x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
المثنى بن حارث
المؤلف: علي الكوراني العاملي
المصدر: قراءة جديدة للفتوحات الإسلامية
الجزء والصفحة: ج2، ص156- 170
7-8-2020
5290
فاتح العراق المثنى بن حارثة رضي الله عنه
«المثنى بن حارثة ، بن سلمة ، بن ضمضم ، بن سعد ، بن مرة ، بن ذهل ، بن شيبان » . (الإصابة:5/568).
قال ابن قتيبة في المعارف/100، ملخصاً: «وأما ذهل بن شيبان فولده مرة بن ذهل بن شيبان وفيه العدد والبيت، وربيعة بن ذهل، ومحلم بن ذهل، والحارث بن ذهل.. ومن الأشراف من بنى شيبان عوف بن محلم بن ذهل الذي قيل فيه: لا حُرَّ بوادي عوف . ومنهم الضحاك بن قيس الشارى، وشبيب وقعنب الخارجيان. ومنهم هانئ بن مسعود صاحب يوم ذي قار ، وأخوه قيس بن مسعود . ومنهم جساس قاتل كليب ، والمثنى بن حارثة الذي افتتح السواد ».
كان بنو شيبان متحالفين مع أبناء عمهم بني عجل وكانوا يعيشون معهم ومع اللهازم من هذيل ، في جنوب العراق . وقد زارهم النبي (صلى الله عليه وآله) في موسم الحج وعرض عليهم دعوته وتلا عليهم من القرآن ، فأعجبهم الإسلام . وطلب منهم أن يذهب معهم الى العراق ويحموه من قريش والعرب ليبلغ رسالة ربه ، فاعتذروا له بأنهم مجاورون لكسرى ، ولا يستطيعون ذلك .
وزعماؤهم يومها مفروق وهانئ بن مسعود والمثنى، فقال له مفروق: (دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة ، فقال: وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا. فقال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش وإني أرى إن تركنا ديننا واتبعناك على دينك لمجلس جلسته إلينا زلةٌ في الرأي وقلة فكر في العواقب ، وإنما تكون الزلة مع العجلة ، ومن ورائنا قوم نكرهُ أن نعقد عليهم عقداً ولكن ترجع ونرجع وتنظر وننظر!
وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة فقال: وهذا المثنى بن حارثة شيخنا وصاحب حربنا . فقال المثنى: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش والجواب هو جواب هانئ بن قبيصة في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك، وإنما أنزلنا بين ضرتين (صيرتين)! فقال رسول الله‘:ما هاتان الضرتان؟ قال: أنهار كسرى ومياه العرب ، وإنما نزلنا على عهد أخذه علينا كسرى لانحدث حدثاً ولا نؤي محدثاً ، وإني أرى هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكرهه الملوك ، فإن أحببت أن نؤويك وننصرك مما يلي مياه العرب فعلنا . فقال رسول الله‘:ما أسأتم في الرد ، إذ أفصحتم بالصدق ، وإن دين الله لن ينصره إلا من أحاطه الله من جميع جوانبه . أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟ فقال النعمان بن شريك: اللهم نعم».
وفي رواية أن النبي (صلى الله عليه وآله) أعجب بهم وقال: (أيَّةُ أخلاق في الجاهلية ما أشرفها، بها يدفع الله بأس بعضهم عن بعض. (ثقات ابن حبان: 1/80).
فقد عرض المثنى على النبي (صلى الله عليه وآله) أن يحميه من قبائل العرب دون الفرس، فشكره النبي (صلى الله عليه وآله) ومدح صدقهم وأخلاقهم، وبشرهم بأن الله سيورثهم ملك كسرى .
وبعد سنوات قليلة كانت معركة ذي قار، قرب مدينة الناصرية بين بني شيبان ومعهم بنو عجل، وبين الفرس، فقال شيخهم: إجعلوا شعاركم إسم الرجل القرشي الذي دعاكم في مكة، فجعلوا شعارهم: يا محمد، يا محمد. فنصرهم الله باسم النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان ذلك بعد معركة بدر بأربعة أشهر، وأرسلوا خمس الغنائم الى النبي (صلى الله عليه وآله) فقبلها وشكرهم.
بدأ المثنى فعاليته بتحرير العراق زمن النبي (صلى الله عليه وآله)، وواصلها بعد وفاته (صلى الله عليه وآله)، قال ابن عبد البر في الإستيعاب:4/1456: «المثنى بن حارثة الشيباني كان إسلامه وقدومه في وفد قومه على النبي (صلى الله عليه وآله) سنة تسع، وقد قيل سنة عشر . وبعثه أبو بكر سنة إحدى عشرة في صدر خلافته إلى العراق. كان المثني شجاعاً شهماً بطلاً ميمون النقيبة، حسن الرأي والإمارة ، أبلى في حروب العراق بلاء لم يبلغه أحد .. قدم على أبي بكر فقال: يا خليفة رسول الله إبعثني على قومي فإن فيهم إسلاماً ، أقاتل بهم أهل فارس وأكفيك أهل ناحيتي من العدو .
ففعل ذلك أبو بكر، فقدم المثنى العراق فقاتل وأغار على أهل فارس ونواحي السواد، حولاً مُجَرَّماً (كاملاً) ثم بعث أخاه مسعود بن حارثة إلى أبي بكر يسأله المدد، ويقول له: إن أمددتني وسمعت بذلك العرب أسرعوا إليَّ وأذل الله المشركين. مع أني أخبرك يا خليفة رسول الله أن الأعاجم تخافنا وتتقينا .
فقال له عمر: إبعث خالد بن الوليد مدداً للمثنى بن حارثة ، يكون قريباً من أهل الشام ، فإن استغنى عنه أهل الشام ألح على أهل العراق حتى يفتح الله عليه ، فهذا الذي هاج أبا بكر على أن يبعث خالد بن الوليد إلى العراق».
وفي فتوح ابن الأعثم (1/72): «وبلغ أبا بكر عنه فعاله فقال للمسلمين: ويحكم مَن هذا الذي تأتينا أخباره ووقائعه قبل معرفة خبره؟ قال: فوثب قيس بن عاصم المنقري فقال: يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا رجل غير خامل الذكر ، ولا مجهول الحسب ، ولا بقليل العدد والمدد ، هذا المثنى بن حارثة الشيباني . قال: فأرسل إليه أبو بكر فجعله رئيساً على قومه ، وبعث إليه بخلعة ولواء وأمره بقتال الفرس . قال: فجعل المثنى بن حارثة يقاتل الفرس من ناحية الكوفة وما يليها ، ويغير على أطرافها ، فلم يترك لهم سارحة ولا رائحة إلا استاقها (أخذ المواشي) وأقام على ذلك حولاً كاملاً أو نحواً من ذلك..
ثم إنه (المثنى) دعا بابن عم له يقال له سويد بن قطبة بن قتادة بن جرير بن بشار بن ثعلبة بن سدوس، فضم إليه جيشاً ووجهه إلى نحو البصرة، فجعل يحارب أهل أبُلَّة وما يليهم من الفرس. قال: فكان المثنى بن حارثة بناحية الكوفة وما يليها ، وسويد بن قطبة من ناحية البصرة وما يليها، هذا في جيش وهذا في جيش، جميعاً يحاربان الفرس ، ولا يفتران عن ذلك ».
أقول: فقد اتسعت فعاليات المثني الى البصرة ، وكان عنده قادة ، ذكروا منهم: «سبرة بن عمرو التميمي..كان مع المثنى بن حارثة في جملة قواده في حروب العراق ». (الإصابة(3/25) .«مضارب بن زيد البجلي ، له إدراك (صحابي) ثم شهد بعد ذلك القادسية». (الإصابة(6/99).
فقد اغتنم المثنى انشغال الفرس بصراعهم الداخلي ، ووسع جهاده في كل العراق ما عدا شرقي دجلة من جهة إيران ، وذلك قبل مجئ خالد بن الوليد .
ينبغي الإلتفات الى ثلاثة عوامل في فتح العراق ، أولها: حالة الإنهيار في النظام الفارسي مما شَجَّعَ العرب وساعدهم في عمليات الفتح ومعاركه .
وثانيها: أن النبي (صلى الله عليه وآله) بشَّر الأمة بفتح بلاد كسرى وقيصر، وبشر بني شيبان خاصة بفتح العراق فقال لهم: «أرأيتم إن لم تلبثوا إلا قليلاً حتى يورثكم الله أرضهم وديارهم وأموالهم ويفرشكم نساءهم، أتسبحون الله وتقدسونه؟ فقال النعمان بن شريك: اللهم لك ذلك ». (شرح الأخبار للقاضي النعمان: 2/387).
وثالثها: الهمة العالية والشجاعة التي اتصف بها زعيم بني شيبان المثنى بن حارثة الشيباني، فقد كان هذا الصحابي الجليل شخصية مميزة وقائداً شجاعاً. وكانت أخباره تصل الى المدينة فيعجب المسلمون به .
قال ابن حجر في الإصابة(5/568): «قال عمر بن شبة: كان المثنى بن حارثة يغير على السواد ، فبلغ أبا بكر خبره فقال: من هذا الذي تأتينا وقائعه قبل معرفة نسبه ! ثم قدم على أبي بكر فقال: يا خليفة رسول الله إبعثني على قومي فإن فيهم إسلاماً أقاتل بهم أهل فارس ، وأقتل أهل ناحيتي من العدو . ففعل ، فقدم المثنى العراق فقاتل وأغار على أهل السواد وفارس ».
وقال البلاذري(2/295): «فبلغ أبا بكر خبره فسأل عنه فقال له قيس بن عاصم بن سنان المنقري: هذا رجل غير خامل الذكر ولا مجهول النسب ، ولا ذليل العماد ، هذا المثنى بن حارثة الشيباني . ثم إن المثنى قدم على أبى بكر فقال له: يا خليفة رسول الله ، استعملني على من أسلم من قومي أقاتل هذه الأعاجم من أهل فارس . فكتب له أبو بكر في ذلك عهداً ، فسار حتى نزل خفان ، ودعا قومه إلى الإسلام فأسلموا » .
وهذا يدل على أن إسلام المثنى قبل ذلك ، ويدل على استجابة قومه له ، وإن كان الإسلام انتشر فيهم من بعد معركة ذي قار .
كان المثنى وعشيرته من شيعة علي (عليه السلام) ، وكان أبناؤه وعشيرته مع علي(عليه السلام) في حرب الجمل، واستشهد فيها ابنه ثمامة. قال في أنساب الأشراف/244: «وقتل يومئذ ثمامة بن المثنى بن حارثة الشيباني ، فقال الأعور الشني:
يا قاتل الله أقواماً هم قتلوا *** يوم الخُريبة علباءً وحسانا
وابن المثنى أصاب السيف مقتله *** وخير قرائهم زيد بن صوحانا
وكانت وقعة الجمل بالخريبة ، وحسان الذي ذكره: حسان بن محدوح بن بشر بن حوط (الذهلي) كان معه لواء بكر بن وائل ، فقتل فأخذه أخوه حذيفة بن محدوح فأصيب ، ثم أخذه بعده عدة من الحوطيين فقتلوا ، حتى تحاموه ».
وفي مصنف ابن أبي شيبة (3/139) أن أخاه مصعب بن المثنى بن حارثة: «قال يوم الجمل: أدفنونا وما أصاب الثرى من دمائنا »! أي نحن شهداء الله تعالى.
وفي أنساب السمعاني:1/44: «التقى رجلان من بكر بن وائل ، أحدهما من بني شيبان بن ثعلبة، والآخر من بني ذهل بن ثعلبة ، فقال الشيباني: أنا أفضل منك. وقال الذهلي: بل أنا أفضل منك. فتحاكما إلى رجل من همدان ، فقال: لست مفضلاً واحداً منكما على صاحبه ، ولكن إسمعا ما أقول لكما: من أيكما كان عمران بن مرة الذي ساد في الجاهلية والإسلام ؟ قال الشيباني: كان مني . قال: فمن أيكما كان عوف بن النعمان الذي كان يأخذ في الإسلام ألفين وخمس مائة (لشجاعته في الحرب) ؟ قال الشيباني: كان مني. قال: فمن أيكما كان المثنى بن حارثة الذي فتح الكوفة وخطب على منبرها؟ قال الشيباني: كان مني. قال: فمن أيكما كان مصقلة بن هبيرة الذي أعتق خمس مائة أهل بيت من بني ناجية؟ قال الشيباني: كان مني. قال: فمن أيكما كان يزيد بن رويم الذي كان يقود الجيش؟ قال الشيباني: كان مني. قال: فمن أيكما كان بشير بن الخصاصية الذي هاجر إلى رسول الله‘وكان إسمه زحماً فسماه رسول الله بشيراً ؟ قال الذهلي: كان مني . قال: فمن أيكما كان عبد الله بن الأسود الذي هاجر إلى رسول الله‘؟ قال الذهلي: كان مني . قال: فمن أيكما كان قطبة بن قتادة الذي أغار على البصرة والأبلة ووليهما؟ قال الذهلي: مني. قال: فمن أيكما كان علباء بن الهيثم صاحب لواء ربيعة وكندة يوم الجمل، وعزل عنه الأشعث بن قيس؟ قال الذهلي: مني. قال: فمن أيكما حسان بن محدوج الذي قتل يوم الجمل ومعه لواء ربيعة وكندة؟ قال الذهلي: مني ، قال: فمن أيكما كان مجزأة بن ثور الذي شرى المسلمين بنفسه وفتح الله على وجهه الأهواز ؟ قال الذهلي: مني ، قال: فمن أيكما شقيق بن ثور الذي ساد قومه ورئسهم أربعين سنة؟ قال الذهلي: مني. قال: فمن أيكما كان سود بن منجوف الذي كان أعظم الناس وفادة وأكثرهم شفاعة وخير شريف قوم ليتيم وأرملة؟ قال الذهلي: مني. قال: فمن أيكما كان مرثد بن ظبيان الذي هاجر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوهب له أسرى بكر بن وائل وكتب معه إلى بكر بن وائل كتابا أن: أسلموا تسلموا ؟ قال الذهلي: مني ، قال: فمن أيكما كان الحضين بن المنذر صاحب راية ربيعة يوم صفين؟ قال الذهلي: مني. قال: فمن أيكما كان عبد الله بن الأسود ، الذي هاجر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) صاحب القرون باليمامة ؟ قال الذهلي: مني. قال: فمن أيكما القعقاع بن شور الذي كان أكرم العرب مجالسة ، وأفصحهم لساناً ، وأحسنهم وجهاً ، وأكرمهم طروقة ؟ قال الذهلي: مني. قال: فهذا الذي أقول لكما ».
أقول: يظهر أنه يفضل الذهليين على الشيبانيين وإن كان لكل منهما مفاخر، لكنه يكشف عن أنهم جميعاً كانوا من شيعة علي (عليه السلام)، وانهم قدَّموا معه شهداء في حياته، وبعد مماته. وقد قتل ابن رئيسهم عبد الرحمن بن حسان بن محدوج، مع حجر بن عدي رضوان الله عليه، لأنه رفض أن يسب علياً (عليه السلام).
ولا بد أن المثنى كان يلتقي بعليٍّ (عليه السلام) عندما كان يذهب الى المدينة في وفد بني شيبان الى النبي (صلى الله عليه وآله) أو بعد وفاته (صلى الله عليه وآله)، ولعله أشار على أبي بكر باعتماد المثنى وإمداده بالمقاتلين فاعتمده، كما نصوا على أنه أشار على عمر باعتماد النعمان بن مقرن قائداً لمعركة نهاوند ، وبعده حذيفة .
ولعل حساسية عمر من المثنى كانت بسبب تشيعه لعلي (عليه السلام) وارتباطه به، فقد صرح من زمن ابي بكر بأنه سيعزله إن تولى الخلافة، وعزله فلم ينعزل، ثم مات المثنى في ظرف غامض.
ذكروا للمثنى عدة إخوة، وكلهم قادة شجعان، أبرزهم مسعود والمعنى، وذكر ابن الأعثم (1/166) أخاه إبراهيم بن الحارثة، في قادة معركة جلولاء. وذكروا أن أخاه مسعوداً استشهد في معركة البويب ، وسيأتي . وذكروا ابنته الفارعة، وقد تزوجت أنس بن مالك، ورزقت منه بأولاد. (الطبقات:7/192) .
وذكروا مضافاً الى ابنه ثمامة الذي استشهد في حرب الجمل أخاه مصعباً، الذي كان معه في حرب الجمل، وابنه عبد الرحمن بن المثنى ، وذكروا عنه قصة غريبة ، وهي أنه زوج بنت عامر بن عبد الأسود بن حنظلة بن ثعلبة بن سيار ، الى عبيد الله بن زياد ، بحكم أن عبد الرحمن ابن المثنى رئيس بني شيبان، والبنت من أحفاد حليفهم حنظلة وهو رئيس بني عجل بن لجيم ، وهو قائد معركة ذي قار فغضب عليه عمر بن الخطاب وضربه وحبسه ، لأن ابن زياد ليس كفؤاً لهم ، فهو عبدٌ للحارث بن كلدة . (إكمال الكمال:4/436).
وهذا يدلنا على أن حساسية عمر من المثنى انتقلت الى أولاده ، رضي الله عنهم !
أرسل أبو بكر خالد بن الوليد مدداً للمثنى ، فبقي في العراق سنةً وكسراً ، وكانت فترة هادئة عسكرياً ، لأن الفرس كانوا مشغولين بوضعهم الداخلي ، وكانت العمليات على بقايا المسالح الفارسية ، وبعض الدساكر لإخضاعها. ولم يخض خالد أي معركة منها ، بل كان القتال على المثنى وفرسانه .
قال الدينوري في الأخبار الطوال/111: « فلما أفضى الملك إلى بوران بنت كسرى بن هرمز، شاع في أطراف الأرضين أنه لا مَلِكَ لأرض فارس وإنما يلوذون بباب امرأة ، فخرج رجلان من بكر بن وائل ، يقال لأحدهما المثنى بن حارثة الشيباني والآخر سويد بن قطبة العجلي ، فأقبلا حتى نزلا فيمن جمعا بتخوم أرض العجم ، فكانا يغيران على الدهاقين فيأخذان ما قدرا عليه ، فإذا طلبا أمعنا في البر فلا يتبعهما أحد ، وكان المثنى يغير من ناحية الحيرة ، وسويد من ناحية الأبلة ، وذلك في خلافة أبي بكر .
فكتب المثنى بن حارثة إلى أبي بكر يعلمه ضراوته بفارس ويعرفه وهنهم، ويسأله أن يمده بجيش . فلما انتهى كتابه إلى أبي بكر كتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد ، وقد كان فرغ من أهل الردة ، أن يسير إلى الحيرة فيحارب فارس ، ويضم إليه المثنى ومن معه .
وكره المثنى ورود خالد عليه وكان ظن أن أبا بكر سيوليه الأمر، فسار خالد والمثنى بأصحابهما، حتى أناخا على الحيرة وتحصن أهلها في القصور الثلاثة...
ثم صالحوه من القصور الثلاثة على مائة ألف درهم يؤدونها في كل عام إلى المسلمين. ثم ورد كتاب أبي بكر على خالد مع عبد الرحمن جميل الجمحي، يأمره بالشخوص إلى الشام ليمد أبا عبيدة بن الجراح بمن معه من المسلمين، فمضى وخلف بالحيرة عمرو بن حزم الأنصاري مع المثنى » .
أقول: يمكن أن يكون المثنى في نفسه كره تأمير خالد عليه، لكن لم يظهر منه إلا الطاعة لأنه القائد المعين من الخليفة . وكان المثنى معتمد خالد في عامة عملياته العسكرية، كما بينا ذلك في الحديث عن خالد .
وقد بالغ رواة السلطة في دور خالد ، والتنقيص من دور المثنى ، لكن لم يثبت لخالد أي مبارزة أو مشاركة في حملة فيها قتال ، بل كان عمله استعراضياً ، أو مباغتةً وغدراً لنائمين كما صنع في تغلب ، أو حضوراً لقبض مبلغ الصلح المقرر .
ففي فتوح البلاذري (2 /295) مختصراً: «وكتب لأبي بكر أن يمدَّه بالجيش لحرب الفرس، فأرسل إليه خالد بن الوليد فوجَّه المثنى بن حارثة الى أُلَّيْس، منطقة قرب السماوة فخرج إليه صاحبها جابان بجيشه فالتقوا قرب النهر، فهزمهم المثنى ثم صالحهم . ثم دنا المثنى بمن معه الى الحيرة ، فخرجت إليه خيول صاحب كسرى التي كانت في المخافر فهزمهم . ثم جاء خالد فصالحهم ، بعد أن وطَّدَ المثنى بن حارثة له الأمور » .
وفي الطبري (2/552): «وأقبل خالد بن الوليد يسير فعرض له جابان صاحب أليس، فبعث إليه المثنى بن حارثة فقاتله فهزمه وقتل جل أصحابه، إلى جانب نهر ثم يدعى نهر الدم لتلك الوقعة، وصالح أهل ألِّيس ».
فكان خالد يبتعد بنفسه ، ويبعث المثنى لقتال هذه الحامية الفارسية ، أو تلك الجماعة أو القرية ، فينتصر عليهم ويتفق معهم ، فيأتي خالد ويوقع الصلح ويأخذ المبلغ والأعيان المتفق عليها، ونادراً ما يذهب هو في غارة !
لذلك، نجد رواية الطبري (2/552) تقول إنه بعث المثنى فقاتل في أليس فقبلوا بالمصالحة. ثم نجد رواية (2/560) تقول إنهم كانوا ألوفاً فبرز خالد الى قائدهم وقتله، وكانوا أعدوا طعاماً فقال لهم ضعوا فيه السم فسمموه، وجاء خالد والمسلمون فأكلوا منه ولم يتسمموا ، ثم اتفقوا معه فصالحهم .
فتعرف أن هذه الرواية تريد مدح خالد بأنه مقاتل بطل، وأنه ضد التسمم لقوة إيمانه!
ومثلها رواية (تاريخ الطبري:2/559) عن وقعة يوم الولجة، تزعم أن خالداً بارز «رجلاً من أهل فارس يعدل بألف رجل فقتله فلما فرغ اتكأ عليه ودعا بغدائه» !
ثم نجد أن هذه المعركة كانت غارة على نصارى بكر بن وائل العرب وقتل منهم خالد وأسر! (الطبري:2/560)، أما القادة الفرس فكانوا معروفين، وردت أسماؤهم في المعارك الكبيرة والصغيرة التي خاضها المسلمون، مثل جابان، ومردانشاه، وذي الحاجب، ومهران، والجالينوس ، وقائدهم العام رستم . وقد أخفى الراوي هنا إسم القائد الذي قتله خالد، لأنه لاوجود له !
والصحيح أن خالداً كان يصالح ويقبض المال ، والذي كان يقاتل هو المثنى!
وتقرأ في فتوح البلاذري(2/297وما بعدها) عن آخر أعمال خالد: « وسار خالد إلى الأنبار فتحصن أهلها ، ثم أتاه من دله على سوق بغداد وهو السوق العتيق الذي كان عند قرن الصراة ، فبعث خالد المثنى بن حارثة فأغار عليه ، فملأ المسلمون أيديهم من الصُّفَّراء والبيضاء وما خف محمله من المتاع... فلما رأى أهل الأنبار ما نزل بهم صالحوا خالداً على شئ رضى به فأقرهم...
وأتى خالد بن الوليد رجل دله على سوق يجتمع فيها كلب وبكر بن وائل وطوائف من قضاعة فوق الأنبار، فوجه إليها المثنى بن حارثة ، فأغار عليها فأصاب ما فيها ، وقتل وسبى . ثم أتى خالد عين التمر فألصق بحصنها، وكانت فيه مسلحة للأعاجم عظيمة فخرج أهل الحصن فقاتلوا ، ثم لزموا حصنهم فحاصرهم خالد والمسلمون حتى سألوا الأمان فأبى أن يؤمنهم، وافتتح الحصن عنوة وقتل وسبى، ووجد في كنيسة هناك جماعة سباهم ، فكان من ذلك السبي حمران ابن أبان بن خالد التمري.. وسيرين أبو محمد بن سيرين وإخوته وهم: يحيى بن سيرين ، وأنس بن سيرين ، ومعبد بن سيرين ..ثم سار خالد من عين التمر إلى الشام ، وقال للمثنى بن حارثة: إرجع رحمك الله إلى سلطانك فغير مقصرٍ ولا وانٍ ».
ومع ذلك تقرأ عنتريات خالد وقوله كما في تاريخ الطبري (2/319): «لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع في يدي تسعة أسياف ، وما لقيت قوماً كقوم لقيتهم من أهل فارس وما لقيت من أهل فارس قوماً كأهل أَليس » .
فهو يفتخر ببطولته في مؤتة ، ويزعم أنه كسَّر على رؤوس الروم تسعة أسياف ، ويقول إن الفرس أشجع من الروم ، وإن أهل ألِّيس أشجع الفرس! فأين قاتل خالد في مؤتة وقد هرب منها حتى المسلمون التراب في وجهه؟ وأين قاتل أهل ألّيس ولم يذهب الى منطقتهم بل بعث المثنى فقاتلهم وصالحوه ؟!
وفي الطبري(2/308):«وأقبل حتى دنا من الحيرة ، فخرجت إليه خيول آزاذبه صاحب خيل كسرى التي كانت في مسالح ما بينه وبين العرب ، فلقوهم بمجتمع الأنهار، فتوجه إليهم المثنى بن حارثة فهزمهم الله . ولما رأى ذلك أهل الحيرة خرجوا يستقبلونه.. قال لهم خالد: إني أدعوكم إلى الله وإلى عبادته وإلى الإسلام فإن قبلتم فلكم مالنا وعليكم ما علينا وإن أبيتم فالجزية، وإن أبيتم فقد جئناكم بقوم يحبون الموت كما تحبون أنتم شرب الخمر، فقالوا: لا حاجة لنا في حربك، فصالحهم على تسعين ومائة ألف درهم، فكانت أول جزية حملت إلى المدينة من العراق ».
وفي الطبري (2/584): «ثم أعطوه شيئاً رضى به فأقرهم.. وجه المثنى على سوق فيها جمع لقضاعة وبكر فأصاب ما في السوق».
وذكر النويري(19/115) وقعة حصيد ووقعة الخنافس وما بعدها التي نسبوها الى خالد ، وقال لم تكن مع خالد بل مع خليفته على العراق أي المثنى !
ويكفي لرد الوقعات التي نسبوها الى خالد أن ابن الأعثم (1/134) قال عن وقعة الجسر ما لفظه: «ذكر وقعة الجسر وهي أول وقعة للمسلمين مع الفرس». وقد كانت بعد ذهاب خالد بشهور وربما بسنة !
ومعناه أن كل ما قبلها من عمليات المثنى رضي الله عنه ، قبل خالد ، إنما هو عمليات على حاميات وليس على جيش نظامي ، وكانت أول معركة مع جيش فارسي نظامي معركة بابل بعد ذهاب خالد ، وبعدها معركة النمارق ، ثم معركة الجسر .