1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المجتمع و قضاياه : آداب عامة :

تهذيب اللسان

المؤلف:  الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  الحياة في ظل الأخلاق

الجزء والصفحة:  ص41ــ46

20-6-2022

2153

اللسان مفسر القلب ومفتاح الشخصية : 

إن تهذيب اللسان والكلام ذو أهمية بالغة في البحوث الأخلاقية؛ ذلك لأن اللسان مفسر القلب، وممثل العقل، ومفتاح شخصية الإنسان، وأهم بوابة تُفتح إلى روحه.

وبعبارة أوضح إن ما يؤثر في روح الإنسان ومن جملتها الظواهر الفكرية والعاطفية والشعورية يظهر على اللسان، من خلال كلماته، قبل كل شيء. فلو كان الأطباء السابقون يعزون جزءاً مهماً من اعتدال وانحراف المزاج إلى طبيعة اللسان، فعلماء النفس - اليوم - يتعرفون أكثر المسائل النفسية من خلال أحاديث الأفراد.

ومن هذه الجهات نجد أن علماء الأخلاق يعيرون أهمية خاصة لمسألة تهذيب اللسان ويعدونها من علامات التكامل الروحي وتقوية الفضائل والملكات البارزة.

وقد تم توضيح هذه الحقيقة في احاديث أهل البيت عليهم السلام بعبارات قصيرة لطيفة ولعل الجملتين التاليتين المنقولتين عن أمير المؤمنين علي عليه السلام والإمام الصادق عليه السلام، على التوالي، شاهدتان على قولنا هذا:

1- (المرء مخبوء تحت لسانه). وهذا لا يعني الشخصية العلمية فقط بل الشخصية الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية ككل، مخبوءة تحت لسان المرء وسوف تظهر من خلاله.

2- « لا يستقيم إيمان المرء حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه».

وستتضح أهمية تهذيب اللسان بصورة أفضل عندما نعلم بأن قسماً كبيراً من الذنوب، والأعمال الصالحة أيضاً، تحصل عن طريق اللسان.

وقد بحث الفيض الكاشاني في محجته البيضاء، والغزالي في إحياء علومه، موضوع آفات اللسان مفصلة جداً. وقد ذكر الغزالي عشرين آفة للسان هي كالتالي:

1- فضول الكلام.

2- اللغو والكلام الزائد.

3- الكلام في الأمور الباطلة كوصف مجالس القمار واللهو والنساء المنحرفات.

4- الجدال والمراء.

5- التخاصم والتنازع واللجاجة في الكلام.

6- التصنع في الكلام والتكلف في السجع وما شاكل ذلك.

7- الكلام البذيء والشتم.

8- اللعن.

9- الغناء والشعر الفاسد.

10- كثرة المزاح.

١١- السخرية والاستهزاء.

12- إفشاء أسرار الآخرين.

١٣- الوعد الكاذب.

14- الكذب في القول والقسم.

15- الغيبة.

16ـ النميمة.

17- النفاق في الكلام (بأن يكون ذا لسانين).

18- المدح في غير محله.

19- الغفلة عن دقائق وآداب الكلام والأخطاء الحاصلة من هذا الباب.

20- أسئلة العوام العقائدية المعقدة التي لا يمكن فهمها.

وغني عن الذكر أن آفات اللسان وانحرافاته لا تنحصر بما ذكره الغزالي، بل إن ذلك هو القسم المهم منها فقط، ولعله لا يخالفنا في هذا الرأي، فالآفات التالية من آفات اللسان أيضاً وقد ذكرها ضمن حديثه :

1ـ البهتان.

2- شهادة الزور.

3- العجب بالنفس.

4- إشاعة الفحشاء ونشر الإشاعات الكاذبة ولو من جهة الاحتمال.

5- فظاظة اللسان.

6- الإلحاح في غير محله (كما فعل بنو إسرائيل) .

7- جرح كرامة الآخرين باللسان.

8- ذم من ليس أهلاً للذم.

9- الكفر بالنعمة عن طريق السان.

10- الإعلام الكاذب والترغيب بالذنب.

ومن كل هذا تتضح أهمية اللسان.

ومن الطبيعي أنه يمكن دمج بعض ما ذكر أعلاه في الآخر (كوضع الوعد الكاذب وشهادة الزور في باب الكذب)، وقد لا يختص بعضها باللسان أحياناً كالغيبة وإيذاء المؤمن والكفر بالنعمة فهذه الآفات قد تتحقق باللسان أو بغيره من الجوارح.

ومما لا شك فيه أنه ينبغي بحث ودراسة مسألة تهذيب اللسان بوصفها مسألة أخلاقية مهمة.

وستتضح أهمية الموضوع بصورة أفضل عندما ننتبه إلى أن اللسان أسهل وأبسط وأرخص وسيلة موضوعة تحت تصرف الإنسان، لذا تجب مراقبته بدقة، ومن هذه الناحية يمكن تشبيهه بالمواد المفيدة ذات القوة الانفجارية الشديدة، فكما يراقب الإنسان هذه المواد بدقة وحذر، فإنه يجب عليه دائماً أن يراقب اللسان أيضاً، هذا العضو الحساس.

* الصمت والسكوت :

وبالنظر إلى المخاطر التي يمكن أن تصيب الإنسان نتيجة لإطلاق العنان للسانه، فقد اعتبر علماء الأخلاق الصمت، في الحالات التي ليس للتكلم فيها ضرورة، طريقاً للوقاية من تلك المهالك العظيمة، وقد وردت آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة توضح أهمية هذا الموضوع، وبدأ بعض العلماء تهذيب نفوسهم من هذه النقطة.

وعلاوة على هذا فإن الصمت يهب الإنسان حالة من التفكر والروحانية والبصيرة، ولعل هذا هو السر المقصود من سكوت نبي الله زكريا وتوقف لسانه علامة لاستجابة دعائه بشأن طلب الذرية، قال تعالى: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: 10].

وأمر مريم عليها السلام بنذر صوم الصمت أو السكوت: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26].

وقد نُقِلَ عن حالات رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان، ولأيام متوالية قبل نزول الوحي، يذهب إلى غار حراء ويقضيها بالصمت والتفكر في أسرار الوجود. ويمكن تلخيص فوائد الصمت بالنقاط التالية:

1- يحفظ الإنسان من كثير من الذنوب كما قال الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه القصير والغني : «من صمت نجا»(1) وسبب هذا الأمر واضح أيضاً؛ لأن اللسان سبب لكثير من المعاصي والذنوب كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أكثر خطايا بن آدم في اللسان»(٢).

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: «إخزن لسانك إلا من الخير، فإنك بذلك تغلب الشيطان»(٣).

2- يحث الإنسان على التفكر، الذي هو مصدر حياته المعنوية، لذا نجد الأفراد الصموتين ذوي علم وفهم نوعاً ما، بعكس الثرثارين حيث نجدهم غالباً قليلي الفهم ويقولون أكثر مما يعملون.

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا رأيتم المؤمن صموتاً وقوراً فادنو منه؛ فإنه يلقن الحكمة»(٤).

وعن علي عليه السلام أنه قال: «إذا تم العقل نقص الكلام»(5).

ويمكن أن يكون المقصود من هذه المسألة أبعد مما ذكرناه، وأن الصمت أفضل وسيلة لإحياء القوى العقلية، إذ أن قوى فكرية عديدة تتبدد أثناء التكلم، فلو ذخرت هذه الطاقات لتكونت قوة عظيمة يمكن بواسطتها فهم حقائق كبيرة إضافة إلى أن الصمت يسكن القلب ويعدل المشاعر.

3- كثرة الكلام تخلق اللاأبالية عند المرء، فتزيد اخطاؤه ويقلل حياؤه، ويتحطم حاجز الحياء، الذي يحصل نتيجة كثرة الخطايا، تتصاغر الذنوب في عين الإنسان كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام :

«من كثر كلامه كثر خطؤه ومن كثر خطؤه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار»(6).

ولعل هذا هو السر في جعل الصمت من العبادات المهمة: «العبادة عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت»(7).

والجدير بالذكر أن السكوت هنا لم يُقصَد به حالات العزلة والانزواء التي تمحو الذنوب، بل هو نوع من الاحتراز من الذنوب في الحالات التي يرغب فيها إلى بعض الذنوب كالغيبة والكذب... الخ، فلو اختار الصمت وضبط النفس لحصل على فضيلة إضافة إلى سلامة النفس.

ولا يخفى على أحد أن السكوت في الحالات التي يجب التكلم فيها يعد من أكبر العيوب، ويدل على ضعف المرء وقلة شهامته وقلة خوفه من الله.

ويجب الانتباه إلى أنه كما أن اللسان سبب أكثر الذنوب فإنه أيضاً وسيلة لقسم مهم من العبادات والأعمال الصالحة كذكر الله، وإرشاد الناس والتربية والتعليم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد باللسان، وغيرها.

___________________________________

(١)و(٢)و(٣)و(٤) المحجة البيضاء - ج ٥.

(٥) نهج البلاغة - الحكم القصار.

(6) نهج البلاغة - الحكم القصار.

(7) إحياء العلوم، ج٣ – عن عيسى عليه السلام.