مكة بعهد مسعود بن ادريس
المؤلف:
احمد السباعي
المصدر:
تاريخ مكة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع
الجزء والصفحة:
ج2، ص 412-417
18-11-2020
1388
مسعود بن ادريس :
وهكذا تولى الأمر مسعود بن ادريس وكان مسالما فعم الناس بحلمه وشملهم بطيبته ولعل مسالمته شجعت قانصوه على بعض الأعمال العنيفة في مكة فإنه ما كاد يستقر الأمر لمسعود حتى شرع قانصوه يعاقب بعض الأهالي ويصادر كثيرا من الأموال واحسب أن مسعودا لم يحاول منعه ولعله شعر أنه بحاجة إلى مسالمته وهو طارىء على الحكم الجديد وفي طبعه ميل الى السلم وعم الغلاء البلاد في هذا العام وقلت الأرزاق واضطر الأهالي إلى أكل «الدخن» بدلا من «القمح» وسموا ذلك العام عام ـ الدخن (1).
عقد الركب :
وأعقب ذلك الغلاء مرض عام غريب شاع فيه اعتقال الركب فكان الرجل يخرج من بيته سليما فبعاد إليه محمولا معقود الركب لا يستطيع القيام عليها من غير داء يشكوه وكانوا يتخذون له شراب ماء الليم (2) مع السكر بعد أن ينضجوه على النار في قشرته (3).
وأمعن قانصوه في استغلال مسالمة مسعود فوضع يده على عموم الواردات في جدة وأضافها الى الخزانة التركية بعد أن كان العثمانيون قد تركوا نصفها لصاحب مكة في عهد بركات.
وظلت الواردات على ذلك الى أن انتقلت الامارة الى زيد بن محسن جد الأمراء ذوي زيد الذي استطاع أن يعيد الواردات الى امارة مكة.
وارتحل قانصوه الى اليمن وظل مسعود يدير امره في هدوء المسالم ونصفه العادل وكان الى جانب ذلك كريما يقدر العلماء ويجيز الأدباء حتى اتفق الناس على الثناء عليه ولم يدم أمره إلا سنة واحدة أو أقل من ذلك فقد وافته منيته في ٢٢ ربيع الثاني سنة ١٠٤٠ في بستانه بالمعابدة.. وهو بستان كان معروفا عند حوض أبي طالب ويسمونه بستان مسعود (4) ثم سماه الناس بستان العواجي لأنه آل إلى دخيل الله العواجي من آل زيد (5).
تحريم القهوة :
وفي هذا العهد شاع شرب القهوة في مكة والذي أظنه انه انتقل اليها من اليمن وقد حاربها علماء مكة حربا شديدا وأفتى بعضهم بتحريمها وقال انها خمرة مسكرة فصدر الأمر بجلد بائعها وشاربها وطابخها وشاريها فكان الناس يتعاطونها في أقبية بعض البيوت فإذا هاجمهم المكلفون سحبوهم بالعنف الى ساحة عامة وضربوا رؤوسهم بأوانيهم وكانت من الفخار حتى تدميهم وربما قضى بعضهم من هول الضرب وربما اكتفوا عن ذلك بجلدهم بالسوط ثم ما لبثوا أن تهاونوا في شأنها فكثر شيوعها وزاد انتشارها (6) وطغى صوت العامة على المتعسفين.
______________
(1و ٣) منائح الكرم للسنجارى «مخطوط».
(٢) الليم من الحوامض وهو من فصيلة النارنج.: وهذا المرض يسمى فى جزيرة العرب (أبو ركب) وهو ليس خطيرا ولا يتجاوز عقل الركب ، ودواؤه كما ذكر مؤرخنا عصير الليم والترنح ولعله النارنج
(4) منائح الكرم.
(5) وحوض أبي طالب وبستان العواجي كان موقعهما فى أوائل الحدود المعابدة من جهة مكة. وقد أزيلا فى توسعة شارع المعابدة واقامة جسر الحجون سنة ١٣٩٧ ه
(6) يقال ان شجرة البن اكتشفت فى اليمن فى أوائل القرن العاشر الهجري.
الاكثر قراءة في مكة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة