (رض)، وعبد الله بن مسعود (رض)، ونقم عليهم عثمان؛ لأنّهم كانوا صريحين في جنب الله، لا تلومهم في الله لومة لائم، فشرَّد الاول، وكسر أضلاع الثاني.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكامل 2 / 249.

(2) ثورة الحسين / 40.

(3) مجمع البيان 9 / 132 / الحجرات.

(4) مروج الذهب 2 / 334.

(5) للتفصيل راجع الكامل 3 / 139.

(6) نفس المصدر / 150.

(7) اليعقوبي 2 / 173.

(8) نفس المصدر ـ 169.

(9) ثورة الامام الحسين / 36.

(10) اليعقوبي 2 / 168.

(11) شرح النهج 1 / 198 ـ 199 والغدير 8 / 267 الى 280.

(12) الغدير 8 / 281.

(13) ثورة الحسين ـ بتصرف 36 ـ 37.

(14) الغدير 8 / 282 نقلا عن صحيح البخاري.

(15) المسعودي 3 / 333.

(16) الغدير 8 ص 484 نقلا عن الطبقات لابن سعد 3 / 96 و3 / 105.

(17) الغدير 8 / 284.

(18) المسعودي 3 / 333.

(19) عثمان 211 / 212.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي