المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

هل يجبر الله عباده على المعاصي أو يكلفهم ما لا يطيقون ؟
6-10-2020
معنى كلمة بدل
15/11/2022
Language Mixture—Grammar
2024-01-17
خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي
7-8-2017
الزواج في العرب قبل الاسلام
7-11-2016
نطاق الإغلاق closure domain
25-4-2018


السيّدُ الصافي يؤكّد على ضرورة الاهتمامِ بما يصدرُ عن المبلِّغ من كلامٍ وسلوك


  

899       09:48 صباحاً       التاريخ:              المصدر: alkafeel.net
أكّد الأستاذ في الحوزة العلمية بالنجف الأشرف سماحة السيد أحمد الصافي، على ضرورة الاهتمام بما يصدرُ عن المبلِّغ من كلامٍ وسلوك. جاء ذلك في كلمةٍ له خلال المؤتمر الثاني عشر لمبلِّغي زيارة الأربعين، الذي حمل شعار (زيارة الأربعين من أبرز مظاهر نصرة الإمام الحسين عليه السلام)، وأدناه نصّ الكلمة: تَعلمون الظرف الذي مرّ به الإمام الحسن(عليه السلام) الذي كان مُعِزّاً للمؤمنين، حتّى دخل عليه بعضٌ من أصحابه وقالوا: السلام عليكم يا مذلّ المؤمنين، وإنّه (عليه السلام) كان مُعِزّاً للمؤمنين ونحن نشهد هذا اليوم ذكرى شهادته، سائلين الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من الذين يسيرون على نهجه، وجعلنا الله من المؤمنين وجعلنا أعزّةً ببركات سيدي ومولاي الإمام الحسن(عليه السلام). إنّ التبليغ من المهامّ المقدّسة، بل هو في الواقع من مهامّ الأنبياء الذين يبلّغون رسالات ربّهم ويخشونه ولا يخشون أحداً، والتبليغ عبارة عن مهمّة مركّبة من ثلاثة أمور نصطلح عليها مقوّمات التبليغ، ومقوّمات الشيء داخلةٌ في حقيقته، فإذا انفصل أحد هذه الأمور انتفى هذا المركّب، فهي داخلة في مقوّماته وليس في إطلاقه، والأمر الأوّل من مقوّمات التبليغ هو المبلِّغ (باسم الفاعل)، والأمر الثاني هو المبلَّغ (باسم المفعول)، والأمر الثالث هو مادّة التبليغ بعيداً عن المعنى اللغوي والاصطلاحي.
 
المبلِّغ هو الذي يُرتجى منه أن يقوم بهذه العمليّة، والتبليغ قيامٌ صدوريّ بمعنى سيصدر منه تبليغاً وكلاماً وفعلاً كالضارب، وليس القيام فيه قياماً حلولياً من قبيل النائب واسم فاعل، ونعبّر عن هذا الشيء أنّه قد بلّغه وأوصله. والمبَلَّغ هو ذلك الشخص الذي ينتظر أن يتعلّم إمّا من سلوك المبلِّغ أو كلامِه، والمادّة التي يبلّغُها هي تلك المادّة التي لها معانٍ وهذه المعاني تُبلَّغ عن طريق الألفاظ، مثل الصلاة والصيام والأمر بالمعروف. هذا هو قوام التبليغ، فهو لا ينحصر في المبلِّغ، فإذا كان هناك مبلِّغ ولا يوجد مبلَّغ لا يبين الأثر، أو كان مبلِّغ ولا يوجد مبلَّغ أيضاً لا فائدةَ من ذلك، أو كان مبلِّغ ومبلَّغ ولا يوجد شيءٌ يبلِّغُ به المبلِّغ أي لا توجد مادة فقطعاً لا يُمكن أن يتحقّق التبليغ، والقرآن الكريم يقول في سورة النحل (اِدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ) فهذه مادة، ثمّ نأتي إلى (الحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، بالنتيجة لابدّ أن تكون الصورة واضحةً أمام المبلِّغ، واليوم نتحدّث في هذا المحفل عن المقوّم الأوّل، أمّا المقوّمان الثاني والثالث فيُتركان إلى مجال آخر. السؤال: ما هي المسؤوليّة الحقيقية التي تقع على المبلِّغ؟ أو ما هو المطلوب منه؟ أو ما هي الصفات التي تتوفر عنده حتّى يتحقّق التبليغ؟ وهذا سؤالٌ نحتاجه جميعاً عن إدارة هذا المشروع المبارك، فموضوع المبلِّغ من الموضوعات التي هي بسيطة من جهة وشائكة من جهةٍ أخرى، بسيطة لأنّ هذه الصياغة العامة المعروفة بطريقة الأنبياء(عليهم السلام) والمبلِّغ، ليدعوا الناس إلى شيء لابدّ أن يتلبس به، فميدانكم الأوّل أنفسُكم إن قدرتُم عليها كنتم على غيرها أقدر، وإن عجزتُم عنها كنتُم على غيرها أعجز، وحالة التبليغ يقوم بها أشراف الناس والنخب البشريّة وهم الأنبياء(سلام الله عليهم وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام)، ولابدّ أن نمرّ بالأنبياء(عليهم السلام) ونقف عند كلّ نبيّ بمقدار ما تبيّنه الآيات ونستكشف خصوصيّة معينة عند هذا النبيّ. قطعاً نحن نؤمن بعصمة الأنبياء(عليهم السلام) في مقام عقيدتنا، والعصمة تكون من العوامل الدافعة للمبلِّغ ولا تكون من العوامل المانعة، ما يعني في مقام العمل نحن سنركن إلى ركنٍ وثيق، لأن النبيّ (عليه السلام) عندما يبلّغ بهذه الطريقة معناه أنّ هذه الطريقة هي طريقةٌ صحيحة، والنبيّ الآخر عندما يبلّغ بهذه الطريقة يعني أيضاً أن هذه الطريقة هي صحيحة، واختلاف الأساليب أمرٌ طبيعيّ جدّاً باختلاف المجتمعات، فلم يكن الأنبياء(عليهم السلام) يعانون ما عاناه نوح (عليه السلام) مثلاً من الفترة الطويلة أن يلبث في قومه 1000 سنة إلّا 50، وهذه الفترة الطويلة تحتاج إلى أساليب تتماشى مع طبيعة المجتمع، الذي كان يعانيه نوح (عليه السلام)، بالنتيجة وصل الحال إلى انتهاء جميع أساليب التبليغ وعُدِمت عوامل الهداية في أمثال هؤلاء. إن الأنبياء (عليهم السلام) توفرت فيهم مجموعة من عوامل التبليغ، بعنوان مبلِّغ وليس بعنوان معصوم، ففي سورة الأنبياء أقف عند بعض الآيات الشريفة التي يُمكن أن نستفيد منها بعض الفوائد، مثلاً النبيّ إبراهيم (عليه السلام) والآية الكريمة (فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ)، في قصّة إبراهيم (عليه السلام) قَالُوا: "أَأَنتَ فَعَلْتَ هَٰذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قال بل فعَلَه كبيرُهُم هذا"، هذه العبارة "بل فعَلَها كبيرُهُم" والآية الأخرى تقول "فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ"، وحالة الانكسار في القرآن الكريم هي تعبير بليغ، ثمّ قالوا: "لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنطِقُونَ"، فماذا نستفيد من هذه الطريقة المختصرة؟ أن إبراهيم (عليه السلام) جاء بمسألةٍ في غاية الأهمّية، وهي التوحيد الذي يعتبر الركيزة الأساس لكلّ الأنبياء(عليهم السلام)، فيما كان قومُه يعكفون على أصنامهم ويرونها أرباباً، والإنسان عندما تحاربه في أهمّ عقيدة عنده ستكون ردّة فعله كبيرة قطعاً، وقد رموه في النار قبل أن يتدخّل الله تعالى في إنقاذه. ‏إن قوّة المحاججة هذه، نستفيد منها كمبلِّغين، فإبراهيم (عليه السلام) عندما تصرّف هذا التصرّف هو أعدّ العدّة للمحاججة، فأشار إلى شيئين جعلهم ينكسون رؤوسهم خجلاً وذِلّةً، وانتصر في المحاججة بقوّة معارضته في المناقشة، أرجعهم إلى شيءٍ هم يؤمنون به فطريّاً "لقد علمت ما هؤلاء ينطقون"، فالمبلِّغ لابدّ أن تتوفّر فيه قوّة الحجّة في بعض الحالات، وإذا كانت هناك دعوة فاسدة لكن لا يستطيع أن يردّها لعدم قدرته على ردّها، ينبغي عليه التعلّم ثمّ يرجع للمحاججة. انتقل القرآن الكريم إلى القول: "وَنَجَّيْنَٰهُ وَلُوطًا إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِى بَٰرَكْنَا فِيهَا لِلْعَٰلَمِينَ"، وصولاً إلى القول: ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾، نلاحظ تقديم فعل الخيرات على إقامة الصلاة، وهو تقديمٌ ذِكريّ وليس بالنتيجة أن يكون التقديم الذكريّ رتبيّاً أيضاً، وهذا مطلبٌ في غاية الأهمّية، وهناك خصوصية قوامها أنّ المبلِّغ لابدّ أن يفعل الخير حتّى يجتذب قناعة الناس وشخصيّة الناس، ونحن قرأنا في العقائد أنّ النبيّ(صلى الله عليه واله) من جملة صفاته حتّى البدنية ألّا يكون فيه عيبٌ تشمئزّ منه النفوس، لأنه لابدّ أن يكون في صفات جسمانيّة كماليّة حتّى يستطيع أن يبلِّغ ويُقبَلَ في مجتمعه، إذن فعل الخيرات من الموارد التي أوحى الله تعالى لأنبيائه إبراهيم ويعقوب وإسماعيل (عليهم السلام)، وقدّم فعل الخيرات هذا لهم يعني هو أنهم يعملون الخيرات، إذن الجانب الأوّل هو قوّة المحادثة والمعارضة والجدل، والآخر هو أن يفعل هذا المبلِّغ الخير حتّى يكون داعياً مبلِّغاً بعملِهِ، وفعل الخير حتى في اللسان. ومن جملة الآيات الكريمات أيضاً هذه الآية (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ)، وفحوى الحكم والعلم لم يظهر في حياة لوط لأنّه كان في زمن إبراهيم (عليهما السلام)، وفعل قومه الأفاعيل ولم يبقَ في قريته إلّا هو، حتّى أن زوجته كانت تُخبِرُ عليه ولم تكن مؤمنة، وهنا أنقل لكم رواية سندُها صحيح وهي في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق، ومنقولة عن هشام بن سالم قال: دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام) فقال لي: أتنعت الله تعالى؟ فقلت: نعم، قال: هات، فقلت: هو السميع البصير، قال: هذه صفةٌ يشترك فيها المخلوقون، قلت: فكيف تنعته؟ فقال: هو نورٌ لا ظلمةَ فيه، وحياةٌ لا موتَ فيه، وعلمٌ لا جهل فيه، وحقٌّ لا باطل فيه. فخرجت من عنده وأنا أعلم الناس بالتوحيد. ويقول القرآن الكريم عن لوط (عليه السلام) ﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا..﴾، وأشرف العلوم الفقه الأكبر وعلم العقيدة، وهشام كان قريباً من الإمام(عليه السلام)، عندما سمع هذه الكلمات من الإمام(عليه السلام) يقول خرجت منه وأنا أعلم الناس بالتوحيد، إذن المبلِّغ يحتاج إلى علمٍ دائماً وبصيرةِ العلم، فسفيان بن ليلى وهو على راحلةٍ له، دخل على الإمام الحسن(عليه السلام) وهو محتبٍ في فناء داره، قال: فقال له: السلام عليك يا مذلّ المؤمنين! فقد غاب عن عقله وجهُ الحكمة في فعل الإمام الحسن(عليه السلام) وإنّما رأى الظاهر من الفعل، فأصحاب الإمام الحسن(عليه السلام) أصبحوا تحت وطأة عدوّه، وهو نظر نظرة سطحية البصيرة وفهم الأشياء، ولا شكّ أن الإنسان قد يمرّ في ظروف ولا يفهم وجه الحكمة من تصرّفٍ ما، فبردّة فعلٍ قد يتكلّم بكلامٍ غير محسوب وغير دقيق سيفهمه الآخر ويرتّب عليه آثاراً، لذلك لابدّ أن يكون المبلِّغ حذراً في الجلسة وفي الحديث وفي التصرّفات وفي كلّ شيء. من جملة الأنبياء قال: (وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُۥ فَنَجَّيْنَٰهُ وَأَهْلَهُۥ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ)، ويقصد نجّيناه بقضيّة الطوفان، والقرآن الكريم يعبّر عن بعض الأنبياء(عليهم السلام) بعبارة "نادى" مثل ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، وهذا النداء يُلجَأ إليه في الأمر العظيم والمهمّ، وكذلك في حالة زكريا تقول الآية الكريمة (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ)، كذلك ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾، وهذا النداء يستجيب له الله سبحانه وتعالى إذا توفرت شرائطه. إنّ سلاح المبلِّغ الحقيقيّ هو الله تبارك وتعالى، فعندما يتّكلُ على الله تعالى في كلّ ما يتفوّهُ به ستكون النتائج عظيمة، ولابدّ أن لا نتّكل على قدراتنا البلاغية والخطابيّة، فالله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً هيّأ أسبابه، وحتّى الفعل الذي يخرج من شخصٍ ويؤثّر في الآخر ويستجيب له، فالله سبحانه وتعالى أولى بحسنات العبد منه، وهذا الارتباط والعبودية الحقيقية أو الالتفاتية التي يلتفت الإنسان إليها. إن النبي (صلّى الله عليه وآله) يتحدّث عنه القرآن الكريم في مسألةٍ لها علاقة بمؤتمرنا، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران (فبِما رحمةٍ من الله لِنتَ لهم ولو كنتَ فظّاً غليظَ القلب لانفَضّوا مِن حَولِك..)، والنبيّ (صلوات الله عليه وآله) مرسَلٌ من الله تعالى، وهذه الرسالة لابدّ من وجود جهةٍ تسمعها وأيضاً لابدّ أن تتحقّق، فهذه المميّزات للنبي(صلّى الله عليه وآله) أراد أن يبيّنها القرآن الكريم بأنّ النبيّ مبلِّغٌ، لأنه لم يكن فظّاً أو غليظَ القلب، واللين في الآية الكريمة معناه اخفضْ جناحك للمؤمنين والمبلِّغ أحرى بذلك، وكان الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً فقد كانوا يواجهون النبيّ(صلّى الله عليه وآله) بأقذع الألفاظ والتصرّفات والخطاب الذي كانوا يفتقدون أدبه، رغم ذلك يقول القرآن الكريم (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ)، القدرة التي كانت عنده (صلّى الله عليه وآله) على أن يتحمّل هؤلاء. من المبادئ أن يجعل كلّ واحدٍ منّا صاحبه مشروعه إلى الآخرة، فالسائل الذي يأتي إلى محطّة التبليغ هو مشروعٌ إلى الآخرة، فإن أحسنتُ إليه فأنا المستفيد وإن أسأت إليه فأنا المتضرّر، إذ لا يوجد خفاء أمام الله سبحانه وتعالى، فالدنيا سوق ربح بها قومٌ وخسر آخرون، فالمبلِّغ لابدّ أن يتحمّل ويتّسع صدره للآخرين، ومن أهمّ موارد الأسئلة هم الشباب الذين كثرت عليهم موارد الابتلاء، وقلّما يقع في أيدٍ نظيفة تريد به الخير، والذي يساعد هذه الأيدي هو سيّد الشهداء(عليه السلام)، فهو يقول لهم: إليّ إليّ، فقافلته (عليه السلام) ينتج التأمّل فيها عجزاً عن الفهم، فلا برودة الشتاء ولا حرارة الصيف تمنع الناس أن تقدم له وهي معتذرة، وفضيلته ومقامه سيظهران في الآخرة، ففي الدنيا بعض منع وهي دار جزاء. يجب أن لا نغفل عن سعة رحمة الله تعالى، فهو جلّ جلاله دائماً يُدركنا برحمته، ونحن فقط نحتاج أن نلتفت، فكم من نعمةٍ ينعم بها الله سبحانه وتعالى علينا؟ وهي واقعاً لا تُعدّ كما في الآية الكريمة (وإن تعدّوا نعمةَ الله لا تحصوها)، فنحن نحتاج إلى رحمة الله تعالى، وهو تعالى إذا أراد شيئاً هيّأ أسبابه، كما في القصّة التي تقول: (لحق بني إسرائيل قحطٌ على عهد موسى (عليه السلام)، فاجتمعَ الناس إليه فقالوا: يا كليم الله ادعُ لنا ربّك أن يسقينا الغيث، فقام معهم وخرجوا إلى الصحراء وهم 70 ألفاً أو يزيدون، فقال موسى (عليه السلام) إلهي اسقِنا غيثكَ وانشر علينا رحمتك، وارحمنا بالأطفال الرضّع والبهائم الرتّع والمشايخ الركّع، فما زادت السماء إلّا تقشّعا والشمس إلّا حرارة، ولا توجد إجابة للدعاء وهذا موسى كليم الله، فقال موسى: إلهي إن كان قد خَلُقَ جاهي عندك فبجاه النبي الأمّي محمد صلّى الله عليه وآله الذي تبعثه في آخر الزمان، فأوحى الله إليه ما خَلُقَ جاهك عندي وإنك عندي وجيه، ولكن فيكم عبدٌ يبارزني منذ 40 سنة بالمعاصي، فَنادِ بالناس حتّى يخرج من بين أظهركم فبه منعت عنكم، هذا هو السبب، فنادى (عليه السلام) ليخرج، فقال موسى إلهي وسيّدي أنا عبدك ضعيف وصوتي ضعيف، فأين يبلغ وهم 70 ألفاً أو يزيدون، فأوحى الله إليه "منك النداء ومنّي البلاغ"، فقام منادياً وقال يا أيّها العبد العاصي الذي يبارز الله تعالى منذ 40 سنة اخرج من بين أظهرنا فبك منع عنّا المطر، هذا العبد العاصي التفت يميناً وشمالاً فلم يجد أحداً قد قام، فعلم أنّه المقصود فقال في نفسه إن أنا خرجتُ من بين هذا الخلق افتُضِحت على رؤوس بني إسرائيل، وإن قعدتُ معهم مُنِعوا الغيث بسببي، فبات رأيه بين أمرين "ماعذّبتني وتركتني هذه الفترة وقد أتيتك طائعاً فاقبلني"، فلم يستتمّ الكلام حتّى ارتفعت سحابة بيضاء فأمطرت كأفواه القِرب، فنزل المطر على جماعة موسى، فقال موسى إلهي وسيدي لماذا سقيتنا وما خرج من بين أظهرنا أحد؟ وأنت قلت ليخرج وهو لم يخرج ونزلت السماء بمطرها كأفواه القِرب، فقال الله تعالى "ياموسى سقيتكم بالذي به منعتكم"، فالموضوع تبدّل من عاصٍ لأربعين سنة إلى تائب، فقال موسى إلهي أرِنِي هذا العبد الطائع، فقال الله تعالى "يا موسى إنّي لم أفضحه وهو يعصيني أأفضحه وهو يطيعني")، هذه الرواية في ذيلها تعطي أملاً كبيراً للعاصين، فستسمع كثيراً أنّي عصيت أنّي أخطأت فلا تغلق الباب، لاحظوا إبراهيم (عليه السلام) قال (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، فهو دعا الله تعالى لمن تبعه بأنّ له الحصانة، ومن عصاني فأنت غفور رحيم، فهو حليم أراد أن يدفع البلاء والنقمة عن قوم لوط، وبدأ يناقش الملائكة إن كانوا فيها عشرة قالوا لا نعذّب، وإن كانوا فيها تسعة؟ لا نعذّب، وثمانية كذلك.. إلى أن وصل إلى واحد قالوا: لا نعذّب، فقال إن فيها لوطاً فقالوا نحن أعلم بمن فيها يا إبراهيم أعرِضْ عن هذا. ومن مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) أنّهم لا يقبلون أن نقول إلهي حاسبني بعدلك أبداً بل حاسبني برحمتك لأنّ رحمتك موازينها عندك ورحمتك وسعت كلّ شيء، والذي يأتي إليك لا تجعله ييأس وينكسر، فهذا شابٌّ في لحظة من اللحظات فعل فعلاً شنيعاً لكن هذا ليس نهاية الدنيا، على المبلِّغ أن يُخرجَه من هذا الذلّ إلى العزّة في طاعة الله، (وإن الراحل إليك قريب المسافة) فهو يطلب حلّاً من خلالك، ويريد أن يعرف ما هي رحمة الله تعالى، وما هي رحمة أهل البيت(عليهم السلام)، فهو كمريضٍ يحتاج لأملِ الطبيب وأنت هو الأمل، وكلّنا نحتاج لرحمة الله تعالى، ومن أوضح مصابيح رحمة الله في زماننا هو الإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، ولا شكّ أنّه يرعى مسيرة الأربعين المباركة ويرعى هذا الجمع المبارك، عندما يتصدّون لخدمة الزائرين.


Untitled Document
أنور غني الموسوي
اشتراك محمد بن مسلم
د. فاضل حسن شريف
اشارات قرآنية من كتاب مقامات فاطمة للشيخ السند (ح 5)
أنور غني الموسوي
تلخيص قواعد الاخذ باقوال المجتهدين
د. فاضل حسن شريف
آيات قرآنية عن الفاحشة (ح 6) (انه كان فاحشة ومقتا وساء...
حامد محل العطافي
الطرق المختلفة في حبّ الأطفال / الوفاء بالوعد
مجاهد منعثر الخفاجي
قراءة في كتاب أضواء تاريخية على مدينة الناصرية
الشيخ أحمد الساعدي
قبس من فكر علمائنا حول الانتظار المهدوي رؤية شاملة
د. فاضل حسن شريف
آيات قرآنية عن الفاحشة (ح 5) (ولا تقربوا الفواحش)
السيد رياض الفاضلي
مراكز إشعاع القيم العليا
حسن الهاشمي
الآثار الوضعية للذنوب... الرزق الحلال... آثاره بركاته...
د. فاضل حسن شريف
آيات قرآنية عن الفاحشة (ح 4) (ولا تقربوا الزنى انه كان...
السيد رياض الفاضلي
من دروس المكارم
د. فاضل حسن شريف
كلمة مكررة في آية قرآنية (المحيض) (ح 2)
حسن الهاشمي
أقلل من الذنوب يسهل عليك الموت