الإمام الحسن (عليه السلام) ليس مطلاقًا

نصّ الشبهة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل الإمام الحسن عليه السلام مطلاق؟ وهل صحيح أنّ الإمام علي عليه السلام قال: «لا تزوّجوه.. إلخ»؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإنّهم يزعمون: أنّ الإمام الحسن عليه السلام قد تزوّج بسبع مائة امرأة، أو بأربع مائة، أو بثلاث مائة، أو بمائتين وخمسين، أو بمائة وخمسين، أو بتسعين، أو بسبعين امرأة، أو أن زوجاته المطلقات خرجن في موكب حين وفاته، حافيات حاسرات، وهن يقلن: نحن أزواج الحسن.
وهذه المزاعم كلّها مكذوبة، وغير صحيحة، ويكفي أن نذكر:
أولاً: إنّ أعداءه عليه السلام لم يذكروا شيئاً من ذلك على سبيل الطعن عليه، رغم حرصهم على العثور على أصغر وأتفه شيء يمكنهم التشبث به في هذا المجال، ومع أنه قد كانت هناك احتجاجات قوية، فيما بينه وبين عدد من أولئك الحاقدين.. كما يظهر من مراجعة كتاب «بحار الأنوار»، وكتاب «الاحتجاج»، وغير ذلك..
ثانياً: إن زواجه عليه السلام بالمئات والعشرات، لا يتلاءم مع ما ذكروه له من أولاد، حيث إن الأقوال تبدأ من عدد الاثني عشر، وتنتهي إلى أقصى عدد ذكروه، وهو: اثنان وعشرون ولداً، بما فيهم الذكور والإناث، ولا يحتاج استيلاد هذا العدد إلى أكثر من امرأة واحدة أو اثنتين.
وواضح: أنّه عليه السلام لم يكن عقيماً، بدليل ولادة هذا العدد له، كما أنه يستحيل عادة أن يكون كل هذا العدد الكبير من النسوة يعاني من العقم.
فأين هي تلك الذرية المتناسبة مع هذه الأعداد الكبيرة من الزوجات المزعومة؟! فإنّ وسائل منع الحمل لم تكن تستعمل في تلك الأيّام!!
ثالثاً: إنّه لا مجال لإنكار سهولة وكثرة التزوج بالنساء في تلك الفترة، لأسباب مختلفة، لكن ذلك لا يختص بالإمام الحسن عليه السّلام، فقد ذكر عن عمر، وعن عثمان، وعن غيرهم: أنّهم قد تزوّجوا بكثير من النساء، قد يصل إلى العشر، ويزيد عليها، مع التصريح بأسمائهنّ، وحالاتهنّ.
رابعاً: أمّا ما ينقلونه عن أمير المؤمنين عليه السلام من أنّه كان يقول: «إنّ حسناً مطلاق فلا تنكحوه»، أو أنّه كان يقول على المنبر: «لا تزوّجوا الحسن فإنّه مطلاق»، أو أنّه قال على المنبر: «إنّ الحسن مزواج مطلاق».
فهو ممّا لا يمكن قبوله لأكثر من جهة؛ فإنّ الطلاق مبغوض لله تعالى، لا يلجأ إليه الإنسان المؤمن بدون مسوّغ يرفع هذه المبغوضيّة.
ويدلّ على مبغوضيّته ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام، في حديث: «إنّ الله يحبّ البيت الذي فيه العرس، ويبغض البيت الذي فيه الطلاق، وما من شيء أبغض إلى الله من الطلاق».
وعن الإمام الصادق عليه السلام: «ما من شيء ممّا أحلّه الله أبغض إليه من الطلاق، وإنّ الله (عزّ وجلّ) يبغض المطلاق، الذواق».
وعنه عليه السلام: سمعت أبي يقول: «إنّ الله عزّ وجلّ يبغض كلّ مطلاق وذواق».
وعنه عليه السلام: «تزوجوا، ولا تطلقوا، فإن الطلاق يهتز منه العرش».
فهل يصحّ القول: إنّ الله يبغض الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه؟!
وهل يمكن أن يتّخذ إمام معصوم، وسيّد شباب أهل الجنّة، من هذا المكروه طريقة عيش، وأسلوب حياة؟ وفيه ما فيه من الأذى للمؤمنات المطلقات؟!
خامساً: لماذا ينهى أمير المؤمنين عليه السلام النّاس عن تزويج ولده من على المنبر، ولماذا لا ينهى ولده نفسه عن هذا الفعل فيما بينه وبينه؟!
فإن كان قد نهاه سرّاً، فهل يعقل أن يكون قد عصاه، فاضطر لقطع الطريق عليه بهذه الطريقة؟! ألا ترى معي: أنّ بني العباس هم الذين افتعلوا هذه الفرية، مضادّة منهم لخصومهم بني الحسن، وسعياً في إضعاف أمرهم؟! ولو عن طريق الكذب والتزوير، كما يظهر من رسالة المنصور لمحمد بن عبد الله بن الحسن.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين (1).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة التاسعة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 هـ ـ 2004 م، السؤال (503).
1