x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
عقلك يتذكر كل ما حدث لك
المؤلف: ستيف بيدولف ـ شارون بيدولف
المصدر: سر الطفل السعيد
الجزء والصفحة: ص15 ــ 21
11/12/2022
1436
كان مرضى الصرع - في الخمسينيات من القرن العشرين - يجدون معاناة كبيرة لأن الأدوية التي تستخدم الآن لم تكن قد تطورت على هذا النحو. وقد اكتشف رجل يدعى (بنفيلد)، في ذلك الوقت أن هناك عملية يمكن أن تجرى لمساعدة الحالات الأكثر حرجاً، وذلك عن طريق عمل بعض الجروح على سطح مخ المصاب للحد من أو التصدي النهائي لتلك (النبضات الكهربية الزائدة)، التي تسبب نوبات الصرع.
والجزء المثير في الأمر - وأتمنى أن تتمالك نفسك وأنت تقرأ ذلك - أنه كان يطلب من المريض لدواعٍ أمنية أن يكون واعياً، أي أن العملية كانت تجرى باستخدام التخدير الموضعي فقط، حيث كان الجراح يقوم باستئصال جزء صغير من الجمجمة ثم يقوم بعمل القطع ثم يعيد هذا الجزء مرة أخرى ويحيك الجلد: إنه أمر يصيبني بالقشعريرة أنا أيضاً، ولكن كان هذا أفضل من المرض نفسه!.
كان المرضى - أثناء الجراحة - يعايشون تجربة مثيرة للدهشة، فبينما كان الطبيب يتلمس سطح المخ بطريقة حساسة بواسطة مسبار رقيق؛ فإن المريض قد يشعر فجأة وكأن الذكريات الحية قد تجمعت، كأن يتذكر مشاهد فيلم كاملاً، وفي نفس الوقت يشم رائحة العطر الرخيص في دار العرض وطريقة تصفيف الشعر الغريبة للشخص الذي يقف في مقدمة دار العرض!، وعندما كان الطبيب ينتقل بواسطة المسبار إلى منطقة أخرى؛ كان المريض يرى أمامه عيد ميلاده الرابع على الرغم من أنه كان مستيقظاً تماماً وجالساً على كرسي كان هذا الأمر يتكرر مع كل مريض مع اختلاف الذكريات بالطبع .
وقد دعمت الأبحاث اللاحقة هذا الاكتشاف المذهل: إن كل شيء، كل مشهد، كل صوت، كل كلمة، كل ذلك يختزن داخل عقل الإنسان إلى الأبد مصحوباً بالأحاسيس التي كانت ترافق هذه الأحداث. قد نجد صعوبة في التذكر في الكثير من الأحيان، ولكن الذكريات موجودة وتوثر علينا. إن حياتنا بكامل تفاصيلها مدونة على سطح المخ المجعد.
أما السمع اللاشعوري؛ فهو ظاهرة أخرى تعرضنا لها جميعاً بالطبع. فعندما تتواجد في حفل أو اجتماع؛ فإنك تستمع إلى شخص قريب منك. إن الغرفة تعج بالناس والأحاديث وربما الموسيقى أيضاً. وفجأة؛ تسمع اسمك يتردد في أحد الحوارات عبر الغرفة، أو اسم صديقك، أو أي شيء يتعلق بك. فتفكر في نفسك قائلاً: (ترى ماذا يقولون عني؟)
كيف يحدث هذا؟ لقد اكتشفنا من خلال البحث أن السمع يتكون من جزئين: الأول ما تلتقطه أذنك. والثاني ما تنتبه إليه بشكل واعٍ.
على الرغم من أنك تكون غير واعٍ بذلك، فإن القدرة المذهلة التي يتمتع بها جهازك السمعي تعمل على فرز كل المحادثات التي تجري في الغرفة الواسعة، وما أن تلتقط كلمة أو عبارة ذات دلالة معينة لك، يتحول قسم لوحة التشغيل في عقلك إلى الانتباه الواعي لهذه المحادثة، ليس بوسعك بالطبع أن تستمع لكل ما يقال في نفس الوقت، غير أن هناك فرز مبدئي ينقب عن الرسائل الهامة. لقد خلصنا إلى هذه النتيجة من خلال العديد من التجارب، وكذلك من خلال حقيقة أن الشخص المنوم مغناطيسياً لديه القدرة على تذكر الأشياء التي (لم يلحظها بعقله الواعي في وقتها!).
وقد تم تسجيل الموقف التالي في مختلف أنحاء العالم:
في وقت متأخر من مساء إحدى الليالي، انحرفت احدى القاطرات عن الطريق وانحدرت من اعلى وحطمت الجدار الأمامي لأحد المنازل، وعندما دخل رجال الإنقاذ الى المنزل، فوجئوا أن هناك أماً شابة تغط في سبات عميق حتى أنها لم تلتفت الى صوت الارتطام. وبينما كانوا واقفين هناك لا يعرفون كيف يتصرفون؛ شرع ابنها الصغير في البكاء في الغرفة الخلفية، فاستيقظت الام على الفور قائلة: (يا ألهي... ماذا هناك؟).
ان نظام الفرز في جهازها السمعي يعمل اثناء نومها، ولكنه يبحث عن شيء واحد فقط وهو صوت طفلها الرضيع، وهذا الصوت فقط هو ما ينتقل الى عقلها الواعي.
ولكن ما علاقة كل ما سبق بأطفالنا؟ فكّر في كل الأشياء التي نقولها عن أطفالنا مفترضين أنهم لا يسمعوننا، ثم تذكر قدرتهم الفائقة على السمع (حيث يسمعون صوت غلاف قطعة الحلوى على بعد 50 متر!). يمكننا أيضاً أن نضيف إلى ذلك وقت النوم؛ لأن هناك دليل واضح يشير إلى أن الأصوات والعبارات يتم تدوينها حتى أثناء الحلم أو النوم.
هناك أيضاً وقت آخر يجب أن نلتفت إليه، وهو ذلك الوقت الذي لم يستطع فيه الطفل بعد (أو لم يقرر بعد أن يجعلك تعلم) الكلام. إن الطفل يستطيع - قبل أن يتحدث بشهور - أن يتابع أغلب حديثك؛ إن لم يكن كل كلمة فيه.
من الأمور التي تثير دهشتي غالباً قول بعض الآباء الذين ظلوا يتشاجرون بضراوة على مدى سنوات أو يشعرون بالتعاسة لسبب ما: (إن الأبناء لا يعرفون شيئاً بالطبع). إن الأطفال - في واقع الأمر - يعرفون كل شيء عن كل شيء. قد يتفضل الطفل بكتمان الأمر في نفسه، أو قد يظهره بشكل غير مباشر عن طريق التبول اللاإرادي في الفراش، أو محاولة التحرش بأشقائه، ولكنه يعرف بالطبع. ولهذا عندما تتحدث عن أطفالك؛ احرص على قول ما ترغب في قوله بالفعل؛ لأن هذا أيضاً يعتبر قناة مباشرة للوصول إلى عقولهم.
لم لا تشرع في استخدام هذه القناة كي تدعمهم عن طريق التعبير عن الأمور التي تعجبك بصدق وتقدرها للآخرين بينما هم في مرمى سمعك؟ إن هذه الطريقة تفيد بشكل خاص في المراحل العمرية التي يتحرج فيها الطفل من الإطراء المباشر.
ـ الاستماع والشفاء
سمعت هذه القصة من أحد أساتذتي وهي الدكتور (فرجينيا ساتير).
كان هناك طفل أجريت له جراحة لاستئصال اللوزتين، غير أن النزيف ظل مستمراً بلا توقف وهو في غرفته الخاصة في المستشفى. فشاركت الدكتور(ساتير)، هيئة الأطباء ـ الذين كانوا قد اعتراهم القلق ـ في فحص القطع الجراحي في حلق الطفل.
وفجأة سألت الطبيبة زملاءها عما كان يحدث أثناء الجراحة.
(كنا قد انتهينا لتونا من إجراء جراحة لاستئصال سرطان الحلق لسيدة مسنة).
(وما الذي كنتم تتحدثون بشأنه؟)
(كنا نتحدث عن الجراحة الأخيرة وكيف أن فرصة السيدة كانت ضعيفة في الحياة؛ حيث كان قد وقع لها الكثير من التلف).
فأخذ عقل الدكتورة (ساتير)، يدور بسرعة، وأخذت تتصور الطفل وهو يخوض تلك الجراحة الروتينية السهلة تحت تأثير التخدير الكلي بينما يتحدث فريق الأطباء عن المريضة السابقة: (ليس أمامها فرصة كبيرة في الحياة)، (إنها حالة متأخرة جداً)
وبسرعة طلبت إعادة الطفل إلى غرفة العمليات بعد أن لقنت الأطباء ما يجب قوله.