1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مقبلون على الزواج :

أهمية الدين في الزواج

المؤلف:  د. رضا باك نجاد

المصدر:  الواجبات الزوجيّة للرجل في الإسلام

الجزء والصفحة:  ص13 ــ 20

2023-02-10

1170

لقد أشرت في كل المؤلفات التي تناولت بالبحث موضوع الأولاد إلى أهمية الدين في قضية الزواج، ولا شك أن القرّاء سيتساءلون ويسألون: لماذا؟، هاتيك الأدلة باقتضاب:

إن سر العادة في الزواج يكمن في ما يلي:

التناسب والتكافؤ العقلي بين الزوج والزوجة؛ فالهوة الواسعة بين الاثنين تعني تعرض تلك العلاقة إلى خطر التفكك والانفصام. ربما يعشق عالم بنتاً جاهلة فيتزوجها غير أنه ليس لأحدهما أن يدرك الآخر بسبب التباين الشاسع في مستوى العقل بينهما... أو ربما يتزوج شاب من هي كفؤٌ له بالعقل لكنه يدرس ويتعلم فيبلغ مدارج علمية عالية وما أكثر أن يكون هذا التباين بذرة للخلاف. غير أن الشيء الوحيد الذي بإمكانه المحافظة على عقد الزواج من الانفصام هو الدين لا غير، وإن قيل هي الأخلاق، علماً أن الأخلاق لا معنى لها بدون الدين الذي يتناول في أحد أبعاده موضوع الأخلاق.

بعد التناسب العقلي، يأتي التناسب (العلقوي) بمعنى العلاقة التي بين الزوجة ووالديها وبين الرجل ووالدي الزوجة سواءً كانت تتسم بالمعاداة والتخاصم أم بالعكس، ولقد حل الدين هذه القضية.

البعد الآخر هو التناسب الزوجي، والمقصود هنا عجز الرجل أو عدم تمكين المرأة نفسها منه. فالدين هنا يضرب على يد العنّين ويمنح الزوجة خيار الفسخ ويرسل في المقابل اللعنة على من لا تمكن نفسها من زوجها. أما إذا ظهر من الرجل فتور أو عدم القدرة على تلبية حاجة الزوجة، بالكامل فإننا نجد الدين يسارع لتقديم وصاياه للزوجة ويحثها على إثارته وتهييجه وما إلى ذلك، وفي هذا دلالة أخرى على أهمية الدين في الزواج ولعل هذه الأهمية تتضح أكثر فأكثر بقراءة الكتب العلمية والدينية.

وفي معرض الحديث عن دور الدين في تمييز المعاشرة والمباشرة الانسانية عن الحيوانية، ينبغي القول بأن موضوع الأنسنة يبرز الى السطح بكل أبعاده حينما يكون الدين قد سجل حضوره، وإلا كان الآلاف من الشياه بل كل الثديات، ومنها الإنسان، سواسية في البعد الثاني. إن المباشرة لدى الشياه واحدة وكذا هي معاشرتها لكنها تختلف لدى الاثنين من بني البشر من حيث الاختلاف الناجم عن امتلاكهما لعقلين متباينين في الوزن والتفكير.

بيد أن نفس هذا الإنسان يؤول به المطاف إلى الحيونة إذا ما لعبت بعقله الكحول والمخدرات، فالمدمنون على مستوى واحد من المعاشرة وبعبارة أخرى يتصرفون كالحيوانات. لاحظ الترتيب الوارد في صيغة عقد الزواج عند المسلمين، ما أروعه، إذ تجد (أنكحت وزوجت ومتعت) فالمفردة الأولى وهي البداية إشارة إلى تكوين الولد والثانية تعكس فكرة شريك الحياة واختتمت صيغة العقد بما يعبر عن التقاء الجسدين وبذلك جعلت المباشرة، ذات الصفة الحيوانية، آخر الأهداف ولعلك تقرأ في القرآن الكريم: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 3]، حيث التلويح إلى التمتع الحيواني.

تحدثنا آنفاً عن أن التباين بين الناس ناجم عن تفاوت في أداء عقولهم لكن إثارة موضوع العقل في سياق واحد مع الأنسنة لا تنم عن موضوعية ذلك أن المقام بذكر التقوى مع الأنسنة لا العقل. فمثلاً الحيوان يظهر ردة فعل عدائية إزاء كل من يتعرض له بالأذية ولا يضمرها في نفسه، أما الإنسان فما أكثر النماذج التي تضمر العداوة لبعضها في الباطن وتظهر المودة حين لقاء بعضها الاخر!! ونفس هذا النموذج حينما يأخذ المسكر منه مأخذه ويتصرف باللاشعور تجده يترجم عداوته على صعيد حياته في أول فرصة، وبعبارة أخرى إن الإنسان الذي لا يصدق ظاهره باطنه في الحالة العادية ويظهر على حقيقته في التعامل حينما يكون بالمستوى الحيواني أوضع مستوى من الحيوان لأنه خان الأمانة التي أودعت لديه حيث لم يكن بمستوى هذه الأمانة إلا حين يفقد عقله.

من هذا المنطلق، تعد التقوى هي المعيار في علو شأن إنسان على آخر والقرآن الكريم يقول: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].

أما إذا نظرنا للأمر من زاوية العوامل الكيميائية أو الفيزيائية أو النفسية فليس ببعيد هبوط المرء إلى المستوى الحيواني، بل ودون ذلك. إن النص القرآني المبارك يتعرض للأكل والتمتع كحالتين يشابه الإنسان فيهما الحيوان: {...يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ} [محمد: 12].

هنا تتضح أكثر فأكثر معالم أهمية الدين في الزواج بل في كافة الأمور.. إن العقل يكون سبباً لإنزال الناس مراتب متفاوتة وهو موجود لدى الإنسان قبل إضاعته بواسطة الأيديولوجيات المنحرفة التي ينساق إليها الإنسان بنفسه مما يستلزم وجود التقوى حتى لا يتم ذلك الانسياق وإلا كان كالأنعام بل أضل منها، وقد روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) قوله: (لا فضل للعربي على العجمي ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى)(1).

لقد ثبت في عصرنا إمكانية زرع العقول فيما الأعضاء الأخرى هي وعاء لهذه العقول، أي أن عقل الإمام المعصوم (عليه السلام) لو وضع في جمجمة قاتله لكان القاتل محترماً من جهة أن عقل الإمام (عليه السلام) مدعوم ومصحوب بالتقوى. (هنا لا بد من الإشارة إلى أن هذا الشخص لم يصبح إماماً بالكامل لأن كافة الأعصاب بل وكل الأعضاء والخلايا تأخذ أوامرها من الدماغ).

إن أهمية الزواج في الدين موضوع مثار منذ بداية النبوة، فقضية المباشرة والزواج والتمتع والنكاح وغيرها ملخصة في لفظة (العورة) بل مفردة (السوْأة) إذ يمتد تأريخها وجذورها إلى زمان تعيين خليفة الله تعالى في الأرض، أي النبي الأول سيدنا آدم (عليه السلام) وبعبارة أخرى إنها مرتبطة بالدين.

نهي سيدنا آدم (عليه السلام) وزوجته عن الاقتراب من شجرة لكنهما اقتربا بل وأكلا منها.. فأثير بذلك ولأول مرة موضوع السَّؤأة في الدين ونشأ منذ ذلك الوقت ارتباط غير منفصم بين السؤأة والنبوة وفي السياق ذاته بين السوْأة والغذاء، أي أن السوأة موجودة لدى الإنسان وكذلك التغذية التي تمثل شرطاً رئيساً في بقاء الموجودات على قيد الحياة بما فيها الإنسان لكن الأخير امتاز بشيء آخر وهو خصه بإرسال الرسل لهدايته ودعوته إلى دين ينظم حياته وشؤونه بما فيها سوأته.

ولعل الامعان في أمر زوجتي النبي نوح والنبي لوط (عليه السلام) إذ كانتا غير صالحتين وكذا حال ابن النبي نوح (عليه السلام)، يوقفنا أكثر على مدى تدخل الدين ودوره في الزواج وبالتالي في إنجاب الأولاد.

إن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يوعد بكثرة الأولاد ويذكر مباشرة بالصلاة والدعاء والنحر {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 1، 2]، فما أروع هذا الربط بين الجوانب الميكانيكية والغذائية وبين الدعاء والصلاة. أشرنا من قبل إلى دور الدعاء والصلاة والغذاء وسنورد المزيد... لا شك أنكم التفتم إلى الغذاءين الرئيسين للروح والجسم وهما الصلاة وما يقوّم الجسم، لقد أشير إلى ذلك في مائدة سيدنا المسيح (عليه السلام) والمنّ والسلوى الخاص ببني إسرائيل على عهد النبي موسى (عليه السلام) وكذلك على مائدة سيدنا إبراهيم الخليل (عليه السلام).

تطرقت مراراً إلى النبي والإمام لكنني لم أذكر شيئاً عن الفروق بين النبي والإمام رغم تدويني لما يقارب الأربعين مجلداً، ولقد حان الوقت لذلك.

إن كل نبي مبعوث ومصطفى ومجتبى مما يعكس ارتباطاً خاصاً بين الله سبحانه وتعالى وبين النبي، فهو نبي منذ ولادته ولغاية اليوم الذي تبدأ علاقته وارتباطه بالناس، أي يصير مبلغاً وحينئذٍ يصبح إماماً بمجرد أن يستجيب الناس لدعوته، وبذلك يكون ارتباط العلي القدير بالنبي (عليه السلام) نوعاً من إرادة الذات القدسية حيث اصطفاه وأفاض عليه من رحمته لكن ارتباط النبي (عليه السلام) بالناس يكون في طريق وعر مليء بالابتلاءات والامتحانات والاستهزاء، ولذا تحمل الكثير من الناس أمورا جمة وصولا إلى الكمال والسمو..

إن هذه القضايا تعد ابتلاء في المعيار الإلهي وتصنف في عداد الاستهزاء من قبل الناس ولأن صبر النبي (عليه السلام) إنما في سبيل الله تعالى ومن أجل التسامي بالناس إلى الحد الذي ينالون فيه رضا الخالق سبحانه وتعالى ومن هنا جعله إماماً لأتباعه: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124]، وانطلاقاً من هذا المفهوم فإن الإمامة مرتبة أعلى من النبوة.

إن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) نبي من قبله تعالى للناس أجمع: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: 28]، من الأولين والآخرين لكنه إمام فقط لمن آمن به (إمام المسلمين)، كان نبياً لكل الناس حتى لمن حرف الخلافة بعد وفاته عن مسيرها الأصلي، وكان إماماً لهم لكن إمامته رجعوا عنها بمجرد أن حرفوا الخلافة عن مسيرها الحقيقي، وعلى هذا الأساس صار نائب النبي (عليه السلام) إماماً فقد قبل رسالة النبي منذ البداية ويواصل طريقه بنفس الاتجاه بعد وفاته.

إن الارتداد يقع في قسم من الدين مثلما يحصل في الدين كله، وقبول نبوة النبي (عليه السلام) يسري في إمامته أيضاً والحال هذا ينطبق على الإمام الذي يخلف النبي (عليه السلام) سواء كان ذلك القبول جزئياً أم كلياً. إن الله سبحانه وتعالى حينما أراد أن يجعل خليفة في الأرض شرع أولا بتعليمه: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ} [البقرة: 31]، ثم أمر الملائكة بالسجود للعالم فأطاعوا وسجدوا ما خلا الشيطان الذي كان بمرتبة الملائكة حينها وعابداً لله تعالى، إذ رفض أن يطيع الخالق (جل وعلا) في هذا الأمر فجاءه الطرد: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا} [الأعراف: 18]. ويستشف من الآيات المباركة أن بالإمكان تسخير كل شيء بالعلم لكن العالم نفسه وللأسف معرض لشراك الشيطان اللعين.. إلآ أن يكون العالم متسماً بالإخلاص في مقابل الذات المقدسة وهو ما يعترف به الشيطان الرجيم: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82، 83].

بعد أن انتهى موضوع مراحل الخلافة والتعليم والاخلاص ولم ير أسم لزوج آدم (عليه السلام) - حواء -، يأتي فجأة ذكر الغذاء والعورة واختيار السكن وفيها يتم ذكر حواء إلى جانب زوجها آدم (عليه السلام) حيث تنص الآيات الشريفة على: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 35].

ثم: {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا} [الأعراف: 22].

وبالنتيجة فإن الزواج الأول في عالم البشرية والذي أقره الوحي الإلهي، أثير فيه موضوع التديّن بل الدين التوأم مع العلم قبل أن تثار قضية المباشرة والعوامل الزوجية.

إن ارتباط الدين بالزواج قوي ووثيق إلى الحد الذي لا يتوانى حتى أقل المتمسكين بالدين وبالرغم من آثار الاستعمار وغزوه الثقافي للدول الإسلامية، عن اللجوء للدين في أمرين يقابل أحدهما الآخر؛ الزواج والموت. هؤلاء يلجآن لعالم الدين عند عقد صيغة الزواج ويلجأون إليه حين الموت والتكفين والدفن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ مستدرك الوسائل: ج 12، باب 75، ص89.