المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



اقسام النقد عند العرب  
  
5628   11:17 صباحاً   التاريخ: 22-3-2018
المؤلف : د. عبد الرسول الغفاري
الكتاب أو المصدر : النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة : ص:39-46
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد القديم /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-08-2015 8998
التاريخ: 26-7-2017 2650
التاريخ: 4-6-2017 1681
التاريخ: 19-1-2020 2995

 

النقد الأدبي عند العرب اتخذ صوراً عديدة منها:

ا- ما تناول نقد اللفظ أو الصياغة.

كما جرى بين طَرَفةَ بن العبد والمسيّب بن عَلَس في قوله: (الصيعرية مُكدمِ).

وروي أن كثير عَزة كان يقصد ابن عتيقٍ دائماً ويُسمِعُه شعره ويطلب اليه انْ يحكم فيه، وأن ابن عتيق كان يبصِّرهُ بما في شعره من وجوه الرداءة(1).

2- ما تناول المعنى.

كقول الاعمش يمدح قيس بن معد يكرب الكندي احد اشراف اليمن فيقول:

ونبِّئت قيساً ولم أبْلُة *** وقد زعموا سادَ اهل اليمنْ(2)

فجئتك مرتادَ ما خبَّروا *** ولولا الذي خبَّروا لم تَرَنْ

ففي البيت الأول خطأ معنوي لأن الشاعر- الاعشى- لم يحسن في مديحه ولم يتأكّد من خِلال الممدوح فقال: (زَعَموا) وهذا مما يضعف المعنى. اضف الى قوله (لم أبله) اي لم اختبره وهذا اقبح من سابقه.

3- ما تناول الصورة الشعرية وقدرة الشاعر في أداء المعنى من ذلك: احتكام علقمة بن عبده وامرؤ القيس الى امرأته أم جندب.

قال امرؤ القيس:

خليلي مرّا بي على ام جندب *** نقضّي لبانات الفؤاد المعذّب

فللسوط الهوبٌ وللساقِ درّة***  وللزجر منه وقع اخرج مهذب

فامرؤ القيس قد جهد فرسه بسوطه وما لديه من قوة أو وسيلة كالضرب والزجر لان امرأ القيس إذا ضرب فرساً ألهب الجري، اي أتى بجري شديد كالتهاب النار، واذا استحثه بساقه درَّ بالجري وإذا زجره وقع منه موقعه من الأهوج الذي لا عقل معه، أي كأن هذا الفرس مجنون لما يبدو من شدة حركته ونشاطه عند الزجر، والمنعَب، الذي يستعين بعنقه في الجري وغيره(3).

4- ما تناول عنصر الصدق والكذب أو المبالغة في الأشياء:

قال رجل لزهير: إني سمعتك تقول لهَرمِ بن سنان:

ولَأنت أشجع من أسامَة إذْ*** دعيَتْ نزالِ ولُجَّ في الذُّعرِ

وأنت لا تكذب في شعرك.: فكيف جعلته اشجع من الاسد؟ فقال:

إني رأيته فتح مدينة وحده، وما رأيت أسداً فتحها قط! وهذا تعليل جميل تقبله العقول وترتاح له النفوس، فلم يكذب الشاعر في قوله وليس فيه مبالغة، أما المهلهل بن ربيعة فليس كذلك فقد عابوا عليه قوله:

كأنا غدوةً وبني أبينا *** بجنب عنيزَةٍ رَحَيا فدير

فلولا الريح أسمعَ أهلَ حَجْرٍ*** صليل البيض تقرَعُ بالذكور

حَجْر قصبة باليمامة قليلة السكان وهي من وادي القرى وبها كانت منازل ثمود. وعنيزة مكان كانت فيها وقعة معروفة بيوم عنيزة، وبين الموضعين مسيرة ايام.

والبيض: السيوف، والذكور: السيوف الصقيلة الصارمة.

فكيف سمع المهلهل قرع السيوف بالسيوف والمسافة بينه وبين موضع الحادثة مسيرة أيّام؟ هذا من المبالغة، والإفراط في ذلك معيب. لهذا عدّوه اوّل من كَذَب في شعره.

ومن اعجب ما قيل قول الشاعر علقمة بن عبده:

هل ما علمت وما استودعت مكتومُ*** أم حبلها إذْ نأتكَ اليومَ مصرومُ؟

قالوا هذا سمط الدهر أي العقد أو القلادة. بعد عام جاء وقال:

طحابك قلبٌ في الحسان طروب*** بُعَيْدَ شبابٍ عصر حان مَشيب

فقالوا: هاتان سمطا الدهر.

أقول: لقد بدأ النقد عند الشعراء الجاهليين بصورة بدائية بسيطة مستنداً إلى الذوق والحس المرهف. فكلما كانت النصوص تبعث الاعجاب والارتياح في نفوس السامعين كلما حظيت بالتأييد والقبول. كان العربي إذا ما سمع قطعة شعرية جميلة أو أبياتاً رائعة فسرعان ما نراه يتعلق بها ويرددها حتى تكون على لسانه بل ويمنحها اعجابه وتقديره.

وقد بدأ النقد كمرحلة أولى في المواسم الأدبية والأسواق التي كانت تعقد في الحجاز، وقد اشتهر من بينها سوق عُكاظ، وكانت للنابغة قبة حمراء تضرب له من الجلد فيجلس فيها ليحكم بين الشعراء(4).

ومما ينقله لنا تاريخ الأدب العربي أنَّ كلاً من الأعشى والخَنساء وحسان بن ثابت قد أنشدوا بعض أشعارهم أمام النابغة فقال للخنساء:

(لولا أن أبا بصير أنشدني لقلت انكِ أشعر الجن والإنس)، وعلى هذا فأن الأعشى عند النابغة أشعر من الخنساء وحسان.

وكما قيل إن المسيب بن علس أنشد بيتاً قال فيه:

وقد أتناسى الهمَّ عند احتضاره *** بناجٍ عليه الصّيعريّة مكدَمِ (5)

فأجابه طرفة وهو صبي: أستنوق الجمل؟ فضحك الناس وصارت مثلاً.

وهذا يعني أن المسيب بن علس أخطأ في استذكاره لعادة محليّة كانت عند العرب مع النوق والبعران لأن الصيعريّة سمة تكون في عنق الناقة ولا تكون في عنق البعير.

وفي الجمهرة أن أول من أنشده الأعشى ميمون بن قيس أبو بصير، ثم أنشده حسان بن ثابت الأنصاري:

لنا الجفنات الغرّ يلمعنَ بالضحى*** وأسيافنا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجدةٍ دما

وَلدنا بني العنقاء وابني محرّق *** فأكرِمْ بِنَا خَالاً وأكرِمْ بنَا ابنما

فقال النابغة: أنت شاعر ولكنك أقللت اسيافك، وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك (6).

لقد أدرك النابغة في قول حسان من قصور الألفاظ في تأدية المعنى المطلوب فقد استعمل حسان كلمة الجفنات وهو جمع لادنى العدد، أما الجمع الذي يكون محل الفخر والتقدير ويناسب المعنى كذلك هو كلمة جفان، وهكذا بالنسبة إلى العجز حيث ما استعمل (أسيافنا) وهي جمع لأدنى العدد، وكان ينبغي عليه أن يقول: سيوفنا، لدلالة الجمع هنا على الكثرة.

ثم قال له: فخرت بمن ولدت ولم تفتخر باَبائك، وبعبارة أخرى افتخرت بنسائك ولم تفتخر باَبائك.

وقيل إن الخنساء هي التي حكمت على بيت حسان بالضعف، وقد قال فيها النابغة الذبياني: اذهبي فأنتِ أشعر من كل ذات ثديين، ولولا الأعشى لفضلتكِ على جميع شعراء هذا الموسم.

فغضب حسان بن ثابت وقال للنابغة: أنا اشعر منك ومنها. فقال له: ليس الأمر كما تقول.

ثم التفت الى الخنساء وقال: يا خُنَاس أجيبيه، فقالت لحسان: ما أجود بيت في قصيدتك التي عرضتها في هذا الموسم؟ قال قولي:

لنا الجفنات الغرُّ يلمعنَ في الضّحى *** وأسيافنا يَقْطُرْن مِنْ نَجدةٍ دَما فقالت: ضعّفت افتخارك بثمانية أشياء في هذا البيت. قال: وما هن؟ قالت: قولك لنا الجفنات لأنّها تدل على ما دون العشر، ولو قلتَ الجفان لدلّ على الكثير.

وقولك الغر فأنه جمع غرّة وهي البياض في الجبهة، ولو قلت البيض لكان أكثر اتساعاً. وقولك يلمعن لأنه يدل على سرعة الذهاب، ولو قلت يشرقن لدلّ على بطئه. وقولك بالضحى لقلة الأضياف في ذلك الوقت ولو قلت بالدجى لكان أولى لأنه وقت كثرتهم. وقلت أسيافنا إذ هي ما دون العشرة، ولو قلت سيوفنا لدلّ على الكثرة. وقولك يقطرن فأنه يدل على السقوط قطرة بعد قطرة، ولو قلت يسلن لدلّ على الجري متصلاً. وقولك دما لأنه مفرد والدماء أكثر منه. فسكت حسان ولم يحرِ جواباً.

أقول: وأسقطت العيب الثامن وربما أرادت نجدة 000(7).

قال عمر بن شبّه: تنازع امرؤ القيس بن حجر وعلقمة بن عبدة، وهو علقمة الفحل، في الشعر: أيّهما أشعر؟ فقال كل واحد منهما: أنا أشعر منك.

فقال علقمة: قد رضيت بامرأتك (أمّ جندَب) حَكَما بيني وبينك، فحكّماها؟ فقالت (أم جندب) لهما: قولا شعراً تصفان فيه فرسيكما على قافية واحدة وروي واحد. فقال أمرؤ القيس:

خليلَيَّ مرّا بي عَلى أمِّ جنْدبِ*** نُقَضِّ لباناتِ الفؤادِ المعذّبِ

وقال علقمة:

ذَهَبْتِ من الهجرانِ في غيرِ مَذْهَبِ*** وَلَمْ يكُ حَقا طولُ هذا التَجنُّبِ فأنشداها جميعاً لقصيدتين، فقالت لأمرئ القيس: علقمة أشعر منك. قال: وكيف؟

قالت: لأنك قلت:

فللسّوطِ ألهوب وللساق دِرّةٌ *** وللزّجرِ مِنه وقعٌ أخرجَ فهذِبِ

الأخرج: ذكر النعام، والخُرج: بياض في سواد وبه سمّي، فجهدت

فرسك بسوطك في زجرك ومَرَيته فأتعبته بساقك. وقال علقمة:

فأدركهنَّ ثانياً من عِنانِه *** يَمرّكمرِّ الرّائح المتحلّبِ

فأدرك فرسه ثانياً من عِنانه، لم يضر به ولم يتعبْه. فقال امرؤ القيس: ما هو بأشعر مني، ولكنك له عاشقة، فسمي الفحل لذلك(8).

وهناك عيوب كثيرة في شعر امرئ القيس قد تناولها شعراء عصره، وتلك العيوب اما في الأُسلوب وأما في نظم الكلمات وأما في كون البيت الواحد لم يستغنِ عما بعده وأما ابتذاله في شعره إذ فيه العهر والفجور والفحش وقبح السريرة.

ولو تجاوزنا الحديث عن امرئ القيس، فسوف نجد ملاحظات نقدية قد سجّلت على نتاج عدّة من الشعراء منها في:

وحشي الكلام: قول زهير:

واني لطلاب الرجال مطلّب *** فلست بمثلوج ولابمعَلْهَج

وقوله:

تقي نقي لم يكثر غنيمة*** بنهكةِ ذي قربى ولا بحقَلَّدِ

وقوله (في الضفادع):

يَخْرجنَ من شرباتٍ ماؤها طَحِلٌ *** على الجذوع يَخفْنَ الغمرَ والفرقا

لأن الضفادع لا تخرج من الماء لأنها تخاف الغمرَ والغرق، وإنما تطلب الشطوط لتبيض هناك وتُفرخ.

وشبيه ذلك قول امرئ القيس:

وأركب في الرّوع خيفانة *** كسا وجهها سعفٌ منتشر

ومن الأبيات التي قصّر فيها أصحابها عن الغايات التي جروا إليها ولم يسدّوا الخلل الواقع فيها معنى ولا لفظاً، قول النابغة الذبياني:

ماضي الجنان أخي صبرٍ إذا نزلتْ*** حربٌ يُوائِل فيها كلَّ تِنبالِ

التنبال: القصير، فإن كان أراد ذلك فكيف صار القصير أولى بطلب الموئل من الطويل؟ وإن جعل التنبال، الجبان فهو أعيب، لأنّ الجبان خائف وجِلٌ اشتدت الحرب أم سكنتْ(9).

ومن الأبيات المستكرهة الألفاظ المتفاوتة النسج القبيحة العبارة التي يجب الاحتراز من مثلها، قول النابغة:

يصاحبنَهم حتى يغِرن مُغارهم *** من الضاريات بالدماء الدواربِ

يريد من الضاربات الدوارب بالدماء، فقدّم وأخر، وإنّما يقبح مثل هذا إذا التبس بما قبله.

ومما ينكر على زهير التناقض في قوله:

حيّ الديارَ التي لم يَعفها القِدَمُ*** بلى وغيّرها الأرواح والدِّيَم

لأنه نفى في اول البيت تغيّر الديار بقدم عهدها، ثم اوجب ذلك في آخره. ومما عيبَ على حسان قوله:

أكرِمْ بقومٍ رسول اللّه شيعتُهم**** إذا تفرقتِ الأهواءُ والشِيَعُ

لأن كان عليه أن يقول هم شيعة رسول اللّه (ص).

وقيل أكذب بيت قالته العرب، قول الأعشى:

لو أسندَتْ ميتاً إلى نحرِها*** عاش ولم ينقَلْ إلى قابِر

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر: الموشح للمرزباني ص 237.

(2) ربما الصحيح: ولم آته.

(3)    انظر الشاهد الشعري في ص 42 و 43.

(4) الشعر والشعراء: 123.

(5) ويروى انه المتلمس ه قاله عند عمرو بن هند- ملك الحيرة- يصف جملا وقد سمعه طرفة بن العبد وهو غلام يومئذ.

(6)  الجمهرة 57، الموشح 82.

(7)    درر الأنشاء- عبد الفتاح خليفة.

(8) الموشح 29، الشعر والشعراء171.

(9) الصناعتين 94 والمرشح 53.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.