ما معنى الأسماء الحسنى؟
المؤلف:
محمد حسين الطباطبائي
المصدر:
تفسير الميزان
الجزء والصفحة:
ج8 ، ص288-289
7-10-2014
5734
كيف الطريق إليها؟ نحن أول ما نفتح أعيننا و نشاهد من مناظر الوجود ما نشاهده يقع إدراكنا على أنفسنا و على أقرب الأمور منا و هي روابطنا مع الكون الخارج من مستدعيات قوانا العاملة لإبقائنا فأنفسنا، و قوانا، و أعمالنا المتعلقة بها هي أول ما يدق باب إدراكنا لكنا لا نرى أنفسنا إلا مرتبطة بغيرها و لا قوانا و لا أفعالنا إلا كذلك، فالحاجة من أقدم ما يشاهده الإنسان يشاهدها من نفسه و من كل ما يرتبط به من قواه و أعماله و الدنيا الخارجة و، عند ذلك يقضي بذات ما يقوم بحاجته و يسد خلته، و إليه ينتهي كل شيء، و هو الله سبحانه، و يصدقنا في هذا النظر و القضاء قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ} [فاطر: 15].
و قد عجز التاريخ عن العثور على بدء ظهور القول بالربوبية بين الأفراد البشرية بل وجده و هو يصاحب الإنسانية إلى أقدم العهود التي مرت على هذا النوع حتى أن الأقوام الوحشية التي تحاكي الإنسان الأولي في البساطة لما اكتشفوهم في أطراف المعمورة كقطان أميركا و أستراليا وجدوا عندهم القول بقوى عالية هي وراء مستوى الطبيعة ينتحلون بها، و هو قول بالربوبية و إن اشتبه عليهم المصداق فالإذعان بذات ينتهي إليها أمر كل شيء من لوازم الفطرة الإنسانية لا يحيد عنه إلا من انحرف عن إلهام فطرته لشبهة عرضت له كمن يضطر نفسه على الاعتياد بالسم و طبيعته تحذره بإلهامها، و هو يستحسن ما ابتلي به.
ثم إن أقدم ما نواجهه في البحث عن المعارف الإلهية أنا نذعن بانتهاء كل شيء إليه، و كينونته و وجوده منه فهو يملك كل شيء لعلمنا أنه لو لم يملكها لم يمكن أن يفيضها و يفيدها لغيره على أن بعض هذه الأشياء مما ليست حقيقته إلا مبنية على الحاجة منبئة عن النقيصة، و هو تعالى منزه عن كل حاجة و نقيصة لأنه الذي إليه يرجع كل شيء في رفع حاجته و نقيصته.
فله الملك - بكسر الميم و بضمها - على الإطلاق، فهو سبحانه يملك ما وجدناه في الوجود من صفة كمال كالحياة و القدرة و العلم و السمع و البصر و الرزق و الرحمة و العزة و غير ذلك.
فهو سبحانه حي، قادر، عليم، سميع، بصير لأن في نفيها إثبات النقص و لا سبيل للنقص إليه، و رازق و رحيم و عزيز و محي و مميت و مبدئ و معيد و باعث إلى غير ذلك لأن الرزق و الرحمة و العزة و الإحياء و الإماتة و الإبداء و الإعادة و البعث له، و هو السبوح القدوس العلي الكبير المتعال إلى غير ذلك نعني بها نفي كل نعت عدمي و كل صفة نقص عنه.
فهذا طريقنا إلى إثبات الأسماء و الصفات له تعالى على بساطته، و قد صدقنا كتاب الله في ذلك حيث أثبت الملك - بكسر الميم - و الملك - بضم الميم - له على الإطلاق في آيات كثيرة لا حاجة إلى إيرادها.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة