أكد المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي أهمية تنشيط الجانب العلمي لمواجهة حالة الجهل التي بدأت تصيب بعض أفراد المجتمع نتيجة كثرة الثقافات الوافدة. جاء ذلك خلال لقاء سماحته مع وفد المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) برئاسة أمينه العام الشيخ رضا رمضاني. ورحب السيد الصافي بالوفد الضيف، مقدّمًا لهم نبذة عن نشاطات العتبة العباسية المقدسة في مجالات التأليف والتحقيق ونشر فكر أهل البيت (عليهم السلام) وإقامة الفعاليات البحثية والعلمية لدراسة تراثهم (عليهم السلام). وأكد السيد الصافي أنّ "طريقتنا في الدعوة إلى الله، تختلف عن طريقة الوهابيين، فهم يدعون إلى تكفير الشيعة، أمّا الشيعة فيدعون إلى توحيد الكلمة، وهذا فرق هائل بين أمير المؤمنين (عليه السلام) وبين أعدائه". وفي معرض حديثه عن الخدمات الإنسانية في القارة الإفريقية، قال السيد الصافي، إنّ "الناس في إفريقيا يحتاجون اليوم إلى أمرين مهمين، الأول هو أن يسمعوا فكر أهل البيت (عليهم السلام) وفق ما جاء به النبي وأمير المؤمنين وبقية الأئمة (سلام الله عليهم)، كي يهتدوا بهديهم، ويصلوا إلى طريق النجاة، فضلاً عن أنّ هذا الفكر سيحل مشاكلهم الأسرية والمجتمعية"، مضيفًا "والأمر الثاني هو، لابد أن يشعروا أنّ الذي يأتي إليهم يريد فائدتهم لا غير ذلك، فالناس مجبولة على محبة من أحسن إليهم، فمثلًا اليوم نرى كثيرًا من أولادنا وبعض أصدقائنا يذهبون إلى إفريقيا لحفر الآبار، والبئر في إفريقيا شيء مهم جدًّا للحصول على الماء في بلادٍ تحتاج إليه بسبب الجفاف، ومثال آخر إنشاء بناية جيدة كمسجد، فالمسجد في إفريقيا يقوم بدورٍ مهم في المجتمع كما تقوم به العتبات المقدسة في العراق، وتحديدًا في كربلاء المقدسة، أو عتبة الإمام الرضا (عليه السلام) في إيران، لأنّهم يفتقرون لمعلمٍ روحي، فيكون المسجد هو المكان الذي يتحلقون حوله، وينجذبون إليه، وهم في الغالب أناس فقراء، ولابد للمبلغ أنّ يشعرهم بحاجته إلى هدايتهم، فضلًا عن أنّهم أيضًا يحتاجون المبلغ، ولذلك عندما يعطي بعض الأموال لفك ضيقهم، وهو بالتالي لهم يستطيع عبر ذلك أن يخدمهم". أمّا فيما يتعلق بأسبوع الإمامة الدولي الذي تناوله الضيف الكريم، فقد قال سماحته "نحن في العتبة العباسية المقدسة جمعنا كل مناسبات الأئمة (عليهم السلام) على طوال السنة في مدة زمنية محدودة، بدأناها بيوم الغدير، لعلاقة هذا اليوم بأصل الإمامة، واسمينا هذا النشاط بمجموع مؤتمراته، بأسبوع الإمامة، لأنّ الإمامة عندما ثبتت لأمير المؤمنين (عليه السلام) ثبتت للأئمة (عليهم السلام)، ومن خلال ما نرى في كثير من المؤتمرات الأخرى، أنّ مسألة الإمامة بمعناها الذي يؤمن به شيعة أهل البيت (عليهم السلام) إلى الآن فيها طرح متواضع لا ينسجم مع خصوصية أهل البيت (عليهم السلام) وهو ما جعلنا نعمد إلى تأسيس هذا النشاط للاضاءة على هذا الأصل بشكل مميز ومختلف ".
وأوضح السيد الصافي، أنّه "في مؤتمرات أسبوع الإمامة للسنة الماضية وهذه السنة لم ندعو إلا المعنيين بالأمر، لأنّنا لمسنا أنّ بعض الأمور المتعلقة بصلب الإمامة غائبة عن بعض المؤمنين، فضلًا عن غيرهم، فنراهم يتحدثون عن الإمامة باعتبارها أمرًا ثانويًا، ومن دعوناه من الشخصيات العام الماضي لم ندعه هذا العام، وهكذا فالذي حضر هذا العام لا ندعوه في العام المقبل، لزيادة مساحة الباحثين وفائدة مؤتمرات الأسبوع"، مبينًا "نحن نحتاج في هذه المؤتمرات أن تكون البحوث قوية، وكانت في السنة السابقة، وفي العام القادم، وبعده ستُدعى شخصيات لها وزنها وتأليفها ووضعها، وأيضًا مقامها المركزي، وستكون حصة لمؤسستكم غير الأخوة الموجودين، بأن يتم دعوتهم إما تشريفًا أو ندعوهم كي نستفيد من بحوثهم". من جهته قال الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) الشيخ رضا رمضاني، إنّ "السيد الصافي جمع بين درسه القوي في الحوزة العلمية وإدارته المتميزة للعتبة المقدسة، التي أصبحت آثارها واضحة، وهذا الجمع يندر حدوثه لأساتذة الحوزة العلمية"، فيما أجاب السيد الصافي: "ما ذكرتموه فيما يتعلق بمسألة الإدارة، واقعًا لا أدعي لنفسي شيئًا، وإنما هي نفحات أبي الفضل العباس (عليه السلام) من تنفخ بنا هذه الروح، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يسددنا". وأكمل السيد الصافي القول "نحن نتطلع دائمًا إلى مزيد من الاهتمام والتعاون ما دام العمل التبليغي في صميم عملكم، ونحن نرغب دائمًا أن نتواصل معكم بما يتعلق بالمؤلفات". وفي خصوص النتاج الفكري للعتبة العباسية المقدسة بين السيد الصافي "أنا حريص على أنّه في كل ستة أشهر أرسل وفدًا من العتبة المقدسة يضم بعض الفضلاء والأساتذة مع نتاجنا الفكري إلى إيران، ليلتقوا هناك في قم وفي مشهد المقدستين مع العلماء، ونستعرض من خلالهم هذا النتاج العلمي ونستفيد من تلاقح الأفكار فيما بيننا، وكي يتعرفوا على نشاطاتنا ونحن نتعرف على نشاطاتهم، وهذه تقريبًا هي عملية علمية بحتة، ولذلك نذهب إلى المراكز العلمية هناك". وأكد سماحته "نحن حريصون على أنّ ينشط الجانب العلمي بشكل كبير في العراق وإيران وأن يكون دائمًا له الأولوية والسبق، والسبب أنّ هناك حالة من الجهل بدأت تصيب بعض أفراد المجتمع نتيجة كثرة الثقافات الوافدة، ففي إيران هناك مشاكل خصوصًا في المناطق البعيدة عن المراكز العلمية، وفي العراق أيضًا المناطق البعيدة عن النجف وكربلاء فيها قلة معرفة أيضا، فالتركيز على الجانب العلمي وطريقة إيصاله، مهم جدًّا، ولذلك لابد أن تتوفر في المبلّغ شرائط مهمة حتى ينقل الفكر إلى الناس، ويكون واسطة في إخراجهم من الجهالة إلى نور العلم".