اكد ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة، على ضرورة بناء الاسرة التي تمد المجتمع بالفرد والرجل والمراة الصالحة وفق الاسس الاسلامية.
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (24/3/2017)، اوجه كلامي للجميع سواء المقبلين على الزواج والاباء والامهات وحتى الاجداد، واقول لهم بان الاسلام يؤكد على ضرورة بناء علاقة زوجية صالحة والمحافظة عليها وادامتها الى اخر العمر للحفاظ على الاسرة، مبينا ان بناء الاسرة الصالحة ينتج عنه بناء مواطن صالح ومجتمع صالح.
واضاف "حتى نستطيع ان نبني اسرة صالحة لابد ان نبين مفهوم الاسلام والنظرة الى الحياة الاسرية والنظرة الى المراة وكذلك نظرة المراة للزواج ونظرة الزوج للمرأة".
وتابع "هنالك تقيمان او نظرتان، نظرة اسلامية سامية واخرى متدنية، موضحا ان المتدنية تحصل حينما ينظر الرجل الى المرأة على انها مجرد انسان يشبع رغباته الجنسية وتولد له الاولاد، وكذلك المرأة تنظر للرجل على ان وجوده كرجل الى جنب المرأة فضلا عن اشباع غريزتها، مشيرا ان الاسلام ينظر الى العلاقة بين الرجل والمرأة من خلال الزواج تهدف الى تكوين اسرة صالحة ومجتمع صالح، وان تلك الاهداف المشتركة تكون سامية ومقدسة وتحقق النجاح للمجتمع والاسرة.
واردف انه ورد في قوله تعالى (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)، مبينا ان الله تعالى والاسلام ينظر الى العلاقة بين الزواج تمثل رباط مقدس وميثاق لابد ان يعطى له قيمته ويجب المحافظة عليه.
واوضح ممثل المرجعية الدينية العليا ان هنالك عدد من الاهداف التي يجب مراعاتها من بينها الحفاظ على الدين والعفة وتحصين المجتمع، وقد ورد (من تزوج فقد أحرز نصف دينه)، مؤكدا ان الحفاظ على الدين في المجتمع انما يحصل من خلال العلاقة الزوجية الناجحة المتمثلة بالرباط المقدس، في حين ان العلاقة الزوجية الفاشلة تؤدي الى الانحراف والفساد والتفكك في المجتمع الذي ينتج عنه حدوث مشاكل وامراض.
واشار ان من بين الاهداف المهمة في العلاقة الزوجية دوام النسل الانساني، موضحا ان الله خلق الانسان وانزله الى الارض واكرمه بالعقل حتى يكون خليفة له في الارض واظهارالعبودية لله تعالى، موضحا ان دوام هذا الانسان كخليفة في الارض وتجلى العبودية فيه تستمر من خلال وجود الاسرة الناجحة التي تتوفر فيها اجواء روحانية.
ونوه ان العلاقة الزوجية الصالحة والناجحة يترتب عليها حصول الاستقرار النفسي والاجتماعي، مشيرا ان الانسان المستقر يكون اقدر على مواجهة الصعاب والتحديات في المجتمع مما يؤدي الى بقاء المجتمع قويا، مؤكدا على ضرورة الوعي بهذه الاهداف للحصول على علاقة اسرية ناجحة.
وعرج الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الى ايضاح اسس النجاح في العلاقة الزوجية والتي استهلها بضرورة ادامة العلاقة والمحبة الرحمة والمودة بين المتزوجين، مشيرا ان المتزوج يشعر بهذه العلاقة في بداية الاقتران وعليه ادامتها سواء من قبل الزوج او الزوجة لان كلاهما له دور مهم في انجاح الزواج، منوها ان العلاقة الزوجية تتعرض الى حدوث مشاكل داخلية لابد من مواجهتها لادامة العلاقة والحفاظ عليها من التصدع حتى اخر العمر.
واشار قائلا "انت ايها الكبير والجد وخصوصا المقبل على الزواج حتى تديم هذه العلاقة وتعالج حالات التفكك يجب ان تلتفت الى عدة نقاط اهمها، التعاون بين الزوجين والتفاهم في حال المشاكل والنزاعات، وان الاسرة فيها مسؤوليات من بينها مسؤوليات معيشية واحيانا يكون الزوج غير قادر على توفير تلك الاحتياجات، فعلى الزوجة ان تعاونه وتساعده بهذه المسؤولية دون ان تشعره بالمنة ابدا، كما ان على الزوجين في حال حدوث اي مشكلة يجب الجلوس لحلها والابتعاد عن التشدد والتعامل معها بعنف واللجوء الى لغة التفاهم والتحاور واستماع الاخر.
وكشف الشيخ الكربلائي ان الاساس الثالث من اسس نجاح العلاقة الزوجية يكمن في رعاية حقوق كل من الزوج والزوجة تجاه الاخر، مبينا ان هنالك حقوق واجبة واخرى مستحبة على كل طرف معرفة حقوق الطرف الاخر لان الجهل بها يترتب عليه الوقوع بالمعصية.
واستدرك على الزوج ان يعرف حقوق الزوجة كالنفقة والاحترام وعدم المشاكسة وغيرها وعلى الزوجة ان تعرف حقوق الزوج في التمكين وعدم الخروج من المنزل وغيرها من الحقوق والواجبات التي في حال احترامها تكون هنالك علاقة حب ومودة.
واوصى الشيخ الكربلائي ضرورة حسن الاخلاق والمعاشرة والعلاقة الطيبة والاحترام بين الطرفين، مشيرا ان الاحترام بين الازواج وتقديس الادوار بينهما له اهمية كبيرة، وعلى المرأة ان تقدس دور الرجل كزوج في حياتها وحياة مجتمعها وكذلك الزوج عليه ان يحترم زوجته داخل الاسرة وامام الاولاد وفي الخارج، والابتعاد عن التحقير في حال وجود تفاوت بينهما.
والزم الشيخ الكربلائي بضرورة التخلق بالاخلاق الطيبة، وابتعاد الرجل عن صب جام غضبه على زوجته واولاده عند عودته من العمل وتفريغ اتعابه داخل البيت، في حين ان الزوجة كذلك متعبة بتربية الاولاد وترتيب شوؤن المنزل، مؤكدا على ضرورة ان لايستكثر كل طرف في اظهار محبته ومودته تجاه الطرف الاخر، مستشهدا بالحديث الوارد «رحم الله عبداً أحسن فيما بينه وبين زوجته».
واستوقف عند قيمومة الرجل قائلا، ايها الرجل ان الله تعالى اعطاك القيمومة على المرأة، فلايصح لك ان تؤذيها وتستصغرها فانها ليست اسيرة بين يديك ولا تكن متسلط وقاسيا فالكثير من المواقف تولد من التجبر والتعسف، موجها كلامه في نفس الوقت للمرأة قائلا لها، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال (إنّ لي زوجة إذا دخلت تلقّتني، وإذا خرجت شيّعتني، وإذا رأتني مهموماً قالت: ما يهمّك؟ إن كنت تهتمّ لرزقك فقد تكفّل به غيرك، وإن كنت تهتمّ بأمر آخرتك فزادك الله همّاً)، موضحا ان هذه الامور بسيطة لدى النساء لكنها كبيرة عن الرجل الذي يجد عند عودته الى البيت من تستقبله بالابتسامة واذا خرج يعلم ان هنالك من يهتم به ويشيعه، قائلا – في خطابه للمرأة- فاذا كنت كذلك فان رسول الله يبشرك (إنّك عاملة من عمّال الله، ولك نصف اجر الشهيد).
واختتم الشيخ عبد المهدي الكربلائي حديثه ان مثل تلك المسائل تكون بسيطة بحساباتنا الا انها عظيمة عند الله لما لها من تأثير على الرجل، موصيا في نفس الوقت الرجل بالصبر في حال كانت زوجته سيئة الخلق، مذكرا اياه بالحديث الشريف (ومن صبر على خلق امراة سيئه واحتسب في ذلك الاجر, اعطاه الله ثواب الشاكرين)، موضحا ان الصبر على سوء خلق الزوجة يترتب عليه اجر عظيم وكذلك ضمان الحافظ على الاسرة، مؤكدا على ضرورة تحمل سوء خلقها لان الطلاق يؤدي الى تشتت وضياع الاولاد.