قدّم أستاذ الحوزة العلمية العلامة السيد أحمد الصافي، المحاضرة العلمية الرمضانية الثالثة عشرة في شرح دعاء أبي حمزة الثمالي، بحضور مسؤولي العتبة العباسية المقدسة وخدمتها. المحاضرة الثالثة عشرة تأتي ضمن سلسلة المحاضرات التي قدّمها قبل أكثر من أربع سنوات، في شرح دعاء أبي حمزة الثمالي للإمام السجاد (عليه السلام)، وانطلقت في هذا الشهر الفضيل مجدّدًا لشرح ما يتعلق بهذا الشهر ومضامينه. في مستهل الحديث أشار السيد الصافي إلى ما ذكره في المحاضرة السابقة، حول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وما ورد في الدعاء بشأن المعصية واقتراف الذنوب، وضرورة وجود الأمل عند المذنب بسعة رحمة الله تعالى. نوعان من الأمل تحدث عنهما السيد الصافي في هذه المحاضرة، هما الأمل الكذوب والأمل الصادق، والأمل الكذوب هو الذي يأمل فيه الإنسان تحقيق أمر بلا عمل وسعي إلى تحقيقه، مما سيجعل بعض الأعمال سائرة في خدمة الشيطان، وهناك أمل صدوق بمعنى أنّ الإنسان يأمل ويعمل لتحقيق أمله. وتناولت محاضرة السيد الصافي فقرات الدعاء، التي تدور حول التوسل بالله بذمة الإسلام وحرمة القرآن وحبّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ليجعل الداعي من هذا الحبّ للنبي وسيلة من وسائل الزلفة إلى الله تعالى، وكذلك في عبارة بذمة الإسلام وبحرمة القرآن. وذكر السيد الصافي أنّ في مسألة النجاة، المحبة وحدها قد لا تتحقق عمليًّا وواقعيًّا ولا تكفي ويكون فيها إشكال، لأنه ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، إذ لا تجتمع محبة النبي (صلى الله عليه وآله) مع المعصية، والمحبة لا تتحقق بلا اتباع وبلا سلوك معين، وهناك حاجة إلى تذكير الناس أنّ التعبير الدارج المهم القلب "قلبك نظيف ولا داعي لغيره من أفعال الخير!!!" لا تكفي مع ارتكاب المعاصي ولا يوجد لها أثر شرعي، إذ لا يمكن أن يكون القلب نظيفًا مع وجود المعاصي، هذه عبارة عن كلمة جوفاء ليس لها واقع، والمحبة لله تعالى لا تكون مع المعصية. ولفت إلى أنّ الدعاء في هذه المسألة يوجب أن تكون دعوة الحب إلى الله تعالى دعوة حقيقية، ذلك الحب المبني على العمل الصادق والاكتراث بأوامر الله وطاعة ما جاء به نبيه (صلى الله عليه وآله)، إذ لا تجتمع المعصية مع المحبة، أما غير ذلك، فلا يعني أذهان بسيطة لا تفهم حقيقة المودة والاتباع والحب.
وأشار إلى مقارنة الدعاء لمحبة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) مع الإسلام والقرآن الكريم، هذه المحبة التي ستكون من المنجيات، التي لا بد من أن يستثمرها العبد، موضحًا أنّ من يحب الله ورسوله لا بد أن يتقيد بما يقول له النبي (صلى الله عليه وآله) من خلال الله تعالى، ولذلك كان أمير المؤمنين (سلام الله عليه) من أفضل العبّاد لله ومن أكثر الناس طاعة للنبي (صلى الله عليه وآله) وهذه مقرونة بهذه، ولم يسجل التاريخ إطلاقًا أنّ أمير المؤمنين عصى النبي، ولذلك حظى بهذه الحظوة الذي استحقها النبي في يوم الغدير والكلام الذي كان في حقه (سلام الله عليه). وتحدث السيد الصافي عما جاء في كلام الإمام (عليه السلام) في الدعاء حول البكاء من بينها "وأعني بالبكاء على نفسي"، مبينًا أنّ البكاء من عوامل الصدق مع الله تبارك وتعالى وأحد مصادر القوة عند الإنسان، فكل ما كان العبد بكّاءً من الله كان قوياً مع الناس، وكل ما كان العبد جامدًا مع الله تعالى لا يبكي لا يتفاعل سيكون خائفًا من الناس، والقلب الذي يكون كالصخرة قطعًا لا يخشى ولا يتفاعل ولا يبكي، أمّا القلب المؤمن فهو القلب الذي يتفاعل، وحالة البكاء لله تجعل الإنسان قويًا مادام ملتصقًا بالله.