1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : المجتمع و قضاياه : آداب عامة :

الإسلام والمسائل الاجتماعية

المؤلف:  الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  الحياة في ظل الأخلاق

الجزء والصفحة:  ص95ــ101

4-6-2022

1975

لا شك في حقيقة عدم وجود نظام يقدس العلاقة الموجودة بين الفرد والمجتمع ويدعم شرائع المجتمع بأحكامه وقوانينه كالإسلام، وبديهي فإن ديناً إلهياً خالداً وضامناً لتربية مواهب الإنسان الكامنة فيه وتكامله وتقدمه، لا يمكن أن يكون إلا هكذا.

والنقاط التالية كافية لتوضيح أهمية المجتمع في الإسلام والعناية الخاصة التي أولاها الإسلام لهذا الموضوع:

1- لا تعجب إذا ما قلنا بخلو القوانين الإسلامية الأساسية حتى من قانون فردي واحد! وخير دليل على هذا هو الفقه الإسلامي الذي يتركب من العبادات والمعاملات والسياسات. ولا يحتاج القسمان الثاني والثالث، اللذان يشكلان ثقله الأكبر، إلى توضيح كونه ديناً اجتماعياً، أما القسم الأول (العبادات) القائم على أساس العلاقة بين المخلوق والخالق، فنرى أن الروح الاجتماعية سائدة فيه أيضاً.

والفرائض اليومية، التي تعتبر من أهم العبادات الإسلامية، ممزوجة بالمفاهيم الاجتماعية لدرجة لا تقبل التفكيك، وإلا لفقدت هذه المفاهيم معناها. فما الأذان والإقامة، اللذان هما من مقدمات الصلاة، سوى دعوة للاجتماع لأداء هذه الفريضة بصورة جماعية، ولا معنى لهما في حالة الانفراد غير صيانة سنة معينة وإيجاد حالة من التهيؤ الروحي لدخول هذه الفريضة.

وكذلك سورة الحمد التي تقرأ في بداية الصلاة، فجميع المناجاة والدعاء والثناء الموجودة فيها هي بصيغة الجمع (نعبد، نستعين، أهدنا) . والتسليم الذي في آخر الصلاة يؤدى بصيغة الجمع أيضاً، وأنه يكاد يفقد محتواه في حالة الانفراد فجميع هذه الشواهد تدل على أن محور هذه الفريضة الإلهية العظيمة قائم على أساس الجماعة، علاوة على التأكيدات المتوالية التي تحث على صلاة الجماعة.

والحج من أكثر جميع العبادات الإسلامية انقطاعاً إلى الله (الانقطاع عن العالم المادي ومتعلقاته وخصائصه)، ومع هذا فالعجيب أنه أقوى مساساً من جميع العبادات لطبيعة المظهر الاجتماعي وآثاره.

2- إن الروابط الاجتماعية في الإسلام على درجة من الأهمية، وقد عدها القرآن من آيات وعلائم توحيد الباري تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].

3- صرح القرآن الكريم بأن إحدى معاجز الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم هي التأليف بين قلوب المؤمنين، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: 62، 63].

تشير هذه الآية بوضوح إلى أن الماديات لا تكفي وحدها لإيجاد الإلفة، بل هي بذاتها من عوامل التفرقة والتنافس والتنازع، بعكس الإيمان والمسائل الروحية.

ومما يجب الالتفات إليه في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر تأييد المؤمنين بعد تأييده مباشرة مما يدل على الأهمية الفائقة للموضوع.

4- اعتبر القرآن الكريم الفرقة والنفاق بمنزلة الابتلاءات السماوية فقد قال تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65].

ووصفها كحفرة من النار تلتهم كل شيء وتحوله إلى رماد: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103].

5- وصف القرآن الكريم علاقة المؤمنين ببعضهم بالإخوة، التي هي من أقرب وأعز أواصر القرابة، التي تقوم على أساس الاحترام المتبادل.

6- لا شيء في الإسلام أبغض من إيجاد العداوة والفرقة بين المسلمين، كما لا شيء أحب في الإسلام من إيجاد الإلفة بين الناس.

جاء في كتاب الاحتجاج عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «إن من أكبر السحر النميمة يفرق بها بين المتحابين، ويجلب بها العداوة بين المتصافين ويسفك بها الدماء، وتهدم بها الدور، وتكشف بها الستور، والنمام شر من وطأ الأرض بقدم».

7- لم يسمح الإسلام للمسلمين بهجر بعضهم، إلا في حالات استثنائية، لأثر ذلك في إضعاف أواصر المودة فيما بينهم، وإزالة المحبة من قلوبهم.

فقد حرمت الأحاديث المنقولة عن الأئمة المعصومين هذا العمل ونهت عنه بشدة في أكثر من سبعة مواضع وأجازته في الضرورة لثلاثة أيام فقط. قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام»(1).

وقال أيضاً: «نهي عن الهجران فإن كان لا بد فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام، فمن كان مهاجراً لأخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى»(2).

ففي هذه الأحاديث اعتبر الأئمة المعصومين عليهم السلام مواصلة الهجران خروجاً من حقيقة الإسلام، وصرحوا بأن من سبق أخاه بالسلام كان السابق إلى الجنة يوم الحساب.

8- اعتبر الإسلام صفات المحبة والأخوة والمواساة والتعاون، من حقوق المسلمين على بعضهم، وواجب عليهم الالتزام بها. قال الإمام الصادق عليه السلام: «يحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل، والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض حتى تكونوا كما أمركم الله عز وجل «رحماء بينهم»»(٣).

9- لم يذكر الإسلام خصال المحبة والصداقة والتعاون الاجتماعي والمساواة كقوانين وواجبات فقط، بل وضع مناهج شاملة لتحقيقها وتنفيذها أيضاً.

فقد حرم جميع عوامل التفرقة والنفاق، كالغيبة والنميمة والتفاخر وسوء الظن، والتنابز بالألقاب السيئة، وكثرة المزاح وغيرها، وامتدح وحبب عوامل توطيد المحبة والمودة والثقة المتبادلة، كالتزاور والمصافحة والمعانقة وحسن الظن وإظهار المحبة للطرف المقابل والدفاع عن حرمة الغائب، وإصلاح ذات البين، والسعي في قضاء حوائج الآخرين وغيرها. وعليه فقد وضع حجر الأساس لبناء مجتمع إنساني بمعنى الكلمة، قائم على أساس العواطف الصادقة، وأولى هذه المسألة درجة من الأهمية، حتى اعتبرها من ضروريات الحياة البشرية.

قال الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم : «إن المؤمن ليسكن إلى المؤمن كما يسكن القلب الظمآن إلى الماء البارد»(4).

والذي نستنتجه من هذا التعبير هو أن حاجة أفراد المجتمع إلى الحياة الاجتماعية هي حاجة طبيعية وفطرية وبدونها تستحيل الحياة البشرية.

10- الجدير بالانتباه إليه هو أن الإسلام لم يكتفي بحد معين من الروابط الاجتماعية، بل سعى دائماً لتقوية هذه الأواصر قدر المستطاع، وأمعن في هذا الموضوع إلى الحد الذي يحث فيه المؤمن على الارتباط روحياً كالجسد الواحد، قال الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم : «ألا وإن ودَّ المؤمن من أعظم أسباب الإيمان... ألا وإن المؤمنين إن اتحدا في الله كانا كالجسد الواحد، إذا اشتكى أحدهما من جسده موضعاً، وجد الآخر ألم ذلك الموضع»(5).

ويُفهم من هذا الحديث أن المحبة بين مؤمنين يمكن أن تصل لدرجة أن جسديهما يصيران كالجسد الواحد، فإذا اشتكى أحدهما من جسده موضعاً وجد الآخر ألم ذلك الموضع، بدون سبب خاص، أي يرتبطان روحياً لدرجة أن الألم ينتقل من جسد أحدهما إلى جسد الآخر.

ولا يستبعدُ ذلك من جهتين:

الأولى: إن ارتباط الروح بالجسد بدرجة من القوة بحيث تترك الاضطرابات الروحية أثراً عميقاً في الجسد.

ويعتقد أطباء النفس اليوم بأن الكثير من الأمراض الجسمية التي ليست لها علة محسوسة، كإصابات الأعضاء والميكروبات، هي وليدة الاضطرابات النفسية.

الثانية: لقد ثبت حديثاً إمكانية التبادل الفكري بين شخصين من مسافات بعيدة، دون أية وسيلة فيزيائية، وذلك بالانسجام الروحي الخاص أو التمرين المستمر بينهما.

ولذلك يمكن انتقال آلام فرد معين إلى صاحبه عن طريق هذه الرابطة، فتؤثر في جسده، فيجد الألم في ذلك الموضع نفسه.

11- الالتحاق بالسواد الأعظم: وهو من وصايا الإسلام، فقد جاء في خطبة أمير المؤمنين ومولى الموحدين الإمام علي عليه السلام لدحض فكرة الخوارج :

«والزموا السواد الأعظم؛ فإن يد الله على الجماعة، وإياكم والفرقة؛ فإن الشاذ من الناس للشيطان، كما أن الشاذ من الغنم للذئب... وإنما حكم الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن، ويميتا ما أمات القرآن، وإحياؤه الاجتماع علي، وإماتته الافتراق عنه»(6)...

وتشير مطالعة أحوال الماضين إلى أن المجتمعات الصغيرة كانت أكثر تخلفاً عن ركب الثقافة ومظاهر الحضارة الإنسانية، وإن الثقافات والحضارات الراقية قد ظهرت في المجتمعات الكبيرة الواسعة.

ولهذا فقد حث الإمام علي عليه السلام في كلامه الأنف على ملازمة المجتمعات الكبيرة أولاً، ثم أشار إلى ان يد الله على الجماعة بعكس الشاذين فهم طعم للشيطان ومحرومون من يد العناية الإلهية، والتشبيه الذي أورده عليه السلام في الجملة الأخرى يدل على أن التغلب على المشاكل والنجاة من مخالب المهلكات يتحقق في عمق المجتمع فقط، لذلك فالمجتمع الأكثر كثافة أكبر صموداً أمام الحوادث، والنصر حليفه في الشدائد.

وفي النهاية صرح عليه السلام بأن إحياء القرآن بالاتحاد والاجتماع وإماتته بالافتراق عنه والانفراد في انتخاب الطريف!.

إضافة إلى هذا فإنه يمكن استنتاج اهتمام الإسلام بالمجتمعات الكبيرة من الموضوعين التاليين:

1- إن ثواب صلاة الجماعة بعدد أفراد تلك الجماعة وإن ثواب المساجد يتناسب مع مكانتها الاجتماعية، ابتداءً من مسجد السوق والقبيلة والمسجد الجامع لكل مدينة وغيرها من مساجد المسلمين وانتهاء بالمسجد الحرام الذي يعد أكبر مركز للتجمعات الإسلامية.

2- حث الإسلام على التكاثر وزيادة النوع البشري، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أطلبوا الولد فإني مكاثر بكم الأمم غداً»(7).

ويلزم الانتباه هنا إلى النقطة التالية:

* يمكن أن يسبب التكاثر بعض الاضطرابات والمشاكل لبعض المجتمعات كنقص المواد الغذائية وما شاكل ذلك، ولكن هذه المشاكل المؤقتة والاستثنائية لا يمكنها أبداً أن تقلل من قيمة الذخائر الإنسانية الثمينة لمجتمع ما، ويمكن أن تحصل هذه المشاكل في مجتمع فقير اقتصاديا كذلك.

ومسألة تحديد النسل تنادي بها جماعتان: الأولى جماعة حب الراحة الذين يفضلون راحتهم على المصلحة العامة، ويسعون للحصول على أكبر مستوى ممكن من الرفاه، والثانية جماعة التفكير الضعيف والمساكين الذي يتصورون أن المنابع الحياتية الطبيعية الحالية محدودة ولا تتسع لأفراد آخرين في حين أن العلماء اعتقدوا بأن المنابع الحياتية الحالية - بغض النظر عما سيُكشَف منها في المستقبل - كافية لتأمين احتياجات أضعاف العدد الحالي لسكان الأرض.

___________________________

(١) و(٢) وسائل الشيعة، ج ٨، الباب ١٤٤، ص 584.

(٣) وسائل الشيعة، ج ٨، ص ٥٥٢. والآية في سورة الفتح رقم29.

(4) بحار الأنوار، ج ١٥ ، ص ٧٨.

(5) كنر الكراجكي عن بحار الأنوار، ج١٥، كتاب العشرة، ص ٧٨.

(6) نهج البلاغة – الخطبة ١٢٣.

(7) الوسائل ج١٤، ص٤.