x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الوحدات الاجتماعية
المؤلف: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
المصدر: الحياة في ظل الأخلاق
الجزء والصفحة: ص111ــ113
29-6-2022
2314
أهم مسألة في الحياة الاجتماعية هي كيف نستطيع أن نبني من مجموع الوحدات الاجتماعية المتفرقة والمتعددة الصغيرة، مجتمعاً موحداً أقرى وأكبر؟
ولقد كان المجتمع البشري - منذ أيامه الأولى - يأخذ طابع التعدد والتفرق في وحدات صغيرة و كبيرة .
وتعد العوامل التالية من مسببات هذه الفرقة والتعدد.
1- العِرق (العنصر):
فالأسرة الواحدة تتشعب إلى أسر مختلفة، يشكل مجموعها القوم أو القبيلة التي بدورها تشكل المجتمع الواحد.
وفي الحقيقة فإن الصبغة العنصرية القبلية تمثل الصبغة الاجتماعية للإنسان، ولا تزال القبائل والقوميات أساس الكثير من المجتمعات المتخلفة وقد تكون المسألة أصعب من هذا في بعض الحالات عندما تمتنع بعض القبائل عن التزاوج فيما بينها، لتظل وحدة اجتماعية مغلقة.
2- البيئة الجغرافية:
اختلطت القبائل المختلفة ببعضها بالقومية والدم شيئاً فشيئاً وشكلت وحدات اجتماعية أكبر تختلف عن نظيراتها في المناطق الجغرافية.
وكانت الحدود الجغرافية طبيعية في بادئ الأمر، كأن يفصل واد عميق أو نهر عظيم أو جبال شامخة بين أمتين، ثم ظهرت الاتفاقيات ففقدت الحدود والموانع الطبيعية أهميتها شيئاً فشيئاً، بيد أن الموانع الطبيعية لا تزال تشكل الحدود الجغرافية في الكثير من نقاط العالم كانجلترا وفرنسا، والصين واليابان، إلا أنها ليست كذلك في أغلب دول العالم.
3- العقيدة (الأيديولوجية):
وأخيراً أصبح الفكر والعقيدة أساساً لتشكيل المجتمعات في الأمم الراقية، فسرعان ما أدرك الإنسان أن العنصر والقبيلة لا يمكنهما الحيلولة دون وحدة بني البشر، ولا ريب في ازدياد العوامل المشتركة بين أبناء الدم الواحد من حيث الجوانب الجسمية والروحية، لكن هذا لا يمنعهم من مخالطة الآخرين.
وكذلك فقد أدرك بسهولة أن اختلاف المناطق الجغرافية (بما فيها الطبيعية والمصطنعة) لا يمكنه أن يكون عاملاً للفرقة، خاصة وأن سهولة وسائط المواصلات والنقل قد أذابت هذا الحاجز وقربت المسافات الجغرافية بصورة كاملة.
لذلك تحولت المجتمعات إلى مجتمعات عقائدية فكرية شيئاً فشيئاً، وحلت الحدود الفكرية محل الحدود السابقة، وخير مثال على هذا هو انقسام دول العالم الحالية إلى معسكرين شيوعي ومادي (قبل انهيار المعسكر الشيوعي).
ومع أن التصور الذي ساد في البداية كان يحكي عن خلود وأبدية هذا التقسيم، وكانت مسألة عدم تصالح هذين المعسكرين قطعية لا مفر منها، لكنه سرعان ما تبين أنه مصطنع أكثر مما هو واقعي.
فبإزاء عوامل الاختلاف الفكرية والعقائدية الموجودة بين الفئات المختلفة، هناك آلاف العوامل المشتركة التي يمكن أن تكون نواة لوحدة البشرية واتحاد أرواح البشر وأجسامهم، الذي يؤدي إلى اشتراكهم في مختلف الأهداف.
وقد تصاعدت نداءات الوحدة بين المجتمعات على الرغم من اختلاف أنظمتها وأفكارها، وهي اليوم تدخل تدريجياً مرحلة التطبيق.
وبالرغم من أن تضارب مصالح الشعوب وعدم وجود النضج الفكري اللازم لتوعيتها وتوجيهها لا يزال يمنع هذه المجتمعات المتفرقة من الاتحاد ببعضها لتشكل مجتمعاً أكبر قائماً على أساس وحدة النوع البشري، إلا أنه من الواضح أن أي واحد من عوامل التفرقة التي ذكرناها لم يكن حقيقياً لا يمكن تخطيه، وهذا الوعي كاف لتمهيد الطريق للمستقبل الأكثر نصوعاً وشروقاً.
وهكذا تثبت لنا إمكانية دمج المجتمعات البشرية في مجتمع واحد.