1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : الزوج و الزوجة :

احاسيس ومشاعر خارج سوار البيت

المؤلف:  د. رضا باك نجاد

المصدر:  الواجبات الزوجيّة للرجل في الإسلام

الجزء والصفحة:  ص124 ــ 137

2023-03-04

1083

مثلما أقررت بمعاصيك التي ارتكبتها بنفسك، حاول أن تتقبل الآلام فهي حصيلة ما اكتسبت يدك.. فكر بالدنيا بصورة صحيحة.. اعرف أنها لم تخلق لتكون خالية من المتاعب والهموم وهذه معك وليست في مصيرك. 

يخطّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ذات يوم خطاً مربعاً ويخط خطاً في الوسط خارجاً منه ثم يخط خطوطاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، بعدها يقول (صلى الله عليه وآله): هذا الإنسان وهذا أجله محيط به أو قد أحاط به وهذا الذي هو خارج أمله وهذه الخطط الصغار الأعراض - أي البلايا - فإن أخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا(1). 

ويصف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الدنيا بالقول: (دار بالبلاء محفوفة وبالغدر معروفة)(2)، وكل ذلك يصب في الخط الطولي لا أن يكون جزءا من المصير، هكذا هي الدنيا ولا دوام لها دون الغموم والهموم كما لا دوام لها دون الفرح والسرور.

وبنفس المعنى يصف الإمام علي (عليه السلام) المرأة فيقول: (المرأة شر كلها - امتحان - وشر ما فيها أنه لا بد منها)(3).

إن لكل إنسان أباً وأماً بالضرورة.. سوى سيدنا آدم (عليه السلام) ووالدتنا حواء وسيدنا المسيح (عليه السلام) إذ لا أب له بمعجزة من الله (جل وعلا)، وفي أكثر الأحيان أخاً وأختاً وهؤلاء ينتظرهم بقوة دور أم الزوجة وأم الزوج ووالد الزوج ووالد الزوجة والعريس والعروس، ولكل منهم أن ينجب مع زوجة مولودا بفعل المباشرة كما أن كل إنسان ذو بعدين حيواني وملكوتي ولا بد في يوم من الأيام أن يغلب أحدهما الآخر حسب اختياره وهناك: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7].

يعتبر الرجل الذي يفكر بالحياة وشؤونها لا بالمصير ساعياً لتبرير سحب الغم والهم ودفع عجلة حياته وعائلته إلى الأمام، ويجهد نفسه من أجل اسعاد الآخرين من حوله، الأقربون فالأقربون وهذا الفعل غاية النية الحسنة التي ستقضي على كل خصومة ونفرة.

إن الرجل الذي يفكر بشؤون الحياة أوسع من أن تحدّه الماديات ولا يصل إلى طريق مسدود، وستكون أبعاده عند اللانهاية أي عند الحضرة الإلهية المقدسة ولن يزل عن الطريق القويم في هذه الدنيا وإذا أراد أن يعمل بوصية الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام)، حينما قال: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)(4) فحينئذ لا هو من أتباع المدرسة المادية حيث الدنيا فيها المنشأ والغاية ولا هو نبذ المادية وراء ظهره، وكان كما أراد القرآن الكريم في نظرته للمادية باعتبارها لا تقف عقبة أمام المعنوية ولا حتى في الدار الآخرة: {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 64]، كما أن الحديث الشريف يرى للدنيا فضلاً إن كانت أرضاً خصبة لبذر الخير (نعم العون الدنيا على الآخرة)(5) ومن زرع في هذه خيرا حصد في الأخرى خيرا وهو ما يؤكد مفهوم عدم فناء المادة، بل خلودها.

أذكر والدةٌ صفعت ولدها بسبب نثره حبيبات الأرز على الأرض لو كانت سمعت كلاماً طيباً من زوجها قبل ساعات أو حتى قبل يوم لما أقدمت على صفع ولدها حتى لو هشم حاجة أثرية ثمينة، وفي الحقيقة أن الصفعة لم تكن لهذا الولد الناثر لحبيبات الأرز بل كانت للزوج والمجتمع والدنيا والخلقة. لهذا السبب تسترجع الخلقة كل ما منحتنا إياه بدءا من عناصر التكوين ومرورا بالعظام واللحم وانتهاء بالروح وفي المقابل سنلاقي جزاء كل ما أعطيناها، ونفس هذه الصفعة التي وجهناها للخلقة سنتلقاها بعد ذلك.

تشارك المرأة في محفل نسوي.. عند دخولها لم تواجه بالاحترام والترحيب السابق فيترك ذلك أثراً سلبياً في نفسها وتظهر ردة فعلها بمجرد عودتها إلى البيت، وقبل أن تفتح باب غرفتها تشرع همهمتها ثم يتعالى صوتها بالتدريج وإن عرفت أنك علمت بما حصل لها في المحفل النسوي تطال ردة فعلها الأطفال فتقسو عليهم وإن علمت أنت بتصرفها مع الأطفال أيضاً ثارت أكثر وصارت قطعة من الجمر، ويتجسد هذا المفهوم في تصرفاتها داخل البيت فإن أرادت - مثلاً ـ كنس البيت فعلت ذلك بقوة وعشوائية أضرّت بالمكنسة والسجاد معاً.

في هذا الاطار، لا بد للزوج من ممارسة دور الصديق المذكّر فيلفت نظرها إلى أن العزة تكون لله تعالى ولرسوله والمؤمنين خاصة: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8]، ولا ينبغي لها أن تعتبر الاحترام السابق سوى منة إلهية وبإمكانها أن تحتسب عدم احترامها في عين الله تعالى، وأن عدم تكريم من لم يرتكب المعصية أمر عاشه الأنبياء (عليهم السلام)، إذ أنهم أفنوا أنفسهم وحملوا هموم الآخرين لكنهم لم يقابلوا إلآ بالاستهزاء: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [يس: 30]، أما إذا كانت الزوجة لا ينفع معها هذا الكلام ولا تدرك معنى نهج الأنبياء (عليهم السلام)، وما لاقوه فبإمكان الزوج التنسيق مع عالم الدين في تلك المنطقة ليتحدث عن حالة المرأة التي لم تلق الترحيب المتعارف في المحفل النسوي ويقدم نصائحه بهذا الشأن وذلك في اليوم الذي تحضر فيه الزوجة إلى مجلسه ويخبره هو بحضورها. لكن الزوجة لن تخبر زوجها بما قاله عالم الدين ولا ينبغي له أن يفاتحها بالموضوع، ومثل هذه الزوجات سرعان ما يبادرن عقيب عودتهن للبيت إلى الهجوم على عالم الدين ووصفه بالتخلف وقلة الوعي.. وأنا واثق من أن عالم الدين راض عن الاستهزاء به داخل البيوت إذا كان ذلك يحل محل التخبط في تربية الأولاد وممارسة القساوة معهم.

غير أن هذا الأمر لن يستمر طويلا، فالمرأة المسلمة وبسبب كونها مسلمة وتلتزم بتعاليم خاصة سرعان ما تكف عن الإساءة لعالم الدين خاصة وأنها تعتبر تقديم النصائح جزءاً من وظائفه.

وبالنتيجة فإن الزوجة لن تسامح تلك النساء اللاتي لم يقابلنها بالاحترام والتقدير اللازم لأنها تعتبر ذلك من واجبهن، إلا إذا عوضن ذلك التصرف في موقع ومكان آخر وبما يعيد لها شأنها.

لا ينبغي للرجل أن يحمل في داخله مفهوم (أفضلية الرجل على المرأة)، من زاوية القرآن الكريم من زاوية الأعلى والأدنى للخلقة؛ ومن ذلك أن عددا من الرجال لو تم تقسيمهم إلى خمس مجاميع وفقاً لسجايا وصفات معينة فإن نفس العدد من النساء سيقسم وفقاً لنفس السجايا إلى أكثر من خمس مجاميع مما يدل على تنوعهن أكثر من الرجال وهي ميزة لهن عليهم.

حري بالرجل أن يقر في نفسه الفضل الذي للمرأة في مقابل الرجل ويكسر الطوق الذي حد به المرأة عبر الاستعانة بمطرقة المقررات الإلهية، ويعتبر أنها معنية بالقوانين والشروط الإسلامية والاجتماعية شأنها في ذلك شأنه، ولها في الحقوق الإسلامية ما له {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، علماً أن الرجل العامل بالقوانين الإسلامية لا يرى لنفسه فضلاً على أي امرأة أو رجل آخر ويعرف أن التقوى هي المؤشر الوحيد للأفضلية كما نص على ذلك القرآن الكريم: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

على العريس أن يدرك بأن البنت الشابة قد نشأت في عائلة لها صفاتها وسجاياها الخاصة، كما يجدر بالعروس، وبمجرد أن تدخل عش الزوجية، أن تهيء نفسها لوضع كثير مما تعلمته ودرجت عليه سابقاً جانباً بغية مماشاة الزوج ومراعاة تقاليد ورسوم عائلته وتتغاضى عن كثير مما بنته وتبدأ مشواراً جديدا في التعلم والتأقلم، وفي هذا السياق لا بد من القول بأن من الخطأ جدا التنكيل بالزوجة وأنها تعمدت القيام بالخطأ الفلاني.

ليس بمقدور الزوجة مطلقاً أن تجعل نظام الحياة مطابقاً لمطاليب وذوق الزوج بالكامل كما أن الزوج لن يستطيع تحقيق النظام المعيشي الذي ينشده والدا العروس لابنتهما.

إذا كنت أنت تقوّم الزوجة، محاسنها ومساوءها، عبر تشخيصها وتمييزها بين الجيد والسيء، فاعلم أن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو سيد الأحرار وأفضل الأزواج بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقوّم الشخص من خلال تمييزه للأسوأ عن السيء. لا تقارن زوجتك بالملائكة بل قارنها بباقي النساء على أن لا يكون ذلك تدخلاً في شؤون باقي العوائل.. قارنها ابتداءً بوالدتك - وهي الزوجة للوالد - بعد أن تضع جانباً محبة الأم الفطرية لولدها، فإن رأيت عيباً في زوجتك قياساً بدور الزوجة لوالدتك فارجع وقارنها بوالدتها فإن وجدتها ورثت منها الطباع السيئة فتأمل بالمستقبل خيراً وتطلع أن تنزع زوجتك البريئة عن نفسها ما قيّدته به أمها، وترسخ قدمها في البيت الجديد على أساس المحبة والطباع الحسنة.

إن مداراة المرأة ليس من فعال الطفل أو الرجل ذي التصرفات الطفولية.. فالرجل المأمور بذكر اسم الله تعالى عند الشروع بأي عمل، وإلا كان العمل أبتر، مأمور أيضاً على صعيد العائلة بـ (ابدأ بما تعول)، فالتعامل الحسن للزوج مع سائر الناس يلزمه أن يكون تعامله حسناً مع زوجته أولاً، وحتى لو لم تكن أخلاقه جيدة مع الناس فليس من الانصاف بل ومن الاجحاف أن يسيء لبنت قام أهلها بتسليم أمرها بيده لأنه في هذه الحالة قد جاء بأسير إلى البيت لا بزوجة.

أنت إذا تدبرت في معنى القبلات التي طبعها سيد الكائنات محمد (صلى الله عليه وآله)، على يد ابنته سيدتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام)، واقتديت بإمامك علي بن أبي طالب وهو يعين أم الحسنين (صلوات الله عليهم أجمعين)، على أمور البيت فاعلم أن ومضة من بريق البيت الإسلامي برقت في سماء بيتك، وإذا لم تدرك أو لم تفعل ذلك فحاول أن تطالع وإن لم تستطع فاجلس تحت منبر الوعظ علك تقف على جانب من تعاليم الاسلام.

السلام نعمة إلهية بل هو اسم من أسماء الله (جل وعلا)، وقد أفاضت الأحاديث الواردة عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، في كيفيته وافشائه وأدبه، ومن ذلك (يسلّم الصغير على الكبير، ويسلم الواحد على اثنين، ويسلم القليل على الكثير، ويسلم الراكب على الماشي، ويسلم المار على القائم، ويسلم القائم على القاعد)(6) وكل ذلك من أجل أن لا يشعر من هو في مكان مرتفع بالكبر لأن الحديث الشريف يقول: (البادئ بالسلام بريء من الكبر)(7)... وأنت أيها الزوج إذا دخلت البيت فسلم على أهلك (إذا دخل أحدكم بيته فليسلم فإنه ينزله البركة وتؤنسه الملائكة)(8)، وهو معنى الآية المباركة: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }[النور: 61]، هذا فضلاً عن أنك إذا دخلت البيت كنت أنت القائم وإن كانت هي واقفة فإنها مشغولة بأمور منزلية.. إن الإسلام الحنيف لم يترك سلامك هذا دون أجر وإنما خصه بعظيم من الأجر (السلام سبعون حسنة، تسعة وستون للمبتدئ وواحدة للرّاد)(9)، لقد فزت هنا بتسع وستين حسنة بالإضافة إلى كل الحسنات الخاصة بتمتينك للوضع العائلي لأن سلامك على زوجتك المشغولة بترتيب وتنظيم أمور البيت هو بمثابة تثمين و تقدير لها.

حينما تدخل البيت وتسلم على أهلك، انتبه إلى الرد جيدا ومدى ارتفاع الصوت فيه فبواسطته تستطيع معرفة ما إذا كانت مهمومة أو عصبية أو متعبة.. اقترب منها وسلها وأظهر محبتك لها فسرعان ما ستبوح لك بالسر؛ فإذا كانت متأثرة لكونها أساءت إليك فبادرها بالقول بأن حتى الغريب لا يعتب ولا ينحي باللائمة على من يرتكب الخطأ سهوا فكيف بي وأنا كل ما لدي وضعته معك في إناء واحد وفي حياة مشتركة. وإن كانت متوترة الأعصاب بسبب أذية الأطفال فذكرها بأنك وهي مررتما بمرحلة الطفولة أيضاً وقل لها: إننا أيضاً كنا نلعب ونتحرك كثيراً ونؤذي الآخرين فلا تقومي بضربهم إذا لا طائل من الضرب وربما يحرفهم عن الطريق المستقيم في الحياة، وعندها يتطلب الأمر جهودا حثيثة من قبل أهل الفضل لإعادتهم للطريق القويم، ولك أن تقرئي الاثار السلبية والمشؤومة لضرب الأطفال في المؤلفات التربوية.

إذا كانت نظافة البيت جزءا من مهام الزوجة فعلى الزوج توفير أفضل وسائل التنظيف حتى يمكنها القيام بمهمتها على النحو الأكمل وبأقل مجهود ممكن وبالتالي فإن ذلك يعود بالنفع على رب العائلة حيث لا أوساخ ولا أقذار يتجمع حولها البعوض والذباب ولا أمراض يصاب بها أعضاء العائلة ولا تكاليف لمعالجة تلك الأمراض، والأهم من هذا كله أن مراعاة النظافة في البيت لها آثار إيجابية على الأطفال إذ تعلمهم على الاهتمام بأمر النظافة والطهارة في حياتهم وبالنتيجة تكون سبباً في زيادة عمرهم جميعاً وفي ظل أجواء تتسم بالحيوية والنشاط.

هل تعلم أيها الزوج إلى أي مدى يريد الله سبحانه وتعالى ورسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله)، أن يكون ارتباطك بالرسول الأكرم وآل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين)؟ بالمقدار الذي بينه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حسب ما جاء في الرواية التالية: قال محمد بن مسلم: سمعت أبا جعفر - الباقر ـ (عليه السلام) يقول في قول الله (عز وجل): {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام: 90].

قال (عليه السلام): (جاءت الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إنا قد آوينا ونصرنا فخذ طائفة من أموالنا فاستعن بها على ما نابك فأنزل الله (عز وجل): {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} [الشورى: 23]، أي في أهل بيته(10).

إن هذا الكلام دليل على خاتمية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).

إن ارتباطك برسل الله تعالى وأوليائه (عليهم السلام) إنما يقوى بحبل المودة، بينما عرف الله (جل وعلا) الارتباط بينك وبين زوجتك بأكثر من ذلك حيث نص الكتاب العزيز على: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، ومعناها أنك تحقق في ظل الزواج نجاحات ونجاحات أخرى. أتعتقد أن زواجك من البنت الفلانية لم يكن سوى نقلها من بيت إلى آخر؟ كلا، إنك كنت بمثابة الملك الذي حقق لها أحلامها الحلوة فصارت تعيشها على أرض الواقع. ولكن. . . ماذا سيحل بها لو رأت أنها وبدل أن تحلق في السماء بأجنحة الملائكة كما كانت تحلم قد هوت في وادٍ عميق لشيطان مخوف تواجه فيه كل أنواع المشقة والنقمة دون أن ترى أثراً للمودة والرحمة.. أمن المعقول أنك لم تعثر ومن بين كل تلك المليارات على وجه البسيطة، على من تعيش معه بمودة وبرحمة؟! بأي وجه ستقال ربك غدا وهو خالق المودة والرحمة؟.

هل أنت مستعد حقاً لأن تتحمل من أجل زوجتك ولو بالمقدار الذي تبديه من قدرة وتفان من أجل شاتك أم دكانك أو جيرانك أم معلمك أم رئيسك؟.

صنع رسول الله مع سعد بن معاذ بعد موته ما لم يصنع مع غيره، فلما سوى التربة بيده الشريفة قالت أم سعد: يا سعد! هنيئاً لك الجنة. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مه، لا تجزمي على ربك فإن سعدا أصابته ضمة.. فرجع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورجع الناس فقالوا له: يا رسول الله، لقد رأيناك صنعت مع سعد ما لم تصنعه على أحد، إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء.. وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة.. أمرت بغسله وصليت على جنازته ولحدته في قبره ثم قلت: إن سعدا قد أصابته ضمة. فقال (صلى الله عليه وآله): نعم، إنه كان في خلقه مع أهله سوء(11).

أتتوقع أن تقسو بالخلقة دون أن ترى ردا على ذلك؟ قلت مراراً إن ما تعطيك الخلقة إياه على صعيدي الروح والجسم ستسترده بالكامل وستفعل بك ما تفعل بها: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]، ألم أنبه إلى سوء نتيجة الخلق السيء في هذه الدنيا قبل الآخرة فتصير الأم ملكة وهو حال الأب وسيظهر بين الأطفال من هو مصاب بـ(الاسكيروفرن)، وسينحرفون، فضلاً عن عيوب أخرى.

كان السُذج من الناس في القدم ينكسون في قبور المفسدين مزماراً ويقضون الليلة الأولى في قبر مجاور حتى يعرفوا كيفية ضمة القبر، في الوقت الذي أدرك الجميع ضمة وضغطة الدنيا.. في الدنيا يكون أحدهم مديناً ويوشك على الافلاس وهو يعيش في بستان كبير، يطرق الباب عليه موظف العدلية، يشعر الرجل بانقباض شديد ويقول لزوجته بأنه في حالة انهيار ولا يستطيع أن يجيب موظف العدلية ولا الدائن! مثل هذا الوضع يكون في القبر حيث تنفتح عين البصيرة: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق: 22]، ويرى ما يحصل فيه فتأخذه الضغطة والضمة.

إذا كنت واثقاً من ائتمان زوجتك للسر فأخبرها عن كل ما تسأل وإن لم تكن واثقاً من كتمانها للسر فاكشف لها فقط عمّا لا يضر الكشف عنه، واكشف لها أيضاً عن الأماكن التي ستذهب إليها والمجالس التي ستشترك فيها لأن اطمئنان الزوجة من عدم وجود امرأة أخرى في حياة زوجها يعزز من ثقتها بنفسها ويحفزها على مواصلة مسيرتها الودية معه.

إن الزوجة لتمل وتضجر من تسقّط الزوج لعثراتها والتذرع بكل صغيرة وكبيرة وحتى لو قبلت هي بكل نقاط ضعفها فليس من الانصاف ممارسة الضغط عليها بهذه الصورة. كما لا ينبغي للمرء أن يبرهن على قدرته وقوته من خلال فرض الآلام على الآخرين لأن الله (جل وعلا) هو الأقدر والأقوى وهو الناصر للمظلوم، والقرآن الكريم يأمر بالمعاشرة الطيبة بعيدا عن تسقط العثرات والتنكيل بالزوجة: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، ثم لا بد أن يكون الزوج مصدر خير لعائلته حتى يصنف في عداد الخيّرين فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (خيركم خيركم لأهله، وأنا خير منكم لأهلي)(12)، وفي السياق ذاته، قال (صلى الله عليه وآله): (ما أكرم النساء إلآ كريم وما أهانهن إلآ لئيم).

وجعل صاحب الخلق العظيم محمد (صلى الله عليه وآله)، معاملة الأهل ضابطاً في مستوى الإيمان فقال: (أحسن الناس إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله)(13)، وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (خير الرجال من أمتي الذين لا يتطاولون على أهليهم ويحنّون عليهم ولا يظلمونهم)(14).

وكذلك (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله)(15).

وقال (صلى الله عليه وآله): (أخذتموهن على أمانات الله عز وجل لما استحللتم من فروجهن بكلمة الله وكتابه من فريضة وسنة وشريعة محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، فإن لهن عليكم حقاً واجباً استحللتم بما أجسامهن وبما واصلتم من أبدانهن ويحملن أولادكم في أحشائهن حتى أخذهن الطلق من ذلك فاشفقوا عليهن وطيبوا قلوبهن حتى يقفن معكم ولا تكرهوا النساء ولا تسخطوا بهن ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا برضاهن وإذنهن)(16).

وفي حق المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً، قال الإمام الصادق (عليه السلام): (يشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها)، وقال (عليه السلام): كانت امرأة لأبي ـ عليه السلام ـ تؤذيه فيغفر لها)(17).

وكان مما أوصى به الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ابنه محمد بن الحنفية (فإن المرأة ريحانة وليست بقهرمانة، فدارها على كل حال، وأحسن الصحبة لها فيصفو عيشك)(18).

إن المؤمن، سواء كان إيمانه في مرتبة عالية أم متوسطة، لا تكون القهقهة من صفاته بل يقتصر ضحكه على التبسم وهو معنى قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه)(19)، فحينما يرى الانزعاج على وجه زوجته لا يقابلها بالضحك وإلا كان فعله هذا من الحمق؛ يقابلها بتبسم وبشاشة تنم عن مواساة لها على ما ألم بها ودعوة لتناسيه.

إذا ذهبت الريح بقبعة الأصلع صار عدّاءً كبيراً يسبق الآخرين ليأتي بها، والضحك هنا من قبل الزوج دلالة على صلع عقله.. يجب أن يكون وقار الزوج هو عرضه وإطاعة الزوجة له طلبه وبعبارة أخرى أن قوام (شركة الحياة)، وقار الزوج وطاعة الزوجة وتوقع كل منهما رؤية الصفة المنشودة في الآخر، وإن ظهرت الصفتان بشكل معكوس فيهما كان ذلك دلالة على اتسامهما بالحمق..

على كل حال، مثلما أن الأصلع تزداد سرعته في ركضه خلف القبعة المتطايرة كلما كان صلعه أكثر فإن شدة القهقهة أو عرض الابتسامة التي في غير محلها تعكس مدى درجة الحمق لدى الرجل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ البخاري: ج4، باب ما جاء في الرقاق وأن لا عيش إلا عيش الآخرة.

2ـ ميزان الحكمة: ج3، باب الدنيا.

3ـ نهج البلاغة: حكم أمير المؤمنين (عليه السلام).

4ـ مستدرك وسائل الشيعة: ج1، ص18.

5ـ بحار الأنوار: ج73، ص127.

6ـ كنز العمال: ح25321.

7ـ ميزان الحكمة: ج4، باب السلام.

8ـ بحار الأنوار: ج76، ص7.

9ـ المصدر السابق: ج76، ص11.

10ـ تفسير الميزان: ج18، ص52.

11ـ بحار الأنوار: ج6، باب8، ص220.

12ـ مكارم الأخلاق: في حق الزوج على المرأة، ص216.

13ـ بحار الأنوار: ج71، باب92، ص387.

14ـ مكارم الأخلاق: في حق المرأة على الزوج، ص216.

15ـ بحار الأنوار: ج21، باب36، ص405.

16ـ مستدرك الوسائل: ج14، باب68، ص253.

17ـ الكافي: ج5، ص510، ح1.

18ـ مكارم الأخلاق: في حق المرأة على الزوج، ص218.

19ـ نهج البلاغة: حكم أمير المؤمنين (عليه السلام)، في صفة المؤمن.