تطور السياحة والرحلة في العصور الوسطى - المناطق العربية والإسلامية- الجزيرة العربية |
2692
04:04 مساءً
التاريخ: 14-1-2018
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2020
2590
التاريخ: 27-4-2022
1352
التاريخ: 14-4-2022
1769
التاريخ: 16-4-2022
2909
|
يعد العرب من اكبر الرحالين بين الشعوب. وشهدت مناطقهم وهوامشها في العالم القديم عديدا من الرحلات لأغراض متعددة ولا تقتصر ظاهرة الرحلة على فترة الدول العربية الإسلامية في القرون الوسطى بل كانت لها جذورها في ارض الجزيرة العربية وكان لها فروعها أيضا بعد نهاية القرون الوسطى في فترة دولة الخلافة العثمانية.
فالعرب والأراضي العربية شهدت ازهى ثاني فترات السياحة والرحلة في تطور الانسان الثقافي بعد الدولة الرومانية. وكان لهذا الازدهار مظاهره وكانت له عوامله وشهد عديدا من التسهيلات التي يسرت عمليات الحركة والانتقال بين ربوع أراضي العرب المسلمين وفي غيرها من مناطق العالم وبخاصة العالم القديم.
- الجزيرة العربية:
جزيرة العرب هي شبه جزيرة في الواقع تقع في جنوب غرب آسيا ولكن تصور العرب ان النيل حدها الغربي والبحر المتوسط ومياه الهلال الخصيب حدها الشمالي اكل صفة الجزيرة لها في تصورهم.
وهي في موقع متوسط بين اقليمين متميزين هما: المناطق الحارة والموسمية من عالم المحيط الهندي، والمناطق المعتدلة التي يؤدي اليها البحر المتوسط وجعلها هذا الموقع جسرا او همزة وصل بين قارات العالم القديم وسهل اتصالها بأنحائه. لذلك كانت تعبرها باستمرار عديد من طرق الاتصالات بين الشرق (آسيا) والمغرب (عالم البحر المتوسط وأوربا). كما سهل اتصالها بالأنحاء المجاورة والقريبة سواء في جنوبه وجنوب غرب آسيا او شرق افريقيا سواء بالطرق البرية او باستخدام الطرق البحرية.
لذلك عبر سواحلها طريقان هامان للتجارة العالمية بين الشرق والغرب. استخدم الشرقي منهما الخليج العربي وكان طوال عصور التاريخ ممرا مائيا هاما. وكان الطريق الثاني يتبع البحر الأحمر وكان منافسا خطيرا للخليج العربي. وكان يحاذي الطريق البحري الأخير طريق بري آخر يبدا من عدن وموانئ ساحل بحر العرب في الجنوب الى مارب ومكة ثم العلا الى بترا ومنها الى ساحل البحر المتوسط او الى مصر. اما طريق البرح الأحمر فكان ينتهي الى عيذاب في مصر. وكانت الحركة على هذه الطرق البحرية تعتمد على الحركة المتغيرة للرياح الموسمية في المحيط الهندي الشمالي التي كانت تساعد السفن على الدخول او الخروج من الاذرع المائية التي تحيط بجزيرة العرب من الشرق ومن الغرب.
وقام العرب بدور كبير في نقل هذه المتاجر برا عبر الشقة الأرضية الفاصلة بين المائين من مواني الخليج العربي والجنوب العربي الى سواحل البحر المتوسط، او من الموانئ المصرية على الساحل الصحراوي للبحر الأحمر الى وادي النيل حيث تنقل بالسفن النهرية الى البحر المتوسط، وكان العرب يؤمنون طريق القوافل من جنوب شبه الجزيرة الى شمالها. وقامت عدة دول في الجنوب والشمال على أساس التبادل التجاري بين الشرق والغرب واهتمت بتامين طرق القوافل في شبه الجزيرة. من هذه الدول مثلا: معين، سبا، حمير الأولى، قتبان، حضرموت، الانباط، وتدمر.
ولاشك ان وجود هذه الاتصالات العالمية عبر شبه الجزيرة انما يعزى الى موقعها الهام بين سوقين كبيرين بالإضافة الى خصائص موضعها المتمثل في ذراعي المحيط الهندي المتوغلين في اليابس والذي ترتب على امتدادهما ان قصرت الشقة الأرضية التي تفصلها عن البحر المتوسط.
وتتميز بيئة المنطقة بالامتدادات الكبيرة للأرض، وتباعد اجزائها بعضها عن البعض الآخر. وكان لهاذ الوضع علاقة فيما تميزت به انحاؤها من عزلة وما نشا بها من عصبيات وتبلور للتقاليد العربية. وتمثل الجبال سياجا مستمرا على الجانب الغربي وتنحدر تدريجيا بصورة عامة في اتجاه الشرق بينما تزيد درجة حدة الانحدار نحو الغرب، ويتكون داخليتها من هضاب صحراوية ونجود بينما تتكون أطرافها من (تهائم) تسقط عليها الامطار. وتضيق السهول الساحلية في الغرب والجنوب وان كانت تتسع في الجانب الشرقي المطل على الخليج العربي.
ومن امتداداتها الشاسعة فأنها إقليم قاحل مجدب يفتقر الى المياه وتخلو شبه الجزيرة تماما من الأنهار الدائمة، وان كانت الاودية الجافة تنتشر في انحائها بصورة كبيرة. لذلك تعتمد الحياة بها على ما تجود به السماء من مطر قليل وعلى موارد المياه الباطنية التي تظهر في انحاء متفرقة منها على هيئة عيون وآبار. واصبح محاور الاودية، ومواقع هذه الموارد المائية المحددة هي ضوابط تحركات السكان في شبه الجزيرة تبعا لكونها مناطق الوفرة والخصب. ورغم ذلك فان مسطحات كبيرة منها تفتقر الى المياه والى الحياة النباتية الهزيلة المرتبطة بقلة موارد المياه وبخاصة في مناطق الصحاري الرملية والصخرية وفيها تكون الأرض جرداء قاحلة.
وكان لهذا الوضع اثره في ان النمط الاقتصادي الاجتماعي السائد هو رعاية الحيوان والبداوة وقلة المساحات الزراعية ودوام الحركة مع انباء المطر ومناطق النبت العشبي. وأصبحت حياة الناس يميزها الحركة الدائمة والصراع الدائم بين مطالب الحياة وشح البيئة مما نتج عنه صراعات دائمة بين جماعات الناس للسيطرة على عناصر ومقومات الحياة في هذه البيئة الجافة. ومع التقاليد والأخلاق العربية كان الصراع بالسيف في فترات والشعر في فترات أخرى.
وبذلك فان بيئة الجزيرة العربية المتغيرة القاحلة بيئة طارد يرنو سكانها دائما الى مناطق الخصب والنماء وحيث تتوفر مطالب الحياة. وكان لهذا علاقات فيما اصطرع بين جماعات السكان من تنافر وتناجز وحروب، وكان له علاقته بتحركاتهم عبر أراضي شبه الجزيرة ومن قلبها الى الأطراف حيث مناطق السهول او الى مناطق الوفرة سواء داخل الإقليم كما هو الحال في اليمن، او الى خارج الإقليم كما هو الحال في الهلال الخصيب (في العراق والشام)، او الى ما هو ابعد من ذلك عبر البحر الى شرق افريقيا والى جنوب وجنوب شرق آسيا وكانت مقومات الحركة على اديم شبه الجزيرة هي الحصان والجمل وكان لكل منهما دوره واهميته.
وقدساهم سكان شبه الجزيرة بدور كبير في التجارة العالمية العابرة بين الشرق والغرب وكان لهم نصيبهم في خدماتها بل والاضطلاع بها. واتاحت لهم هذه التجارة وتلك الاتصالات قدرا كبيرا من المعرفة والمرونة اضافت الى مقوماتهم النفسية والفكرية الكثير.
ومن هنا تميزت بيئة هذه المنطقة العربية الام بميتين متضادتين هما: العزلة والانطواء من جانب بالإضافة الى الاتصال والانفتاح على العالم المحيط بلا حدود من جانب آخر وكانت العزلة سمة بارزة لهذا الأقاليم تبعا لما يتميز به من جدب وعدم توفر مقومات الحياة بالقدر الملائم لامتدادات كبيرة بالإضافة الى احاطة المسطحات المائية والبوادي بها مما جعل دخولها صعبا والحركة بها متعذرة ما لم يكن هناك مرشد او دليل عليم ببواطن ومواطن الامن والأمان. كما كانت اتصالات سكانها بالمناطق المحيطة مستمرة منذ فترات بعيدة ترجع الى أواخر العصر الحجري الحديث عندما بدأت ظروف الجفاف تنتشر في المنطقة.
وبتأثير عوامل الطرد والجذب خرجت الجماعات العربية من شبو الجزيرة منذ بضعة آلاف من السنين قبل الميلاد. (الحاميون - الفينيقيون). وترجع صلات التجار العرب بمناطق الملايو واندونيسيا الى القرون الأولى للميلاد. وكان العرب والفرس يسيطرون على التجارة الشرقية في الفترات السابقة على ظهور الإسلام، وكانوا هم اول من ارقام علاقات مباشرة مع الإمبراطورية الصينية.
والواقع ان هجرات العرب من جنوب شبه الجزيرة وبخاصة من حضرموت الى خارج بلادهم ظاهرة قديمة ترجع الى فترات بعيدة قبل ظهور الإسلام. وقد كون العرب هؤلاء جالية كبيرة في الهند قرب مصب نهر السند. وبنوا لهم هناك مدنا وانشأوا اسطولا تجاريا يغدو ويروح بين الهند والجنوب العربي. وفي القرن السابع الميلادي كان الحضارمة في اشد الحاجة الى الهجرة طلبا للعيش والحياة، واندفعوا الى الهند والى جزر الهند الشرقية حيث استقربهم المقام.
ويرى البعض ان سبب هذه الهجرات هو تغيير المناخ وسيادة أحوال الجفاف ويستدلون على ذلك بالآبار الجافة او تلك التي لا يكاد يظهر بها الماء في الجنوب العربي. الا ان (الدكتور حزين) يذكر ان الاضطرابات القبلية التي حدثت بالمنطقة في الفترة السابقة على ظهور الإسلام لها أهميتها الكبرى من وجهة نظر الجغرافيا التاريخية حيث تساعدنا على تفسير كثير من الظاهرات المتعلقة بحركات وهجرات الجماعات العربية. وبذلك فان الآراء بصدد العوامل التي أدت الى هذه التحركات العربية تتباين بين تغير المناخ وسيادة الجفاف، الى جانب الاضطرابات القبلية، وكذلك مطالب التجارة وجذبها.
وتعد هجرة العرب الى جزر اندونيسيا اعظم ظاهرة تاريخية في حياتهم الجديدة. واثبتوا انهم من انشط الشعوب في الشؤون الاقتصادية واقدرها في طرق التجارة. وسرعان ما اصبح لهم مركزا اقتصاديا عظيما وملكوا زمام التجارة في البحر والبر. وأصبحت هذه الجزر الخضراء موطنا ثانيا لهم حيث استقروا فيه وتزوجوا من نسائه واختلطوا بالأهالي وتوطدت صلاتهم بسكان هذه الجزر. ورغم ذلك فانهم لم ينفصلوا تماما عن مواطنهم الاصلية في شبه الجزيرة وقاموا بنصيب كبير في نشر الإسلام حتى تلاشت المعتقدات البوذية والبراهمية.
وبذلك فان انتشار الإسلام في الملايو واندونيسيا وجنوب الفلبين لم يتم عن طريق البعثات التبشيرية، كما لم يتم عن طريق الفتح والغزو بل نجده قد انتشر عن طريق اقتناع الناس هناك وبالتدريج بهذا الدين. وارتبط انتشار الإسلام بها بتجار العرب الذين جابوا هذه الصقاع واقنعوا أهلها وحولوهم عن عباداتهم الى عبادة الله الواحد الاحد على دين الإسلام حيث لم يكن للدولة الإسلامية نفوذ سياسي على هذه المناطق في أي فترة من فترات التاريخ.
وقد ساعد على انتقال العرب الى هذه المناطق معرفتهم بحقيقة الرياح الموسمية واستغلالها في الملاحة. وساعدتهم هذه الرياح على الانتقال الى شرق افريقيا والى الهند وجنوب شرق آسيا. وكما وصل العرب الى المناطق الآسيوية فقد تعرض شرق افريقيا لهجرات بشرية كبيرة من اليمن استمرت نحو قرن من الزمان بعد انهيار سد مارب في القرن الرابع الميلادي. وقد تعددت رحلات واسفار وهجرات الجماعات العربية بعد ظهور وانتشار الإسلام.
ولم تقتصر حركات العرب الى خارج الجزيرة العربية على المناطق عبر البحر الى افريقيا وجنوب آسيا بل نجد لهم تحركاتهم باستخدام الطرق البرية الى المناطق الآسيوية والافريقية المجاورة. ولعب عرب الجنوب دورا كبيرا في تعريب منطقة الهلال الخصيب حتى قبيل ظهور الإسلام لانهم كانوا اعظم شانا واكثر عددا من العرب الشمالين. وقد شهدت العصور التاريخية خروج هجرات واسعة من مناطق شبه الجزيرة اتجهت الى منطقة الهلال الخصيب في سوريا والعراق والى وادي النيل حتى ان تاريخ البشرية في منطقة الشرق الأدنى القديم يوصف عادة بانه صراع بين الرمل والطين.
وكان الاتصالات بين شبه الجزيرة وبين المدنيات القديمة الكبرى في العراق والشام ومصر سابقة على هجرات القبائل بسبب العلاقات والصلات التجارية القديمة وكان بعض هذه الموجات سلمية تمثلت في تسرب جماعات الى الأراضي الزراعية المجاورة.
وعلى اديم الجزيرة العربية كان لمعتقدات الناس الدينية السابقة على ظهور الإسلام اثرها في حياة الناس وافكارهم. فكانت تدفع بالقبائل الى التحرك نحو مكة لزيارة البيت العتيق الذي كانت له قدسية خاصة لديهم جميعا. وكانت هذه الزيارة دافعا لاتفاق القبائل العربية على اشهر حرم يوقف فيها جميع أنواع الاقتتال بينهم. وأصبحت الأشهر الحرم فترة تجارة واتصالات تبدلت فيها أدوات الصراع بين القبائل الى استخدام الالفاظ والشعر بديلا للسيوف والسهام. وكان لهذا التجمع اثره الثقافي الكبير حيث أدى الى ظهور حلبات تتصارع فيها القبائل بشعرائها وتتفاخر بأنسابها وقوتها وغير ذلك. وكان لهذا اثره في التقريب بين اللهجات السائدة في الجزيرة العربية وتوحيد الفكر العربي عن طريق التبادل والاخذ والعطاء, وقد نجح القريشيون في اجتذاب القبائل الأخرى نحو بيتهم في مكة حتى أصبحت الكعبة قبلة العرب جميعا في موسم الحج وكان شان الكعبة يسمو شيئا فشيئا مع مرور الوقت الى جانب ذلك كانت لهم رحلاتهم نحو الشام ونحو اليمن.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|