تزامنا مع ما يحققه الجيش العراقي والحشد الشعبي من انتصارات مبهرة في خطى تحريرهم لمحافظة نينوى، أكدت المرجعية الدينية العليا على جميع المشاركين في عمليات تحرير نينوى بضرورة مراعاة المعايير الإنسانية والإسلامية في تعاملهم مع المعتقلين أياً كانوا، بعد إن اعتبرت معركتهم هذه معركة عز وشرف وكرامة.
كما طالبت المرجعية من خلال ممثلها وإمام جمعتها في كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي؛ على ضرورة اقتصار المقاتلين على اتخاذ إجراءاتهم القانونية بحق المعتقلين من خلال ابتعادهم عن الانتقام والثأر.
وبعد أن حيا الشيخ الكربلائي؛ القادة والمقاتلين من رجال العراق الأبطال في الجيش والشرطة الاتحادية وقوات البيشمركة وجحافل المتطوعين وأبناء العشائر الغيارى وثمن جهودهم وشد على أيديهم وبارك لهم انتصاراتهم، تضرع الى الله عز وجل بأن يرعى هؤلاء ويحميهم وينصرهم على أعدائهم الظلاميين الإرهابيين وان يتغمد شهدائهم الأبرار بالرحمة والرضوان وان يمن على جرحاهم بالشفاء والعافية.
وأكد سماحته خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي أقيمت بإمامته في لصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة 19 محرم الحرام 1438 هــ الموافق 21 تشرين الأول 2016 م على المقاتلين ممن اسماهم بـ (الأحبة)؛ وتذكريا لهم بما سبق للمرجعية من تأكيدات، ومنها ضرورة " اتخاذهم أقصى درجات الحيطة والحذر في التعامل مع المدنيين العالقين في مناطق القتال والسعي البليغ في إبعاد الأذى عنهم وتوفير الحماية لهم بكل الوسائل الممكنة ".
كما دعا المتولي الشرعي لحرم الإمام الحسين عليه السلام أهالي الموصل الأعزاء " حسب تعبيره " بإبداء تعاونهم مع القوات الأمنية قدر المستطاع وتسهيل مهمتهم ـــ أي القوات الأمنية ـــ في إنقاذهم وتخليصهم من سيطرة الإرهابيين الدواعش.
وتطلعت المرجعية في ذات الخطبة الى اليوم الذي تطوى فيه هذه الصفحة التي اعتبرتها مؤلمة من تاريخ العراق كونها كانت مليئة بإراقة الدماء وخراب الديار وآهات الثكالى ودموع اليتامى وأنين الجرحى والمصابين، متأملة ـــ المرجعية ـــ فتح صفحة أخرى يحل فيها الأمن والاستقرار على ربوع هذا البلد الطيب.
وطالبت المرجعية من خلال الشيخ الكربلائي بتكاتف الجميع على مختلف المكونات لبناء العراق بعيداً عن الإحن والأحقاد، بالاستفادة من العبر والدروس التي ترشحت من خلال التجارب المريرة الماضية، كما شدد الكربلائي بضرورة الانتباه الى الأخطاء والخطايا الماضية لتفادي تكرار ما حصل، مؤكدا على ضرورة عدم السماح للأجنبي باستغلال الخلافات للتدخل في الشؤون الداخلية وخرق سيادة العراق بمختلف الذرائع.
وفيما يلي النص الكامل للخطبة
في هذه الأيام الخالدة؛ حيث يخوض رجال العراق الابطال في الجيش والشرطة الاتحادية وقوات البيشمركة وجحافل المتطوعين وابناء العشائر الغيارى؛ معارك العز والشرف والكرامة دفاعاً عن الارض والعرض والمقدسات، معارك تحرير محافظة نينوى العزيزة وتخليص اهلها الكرام من رجس الارهاب الداعشي؛ نحيي هؤلاء الاحبة ـــ قادة ومقاتلين ـــ ونثمن جهودهم، ونشّد على ايديهم ونبارك لهم انتصاراتهم ونتضرع الى الله العلي القدير ان يرعاهم ويحميهم وينصرهم على اعدائهم الظلاميين الارهابيين ويتغمد شهدائهم الابرار بالرحمة والرضوان ويمن على جرحاهم بالشفاء والعافية.
ونؤكد اليوم على احبتنا المقاتلين ـــ كما اكدنا عليهم في مناسبات سابقة ـــ بضرورة اتخاذ اقصى درجات الحيطة والحذر في التعامل مع المدنيين العالقين في مناطق القتال والسعي البليغ في ابعاد الاذى عنهم وتوفير الحماية لهم بكل الوسائل الممكنة، كما ندعو اهالي الموصل الاعزاء الى ان يتعاونوا مع القوات الامنية قدر المستطاع ويسهلوا لهم مهمتهم في انقاذهم وتخليصهم من سيطرة الارهابيين الدواعش.
ونؤكد ايضاً على جميع المشاركين في العمليات القتالية بضرورة رعاية المعايير الانسانية والاسلامية في التعامل مع المعتقلين أياً كانوا والاقتصار على اتخاذ الاجراءات القانونية بحقهم والابتعاد عن الثأر والانتقام في مطلق الاحوال.
ايها الابطال الميامين.. يا من ليس لنا من نفتخر بهم غيركم لقد تحملتم مسؤولية الدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته في احلك الظروف واصعبها منذ ما يزيد على عامين – فكنتم – وايم الله- على مستوى هذه المسؤولية العظيمة، لم تملوا ولم تكلوا في القيام بمتطلباتها بل كلما مضى الوقت ازددتم صلابة في عزائمكم لمواصلة القتال حتى تحقيق هذا الهدف العظيم، فاسترخصتم الارواح وبذلتم الدماء وقدمتم عشرات الالاف من الشهداء والجرحى في هذا السبيل، وسطرتم – ولا زلتم تسطرون- اروع ملاحم البطولة والفداء في سوح الوغى مما سيخلدها لكم التاريخ.
ونأمل ان تكونوا قد اقتربتم من النصر النهائي على الارهابيين الدواعش بتطهير جميع الارض العراقية من دنس وجودهم وابعاد خطرهم عنها، ليعود الوطن موحداً ويعود النازحون الى مناطقهم معززين مكرمين.
كما اننا نتطلع الى اليوم الذي تطوى فيه هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ العراق المليئة بإراقة الدماء وخراب الديار وآهات الثكالى ودموع اليتامى وأنين الجرحى والمصابين، وتفتح صفحة اخرى يحل فيها الامن والاستقرار على ربوع هذا البلد الطيب ويتكاتف فيها الجميع من مختلف المكونات على بناء وطنهم بعيداً عن الإحن والاحقاد، يأخذون العبر والدروس من تجاربهم المريرة الماضية وينتبهون الى اخطائهم وخطاياهم ويتفادون تكرارها ولا يسمحون للاجنبي باستغلال خلافاتهم للتدخل في شؤونهم الداخلية وخرق سيادة بلدهم بذرائع مختلقة كما يحصل اليوم.
اللهم خذ بنا سبيل الصالحين واعنا بما تعين به الصالحين على انفسهم ولا تردنا في سوء استنقذتنا منه يا رب العالمين.