x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
امير المؤمنين (عليه السلام) وهاشم المرقال
المؤلف: علي الكوراني العاملي
المصدر: قراءة جديدة للفتوحات الإسلامية
الجزء والصفحة: ج2، ص210- 227
11-8-2020
2046
فضَّله أمير المؤمنين (عليه السلام) على محمد بن أبي بكر مع حبه لمحمد، رضي الله عنهما ، ففي نهج البلاغة (1/116): «من كلام له(عليه السلام) لما قلد محمد بن أبي بكر مصر فمُلكت عليه ، فقُتل: وقد أردتُ تولية مصر هاشم بن عتبة ، ولو وليته إياها لما خلى لهم العرصة ولا أنهزهم الفرصة. بلا ذم لمحمد بن أبي بكر، فلقد كان إليَّ حبيباً وكان لي ربيباً». «رحم الله محمداً ، كان غلاماً حدثاً . أما والله لقد كنت أردت أن أولي المرقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص مصر. والله لو أنه وليها لما خلى لعمرو بن العاص وأعوانه العرصة ، ولما قتل إلا وسيفه في يده بلا ذم لمحمد بن أبي بكر ، فلقد أجهد نفسه وقضى ما عليه. فقيل لعلي(عليه السلام) : لقد جزعت على محمد بن أبي بكر جزعاً شديداً يا أمير المؤمنين ! قال: وما يمنعني؟ إنه كان لي ربيباً وكان لبنيَّ أخاً ، وكنت له والداً ، أُعِدُّه ولداً ». (الغارات للثقفي:1/300 ).
بقي هاشم في الكوفة بعد أن تركها عمه سعد، ثم جاء مع علي (عليه السلام) الى البصرة ، وأرسله الإمام(عليه السلام) من ذي قار برسالة الى عامله على الكوفة أبي موسى الأشعري ليستنهض المسلمين لموافاته في ذي قار .
قال في فتح الباري(13/48): «كان عليٌّ أقرَّ أبا موسى على إمرة الكوفة، فلما خرج من المدينة أرسل هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إليه أن أنهض من قبلك من المسلمين ، وكن من أعواني على الحق، فاستشار أبو موسى السائب بن مالك الأشعري فقال: إتبع ما أمرك به. قال: إني لا أرى ذلك ! وأخذ في تخذيل الناس عن النهوض ! فكتب هاشم إلى علي بذلك وبعث بكتابه مع محل بن خليفة الطائي، فبعث على عمار بن ياسر والحسن بن علي ، يستنفران الناس ».
ورواه في شرح النهج (14/9)، وفيه: «فأبى ذلك، وحبس الكتاب وبعث إلى هاشم يتوعده ويخوفه. قال السائب: فأتيت هاشماً فأخبرته برأي أبى موسى، فكتب إلى علي(عليه السلام) : لعبد الله على أمير المؤمنين من هاشم بن عتبة أما بعد يا أمير المؤمنين فإني قدمت بكتابك على امرئ مشاق بعيد الود ، ظاهر الغل والشنآن، فتهددني بالسجن وخوفني بالقتل ، وقد كتبت إليك هذا الكتاب مع المحل بن خليفة أخي طئ ، وهو من شيعتك وأنصارك ، وعنده علم ما قِبلنا فاسأله عما بدا لك ، واكتب إلى برأيك. والسلام...فقال علي(عليه السلام) : والله ما كان عندي بمؤتمن ولا ناصح، ولقد أردت عزله ، فأتاني الأشتر فسألني أن أُقره ، وذكر أن أهل الكوفة به راضون ، فأقررته».
وروى الطبري (3/501) أن الأشتر ذهب الى الكوفة بعد عمار والإمام الحسن(عليه السلام) «فأقبل الأشتر حتى دخل الكوفة وقد اجتمع الناس في المسجد الأعظم ، فجعل لا يمر بقبيلة يرى فيها جماعة في مجلس أو مسجد إلا دعاهم ويقول: إتبعوني إلى القصر، فانتهى إلى القصر في جماعة من الناس، فاقتحم القصر فدخله وأبو موسى قائم في المسجد يخطب الناس ويثبطهم ، يقول: أيها الناس إن هذه فتنة عمياء صماء تطأ خطامها . النائم فيها خير من القاعد ، والقاعد فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي ، والساعي فيها خير من الراكب . إنها فتنة باقرة كداء البطن ، أتتكم من قبل مأمنكم تدع الحليم فيها حيران كابن أمس ، إنا معاشر أصحاب محمد أعلم بالفتنة ، إنها إذا أقبلت شبهت وإذا أدبرت أسفرت !
وعمار يخاطبه ، والحسن يقول له: اعتزل عملنا لا أم لك ، وتنح عن منبرنا . وقال له عمار: أنت سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقال أبوسى: هذه يدي بما قلت . فقال له عمار: إنما قال لك رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا خاصة ، فقال: أنت فيها قاعداً خير منك قائماً ! ثم قال عمار: غلب الله من غالبه ، وجاحده !
عن أبي مريم الثقفي قال: والله إني لفي المسجد يومئذ وعمار يخاطب أبا موسى ويقول له ذلك القول ، إذ خرج علينا غلمان لأبي موسى يشتدون ، ينادون يا أبا موسى هذا الأشتر قد دخل القصر فضربنا وأخرجنا . فنزل أبو موسى فدخل القصر، فصاح به الأشتر: أخرج من قصرنا لا أم لك ، أخرج الله نفسك ، فوالله إنك لمن المنافقين قديماً ! قال: أجلني هذه العشية . فقال: هي لك ، ولا تبيتن في القصر الليلة . ودخل الناس ينتهبون متاع أبي موسى فمنعهم الأشتر، وأخرجهم من القصر وقال: إني قد أخرجته . فكف الناس عنه ».
أقول: وافي ألوف المسلمين من الكوفة أمير المؤمنين(عليه السلام) بذي قار ، وساروا معه الى البصرة. ولم يؤثر فيهم تثبيط أبي موسى ، فقد واجهه عمار بالتكذيب وفضحه بأنه من أصحاب العقبة الذين أرادوا قتل النبي(صلى الله عليه وآله) فلعنه ليلتها ! فلم ينكر ذلك أبو موسى، بل قال لعمار: إن النبي‘استغفر له بعد ذلك ! فأجابه عمار: لقد شهدت اللعن، ولم أشهد الاستغفار! ثم واجهه الأشتر رضي الله عنه بقوته وتأثيره في الكوفة .
أما هاشم المرقال «فجرد معه من بنيه من كان منهم قد أنْبت، وخرج بهم إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى ذي قار، فكان أول من قدم عليه». (أخبار الشعراء للمرزباني/ 38 ).
وكان هاشم بصيراً بمعاوية والقرشيين المخالفين لعلي(عليه السلام) ويرى أنهم طلاب دنيا فقد روى نصر بن مزاحم في وقعة صفين/92: «لما أراد علي(عليه السلام) المسير إلى أهل الشام دعا إليه من كان معه من المهاجرين والأنصار، فحمد الله وأثنى عليه ، وقال: أما بعد فإنكم ميامين الرأي، مراجيح الحلم ، مقاويل بالحق ، مباركو الفعل والأمر. وقد أردنا المسير إلى عدونا وعدوكم، فأشيروا علينا برأيكم. فقام هاشم بن عتبة بن أبي وقاص فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد يا أمير المؤمنين فأنا بالقوم جد خبير، هم لك ولأشياعك أعداء ، وهم لمن يطلب حرث الدنيا أولياء ، وهم مقاتلوك ومجاهدوك لا يبقون جهداً ، مشاحة على الدنيا ، وضناً بما في أيديهم منها . وليس لهم إربة غيرها إلا ما يخدعون به الجهال من الطلب بدم عثمان بن عفان. كذبوا ليسوا بدمه يثأرون ولكن الدنيا يطلبون . فسر بنا إليهم فإن أجابوا إلى الحق فليس بعد الحق إلا الضلال . وإن أبوا إلا الشقاق فذلك الظن بهم. والله ما أراهم يبايعون وفيهم أحد ممن يطاع إذا نهى ويسمع إذا أمر».
كان هاشم المرقال صاحب راية علي(عليه السلام) في حرب صفين ، أي القائد العام لجيشه ففي وقعة صفين/326: «دفع على الراية إلى هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وكانت عليه درعان ، فقال له على كهيئة المازح: أيا هاشم ، أما تخشى من نفسك أن تكون أعور جباناً ؟ قال: ستعلم يا أمير المؤمنين . والله لألفَّنَّ بين جماجم القوم لفَّ رجل ينوي الآخرة. فأخذ رمحاً فهزه فانكسر، ثم آخر فوجده جاسياً فألقاه ثم دعا برمح لين فشد به لواءه ».
وقاتل هاشم في أيام صفين قتال الأبطال ، حتى استشهد هو وعمار في يوم واحد ! ففي وقعة صفين/353: «عن أبي سلمة ، أن هاشم بن عتبة دعا في الناس عند المساء: ألا من كان يريد الله والدار الآخرة فليقبل. فأقبل إليه ناس فشد في عصابة من أصحابه على أهل الشام مراراً ، فقاتل قتالاً شديداً ثم قال لأصحابه: لا يهولنكم ماترون من صبرهم ، فوالله ما ترون منهم إلا حمية العرب وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها ، وإنهم لعلى الضلال وإنكم لعلى الحق.
يا قوم إصبروا وصابروا واجتمعوا ، وامشوا بنا إلى عدونا على تؤده رويداً واذكروا الله ، ولا يسلمن رجل أخاه ، ولا تكثروا الإلتفات ، وجالدوهم محتسبين حتى يحكم الله بيننا وبينهم وهو خير الحاكمين . قال أبو سلمة: فبينا هو وعصابة من القراء يجالدون أهل الشام ، إذ خرج عليهم فتى شاب يقول:
أنا ابن أرباب الملوك غسان
والدائن اليوم بدين عثمان
أنبأنا أقوامنا بما كان
أن علياً قتل ابن عفان
ثم شد فلا ينثني يضرب بسيفه ثم يلعن علياً ويشتمه ويسهب في ذمه ! فقال له هاشم بن عتبة: إن هذا الكلام بعده الخصام ، وإن هذا القتال بعده الحساب . فاتق الله فإنك راجع إلى ربك فسائلك عن هذا الموقف وما أردت به .
قال: فإني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي كما ذُكر لي ، وأنكم لا تصلون . وأقاتلكم لأن صاحبكم قتل خليفتنا وأنتم وازرتموه على قتله .
فقال له هاشم: وما أنت وابن عفان؟ إنما قتله أصحاب محمد وقراء الناس، حين أحدث أحداثاً وخالف حكم الكتاب ، وأصحاب محمد هم أصحاب الدين ، وأولى بالنظر في أمور المسلمين . وما أظن أن أمر هذه الأمة ولا أمر هذا الدين عناك طرفة عين قط !
قال الفتى: أجل أجل ، والله لا أكذب ، فإن الكذب يضر ولا ينفع ، ويشين ولا يزين . فقال له هاشم: إن هذا الأمر لا علم لك به ، فخله وأهل العلم به . قال: أظنك والله قد نصحتني . وقال له هاشم: وأما قولك إن صاحبنا لا يصلي فهو أول من صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأفقهه في دين الله ، وأولاه برسول الله .
وأما من ترى معه فكلهم قارئ الكتاب ، لا ينامون الليل تهجداً . فلا يغررك عن دينك الأشقياء المغرورون !
قال الفتى: يا عبد الله إني لأظنك امرأً صالحاً وأظنني مخطئاً آثماً ، أخبرني هل تجد لي من توبة ؟ قال: نعم ، تب إلى الله يتب عليك ، فإنه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، ويحب التوابين ويحب المتطهرين.
قال: فذهب الفتى بين الناس راجعاً ، فقال له رجل من أهل الشام: خدعك العراقي ! قال: لا ، ولكن نصحني العراقي » .
«ولما دفع على الراية إلى هاشم قال له رجل من بكر بن وائل من أصحاب هاشم: أقدم هاشم ، يكررها، ثم قال: مالك يا هاشم قد انتفخ سحرك ، أعَوَراً وجُبْناً ؟ قال: من هذا ؟ قالوا: فلان . قال: أهلها وخير منها ، إذا رأيتني قد صُرعتُ فخذها. ثم قال لأصحابه: شدوا شسوع نعالكم وشدوا أزركم ، فإذا رأيتموني قد هززت الراية ثلاثاً ، فاعلموا أن أحداً منكم لا يسبقني إليها...ثم نظر هاشم إلى عسكر معاوية فرأى جمعاً عظيماً فقال: من أولئك؟ قيل أصحاب ذي الكلاع.. قال: من عند هذه القبة البيضاء؟ قيل معاوية وجنده . قال فإني أرى دونهم أسودة ؟ قالوا: ذاك عمرو بن العاص وابناه ومواليه . وأخذ الراية فهزها فقال له رجل من أصحابه: أمكث قليلاً ، ولا تعجل. فقال هاشم:
قد أكثروا لومي وما أقلا *** إني شريت النفس ، لن أعتلا
أعور يبغي نفسه محلا *** لا بد أن يَفل أو يُفلا
قد عالج الحياة حتى ملا *** أشدُّهم بذي الكعوب شلا
مع ابن عم أحمد المعلى *** فيه الرسول بالهدى استهلا
أولُ من صدقه وصلى *** فجاهد الكفار حتى أبلى».
وقال: أيها الناس، إني رجل ضخم فلا يهولنكم مسقطي إن أنا سقطت ، فإنه لا يفرغ مني أقل من نحر جزور حتى يفرغ الجزار من جزرها ». (صفين/353).
وفي الأخبار الطوال/183: «فلما أصبح عليٌّ غادى أهل الشام القتال ، ودفع رايته العظمى إلى هاشم بن عتبة فقاتل بها نهاره كله ، فلما كان العشي انكشف أصحابه انكشافه ، وثبت هاشم في أهل الحفاظ منهم والنجدة ، فحمل عليهم الحارث بن المنذر التنوخي فطعنه طعنة جائفة ، فلم ينته عن القتال. ووافاه رسول علي (عليه السلام) يأمره أن يقدم رايته ، فقال للرسول: أنظر إلى ما بي ، فنظر إلى بطنه فرآه منشقاً ! فرجع إلى علي فأخبره ، ولم يلبث هاشم أن سقط ، وجال أصحابه عنه وتركوه بين القتلى ، فلم يلبث أن مات .
وحال الليل بين الناس وبين القتال ، فلما أصبح علي(عليه السلام) غَلَّسَ بالصلاة ، وزحف بجموعه نحو القوم على التعبية الأولى، ودفع الراية إلى ابنه عبد الله بن هاشم بن عتبة ، وتزاحف الفريقان فاقتتلوا . فروي عن القعقاع الظفري أنه قال: لقد سمعت في ذلك اليوم من أصوات السيوف ما الرعد القاصف دونه . وعلي (عليه السلام) واقف ينظر إلى ذلك ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ، والله المستعان ، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ، وأنت خير الفاتحين .
ثم حمل علي بنفسه على أهل الشام حتى غاب فيهم ، فانصرف مخضباً بالدماء ، فلم يزالوا كذلك يومهم كله والليل حتى مضى ثلثه ، وجرح عليٌّ (عليه السلام) خمس جراحات ، ثلاث في رأسه واثنتان في وجهه .
«وقاتل هاشم هو وأصحابه قتالاً شديداً حتى أتت كتيبة لتنوخ ، فشدوا على الناس فقاتلهم وهو يقول: أعور يبغي أهله محلا.. الخ. حتى قتل تسعة نفر أو عشرة، وحمل عليه الحارث بن المنذر التنوخي فطعنه فسقط ». (صفين /155).
وفي أسد الغابة (5/49): «فقطعت رجله يومئذ ، وجعل يقاتل من دنا منه وهو بارك ويقول: الفحل يحمى شوله معقول . وقيل فيه يقول أبو الطفيل عامر بن واثلة: يا هاشم الخير جزيت الجنة...قاتلت في الله عدو السنة».
وفي وقعة صفين/359، وفتوح ابن الأعثم:3/119: «وفي قتل هاشم بن عتبة يقول أبو الطفيل عامر بن واثلة وهو من الصحابة، وقيل إنه آخر من بقي من صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشهد مع علي(عليه السلام) صفين ، وكان من مخلصي الشيعة:
يا هاشمَ الخير جزيت الجنهْ *** قاتلت في الله عدوَّ السنه
والتاركي الحق وأهل الظِّنَّه *** أعظم بما فزت به من منه
صيرني الدهر كأني شنه *** يا ليت أهلي قد علوني رنه
مـن حَوْبــةٍ وعمــةٍ وكِنـَّـه
«ولما قتل هاشم جزع الناس عليه جزعاً شديداً، وأصيب معه عصابة من أسلم من القراء، فمرَّ عليهم علي(عليه السلام) وهم قتلى حول أصحابه الذين قتلوا معه، فقال:
جزى الله خيراً عصبةً أسلميةً *** صباحَ الوجوه صُرِّعُوا حولَ هاشمِ
يزيدٌ وعبد الله بشرٌ ومعبدٌ *** وسفيانُ وابنا هاشم ذي المكارم
وعروة لايبعد ثناه وذكره *** إذا اخترطت يوماً خفاف الصوارم
ثم قام عبد الله بن هاشم ، وأخذ الراية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس ، إن هاشماً كان عبداً من عباد الله ، الذين قدر أرزاقهم ، وكتب آثارهم ، وأحصى أعمالهم ، وقضى آجالهم ، فدعاه ربه الذي لا يعصى فأجابه، وسلم لأمر لله ، وجاهد في طاعة ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأول من آمن به ، وأفقههم في دين الله ، المخالف لأعداء الله المستحلين ما حرم الله ، الذين عملوا في البلاد بالجور والفساد ، واستحوذ عليهم الشيطان ، فزين لهم الإثم والعدوان، فحق عليكم جهاد من خالف سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعطل حدود الله ، وخالف أولياء الله .
فجودوا بمهج أنفسكم في طاعة الله في هذه الدنيا، تصيبوا الآخرة والمنزل الأعلى، والملك الذي لا يبلى. فلو لم يكن ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار، لكان القتال مع علي أفضل من القتال مع معاوية، ابن أكالة الأكباد. فكيف وأنتم ترجون ما لا يرجون ». (وقعة صفين /356 ) .
كان هاشم من خاصة أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام) فقد كان يمازحه ، وأخبره بيوم شهادته ، وبشره بأنه سيأكل هذا اليوم من طعام الجنة .
قال نصر/346: «ثم إن علياً(عليه السلام) دعا في هذا اليوم هاشم بن عتبة ومعه لواؤه، وكان أعور، فقال له: يا هاشم ، حتى متى تأكل الخبز وتشرب الماء؟! فقال هاشم: لأجهدن على ألا أرجع إليك أبداً ! قال علي(عليه السلام) : إن بإزائك ذا الكلاع وعنده الموت الأحمر. فتقدم هاشم، فلما أقبل قال معاوية: من هذا المقبل؟ فقيل هاشم المرقال. فقال: أعور بني زهرة قاتله الله.. فأقبل هاشم وهو يقول:
أعْوَرُ يبغي نفسه خلاصا
مثل الفنيق لابساً دلاصا
قد جرب الحرب ولا أناصا
لا ديةً يخشى ولا قصاصا
كل امرئ وإن كبا وحاصا
ليس يرى من موته مناصا
وحمل صاحب لواء ذي الكلاع وهو رجل من عذرة ، وهاشم حاسر وهو يقول:
يا أعور العين وما بي من عورْ
أثبت فإني لست من فرعي مضر
نحن اليمانون وما فينا خور
كيف ترى وقع غلام من عذر
ينعي ابن عفان ويلحى من غدر
سيان عندي من سعى ومن أمر
فاختلفا طعنتين فطعنه هاشم فقتله، وكثرت القتلى وحمل ذو الكلاع فاجتلد الناس، فقتلا جميعاً . وأخذ ابن هاشم اللواء، وهو يقول:
أهاشم بن عتبة بن مالك
أعزز بشيخ من قريش هالك
تخبطه الخيلات بالسنابك
في أسود من نقعهن حالك
أبشر بحور العين في الأرائك
والروح والريحان عند ذلك».
وصفوا شجاعته في الفتوحات وصفين ، ومن ذلك ما في الأخبار الطوال/174: «وخرج يوماً آخر المرقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص في خيل ، فخرج إليه أبو الأعور السلمي في مثل ذلك ، فاقتتلوا بين الصفين جل النهار . فلم يفر أحد ».
«فحمل يومئذ يرقل إرقالاً.. فجعل عمرو بن العاص يقول: إني لأرى لصاحب الراية السوداء عملاً لئن دام على هذا لتفنين العرب اليوم.. والتقى الزحفان فاقتتل الناس قتالاً شديداً لم يسمع الناس بمثله.. عن أبي السفر قال: لما التقينا بالقوم في ذلك اليوم وجدناهم خمسة صفوف قد قيدوا أنفسهم بالعمائم، فقتلنا صفاً صفاً حتى قتلنا ثلاثة صفوف ، وخلصنا إلى الصف الرابع ، ما على الأرض شامي ، ولا عراقي يولي دبره ». (وقعة صفين/327 ).
وقال نصر في وقعة صفين/326: (ودفع على الراية إلى هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وكانت عليه ذلك اليوم درعان، فقال له على كهيئة المازح: أيا هاشم، أما تخشى من نفسك أن تكون أعور جباناً؟ قال: ستعلم يا أمير المؤمنين، والله لألفَّنَّ بين جماجم القوم لفَّ رجل ينوي الآخرة».
وفي الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة/422: «قال المؤيد الخوارزمي: كان عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة وعبد الله بن بديل فرسان العراق ، ومردة الحرب ، ورجال المعارك ، وسيوف الأقران ، وأمراء الأخيار ، وأمراء أمير المؤمنين(عليه السلام) وقد أوقعوا بأهل الشام ما بقى ذكره على مرِّ الأحقاب حتى احتالوا لقتلهم . وفيهم يقول الأشتر ذاكراً لهم متأسفاً عليهم:
أبعد عمارٍ وبعد هاشمِ
وابن بديـلٍ فارس الملاحمِ
أرجو البقاءَ ضلَّ حُلمُ الحالم
وفي فتوح ابن الأعثم:3/43: ( وخرج عمرو بن العاص فجعل يقول:
لا عيش إن لم ألق يوماً هاشما
ذاك الذي أجشمني المجاشما
ذاك الذي يشتم عرضي ظالما
ذاك الذي أقام فينا الماتما
ذاك الذي إن ينج مني سالما
يكن شجى حتى الممات لازما
قال: فما لبث عمرو أن خرج إليه هاشم المرقال وهو يرتجز ويقول:
لا عيش إن لم ألق يومي عمرا
ذاك الذي نذرت فيه النذرا
ذاك الذي أعذرت فيه العذرا
ذاك الذي ما زال ينوي الغدرا
أو يحدث الله لأمر أمرا
لا تجزعي يا نفس صبراً صبرا
ضرباً إذا شئت وطعناً شزرا
يا ليت ما تحتي يكون قبرا
قال: ثم حمل هاشم على عمرو بن العاص واختلفا بطعنتين ، فطعنه هاشم طعنة جرحه منها جراحة منكرة، فرجع عمرو إلى معاوية وجراحته تشخب دماً»
«وقد كان قال معاوية لعمرو: ويحك ، إن اللواء اليوم مع هاشم بن عتبة ، وقد كان من قبل يرقل به إرقالاً ، وإنه إن زحف به اليوم زحفاً ، إنه لليوم الأطول لأهل الشام ، وإن زحف في عنق من أصحابه إني لأطمع أن تقتطع . فلم يزل به عمار حتى حمل ، فبصر به معاوية فوجه إليه حماة أصحابه ومن يزن بالبأس والنجدة منهم في ناحيته ، وكان في ذلك الجمع عبد الله بن عمرو بن العاص ، ومعه يومئذ سيفان ، قد تقلد واحداً وهو يضرب بالآخر ، وأطافت به خيل علي (عليه السلام) فقال عمرو: يا الله ، يا رحمن ، إبني إبني ! قال: ويقول معاوية: صبراً صبراً فإنه لا بأس عليه . قال عمرو: ولو كان يزيد بن معاوية ، إذاً لصبرت ! ولم يزل حماة أهل الشام يذبون عنه حتى نجا هارباً على فرسه ومن معه ، وأصيب هاشم في المعركة ». (وقعة صفين/340).
خاض هاشم المرقال رضي الله عنه معارك الجهاد ، وقادها ، لمدة ربع قرن ، في فتوح فلسطين ، والشام ، ومصر ، والعراق ، وإيران ، ثم في حروب علي(عليه السلام) وهي مدة طويلة ، والأهم من بطولاته: إيمانه وإخلاصه!
فقد أرسله أبو بكر قائداً في فتح فلسطين والشام، قال ابن الأعثم:1/85 ، ملخصاً: «دعا أبو بكر بهاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وهو ابن أخي سعيد بن أبي وقاص فقال: يا هاشم إن من سعادة جِدِّك ووفاء حظك أنك أصبحت ممن تستعين به الأمة على جهاد عدوها ، وممن يثق الوالي بوفائه وصدقه ونصحه وبأسه وشجاعته. وقد بعث أبو عبيدة بن الجراح والمسلمون يخبرونني باجتماع الكفار عليهم ، فاخرج فعسكر حتى أندب إليك الناس.. قال هاشم: أفعل ذلك إن شاء الله . فعندها قام أبو بكر في الناس خطيباً فحمد الله عز وجل وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن إخوانكم من المسلمين الذين أغزيناهم إلى الشام إلى جهاد عدوهم معافون، مدفوع عنهم مصنوع لهم ، قد ألقى الله الرعب في قلوب أعدائهم ، وقد جاءني كتاب أبي عبيدة يخبرني بهرب هرقل ملك الروم من بين أيديهم ونزوله مدينة أنطاكية ، وقد اجتمع عليه خلق كثير من النصرانية . وقد رأيت أن أمد إخوانكم بجند منكم فيشد الله عز وجل بكم ظهورهم ، ويكبت بكم أعداءهم ويلقى الرعب في قلوبهم، فانتدبوا رحمكم الله مع هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، واحتسبوا في ذلك الأجر العظيم فإنكم إن قاتلتم ونصرتم فهو الفلح والغنيمة ، وإن هلكتم فهو الشهادة والسعادة. قال: فانتدب لأبي بكر خلق كثير من همدان وأسلم وغفار ومزينة ومراد والأزد ، وجميع القبائل ».
وقال ابن الأعثم:1/95: «ثم سار هاشم بن عتبة في ثلاثة آلاف مجهز ، حتى قدم على أبي عبيدة بن الجراح ، قال: فَسُرَّ أبو عبيدة وجميع المسلمين بقدوم هاشم بن عتبة ومن معه سروراً شديداً » .
وكانت أول مشاركة لهاشم في معركة أجنادين ، وهي المعركة الفاصلة التي فتحت على أثرها فلسطين ، وقادها هاشم مع خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنهما ، فكان هو قائد الميسرة في معارك فتح وفلسطين والشام: أجنادين ومرج الصُّفَّر وفِحل واليرموك ، وكان خالد بن سعيد قائد الخيل كلها ، في المعارك الأربعة .
ففي تاريخ دمشق:16/66: «عن سهل بن سعد الأنصاري قال: كانت وقعة أجنادين وقعة عظيمة، كانت بالشام وكانت في سنة ثلاث عشرة في جمادى الأولى، فذكر بعض أمرها، ثم ذكر إغاثة الروم لأهل دمشق حين حصارها ، قال: فتركوا مرج الصُّفَّر ، فصمد المسلمون صمدهم ، وخرج إليهم أهل القوة من أهل دمشق وصحبهم ناس كثير من أهل حمص ، فالقوم نحو من خمسة عشر ألفاً . فلما نظر إليهم خالد عبأ لهم كتعبئة يوم أجنادين ، فجعل على ميمنته معاذ بن جبل ، وعلى ميسرته هاشم بن عتبة ، وعلى الخيل سعيد بن زيد بن نفيل ، وترك أبا عبيدة في الرجال ، وزحف إليهم..». وقد صحح ابن عساكر إسم سعيد بن زيد بخالد بن سعيد ، وهو الصحيح ، كما يأتي .
وفي تاريخ اليعقوبي:2/140: «وقد كان الروم لما بلغهم إقبال أبي عبيدة تحولوا إلى فحل ، فعبأ أبو عبيدة المسلمين فجعل على ميمنته معاذ بن جبل ، وعلى ميسرته هاشم بن عتبة ، وعلى الرجالة سعد بن زيد ، وعلى الخيل خالد بن الوليد (بن سعيد) وأقبلت الروم فكان أول من لقيهم خالد (بن سعيد لأنه في جيش شرحبيل) فهزم الله الروم وطلبوا الصلح ، على أن يؤدوا الجزية ، فأجابهم أبو عبيدة إلى ذلك وانصرف ، وخلف عمرو بن العاص على باقي الأردن ».
وقال بن الأعثم:1/151: «ثم حمل خالد بن الوليد وحمل معه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، في زهاء ألف رجل من أهل الصبر واليقين ، فنقضوا تعبية الكفار وكسروا صفوفهم بعضها على بعض ». وخالد هنا هو ابن سعيد.
وقال البلاذري:1/160: «وذهبت يوم اليرموك عين الأشعث بن قيس ، وعين هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري ، وهو المرقال ، وعين قيس بن مكشوح . واستشهد عامر بن أبي وقاص الزهري ، وهو الذي كان قدم الشام بكتاب عمر بن الخطاب إلى أبى عبيدة بولايته الشام ».
وبعد اليرموك مباشرة سارع هاشم في نخبة من جيش المسلمين من الشام الى العراق ، للمشاركة في معركة القادسية .
ففي تاريخ اليعقوبي:2/144: «ثم أصبحوا من غدٍ فوافاهم ستة آلاف من جيش أبي عبيدة بن الجراح ، وهم الذين كانوا مع خالد بن الوليد: خمسة آلاف من مضر وربيعة ، وألف من أفناء المسلمين ، عليهم المرقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وكان فتح الشأم قبل القادسية بشهر، فأصبحوا في اليوم الثالث على مواقفهم ، وأخرج رستم الفيلة فلما نظرت إليها الكتائب كادت أن تفترق ، ثم حمل المسلمون عليها ففقأوا أعينها وقطعوا مشافرها .
وزحف المسلمون وأصبحوا في اليوم الرابع وللمسلمين العلو، وقتل رستم ، وقع عليه عدل كان على بغل فقتله ، وكان الذي طرح عليه العدل هلال بن علفة ، وصعد على سريره وصاح: قتلت رستم ورب الكعبة ، إليَّ إلي ! وقيل قتله زهير بن عبد شمس بن أخي جرير بن عبد الله ، وقتل منهم مقتلة عظيمة وانكشفوا مدبرين ، وجمعت الأموال والأسلاب وبيع سلب رستم فبلغ سهم الرجل لكل فارس أربعة عشر ألفاً ، وسهم الراجل سبعة آلاف ومائة ، ورضخ لعيال الشهداء من صلب الفئ ، ورضخ للنساء من صلب الفئ ، فأما العبيد فإنهم عفواً، وأوفد سعد إلى عمر وفداً فأجازهم عمر ثمانين ديناراً ثمانين ديناراً .
وكان بالقادسية من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أهل بدر سبعون رجلاً، ومن أهل بيعة الرضوان ومن شهد الفتح مائة وعشرون ، ومن أصحاب رسول الله مائة . ونفرت جميع الفرس إلى المدائن منهزمين ، لا يلوون على شئ ، ويزدجرد الملك بها ، فاتبعهم سعد(أي هاشم ) بالمسلمين فحاصرهم شهراً وخمسة عشر يوماً ثم خرج الفرس هاربين ، وفتحت المدائن، وقيل إن ذلك كان في سنة 16».
وفي الطبري:2/627: «قدم على أبي عبيدة كتاب عمر بأن اصرف جند العراق إلى العراق وأَمُرهم بالحث ، إلى سعد بن مالك . فأمَّر على جند العراق هاشم بن عتبة ، وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو ، وعلى مجنبتيه عمر بن مالك الزهري وربعي بن عامر ، وضربوا بعد دمشق نحو سعد ، فخرج هاشم نحو العراق في جند أهل العراق ، وخرج القواد نحو فحل ، وأصحاب هاشم عشرة آلاف ، إلا من أصيب منهم ، فأتموهم بأناس ممن لم يكن منهم ، منهم قيس والأشتر».
يقصد أن الأشتر وقيساً ولعله قيس بن سعد بن عبادة ، كانا جريحين فبقيا في الشام ، ولم يشاركا في القادسية ، لكن الأشتر كان يطارد جيش الروم ، حتى وصل بهم الى جبال اللكام في تركيا.
وفي تاريخ الطبري:3/60: «قدم هاشم في أهل العراق من الشام ، فتعجل في أناس ليس معه أحد من غيرهم إلا نفر ، منهم ابن المكشوح ، فلما دنا تعجل في ثلاث مائة ، فوافق الناس وهم على مواقفهم فدخلوا مع الناس في صفوفهم .
قدم هاشم بن عتبة القادسية يوم عماس، فكان لا يقاتل إلا على فرسن أنثى لا يقاتل على ذكر، فلما وقف في الناس رمى بسهم فأصاب أذن فرسه، فقال: واسوأتاه من هذه ، أين ترون سهمي كان بالغاً ولم يصب أذن الفرس؟ قالوا: كذا وكذا . فأجال فنزل وترك فرسه ، ثم خرج يضربهم حتى بلغ حيث قالوا ».
وفي تاريخ دمشق:49/496: «وأمدهم يعني أبا عبيدة بن الجراح لأهل القادسية بتسعة عشر رجلاً ممن شهد اليرموك ، منهم عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، وطليحة بن خويلد الأسدي، وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري ، والأشعث بن قيس الكندي ، وقيس بن مكشوح المرادي ».
وفي تاريخ الطبري:3/59: فلما ذر قرن الشمس والقعقاع يلاحظ الخيل وطلعت نواصيها كبَّر وكبر الناس وقالوا جاء المدد ، وقد كان عاصم بن عمرو أمر أن يصنع مثلها ، فجاؤوا من قبل خفان فتقدم الفرسان وتكتبت الكتائب ، فاختلفوا الضرب والطعن ومددهم متتابع ، فما جاء آخر أصحاب القعقاع حتى انتهى إليهم هاشم وقد طلعوا في سبع مائة ، فأخبروه برأي القعقاع وما صنع في يوميه ، فعبأ أصحابه سبعين سبعين فلما جاء آخر أصحاب القعقاع خرج هاشم في سبعين معه ، فيهم قيس بن هبيرة بن عبد يغوث ، ولم يكن من أهل الأيام إنما أتى من اليمن اليرموك فانتدب مع هاشم ، فأقبل هاشم حتى إذا خالط القلب كبَّر ، كبر المسلمون وقد أخذوا مصافهم ..
وقد بات المشركون في علاج توابيتهم حتى أعادوها وأصبحوا على مواقفهم ، وأقبلت الفيلة معها الرجالة يحمونها أن تقطع وُضُنُها ، ومع الرجالة فرسان يحمونهم ، إذا أرادوا كتيبة دلفوا لها بفيل وأتباعه لينفروا بهم خيلهم ، فلم يكن ذلك منهم كما كان بالأمس ، لأن الفيل إذا كان وحده ليس معه أحد كان أوحش ، وإذا أطافوا به كان آنس ، فكان القتال كذلك حتى عدل النهار ، وكان يوم عماس من أوله إلى آخره شديداً، العرب والعجم فيه على السواء ، ولا يكون بينهم نقطة إلا تعاورها الرجال بالأصوات (كالبريد) حتى تبلغ يزدجرد ، فيبعث إليهم أهل النجدات ، ممن بقى عنده فيقوون بهم ، وأصبحت عنده للذي لقى بالأمس الإمداد على البرد ، فلولا الذي صنع الله للمسلمين بالذي ألهم القعقاع في اليومين ، وأتاح لهم بهاشم لكسر ذلك المسلمين».
وفي تاريخ الطبري:3/60: «قدم هاشم بن عتبة من قبل الشام معه قيس بن المكشوح المرادي في سبع مائة بعد فتح اليرموك ودمشق ، فتعجل في سبعين فيهم سعيد بن نمران الهمداني . قال مجالد: وكان قيس بن أبي حازم مع القعقاع في مقدمة هاشم.. فتعجل في أناس ليس معه أحد من غيرهم إلا نفر ، منهم ابن المكشوح، فلما دنا تعجل في ثلاث مائة فوافق الناس وهم على مواقفهم فدخلوا مع الناس في صفوفهم.. كان اليوم الثالث يوم عماس ولم يكن في أيام القادسية مثله ، خرج الناس منه على السواء كلهم على ما أصابه كان صابراً».
وفي تاريخ الطبري:3/16: «فانهزموا حتى انتهوا إلى الصراة ، فطلبناهم فانهزموا حتى انتهوا إلى المدائن ، فكان المسلمون بكوثى وكان مسلحة المشركين بدير المسلاخ ، فأتاهم المسلمون فالتقوا فهزم المشركون حتى نزلوا بشاطئ دجلة ، فمنهم من عبر من كلواذى ومنهم من عبر من أسفل المدائن.. وعلى مقدمة سعد هاشم بن عتبة ».